بقلم الدكتور: أحمـد علي سليمـان
يوم العيد هو يوم التعاطف والتساند والتآلف وتأكيد أواصر المحبة، وتعظيم صلة الرحم بين المسلمين.. وعيد الفطر يسمى في السماء بيوم الجائزة؛ لأن الملائكة في السماء تخصص لكل صائم بطاقة فيها طاعاته طوال شهر رمضان، ثم تدخر هذه الجوائز في الملأ الأعلى حتى يقوم الناس لرب العالمين.
والعيد في اللغة مشتق من العود لتكرره كل عام، وقيل: لكثرة عوائد الله وفضائله على عباده، ولعود البهجة والفرح والسرور بعوده وتكراره.. والعيد في الإسلام يعني الفرح في أسمى معانيه.. الفرح في الطاعة والقرب من الله والفوز برضاه.. الفرح لفرح الأمة إذا حققت ما تصبو إليه.. الفرح بكف بكاء اليتيم وكفالته وإدخال السرور عليه.. الفرح بإغناء الفقير والمسكين والمحتاج عن سؤال الناس.. الفرح بنهضة الأمة وتوحدها لمواجهة ما يحاك لها من أعدائها.. الفرح بفضل الله، مصداقا لقوله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) (يونس: 58).. هذا هو معنى الفرح في الإسلام، وعلمنا رسولنا (صلى الله عليه وسلم) أن: «مَثَلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (رواه مسلم) وعلمنا أيضا أن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم..
وتتجلى فلسفة العيد في العبادة وإحيائه بالصلاة والدعاء والتضرع، وتلاوة القرآن والتكبير والتهليل والتحميد وكثرة الذكر والشكر لله رب العالمين في الطرقات وفي المساجد والبيوت إظهارًا لشعائر العيد وقوة المسلمين وترابطهم.
وفي هذا اليوم المبارك يجب علينا أن ننتهج نهج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد كان يغتسل ويتطيب ويلبس أجمل ثيابه، ويفطر على تمرات قبل أن يخرج إلى المصلى، قال أنس (رضي الله عنه): كان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترًا.. وكان (صلى الله عليه وسلم) يخرج إلى المصلى مبكرًا ومكبرًا، يذهب من طريق، ويعود من طريق آخر، وكان يصلى في الخلاء حتى يتجمع المسلمون في مكان واحد.. وكان يؤخر صلاة عيد الفطر قليلًا، يذكر الناس بأداء زكاة الفطر قبل أن يصلي، ويسن لجميع المسلمين -حتى النساء والأطفال والشيوخ أن يتوجهوا للمصلى، ويشهدوا صلاة العيد حتى يعم الترابط، وتسود المحبة والألفة بين المسلمين.
وفي هذا اليوم المبارك يجب علينا أن نصل الرحم، ونعفو عن المسيء، ونُفشي السلام، ونُطعم الطعام، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلاَمَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَم» (أخرجه ابن ماجة) وينبغي علينا أن نقلع عن العادات السيئة، كالإسراف والتبذير والضوضاء التي تنبعث من الألعاب النارية... وغيرها... ويجب أن نكون في ذكر وشكر دائمين لله. ويجب علينا كذلك عيادة المريض، وإدخال البهجة على الأطفال بوسائل الترفيه المباحة شرعًا، وأن نوسع عليهم وعلى الفقراء واليتامى والمساكين... حتى يعم الفرح والسرور جنبات أرض الله.. وكل عام وحضراتكم جميعا بخير وعافية.
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
الحاصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية في جائزة خدمة الدعوة والفقه الإسلامي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك