الملك: التحديات تفرض علينا بناء نظام عالمي أكـثر عدالة وإنصافا وتضامنا
نجدد دعوتنا لإقرار اتفاقية دولية لتجريم خطاب الكراهية الدينية والطائفية والتطرف والإرهاب
نـدعـو إلـى الـعـمـل مـعـا لتبني سياسات خـارجية تحترم سـيـادة الـدولـة وخصوصيـتـها ووحــدة وسـلامــة أراضـيـهـــا
نـفـخـر بـنـجـاح بـرلـمان البحرين في تقديم نـمـوذج على حيوية مسيرتنا وتعبيره بـصدق عن إرادة المواطنـين
جلالة الملك في كلمته السامية بافتتاح الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي:
إرساء قيم التسامح والتضامن الإنساني ونبذ الفرقة
ركائز أساسية لتعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة
نتطلع إلى العمل المشترك من أجل ترسيخ العدالة وسيادة القانون وحقوق الإنسان
بتكليف من حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم، ألقى الشيخ خالد بن عبد الله آل خليفة الكلمة السامية، حيث أعلن بدء أعمال اجتماعات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي في دورتها الـ(146) والاجتماعات المصاحبة. وفيما يلي نص الكلمة السامية:
«بسم الله الرحمن الرحيم
معالي السيد دوارتي باتشيكو
رئيس الاتحاد البرلماني الدولي
سعادة السيد مارتن شونغ غونغ
الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي
سعادة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة
معالي السيد أحمد بن سلمان المسلم
رئيس مجلس النواب
معالي السيد علي بن صالح الصالح
رئيس مجلس الشورى
أصحاب المعالي والسعادة.. السيدات والسادة.. الحضور الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدنا أن نرحب بكم اليوم بمناسبة اجتماعات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي في دورتها الـ(146) والاجتماعات المصاحبة، متمنين لكم طيب الإقامة في مملكة البحرين بلد المحبة والتسامح وملتقى التآلف والتعايش الديني والثقافي والحضاري.
وإنه لمن دواعي سرورنا تركيز هذه الدورة على موضوع «تعزيز التعايش السلمي والمجتمعات الشاملة: مكافحة التعصب»، بما يعكس إدراكنا المشترك لأهمية إرساء قيم التسامح والسلام ونبذ الفرقة والكراهية، وترسيخ التضامن الإنساني كركائز أساسية لتعزيز الأمن والاستقرار والرخاء والتنمية المستدامة.
مؤكدين اعتزازنا بثقتكم في اختيار مملكة البحرين لاحتضان أكبر التجمعات البرلمانية الدولية وأعرقها، مع أطيب الأمنيات لكم بالتوفيق في خروج هذا الحدث العالمي بنتائج مثمرة تعبر عن إرادة شعوب العالم وتطلعاتها نحو مجتمعات تنعم بالأمن والاستقرار والسلام، وتزدهر بالعدالة واحترام حقوق الإنسان.
أصحاب المعالي والسعادة.. الحضور الكرام
تنعقد اجتماعاتكم اليوم وسط ظروف استثنائية يشهد فيها العالم موجات من الكراهية والعداوة والحروب والكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات، والأزمات المتعلقة بالتغيرات المناخية والأمن المائي والغذائي، وتفاقم مخاطر التطرف والإرهاب، وغيرها من التحديات التي تمس حاضر البشرية، وتهدد مستقبل الأجيال المقبلة.
وتفرض هذه التحديات علينا جميعاً، قادةً وحكوماتٍ وبرلمانات، مسؤولياتٍ مضاعفةً في بناء نظام سياسي وأمني واقتصادي عالمي أكثر عدالة وإنصافاً وتضامناً على أسس راسخة من الود والاحترام المتبادل والتعايش السلمي والشراكة الدولية في حفظ الأمن والسلام الدوليين، وتكريس مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية.
وهنا تبرز أهمية دور الدبلوماسية البرلمانية تحت مظلة الاتحاد البرلماني الدولي في التوعية بالقضايا والتحديات الراهنة من خلال تشجيع التعاون وتبادل الخبرات بين البرلمانات الوطنية وتعزيز دورها الرقابي والتنموي في حث الحكومات على وضع وتنفيذ تدابير وإجراءات أكثر فاعلية وحرصاً على أمن الإنسانية ورخائها.
ونتطلع في هذا الصدد إلى العمل المشترك على مستويين، أولهما: ترسيخ العدالة وسيادة القانون والتمسك بمبادئ العمل البرلماني المسؤول وحماية حقوق الإنسان وحرياته وكرامته وفق تشريعات عصرية تتوافق مع المواثيق الحقوقية الدولية، وثانيهما: تبني سياسات خارجية تحترم سيادة الدولة وخصوصياتها الثقافية والحضارية، ووحدتها وسلامة أراضيها، من دون وصاية أو تدخلات خارجية، وتحرص على تسوية النزاعات بالطرق الدبلوماسية، وإحياء فرص السلام العادل والشامل والدائم في جميع أنحاء العالم، وتكريس قيم التضامن الإنساني والحوار بين الحضارات والأديان والثقافات، والتعاون في محاربة التطرف والإرهاب، ومنع مخاطر أسلحة الدمار الشامل.
أصحاب المعالي والسعادة.. الحضور الكرام:
إن مملكة البحرين، وإذ تثمن استضافتها لهذا المحفل البرلماني العالمي، لتؤكد اعتزازها بنهجها الحضاري القائم على التعايش وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والتنوع الثقافي والديني كثوابت أساسية منذ الإجماع الوطني على إقرار ميثاق العمل الوطني، وترسيخ دولة القانون والمؤسسات الدستورية.
ونفخر في هذا الصدد بنجاح البرلمان بمجلسيه الشورى والنواب على مدى ستة فصول تشريعية، ولأكثر من عقدين، في أن يقدم نموذجاً على حيوية مسيرتنا التنموية، في تعبيره بصدق وأمانة عن إرادة المواطنين، رجالاً ونساء، لا سيما بعد نجاح الانتخابات النيابية الأخيرة بنسبة مشاركة شعبية تجاوزت 73%، ومواصلة مهامه التشريعية والرقابية في إطار الفصل بين السلطات وتعاونها وفقاً للدستور.
ولقد تمكنا بفضل التعاون البناء والشراكة الفاعلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، من إصدار تشريعات متقدمة عززت من احترام حقوق الإنسان وحرياته السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في وجود سلطة قضائية ومؤسسات حقوقية وأهلية ذات استقلالية تامة.
وإننا وإذ نؤكد عزمنا على مواصلة إنجازاتنا الديمقراطية والحقوقية، لنجدد تمسكنا بالسلام كخيار استراتيجي وضرورة حتمية لتحقيق الأمن والازدهار والتنمية الشاملة وحماية الحقوق والحريات، وفق ثوابت وقيم دينية وتاريخية متوارثة، ومبادئ دستورية راسخة، وتشريعات وسياسات مستدامة تجسدت في «إعلان مملكة البحرين»، ومبادرات مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، وتوقيع اتفاق «إعلان تأييد السلام»، ومبادرات دبلوماسية وبرلمانية أكدت التزامنا الدائم بإرساء قيم السلام والتسامح، وتعزيز الوئام بين جميع الشعوب من مختلف الأديان والثقافات والحضارات.
أصحاب المعالي والسعادة.. الحضور الكرام:
وإننا لنتطلع إلى اجتماعكم اليوم وكلنا أمل في التوافق حول قرارات معززة لروح التسامح والتعايش السلمي، وتعميق الشراكة الدولية في تحقيق الأمن والسلام وإنهاء الحروب والأزمات بالطرق السلمية، ودعم أهداف التنمية المستدامة عبر حلول عادلة لقضايا البيئة والتغيرات المناخية، وتأمين الملاحة الدولية وإمدادات الطاقة، والتعاون الاقتصادي في ضمان الأمن المائي والغذائي، وتيسير التبادل التجاري، والاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة والتحول الرقمي وعلوم المستقبل.
ولمواجهة التحديات الراهنة، فإننا بحاجة أيضاً إلى تشجيع العمل الإنساني الدولي في مساعدة الدول الأقل نمواً وإغاثة ملايين المنكوبين من اللاجئين والنازحين وضحايا الحروب والكوارث والأوبئة، والتوظيف الأمثل للموارد المالية للأغراض التنموية، ووضع حد للصراعات ومنع استنزاف الثروات في بث العداوة والكراهية.
واتساقاً مع موضوع هذه الدورة، نجدد دعوتنا للمجتمع الدولي إلى تعزيز التعاون التشريعي والتقني في إقرار اتفاقية دولية لتجريم خطابات الكراهية الدينية والطائفية والعنصرية بجميع صورها، ومنع إساءة استغلال الحريات والمنصات الإعلامية والرقمية في ازدراء الأديان أو التحريض على التعصب والتطرف والإرهاب، والعمل الجماعي على نشر ثقافة السلام والتفاهم وقبول الآخر، وتعزيز عرى التآخي والصداقة بين الأمم، وإدماج هذه القيم وتعميمها في المناهج التعليمية والأنشطة الدينية والثقافية والرياضية، استرشاداً بمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ودعوة الأديان كافة إلى التسامح والمحبة.
نجدد الترحيب بكم في بلدكم الثاني، آملين أن تمثل هذه الاجتماعات فرصة لاطلاعكم عن كثب على حقيقة التطور الحضاري في بلادنا وما نشهده من منجزات تنموية وحضارية، وتعايش ديني وثقافي، مع تمنياتنا لكم بالتوفيق والسداد لما يعود بالأمن والسلام والتسامح والرخاء على جميع أعضاء الأسرة البشرية الواحدة.
شكراً لكم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك