إعداد: نهى الفخراني *
بالصيام يتحرر الصائم من أسر عاداته في الطعام والشراب، والتدخين، والتي قد يترك العمل ميلا لها ورغبة في تحصيلها، ومع الصيام يغير المسلم من نهمه للطعام والشراب طوال اليوم فيخرج المسلم من ذلك متحررا من العبودية لأي شيء إلا لله سبحانه عز وجل، وقد أوصى لقمان ابنه قائلا: «يا بني إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة».
لكن هل حقا يؤثر الصيام سلبا في العمل ويقلل من الحركة والإنتاج؟!
- يقول الدكتور العالمي ألكسيس كاريل الحائز جائزة نوبل في الطب في كتابه (الإنسان ذلك المجهول) ما نصه: «إن كثرة وجبات الطعام وانتظامها ووفرتها تعطل وظيفة أدت دورا عظيما في بقاء الأجناس البشرية، وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام. ولذلك كان الناس يلتزمون الصوم والحرمان من الطعام...».
كما يؤكد أيضا في كتابه «أن جسمنا في غاية القوة، وأنه يُكيف نفسه تبعا لجميع الطقوس، سواء في المناطق القطبية أو الاستوائية، إنه يقاوم أيضا الجوع واختلاف الطقس والتعب والمصاعب والإجهاد في العمل»...
- إن الصيام هو الفريضة الوحيدة السرية التي لا يعلمها إلا الله، ومراقبة الله للصائم تجعله يتقي الله في عمله، ويؤديه على أكمل وجه.
- ومن أهم الأدلة التي تشير إلى أن الصوم يزيد من الإنتاج هي عديد من الانتصارات الحربية التي كانت في شهر رمضان، وعلى الرغم من أن الغزوات والمعارك كانت تستدعي جهدا بدنيا شاقا وبالرغم من شدة الحرارة وقلة الزاد حتى في الإفطار، إلا أن الروح المعنوية التي يمدهم بها الصيام، كانت تزيد من عزيمتهم وحركتهم البدنية، وكان النصر حليفا للمسلمين في عديد من المعارك والغزوات على مر التاريخ.
- يقول العلامة ابن القيم رحمه الله: «النفس إذا حصل لها ما يشغلها من محبوب أو مكروه أو مخوف، اشتغلت به عن طلب الغذاء والشراب، فلا تحس بجوع ولا عطش، بل ولا حر ولا برد، بل تشتغل به عن الإحساس المؤلم الشديد الألم، فلا تحس به..».
وعلى الرغم من الإيجابيات التي يتركها الصيام في قلب المسلم، إلا أن ما نراه في بعض البلاد الإسلامية من قلة الإنتاج في شهر الصوم يرجع إلى أسباب أخرى غير الصوم، منها الإجهاد والإنهاك الذي يعاني منه بعض الصائمين؛ بسبب عدم أخذ القسط الكافي من النوم، فنجدهم متعبين أثناء النهار بسبب السهر. ومن هنا يقل إنتاجهم، ويقبلون على أعمالهم ببطء وفى تثاقل.
ومن المهم تدارك أنه لو كان للصوم أي تأثير سلبي في النشاط، فمن المنطقي ألا يكون في أول النهار، بل يكون في فترة متأخرة منه؛ لكننا نلاحظ أن العزوف عن العمل يكون في بداية اليوم طلبا للنوم والراحة!
* كاتبة وباحثة مصرية
هوامش
- كتاب الصوم في الحر والتدين المغشوش - مجاهد خلف - كتاب الجمهورية.
- مقال الصوم والصحة النفسية للدكتور خالد سعد النجار - موقع صيد الفوائد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك