يقول ريك برينكمان: «إن الأشخاص الذين يعتقدون أن كل شيء ممكن.. هم القادرون على الاكتشاف والإبداع»!
تلك هي قناعتها بالفعل، فهي لا تعرف شيئا اسمه المستحيل، لا يثنيها عن تحقيق هدفها أي عثرات، تعلم جيدا طريق العبقرية ومفاتيح الإبداع، لذلك ابتكرت أول مشروع من نوعه نالت عنه جائزة أفضل مقترح إلكتروني في مسابقة التميز للحكومة الإلكترونية، وذلك بالشراكة مع زميلتها شيماء المير، وهو يساعد على التقليل من أخطاء الحفريات والازدحامات المرورية المتعلقة بها من خلال التطبيقات الذكية، إلى جانب حصولها على جائزة السعادة في مكان العمل وهي الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط، وعلى مرتبة أفضل معرض في احتفالات العيد الوطني بالمملكة.
فاطمة حسن مراد، فتاة طموحاتها بلا سقف، تؤكد تجربتها أن الإبداع ليس له عمر أو جنس أو مكان، وأن الشباب البحريني المبدع يحمل طاقات هائلة بداخله، فقط عليه الإقدام، وعدم الشعور بالخوف من الفشل الذي يمثل لها بداية لنجاحات جديدة.
«أخبار الخليج» حاورتها حول رحلة الإبداع في السطور التالية:
{ حدثينا عن فكرة مشروعك؟
المشروع عبارة عن مقترح إلكتروني شاركت به أنا وزميلتي شيماء المير في مسابقة التميز للحكومة الالكترونية، وقد ساعدني على ابتكار هذه الفكرة دراستي في تخصص نظم المعلومات الإدارية بجامعة البحرين، وارتباطي الدائم بكل ما يتعلق بالمجال الهندسي لما بينهما من تجانس وتقارب شديدين، ولعل الشيء المهم في تلك الفكرة هي أنها نابعة من حاجة فعلية، تم تلمسها من خلال ملاحظاتي الخاصة، وقد حصل المشروع على المركز الأول كأفضل مقترح إلكتروني في مسابقة للحكومة الالكترونية، الأمر الذي أشعرني بكثير من الفخر والسعادة.
{ وما هي تلك الملاحظات؟
كثيرا ما لامست عن قرب وتجربة شخصية مشاكل يواجهها الكثيرون من المواطنين فيما يتعلق بعمل الحفريات في الطرقات، والتي تتكرر في نفس الأماكن بشكل كبير، لذلك فكرت في إمكانية تسهيل العملية على المهندسين الذين يبذلون جهودا كبيرة فيما يتعلق بالرجوع إلى الخرائط، وتصوير الطبقات التي تقع تحت سطح الأرض لممارسة هذا العمل بدقة، من هنا جاءت فكرة تحقيق ذلك بأسلوب أسهل وأكثر احترافية من خلال استخدام تقنية ثلاثية الأبعاد، وبالاستعانة بنظارة الواقع المعزز، وهو جهاز ذكي يحقق الكثير من الفوائد في هذا المجال، لذلك حاز تقدير وإعجاب الكثيرين.
{ فوائد مثل ماذا؟
هذا الجهاز الذكي يستخدم نظارة ذات مواصفات محددة، ويمكن من خلاله تقليل الأخطاء التي يرتكبها المهندسون عند حفريات الشوارع، وتسهيل مهمتهم، ومن ثم خفض مشكلة الازدحامات المرورية المتعلقة بأعمالهم وكذلك تقليل الكلفة التشغيلية الناتجة عن تكرار الحفر في المنطقة نفسها، وتلاشي أيضا الأخطاء التي يمكن أن تتسبب في قطع التيار الكهربائي عن البعض أثناء عمليات الحفر، والتي واجهتني شخصيا في بعض الأحيان، والآن نعمل على تطوير الفكرة وتحديثها.
{ ما أهم تحدٍ واجهك؟
لا شك أن أي مشروع جديد لا بد له من أن يمر بالكثير من التحديات أو العثرات، ولعل أهم تحدٍ واجهني خلال عملي في هذا الابتكار هو إمكانية التنفيذ، وكيفية تطبيق الفكرة على أرض الواقع، وخاصة في ظل الكلفة التي تعتبر مرتفعة إلى حد كبير، وذلك بسبب سعر النظارة التي تم اختيارها من شركة ميكروسوفت، التي يصل سعرها الى حوالي 300 دينار، نظرا إلى تمتعها بالمواصفات المطلوبة التي تتعلق بالواقع المعزز الذي يعطي النظرة الحقيقية والدقيقة، إلى جانب توافر خاصية سهولة القيام بعملية البرمجة لها، ومن ثم التدريب عليها، والوصول إلى مستوى عال من الأداء، وذلك من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي بصورة ماهرة.
{ وكيف سيتم تطوير الفكرة؟
لقد قمنا بالفعل بإعداد بحث شامل ومهم للوصول إلى تحديد أفضل نظارة تستخدم في هذا الجهاز وتكون أكثر سهولة وفعالية، وحاليا نحاول تطوير الفكرة بحيث يتم استخدامها بصورة عملية وبكلفة معقولة، وذلك بما يتماشى مع رؤية 2030، وكل ما أتمناه هو أن يتم ذلك من خلال تبني المشروع من قبل أي جهة معنية بذلك، ويا حبذا لو كانت شركة ميكروسوفت نفسها.
{ ماذا يحتاج الشباب البحريني المبتكر؟
لا شك أن هناك العديد من الشباب البحريني الذي يحمل طاقات هائلة للإبداع والتميز والعطاء، بدليل ما نسمع عنه من وقت لآخر من الابتكارات والاختراعات المهمة بأياد بحرينية، ولعل أهم ما ينقص هذا الشباب المبدع في رأيي هو عدم الشعور بالخوف من الفشل، والإقدام على أي مشروع من دون تردد، واعتبار أي تعثر قد يواجهه أنه بداية لنجاحات وانطلاقات جديدة، وأفكار مختلفة، وخطوة نحو الأفضل، فالبيئة من حوله مهيأة بشكل كبير للإنجاز، وهناك مراكز عديدة للعلوم الابتكار ممكن أن تحتضنه، إلى جانب المنصات الرقمية التي يمكن أن يستفيد منها كثيرا وعلى مختلف الأصعدة.
{ لماذا لا يتم تبني معظم الاختراعات الشبابية في رأيك؟
بالنسبة إلى مسألة عدم تبني المشاريع المبتكرة للكثير من الشباب في أحيان كثيرة فأنا أرى أن ذلك قد يرجع غالبا إلى عدم المعرفة بتلك المشاريع وفوائدها وثمارها التي يمكن أن تتحقق من ورائها، وكذلك غياب الإرادة في التصدي لأي معوقات قد تواجهها، كالكلفة المرتفعة على سبيل المثال، أو غيرها من العثرات.
{ أهم الإنجازات الأخرى؟
هناك العديد من الإنجازات المهمة التي اعتز بها كثيرا، منها مشاركتي في تنظيم معرض يتعلق باحتفالات العيد الوطني سابقا ،حيث فزت بمرتبة افضل معرض وكان ذلك عام 2015، كما شاركت كذلك في مشروع لتوجيه رسالة ملهمة لموظفي وزارة الداخلية بالبحرين، وحصلت من خلاله على جائزة أفضل برنامج عن السعادة في العمل لرفع معنويات الموظفين على مستوى العالم، وهي مسابقة نظمها المركز الاستراتيجي «ساتينابول مايندز» وهي الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن إنجاز آخر مهم بالنسبة إليّ وهو تمثيلي لوطني البحرين ضمن وفد البحرين في معرض اكسبو دبي، الذي ابتعثت إليه من قبل وزارة الشباب والرياضة، كما أشعر بفخر شديد لأنني كرمت من قبل سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء، إلى جانب عملي المجتمعي.
{ وما أهم مشاريعك التطوعية؟
لقد كنت ومازلت عاشقة للعمل الخيري، وذلك منذ طفولتي، فقد بدأت أنشطتي التطوعية مبكرا في هذا المجال وعن رغبة شديدة في مساعدة الآخرين، وتحديدا عند عمر 15 عاما، وذلك من خلال المشاركة في العديد من الفعاليات والبرامج المدرسية المتعلقة بذلك والتي تشبع بداخلي هذا الشغف، وكان أولها مع فئة متلازمة داون، والذي كان مشروعا لتخرجي في الثانوية العامة، وسعدت به كثيرا، ومع الوقت حاولت أن أنمي قدراتي ومهاراتي المرتبطة بالتواصل مع الآخرين، وبالنسبة لأحدث وأهم أعمالي التطوعية فهي مشاركتي في الفريق الوطني البحريني لمكافحة فيروس كورونا بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير ولي العهد رئيس الوزراء، وكانت تجربة ممتعة ومليئة بالتحديات.
{ كيف كانت هذه التجربة؟
لقد كان عملي ضمن الفريق الوطني لمكافحة فيروس كورونا متزامنا مع دراستي أون لاين بسبب ظروف الجائحة، وبالطبع كانت تلك الفترة صعبة للغاية، وخاصة مع ارتفاع أعداد الإصابة بشكل كبير بالمملكة في مرحلة من المراحل، ورغم ذلك يمكن القول بأنني سعدت بها كثيرا، وتعلمت خلالها الكثير من الدروس المهمة وأهمها التحلي بالصبر والقوة والإرادة، وكذلك السعي نحو تحقيق أي هدف مهما كانت العوائق، والحرص على الالتزام بأي تعليمات أو إرشادات من الأجهزة المتخصصة والمعنية، وبصفة عامة، يمكن القول بأنني دائما أستطيع تجاوز أي صعوبات بكل قوة وإرادة في ظل دعم المقربين لي وخاصة والديّ، والصديقات، فقد كانوا كثيري العون والتشجيع في كل محطة صعبة في مشوار حياتي.
{ مشروعك القادم؟
لا شك أن هناك العديد من الأحلام والأمنيات والطموحات في جعبتي، ولعل أهمها وفي مقدمتها إعداد رسالة الماجستير في تخصص نظم المعلومات، كذلك أتمنى أن أبتكر مشروعا آخر مهما يتعلق باكتشاف واستخراج النفط أخدم من خلاله وطني الغالي، ولا يفوتني هنا توجيه خالص شكري وامتناني لكل شخص شجعني ودعمني وساندني خلال مشواري، ولجامعتي الوطنية التي قدمت لي كل التسهيلات، وأساتذتي جميعا الذين لم يبخلوا عليّ بكل التوجيهات والإرشادات التي كنت بحاجة ملحة إليها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك