بقلم: عاطف الصبيحي
في شهر ابريل وخلال مقالات أربعة نحاول رسم الخارطة الأخلاقية التي رسمها الكتاب الكريم بعناية فائقة، لتسير الحياة على ما يرام، هذه الخارطة الأخلاقية بمجملها تجسد معنى الصراط المستقيم (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه..) هذا التقرير الإلهي جاء في سورة الأنعام بعد تعداد مجموعة من المحرمات ابتداء من الآية 151ونورد النص كاملاً (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم، ألا تشركوا به شيئاً، وبالوالدين إحساناً، ولا تقتلوا أولادكم من إملاق، نحن نرزقكم وإياهم، ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون، ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده، وأوفوا بالكيل والميزان بالقسط، لا نكلف نفساً إلا وسعها، وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى، وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون، وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون).
الناظر لهذه الشبكة القيمية الواردة في سورة الأنعام يلحظ خلوها من الشعائر الطقسية، وتضج بالقيم التي وصفها الله سبحانه وتعالى بأنها صراط الله المستقيم والدعوة إلى اتباعها، والتحذير من اتباع السبل الأخرى المؤدية للتفرقة والتنابذ والتباغض، وبالتالي ذهاب الريح، وغني عن القول بأن تلك القيم مرسومة بدقة لتشكل وجه الحياة المشرق، وهي كلها تدور حول الإنسان، وحقوقه وواجباته، والتي بالمحصلة تمثل صراط الله المستقيم، وهو بلا شك صراط النجاة وسبيل الفوز.
حظي المال بالمعنى العام للمال بجملة من الإرشادات والأوامر والنواهي الربانية التي من شأنها تجعل العلاقة بين الناس واضحة جلية، طيبة وتعاونية، على ضوء تلك التعليمات الربانية، وهي كثيرة نقتبس منها نزرا يسيرا، أولها قوله تعالى: «أنفقوا مما رزقناكم» وفي هذا التوجيه الرباني مضامين كثيرة، منها الحث على العمل والإنتاج، والإنفاق من هذا الكسب على النفس وعلى من تعول، وهذا الخط العام الأول، ثم يأتي التوجيه الرباني ، بضرورة أن يتعدى هذا الرزق وهذا التحصيل للآخر، منطلقين من ذوي القربى ثم التوسع في هذا المضمار، والتشديد والوعد والوعيد في الشأن المالي موزع في عموم القرآن الكريم، لأهميته وانعكاسه الايجابي أو السلبي على اللحمة والوحدة الداخلية التي حظيت باهتمام الكتاب الكريم بشكل لافت.
«وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا» وفي جانب آخر (واطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون) وقوله «واطعموا البائس الفقير» ونذكر فقط بالعدد الكبير من الآيات الحاثة على الزكاة كفريضة، وعلى الصدقات، وكم هو لافت تكرار ذكر الإنفاق بالكتاب الكريم.
لأهمية الجانب المادي في حياة الناس فقد طوّقه الكتاب الكريم بسلسلة من التعليمات والأوامر والنواهي والترغيب والحث، ليضع حياة المسلمين والناس على الجادة الحقة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك