(11) جُرُز: كما في قوله تعالى: (وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا) الكهف (8)، أي: منقطع النبات من أصله، وأرض مجزورة: أُكل ما عليها (من نبات)، والجزور: الذي يأكل ما على الخِوان (مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، ص 191).
يقال: (أرض جرز): لا نبات فيها، كأنه انقطع عنها، أو انقطع عنها المطر (وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا) الكهف (8). يصف سبحانه وتعالى ما يؤول اليه أمر الأرض، إذ يهلك كل ما فيها وتبيد، وتصير ترابا لا نبات فيه (معجم النبات، مرجع سابق (ص 47)).
سيجعل الله ما على الأرض فانية مضمحلة، وزائلة منقضية، وستعود الأرض (صَعِيدًا جُرُزًا): قد ذهب لذاتها وانقطعت أنهارها واندرست آثارها وزال نعيمها، هذه حقيقة الدنيا، قد جلاها الله لنا كأنها رأي العين وحذرنا من الاغترار بها (تيسير الكريم الرحمن، مرجع سابق (ص 54)).
(12) جَانٌّ: كما في قوله تعالى: (فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ) النمل (10)، القصص (31).
ومن معاني الجان في اللسان: ضرب من الحيَّات أكحل العينين يضرب إلى الصفرة لا يؤذي وهو كثير في بيوت الناس، ونقل عن التهذيب أنها (حية بيضاء) وينقل عن الزجَّاج «المعنى أن العصا صارت تتحرك كما يتحرك الجان حركة خفيفة».
وتحت (حية) يثير صاحب اللسان القضية الآتية: فإن قال قائل: كيف جاء فإذا هي ثعبان مبين وفي موضوع آخر: تهتز كأنها جان، والجَانٌّ: الصغير من الحيات؟ فالجواب في ذلك: أن خَلْقَها خَلْق الثعبان العظيم، واهتزازها وحركتها وخفتها كاهتزاز الجانّ وخفته، وتحت (جَانٌّ) ينقل صاحب اللسان عن أبي العباس قال: شبهها في عظمها بالثعبان وفي خفتها بالجان ولذلك قال تعالى مرة: فإذا هي ثعبان، ومرة كأنها جانّ.
وقد تحولت العصا ثعبانا -في الحقيقة- في ثلاثة مواقف:
أ- مرة في الوادي المقدس، أمام موسى وحده، وقد وصفت عندئذ بأنها (حَيَّةٌ تَسْعَى) طه (20)، وبأنها (تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ) النمل (10)، القصص (31).
ب- ومرة ثانية أمام فرعون وحاشيته، عند لقاء موسى وهارون، عليهما السلام، لهما. وقد وصفت عندئذ بأنها (ثُعْبَانٌ مُبِينٌ) أي واضح ظاهر. الأعراف (107)، الشعراء (32).
جـ - ومرة ثالثة أمام فرعون والسحرة ومن حضر وعندئذ كان موجودا ما اصطنع السحرة مما خدعوا به أعين الناس، ولذلك لم توصف في هذا الموقف إلا بأنها (تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ) الأعراف (117)، الشعراء (45) أو (تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا) طه (69)، فهذه كانت المفاجأة الحاسمة.
ومن المعقول أن الثعبان قد اتخذ في كل من المواقف الثلاثة الهيئة المناسبة للمقام، والله تعالى أعلم (معجم الحيوان، قاموس القرآن الكريم، مرجع سابق (ص 83)).
(13) جنى: كما في قوله تعالى (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) مريم (25).
والجنى: كل ما يجنى من ثمر الأشجار، قال الراغب: وأكثر ما يستعمل الجنى فيما كان غضّاً. قال تعالى: (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ) الرحمن (54)، أي ثمر الجنة قريب من يد المتناول. (معجم النبات (مرجع سابق) (ص 48)).
(14) الخبء: كما في قوله تعالى (يُخْرِجُ الْخَبْءَ) النمل (25)، ويقال ذلك في كل مُدَّخَرٍ مستور، ومنه قيل: جاريةٌ مخبأة، والخُبأَةُ: الجارية التي تظهر مرة وتَخْبأ أخرى. والخباء: سمة في موضع خفي (الراغب الأصفهاني (ص 274) قال تعالى (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) النمل (25)، وقد جاءت في حديث الهدهد لسيدنا سليمان -عليه وعلى نبينا أفضل السلام-، يصف له أحوال أهل سبأ وملكتهم، وأنهم في ضلال فهم لا يهتدون إلى عبادة الله العليم الخبير(الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) قيل في تفسيرها: يعلم كل خبيئة في السماء والأرض، وقيل الخبء الذي في السماوات هو المطر، والخبء الذي في الأرض هو النبات وهذا الوجه الثاني رجحه ابن كثير (معجم النبات – قاموس القرآن (مرجع سابق) (ص 52)).
قال ابن السعدي رحمه الله: (أَلَّا): أي هلا (يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) النمل (25)، أي يعلم الخفي الخبيء في أقطار السماوات وأنحاء الأرض من صغار المخلوقات وبذور النبات وخفايا الصدور ويخرج خبء الأرض والسماء بإنزال المطر وإنبات النبات، ويخرج خبء الأرض عند النفخ في الصور، وإخراج الأموات من الأرض ليجازيهم بأعمالهم (وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) (تيسير الكريم الرحمن (مرجع سابق) (ص 706)).
ونحن نرى هذا المنظر العجيب عندما تمطر السماء على الأرض الصحراء الجرداء، وبعد مدة يخرج النبات بعد إنبات البذور والحبوب ونرى آلاف النباتات قد ظهرت على سطح الأرض بعد أن كانت خفية ومخبأة بذورها وحبوبها والأجزاء الأرضية من النبات تحت الأرض، وكذلك يخرج الفقع (الكمأة)، وعيش الغراب (المشروم).
(15) الخردل: كما في قوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) الأنبياء (47).
والخردل نبات عشبي حولي، يزرع في معظم بلدان العالم، وجميع (أجزاء) النبات لها طعم حريف (لاذع)، وأزهاره صفراء اللون ذهبية مرتبة في عناقيد وتحتوي الثمرة من (3) الى (5) بذور صغيرة الحجم، ولذلك اتخذت مقياسا للأوزان (الصغيرة)، وتحتوي البذور على مواد كبريتية هي التي تعطي الطعم الحريف للبذور. ومنه الخردل الأسود Brassica nigra والخردل الأبيض Brassica alba (معجم النبات (مرجع سابق) (ص 52)). Nigra أي أسود و alba أي أبيض.
الخَضِر: كما في قوله تعالى (فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا) الأنعام (99).
الخَضِر المعني في الآية هو اللون الأخضر في النبات وهو أهم ما على وجه الأرض بعد الماء، وهو المميز الوحيد للحياة على الأرض.
قال الأصفهاني: قال تعالى (فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) الحج (63)، (وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا) الكهف (31)، فَخُضْر جمع أخْضَرَ، والخُضْرة أحد الألوان بين البياض والسواد، وهو إلى السواد أقرب، ولهذا سمي الأسود أخضر والأخضرُ أسودَ، وقيل سواد العراق للموضع الذي يكثر فيه الخُضْرة، وسميت الخضرة بالدُّهْمة في قوله تعالى (مُدْهَامَّتَانِ) الرحمن (64) أي خَضْراوان، والخضيرة: نخلة يُنْتثِرُ بُسْرُها أخضَرَ. (معاني ألفاظ القرآن الكريم).
والخضرة في النبات ناتجة عن وجود صبغات الكلوروفيل المسمى اليخضور، وتعتبر الكلوروفيلات من أهم الصبغات النشطة في عملية البناء الضوئي، وقد أمكن تمييز تسعة أنواع من الكلوروفيلات على الأقل، أكثرها شيوعا كلوروفيل (A)، (B) ويوجدان في جميع الكائنات الحية النباتية الخضراء ذاتية التغذية.
ومن الصعب أن يتصور (العالمون) أن توجد أو تنشأ الحياة (على الأرض) بالصورة التي تراها من دون وجود الصبغات الخضراء التي توجد البلاستيدات الخضراء (معجم النبات) مرجع سابق (ص 54).
يقوم النبات بواسطة البلاستيدات الخضراء في وجود ضوء الشمس وحرارتها بتثبيت كربون ثاني أكسيد الكربون الجوي وكربون كربونات الماء وهيدروجين الماء بعد شطره لينتج أول المركبات الكربوهيدراتية وإطلاق الأكسجين في الهواء، وإذا توقفت هذه العملية اختفت جميع المواد الغذائية والحيوان والكائنات الحية الدقيقة غير ذاتية التغذية والإنسان من على كوكب الأرض، ولهذا كان النبات الأخضر من أهم المعجزات الحية على الأرض وجميع صور الطاقة الأرضية ناتجة عنه ما عدا الطاقة النووية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك