حرية الرأي مكفولة لكن بضوابط عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية
المحكمة: لم نقاض فكرا بل تعبيرا عن رأي تجاوز حدوده القانونية
أكدت أن المتهمين تعمدوا التعدي على جميع الديانات وتحقيرها
عاقبت المحكمة الجنائية الرابعة أمس 3 أعضاء بجمعية التجديد متهمين بالتعدي على أسس العقيدة الإسلامية وأصولها وإهانة الأنبياء، بحبس كل منهم سنة وقضت بتغريم كل منهم 500 دينار لوقف التنفيذ، وبإحالة الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصاريف.
وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أنها لا تقاضي وتسائل فكراً بل تعبيرا عن رأي تجاوز الحدود القانونية التي رسمها دستور مملكة البحرين، مؤكدة أن تعديات المتهمين طالت الديانات كافة، حيث تعدوا على معجزات النبي عيسى المذكورة في القرآن الكريم والإنجيل، ومعجزات نبي الله موسى المذكورة في القرآن الكريم والتوراة.
وبينت المحكمة في حيثيات حكمها أن ما جاء على لسان المتهم الأول وما خطته يداه من عبارات ما كانت إلا مساساً صارخاً ومباشراً لأسس العقيدة الإسلامية تمثلت في إهانة أنبياء الله ورسله ووصف معجزاتهم التي وردت بكتاب الله -القرآن الكريم- بـ«الخرافات».
كما ثبت التعدي علناً على إحدى الملل المعترف بها وإهانة رمز وشخص موضع تمجيد لدى أهل ملة، بذريعة التحليل العلمي والذي كان بعيدا كل البعد عن أي دراسة علمية أو دينية أو لاهوتية واقتصر على التحقير والتعدي على معتقدات الآخرين
وقالت المحكمة إن المتهمين اتخذوا من العنف وسيلة لبث وزرع ذلك التحليل عن طريق التدخل في قرارات المنضمين إلى جمعية التجديد التي كانت غطاءً ووسيلة منهما لطرح هذه التحاليل والتهيؤات من خلال التدخل في القرارات المصيرية لحياة أعضاء الجمعية ووصل بها الحال إلى التعدي على سلامة جسم الغير في سبيل زرع ما يزعمون به.
الحماية القانونية
للمعتقدات الدينية
وأشارت المحكمة الى أن مملكة البحرين ومن خلال تشريعاتها الوطنية كفلت الحماية القانونية للمعتقدات الدينية سواء كانت لأغلبية أو أقلية، وهذا ما أكده إعلان مملكة البحرين بعام 2017 الذي أكد تعزيز الحرية الدينية للجميع بروح الاحترام المتبادل والمحبة والمؤدية إلى التعايش السلمي والقضاء على التطرف.
مؤكدة أن هذا ما أكدته بدورها وثيقة الأخوة الإنسانية بين البابا فرنسيس والإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف بعام 2019م، والتي نبذت العنف البغيض والتطرف الأعمى وأقرت بحرية الاعتقاد والتعبير والممارسة للكافة من دون إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة أو فرض أسلوب لا يقبله الآخر، وهذا ما اتبعه المتهمان من وسائل إكراه وتعديات صارخة ليس لها أصل علمي أو ديني أو لاهوتي بل كان قائماً على أسلوب لا يُقبل من الديانات كافة، كما أكد ذلك إعلان الأمم المتحدة بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد والذي نبذ مظاهر التعصب والتعدي على أمور الديانات.
وأضافت المحكمة في حيثيات الحكم أن مملكة البحرين بموجب أحكام دستورها قد كفلت للشعب كل حرية للتعبير عن الرأي، ولكنها وضعت ضوابط لهذه الحرية ليس بقصد الحد منها، ولكن حماية لحقوق الآخرين وصيانة للشعب ووحدته ولعدم إثارة الفرقة أو الطائفية، وتمثل هذا الضبط في عدم مساس حرية التعبير عن الرأي بأسس العقيدة الإسلامية.
وأشارت الى أن دستور مملكة البحرين قد كفل حق حرية التعبير عن الرأي ووضع عليه قيداً حصرياً وهو عدم مساس هذا الحق بالعقيدة الإسلامية حماية للشريعة الإسلامية واحتراما لحقوق الآخرين معتنقي دين الإسلام، وهذا ما أكده كذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأي وسيلة أخرى يختارها.
وكانت النيابة العامة قد تلقت بلاغاً من وزارة التنمية الاجتماعية وآخر من إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بقيام المتهمين الثلاثة وهم أعضاء «بجمعية التجديد الثقافيـة» بنشر مدونات وإذاعة سلسلة من الحلقات عبر منصات التواصل الاجتماعي حول سير الرسل والأنبياء تضمنت تكذيباً لما ورد بالقرآن الكريم في شأنهم وتهكماً بما خصهم الله تعالى من آياته الكونية والبشرية، ونالوا فيها من أسس العقيدة الإسلامية.
وقد باشرت النيابة التحقيق في البلاغين فور ورودهما حيث اطلعت على ما نشره المتهمون من المدونات ومقاطع الفيديو، فيما تم استطلاع رأي المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الذي انتهى إلى أن المتهمين قد أنكروا ما هو معلوم من الدين بالضرورة كإنكار معجزات الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- من خلال وصفها بالخرافة وبأنها محكيات شعبية مكتوبة فضلاً عن مزاعمهم المغلوطة في أصل الخلق، وفي هذه مخالفة صريحة لنصوص قطعية الثبوت والدلالة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
إرغام الآخرين عـلى أفكارهم
كما استجوبت النيابة المتهمين وواجهتهم بما نشروه، واستمعت إلى أقوال الشهود، ومن ثم أمرت بإحالة المتهمين إلى المحاكمة، وخلال جلسات المحاكمة قدمت النيابة العامة مرافعتها الشفوية والكتابية مؤكدةً دفاعها عن حقوق الناس في الاعتقاد، وأن المتهمين انتهكوا هذه الحقوق بالاجتراء والتعدي على دين الإسلام الحنيف شرعةً وكتاباً ورموزاً، فضلاً عن قيامهم بتكذيب الله عز وجل بإنكارهم ونفيهم مما قُص من سير الأنبياء والخلق، إضافة لتجاوزهم لما أُتيح لهم من حرية، باستهجانهم عقائد الناس والسخرية من ثوابتهم.
كما بينت النيابة العامة في مرافعتها اتخاذ الجمعية المبينة أعلاه سياسة مُمنهجة تبدأ بالتشكيك والنيل من العقيدة الإسلامية، وتصل الى إرغام الآخرين عـلى الانصياع لأفكارهم، وسلب حقوقهم من خلال ممارسات بذيئة ومُنفرة من أجل السيطرة عليهم كالزواج القسري والحرمان من حق السكنى، وقد أدت هذه الممارسات لحالات هجران من الوطن وحالات محاولات للانتحار، وقد ثبت ذلك بشهادة المنشقين من هذه الجمعية، إذ أنهت النيابة العامة مرافعتها طالبة إنزال أقصى درجات العقوبـة بالمتهمين لما ثبت من تعديهم على الأديان والرسل والأنبياء بالإنكار والحط من قدرهم ومكانتهم ومساسهم بأسس العقيدة الإسلامية، إلى أن أصدرت اليوم المحكمة حكمها المتقدم بإدانة المتهمين ومعاقبتهم.
وأكدت نائب رئيس نيابة الجرائم الالكترونية أن حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة للجميع وذلك على أسس احترام عقائد الغير والحق في ممارسة الشعائر الدينية، وأن النيابة العامة لا تصادر حرية الفكر بل تتخذ موقفاً مُنافحاً عن الحريات التي كفلها الدستور والقانون وفي مقدمتها حرية الاعتقاد وعدم المساس بالأديان ورموزها، وأن تصديها للوقائع المنسوبة إلى المتهمين قد جاء التزاماً بهذا المبدأ لتعديهم السافر على الدين الاسلامي وكتابه والمرسلين بالاطراح والتهكم والسخرية مما يعد في ذاته تجاوزاً للحرية في إبداء الرأي وبثاً للفتن في أوساط المجتمع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك