أعترف أن ينابيع المعرفة تفجرت في كل المجالات وأعترف أن هذا العصر هو عصر الأفكار، بمعنى أن العصر يشير إلى الزمان والمعنى الآخر، العصر يشير إلى عصر الأفكار لتوليد أفكار جديدة كعصير البرتقال.
وأعترف أن الثروة موجودة في العقل المستنير الناهض المدبر والمعرفة والأفكار قلبت العالم رأسا على عقب. وأن شركات مثل جوجل وأمازون ليس لديها مواد خام لا نفط ولا ذهب وإنما هي عبارة عن برنامج كمبيوتر اعتمد على العقل.
قرات كثيرا من المقالات وتابعت بعض الندوات حول التحول الرقمي والرقمنة والسؤال هو هل نحن مستعدون لهذه القفزة التكنولوجية؟ والسؤال الثاني هل نظام التعليم جاهز لهذه القفزة التكنولوجية؟
وأقول: لو أن أحدا ما كان مع طارق بن زياد أو أحد طلاب الخوارزمي أو ابن سينا ودخل في سبات عميق واستيقظ على الآيفون في القرن الواحد والعشرين فإنه كان سيجد نفسه غريبا في عالم يتعذر فهمه وربما يسأل نفسه هل هذه الجنة أو النار.
والعلم الحديث يعترف بأننا لا نعرف أي لا نعرف كل شيء والأهم أن نقبل بأن الأشياء التي نظن أننا نعرفها يمكن أن يثبت خطؤها وعندما نكتشف المزيد من المعرفة بأنه لا يوجد مفهوم أو فكرة أو نظرية مقدسة غير قابلة للدحض. وأقول التحول الرقمي بحاجة إلى تعليم مواكب.
التعليم يضع في رأس المتعلم عقلا فتاكا، التعليم يفتح نوافذ أمام عقل المتعلم، التعليم يطلق العنان لقدرات المتعلم، التعليم يوقظ العقل، التعليم يقوم على الحرية والمرونة والتنوع، التعليم يقنع المتعلم ألا ينام بنفس العقل الذي استيقظ به.
وكما يقول الإمام محمد عبده: «إن حياة كل أمة تقوم باستعدادها لكل زمان بما يناسبه»، وما قاله سيدنا الإمام علي (كرم الله وجهه): «علموا أولادكم لزمان غير زمانكم» .
وما قاله الأديب الفيلسوف جبران خليل جبران: «أولادكم خلقوا لزمان غير زمانكم.«
وما قاله الأديب الروسي العالمي دوستويفسكي: «لا صلاح لأمة فسدت منابت أطفالها».
وهذا التعليم بحاجة إلى معلم مواكب يقنع الطالب على توليد وبناء معارف جديدة وإلى منهاج يزود المتعلم بمهارات القرن الواحد والعشرين وإلى طالب مواكب وإلى بيئة صفية مواكبة وتوفير إمكانات لهذا التحول.
هذا التحول الرقمي أو التكنولوجي يجب أن يرافقه تطور على مستوى القيم الإنسانية والروحية. وضرورة تشكيل إطار أخلاقي لتحفيز استخدام التكنولوجيا بحكمة. وهنا أقول للمعلم اجعل تعليمك تربويا أولا وتعليميا ثانيا.
{ باحث أكاديمي في
شؤون التعليم والتعلم
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك