د. عبدالله الأشعل
تسللت إلى لغتنا مجموعة من المصطلحات الإلحادية فنحن نودع بعضنا بعضا بعبارة حظ سعيد ونكثر من إيراد كلمة الحظ وكذلك تردد الاغاني عددا من المصطلحات الالحادية مثل أغاني عبدالحليم حافظ «قدر أحمق الخطا»، وكذلك «ده مش نصيبي لكن حبيبي وأكثر»، وغير من المصطلحات التي تسللت إلى اللغة الدارجة وإلى الأمثال الشعبية فأصبحت جزءا غير مدرك من الثقافة العامة المصرية، ولذلك لا بد من تجنب الحساسية في النظر ومراجعة هذه المصطلحات. صحيح أن الشعر المتدفق له أحكامه ولكن المحتوى اللغوي والموضوعي لا بد أن يكون منضبطا وكان الذي يتصدى لهذه المهام وهذه الصغائر منذ خمسينيات القرن الماضي يتهم بأنه اسلامي متطرف، ولكن دار الزمن دورته ونحن نكتب في القرن الحادي والعشرين من واقع التجربة التي نظرنا إليها ببرود.
والملحد هو الذى يعتقد أن الحظ والصدفة هما أساس تفسير كل ما يحدث لنا، وأما الصحيح فهو أن الله سبحانه وتعالى أكد في محكم آياته وفي أسماء الله الحسنى بأنه يعلم كل شيء، وأن إرادة الإنسان نحو الخير والشر مقدمة على ارادة الله، فالله لا يظلم عباده شيئا، ولكن الله يعلم ما توسوس به الأنفس وما تخفي الصدور ويعلم خائنة الأعين، وما تسقط من ورقة من الشجر في الليل أو النهار وفي السماء والأرض إلا بعلمه، كما أنه يصرف الأمر ولا تزداد النفوس ولا تحمى الأنثى إلا بإذنه، فما دام الله مهيمنا على تصرفات البشر، فإن ما يحدث لهم من خير أو شر يعلمه الله. فالخير يؤتيه الله والشر بسبب أفعال الإنسان، ما بكم من نعمة فمن الله يقابلها ما بكم من نقمة فمن أنفسكم، فالمرض والصحة توزيع إلهي ضمن الأرزاق فالصحة والمرض فتنة للإنسان، ولكن المؤمن الحق هو الذي إذا أصابته مصيبة استرجع وقال «إنا لله وإنا إليه راجعون». ولذلك فالمكافأة في القرآن الكريم هي قوله تعالى «فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لن يمسسهم سوء».
ومعنى ذلك أن الاعتماد على التنجيم وعلى صفحات الحظ في الصحف من قبيل الدجل الصراح وإنما هي مسائل مقدرة، كما أن الله اختص نفسه بمعرفة الغيب، ولذلك أكد الرسول الكريم في القرآن الكريم عندما طلب منه أن يتنبأ أو أن يدعو الله بنعمة معينة بقومه، فإنه أكد لوكنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير، ومعنى ذلك أننا لا بد أن نلتزم بهذه النظرية حتى نبتعد عن الالحاد، وإن كان البعض قد أشار إلى هذا الصدد أن كلمة الحظ ذكرت في القرآن الكريم لقوله تعالى: «وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم» والحظ هنا غير الحظ الدارج في لغتنا بمعنى luck فالمعنى القرآني هو ما قدره الله للإنسان، فحظه هو قدره وتختلف اختلافا جذريا عن كلمة الحظ التي نستخدمها في لغتنا الدارجة.
وليس كل من يتكلم بالحظ أو بهذه العبارات الإلحادية ملحدا، وإنما هو السهو والغفلة. وقد أشرنا في مقال آخر إلى إلحاد الغفلة وضربنا أمثلة إلى ذلك في حياتنا أي أن المتحدث ليس ملحدا وإنما يقرر عن جهل الغفلة مصطلحات إلحادية، وكذلك مفاهيم إلحادية وضربنا أمثلة لذلك في هذا المقال وفي غيره، فحري بنا أن نتحرى ألفاظ لغتنا ومعانيها وألا نسقط في شرك الملحد الذي يريد أن يجرنا إلى ما هو فيه ويحلو لي أن نتصفح صفحات الملحدين على الفيس بوك وأتساءل هل هو تنفيس منهم عما يعتقدونه أم هو دعوة منهم لإلحاد غيرهم.
وقد تبين لي أن الملحد يعلم أنه ملحد، ولكن الله أضله فصدر في روايته وأبحر بعيدا عن شواطئ الإيمان فأراد أن يضل غيره، وهي فئة من الناس ذكرها القرآن الكريم على انها الطرف الآخر في المجادلة بين ما يسمون المستضعفين وسادتهم أو المتكبرين، فقد صور من اصطحبهم الشيطان ووصفهم بالسادة أما من صار وراءهم بغير فطنة فهم الأتباع ويتلاومون عند الحساب ويختصمون، كما أن الإنسان وقرينه يختصم أيضا أمام الله ولكن الله أوضح في قرآنه العظيم «لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك