في يوم 31 مارس 2023، أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن أول إعلان رسمي على الإطلاق بشأن تحديد شهر أبريل كشهر للتراث العربي الأمريكي. هذه هي السنة الثانية على التوالي التي يتم فيها الاحتفال بهذه المناسبة.
لا شك أن اتخاذ هذه الخطوة من الأهمية بمكان وهي تمثل نقطة تحول في جهودنا المستمرة منذ عقود للحصول على الاعتراف والاحترام لمجتمعنا.
لقد كتبت من قبل عن الإقصاء والتمييز الصريح الذي واجهناه في العقود الماضية. كانت هذه بسبب التهديدات الخارجية إما من أولئك الذين يخشون أن نصبح منظمين أو أولئك الذين رأونا من خلال عدسة الصور النمطية العنصرية.
ولسوء الحظ هناك أمثلة كثيرة جدًا على ذلك: إعادة المرشحين «المال العربي» أو رفض مواقفنا. لم يحصل الأمريكيون العرب على مناصب أو تقدم في الحكومة أو الأوساط الأكاديمية أو وسائل الإعلام لأن عرقهم كان يُنظر إليه على أنه مشتبه فيه أو يمثل تهديدًا؛ تحالفات وأحزاب سياسية تنكر عضويتها في المنظمات العربية الأمريكية بسبب اعتراض البعض على مشاركتنا، وإنفاذ القانون، على المستويين الوطني والمحلي، إطلاق برامج مراقبة أو عمليات اعتقال عشوائية لأشخاص بأسماء عربية لاستجوابهم أو مضايقتهم.
كل هذه التحديات الخارجية لمجتمعنا كانت مؤلمة، لكنها اختبرت قوتنا وجعلتنا أقوى. لأننا واصلنا التنظيم، وحشد أصواتنا، وهو ما مكننا من الحصول على الاعتراف في جميع أنحاء البلاد والآن من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي الحقيقة، فإن التهديدات الخارجية التي تستهدف الجهود الرامية إلى تنظيم الجالية العربية في الولايات المتحدة الأمريكية والاعتراف بها ليست سوى جزء واحد من القصة. فقد واجهنا أيضًا تحديات داخلية.
يعود السبب الأساسي في ذلك إلى الصراعات القائمة على أساس الأيديولوجيات والهويات والتي قسمت العالم العربي أو الطرق التي استخدم بها الآخرون هذه الانقسامات لصالحهم وليس لصالحنا.
تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن ولادة الهوية العربية الأمريكية الحديثة حدثت بالتزامن مع الاضطرابات القومية المختلفة التي عمت مختلف أنحاء العالم العربي على مدى العقود والأعوام الماضية.
كانت هناك الحركات المتنافسة بقيادة جمال عبدالناصر في مصر، وأحزاب البعث في سوريا والعراق، وذروة حركة التحرير الوطني الفلسطيني، والحرب الأهلية اللبنانية التي زادت في تعميق الانقسامات في العالم العربي.
في هذا السياق، انحاز عديد من المهاجرين العرب المسيسين إلى طرف واحد، متماثلين مع مجموعة أو أيديولوجية أو أخرى. في الوقت نفسه، رأى أولئك الذين بلغوا سن الرشد في الولايات المتحدة الأمريكية هويتهم العربية كعامل موحد وبدأوا في بناء منظمات قائمة على التراث والمخاوف المشتركة، بما في ذلك الدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني.
لقد طعنوا في الصور النمطية السلبية في وسائل الإعلام والثقافة الشعبية، لقد سجلوا ونظموا الناخبين العرب الأمريكيين ودعموا المرشحين العرب الأمريكيين لشغل مناصب عامة - وفعلوا ذلك دون الانتباه إلى بلد المنشأ أو الدين، وهو أمر لم يفهمه كثير من الناس في العالم العربي أو أولئك الذين يقولون إنهم «غرسوا أقدامهم هنا ولكن رؤوسهم في الشرق الأوسط».
تتبادر إلى الذهن في هذا الصدد ثلاث قصص.
في عام 1983، وفي خضم الحرب الأهلية المشتعلة في لبنان وبعد الدمار الذي أحدثه الغزو العسكري الإسرائيلي لبيروت وجنوب البلاد، أطلقت مجموعة من العرب الأمريكيين مشروعًا باسم «أنقذوا لبنان» لجلب الأطفال اللبنانيين والفلسطينيين الجرحى إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقي الرعاية الطبية التي لم تكن متوافرة لهم في لبنان.
لقيت تلك المبادرة دعما مجتمعيا قويا، حيث تبرعت المستشفيات التي تديرها جمعية «شرينر» بخدماتها وأسر الأطفال الجرحى. قدمت الخطوط الجوية الأردنية رحلات جوية، وتكفلت زوجة السفير السعودي بدعم فعالية تم تنظيمها في مركز كينيدي شارك فيه فنانان عربيان أمريكيان شهيران هما داني توماس وكيسي قاسم.
على مدى عامين، جلبت مجموعة من العرب الأمريكيين 63 طفلاً ووجدت منازل لهم ولأسرهم في أكثر من عشر جاليات في الولايات المتحدة الأمريكية. ومع ذلك، كان هناك بعض الذين اشتكوا عندما تم إرسال طفل فلسطيني إلى جالية لبنانية (أو العكس) أو عندما تم إرسال طفل مسيحي إلى جالية يغلب عليه المسلمون (أو العكس).
لكن الشكاوى لم تدم طويلاً لأن أولئك الذين اعترضوا في البداية سينسون الأمر عند مقابلة الأطفال وعائلاتهم. ما قلناه رداً على ذلك كان، «لقد أحضرنا الأطفال إلى هنا لتلقي العلاج ومتابعتهم حتى التعافي والشفاء، لكن نحن هم الذين شفينا في نهاية الأمر».
سأل مرة أخرى، «كيف يتم تنظيمهم؟» أجبته، «بحسب الوظيفة». ثم قال: «لا، أعني ذلك الرجل في مكتب الاستقبال، إنه لبناني شيعي، أليس كذلك؟ ما دول وديانات البقية؟» الآن بعد أن فهمت سؤاله، أجبته، «بكل صدق يا سيدي، لا نسأل عن دينهم أو بلدهم الأصلي، لذلك ليس لدي أي فكرة. هذا ليس ما نحن عليه وليس من حقنا أيضا».
في حفل خليل جبران السنوي لروح الإنسانية الذي ينظمه المعهد العربي الأمريكي، نكرم الجماعات والأفراد تقديرا لجهودهم وخدمتهم العامة. إحدى الجوائز التي نقدمها هي الخدمة العامة، التي سميت على اسم نجيب حلبي، والد الملكة نور الأردنية.
كان حلبي وهو أمريكي سوري، أول أمريكي عربي يشغل منصبًا رفيعًا عين فيه من قبل الرئيس الأمريكي وقد مُنحت الجائزة في عام 2012 للسفير تيد قطوف، وهو فلسطيني أمريكي، وقدمها وزير النقل الأمريكي الأسبق روي لحود.
في ختام العشاء، خاطبت الحضور قائلا: «الليلة قدمنا جائزة تحمل اسم سوري أمريكي لأمريكي فلسطيني وقد قدمها لبناني أمريكي. هذا هو ما نحن عليه وهذا شيء لا يمكن أن يحدث في العالم العربي».
في السنوات الأخيرة، رأينا هذه الوحدة نفسها تتجلى مرارًا وتكرارًا. لا تزال المشاكل قائمة. ينشأ البعض من سياسات الإدارات الأمريكية التي تحاول تحديد هويتنا أو انتقاء أجزاء من مجتمعنا في محاولة، غير واعية أو متعمدة، لتقسيمنا، غالبًا عن طريق محو هويتنا العرقية من خلال إعطاء الأولوية للدين.
على سبيل المثال، تعاملت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش مع العديد من الجماعات المسيحية، بينما خلطت إدارة خلفه باراك أوباما بين العرب والمسلمين. في حالات أخرى، كان ذلك من خلال إعطاء الأولوية لبلدان المنشأ. خلال الانتفاضات العربية ركز البعض اهتمامًا خاصًا على مجتمعات المنفيين من البلدان المتضررة بينما تجاهل المجتمع العربي الأمريكي الأوسع.
تم استغلال هذه الجهود من قبل أولئك الذين استخدموا هذه التكتيكات لزرع الانقسامات بما يخدم مصالحهم، وخاصة تقويض الجهود المبذولة لبناء مجتمع موحد. لذلك، يجب أن يكون واضحًا سبب أهمية الإعلان الرسمي لإدارة بايدن عن شهر التراث العربي الأمريكي. إنه يكرس الاعتراف بجهودنا التي بذلناها بشق الأنفس للتغلب على القوى الخارجية والداخلية التي سعت إلى استبعادنا أو التمييز ضدنا أو حرماننا من الحق في التعريف بأنفسنا.
ومن خلال الاعتراف بتاريخنا والتغلب على العقبات وتكريم مساهماتنا لأمريكا، فإن هذا الإعلان يمكّننا من المضي قدمًا في الطريق الذي اخترنا السير فيه.
{ رئيس المعهد العربي الأمريكي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك