«التمثال العاشق» رواية جديد للروائي جابر خمدن
«التمثال العاشق» آخر اعمال الروائي البحريني جابر خمدن صدرت حديثاً عن دار ابجد للترجمة والنشر في العراق مارس 2023 م رواية تصب في مشروع الروائي خمدن ومن التمثال كما هو نقرأ «لم يدرك صنعون أو لم يخطر على باله أن ذاك التمثال الذي صنعه لتلك المرأة وزوجها، سيكون أعظم تمثال صنعته يديه الخشنتين، وسيبقى حتى النهاية بعيداً عن مآلات تمثاله لمّا ولجه نوع من الإحساس والشعور فبدت فيه الروح الوالهة»!
أما صنمية المعشوقة البشرية، فهي بعيدة بمسافة شاسعة. وعوالم التمثال تجسدت في فعل الحركة العجيب وإن لم تفقه معناه العميق. المشهد الوحيد الذي سوف يغمرها بنور الأفق الغارب، هو الشعور بحبل النجاة الوحيد المستحيل مُتجسدا في ذراعي صنمون وهو ينحني بكل حب لينتشلها من عمق المياه المتوحشة!
الصاحب.. زوجها البشري يهيم في دنياه البعيدة وهو لن يعرف أبداً أن التمثال الذي قبل به أن يُوجد في بيته على مضض، لن يعرف أنه نسج قصة حب بينه وبين زوجته ولو من طرفه هو. وصنمية لا تعرف عنها شيئا!
إذاً تماثيلك يا صنعون سوف تتمرد عليك مادام صنمون قد ذهب في مسار آخر!
وصباح وحدها التي تعرف خارطة المسارات، وهي التي تفصل بين الشخصيات الورقية وتلك التي هي من لحم ودم، لأنها هي ذاتها من تملك كل خيوط السرد وتتلاعب بها حسب مخططها السردي!
لكن صنمية المسكينة تاهت في العوالم حين تعبر من عالمها المكتوب على الورق لتخطوا في دهاليز عوالم صباح الحقيقية!
وأنى لها أن تعرف حقيقة صلبة مثل صنمون التمثال وتمايز بينه وبين حقيقة صباح الوجود الأكثر حقيقة منه!
ربما تكون هذه خلطة سردية غريبة، لا أدري. فالقائل أن يقول كيف بزغت صباح في أفق القصة؟
هذا نسيج متشابك الخيوط في أنامل صباح وهي وحدها القادرة على فك عقدها.
مسارات الشخصيات أيضا مربكة هكذا. وهذا الإصرار على أسماء صادية كلها تبدأ بحرف الصاد له دلالاته الواضحة والمستترة.
في المشهد الأخير تمشي صباح حاملة مخطوطتها إلى دار النشر. إنها روح الحكاية وحبكتها التي صاغتها بتلك الطريقة الملتوية!
ويبدو أن صباح هي تجسيد لخلطة أنثوية فيها أكثر من شخصية نسائية مربوطة بالتاء وطليقة في سماء خيالها الجموح. ولعل سر «الصادات» مدفون في عمق مجهول في شخصيتها الصادية أيضاً!
فهل هي تنثر مفاهيم الصد؟
أو تُعمق مرادفات الكلمة الصدود؟
أو ربما تلعب بنغمة وترية صادية من ابتكاراتها؟
صاد وصدّ وصدأ وصبا وصبر...
قاموس من حرف ص وجذور فعل وأسماء وصفات ونعوت وغيرها هي حصيلة صباح المفتونة بتشكيلات الحروف!»
يا لها من صباح أنثوية حتى النخاع تقتات اللغة وتنبت الحروف والكلمات على أناملها العشرة فتزهر فوق الأوراق!
المهم أن التمثال في النهاية خط مساره باختياره لا باختيار صباح. لقد تمرّد هو أيضا على من أوجدته فوق الورق وأسندت صنعه لذاك المثّال الورع المهووس بصنع الأيقونات المقدسة!
ربما يجدر بالصاحب أن يضعه موديلا في مرسمه ويتعامل معه بطريقة مُثلى ولكن أنى له أن يفقه ذلك!
لقد كان التمثال فكرة في رأس صباح وها هي تُصبح كتابا.
ربما نست الإهداء الأول، تلك الكلمات الشاعرية المُهداة إلى كل تماثيل الأرض من صمد ومن اندثر ومن فُجر!
ربما لو رأت تمثال علي وينينو المُتحرك تُضيئه الأنوار قبالة البحر الأسود ولو قرأت قصة العشق المُتجسدة هناك والخارجة من رحم رواية لاشتاقت إلى لقاء مبدعة التمثال وربما تذهب لزيارتها.
صنمية أيضا سيفرحها أن تكتشف هذا التمثال لو كانت هي بشرية ولكن هيهات لشخصية ورقية أن تقترب من هذه الحقيقة!
تشتعل مُخيلة صباح الآن وهي تقرأ عن قصة علي ونينو لا بد أنها سوف تُسافر يوما ما لرؤية التمثال عن كثب ولسوف تقرأ ربما الرواية الأصلية ثم تلتقي بمبدعة التمثال!
وهذه الكلمات ليست نسيجا في روايتها وإنما ذُكرت من وحي تمثالها صنمون ولتشابه الحكاية في العشق وأصلها ثاوٍ في تلك الرواية المنسية!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك