مخرجات النموذج البحريني «ممارسات نوعية» ترتقي للاسترشاد بها والاستفادة منها
البحرين تمكنت من بناء نموذج متكامل يراعي خصوصية بنائها المجتمعي ويطمح إلى التنافسية العالمية
في إطار متابعات المجلس الأعلى للمرأة لمخرجات الملتقى الذي تم تنظيمه بالتعاون مع مجلسي الشورى والنواب بمملكة البحرين، على هامش اجتماعات الدورة الـ 146 للجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي التي انعقدت أواسط مارس الماضي بمملكة البحرين، تحت عنوان «تطبيقات التوازن بين الجنسين: إنجازات وتشريعات»، أكد رئيس الاتحاد البرلماني الدولي دوارتي باتشيكو أن التوازن والمساواة بين الجنسين يعدان ركيزتين أساسيتين من ركائز حقوق الإنسان، والديمقراطية، والسلام، والتنمية بمختلف أبعادها، مشيراً في هذا الإطار إلى التقدم المشجع لمملكة البحرين، والمتجلي من خلال تمثيل عدد أكبر من النساء في البرلمان.
كما أعرب باتشيكو عن حرص الاتحاد البرلماني الدولي، وهو المنظمة العالمية للبرلمانات التي أنشئت عام 1889مـ، على تشجيع المساواة بين الجنسين وتبادل أفضل الممارسات بين البرلمانات منذ عقود، وأشار على هذا الصعيد، إلى أن التجربة البحرينية في مجال حوكمة تطبيقات التوازن بين الجنسين وإطلاق الأدوات التنفيذية المساندة قد أثبتت جدواها من خلال مخرجات هذه التجربة ونتائجها التي تشهد تناميا إيجابيا على صعيد مشاركة المرأة البحرينية في التنمية الوطنية، ويمكن اعتبارها نموذجا يحتذى على المستوى العالمي، ورحب رئيس البرلمان الدولي بإطلاق الدليل البرلماني لإدماج احتياجات المرأة، والذي سيدعم الجهود القائمة على تحقيق المساواة بين الجنسين في البحرين وخارجها. وتمت الإشارة من خلال البيان الصحفي، إلى أن مملكة البحرين تمكنّت من بناء نموذج متكامل، يراعي خصوصية بنائها المجتمعي ويطمح في ذات الوقت إلى التنافسية العالمية، لترسيخ وتطوير البنية المؤسسية لمتابعة كل ما يضمن استدامة مسارات التوازن بين الجنسين والمساواة الكاملة للحقوق والواجبات الوطنية بين المرأة والرجل، وذلك بالاستناد إلى مبادئها الدستورية العادلة، ومنظومتها التشريعية التي تشهد تحديثاً وتطويراً مستمراً، وبإجراءات تنفيذية تشاركية فاعلة، وذلك في إطار خطة وطنية أسهمت على مدى 23 عاما في تحقيق هذا النضج والتطور الذي تعمل المرأة في سياقه على الإسهام بشكل مباشر في النهوض بوطنها. وأعرب باتشيكو عن حرصه على نشر وتبني أفضل الممارسات العالمية في مجال ترسيخ قيم ومبادئ التوازن بين الجنسين في الاتحاد البرلماني الدولي مؤكدا الفائدة الكبيرة لتبادل الخبرات والتجارب في مجالات تكافؤ الفرص والتوازن بين الجنسين على المستوى العالمي، وذلك انطلاقا من أن التحديات العالمية يمكن حلها فقط من خلال الحلول المبتكرة والمجربة والتي تأخذ في الاعتبار التجارب الوطنية الناجحة. وشدد رئيس الاتحاد البرلماني الدولي على أهمية التوازن بين الجنسين في العمل البرلماني ذاته، وإلى ضرورة فهم وتعميم هذه القضية الجوهرية من قبل البرلمانين، ليتمكنوا، بدورهم، من استثمار ما في أيديهم من أدوات وموارد لجعل العالم مكاناً أكثر ملاءمة لحضور المرأة وتفعيل طاقاتها، منوها على هذا الصعيد، بإطلاق المجلس الأعلى للمرأة في مملكة البحرين دليلا مرجعيا للعمل البرلماني لدعم ومساندة دور المؤسسات التشريعية في مراقبة ومتابعة حسن سير تطبيق التشريعات والبرامج الوطنية ذات الصلة بموضوعات المرأة، مع تأكيد تعميم هذه التجربة من قبل الاتحاد على الدول الأعضاء للاستفادة من مضمون الدليل لينضم إلى جملة المصادر المعتمدة لديهم.
دليل «إدماج احتياجات المرأة في التنمية».. أداة وطنية بطموح عالمي
يمثل «الدليل البرلماني لإدماج احتياجات المرأة البحرينية في التنمية الوطنية» الذي أصدره المجلس الأعلى للمرأة مؤخرا إضافة جديدة في سياق التعاون البنّاء مع السلطة التشريعية لدعم دور البرلمانيات والبرلمانيين في تفعيل منهجية عمل «النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين» بحسب مجال اختصاصاتهم التشريعي والرقابي، حفظاً وتعزيزاً لمنظومة تشريعية شاملة وعادلة تراعي كل احتياجات المرأة البحرينية وفي كل مجالات التنمية الوطنية.
وقد تم تدشين الدليل خلال انعقاد الدورة 146 لجمعية الاتحاد البرلماني الدولي الذي أقيم في مملكة البحرين خلال شهر مارس 2023م، أمام حضور مختص من البرلمانات العالمية، والذي لاقى بدوره اهتماماً خاصاً بحكم ما يقدمه الدليل من دعم نوعي للدور البرلماني في مجال يقع على قائمة الأولويات التنموية عالميا، وليكون بحسب ما يسعى إليه المجلس الأعلى للمرأة ضمن رؤيته المؤسسية، إسهاما جديدا لمملكة البحرين كمركز خبرة متخصص في مجال تمكين وتقدم المرأة على المستوى الإقليمي وبممارسات ترتقي إلى العالمية.
أهداف الدليل
ويهدف هذا الدليل إلى توضيح الدور المناط بالنموذج الوطني للتوازن بين الجنسين كنظام متكامل لحوكمة تطبيقات تكافؤ الفرص لتحقيق التوازن بين الجنسين على المستوى الوطني، وبيان أهم المفاهيم والمصطلحات الخاصة بإدماج احتياجات المرأة في التنمية لتحقيق التوازن بين الجنسين، وتوضيح دور مجلسي النواب والشورى في متابعة تطبيق النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين في السلطة التشريعية، وتزويد وإكساب المشرّع البحريني بالأدوات اللازمة لتوظيف صلاحياته الرقابية والتشريعية بما يتفق مع المبادئ الأساسية لإدماج احتياجات المرأة في التنمية لتحقيق التوازن بين الجنسين.
دور السلطة التشريعية
ويدعم الدليل ما تضطلع به السلطة التشريعية بمجلسيها من مسؤولية ودور مهم في كفالة وضمان ومراقبة ومتابعة تطبيق وإنفاذ الأحكام والالتزامات الدستورية، من خلال مباشرة اختصاصاتها التشريعية والرقابية بما يكفل ويحقق العدالة والإنصاف بين المرأة والرجل، انطلاقا من أنه لا يمكن أن تحقق أي استراتيجية أو خطة مهما بلغت جودتها ومتانتها الأهداف الاستراتيجية المتوقعة منها، ما لم يسندها ويمدها المشرّع بالتدابير التشريعية اللازمة.
ويقدم الدليل، على هذا الصعيد، شرحاً مركزاً لدور المشرّع في متابعة ومراقبة عمل النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين، وآليات تنفيذ محاوره ذات العلاقة بالسلطة التشريعية وهي محور السياسات، ومحور الموازنات، ومحور إدارة المعرفة، ومحور التدقيق والرقابة وقياس الأثر. ويتناول الدليل كذلك، ماهية عمل لجان التوازن بين الجنسين بالأمانة العامة لمجلس الشورى والأمانة العامة لمجلس النواب في دعم أعضاء السلطة التشريعية في متابعة تنفيذ النموذج.
خارطة إرشادية
ويقدم «الدليل البرلماني لإدماج احتياجات المرأة البحرينية في التنمية الوطنية» خارطة إرشادية لطرق ووسائل توظيف الصلاحيات التشريعية والرقابية بما يتفق مع غايات «النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين»، معززاً ذلك بتعريفات لمصطلحات ذات العلاقة بإدماج احتياجات المرأة في التنمية لتحقيق التوازن بين الجنسين وفق الأطر الدستورية والتشريعية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية في مملكة البحرين، وعلى وجه التحديد ما تعلق بإدماج احتياجات المرأة في التنمية الوطنية والحياة العامة كمتابعة أداء لجان تكافؤ الفرص وإعداد وتنفيذ الموازنات المستجيبة لاحتياجات المرأة، وصولاً إلى برنامج العمل الحكومي وإيفائه لكل ما له علاقة بالخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية وسبل إدماجها وتحقيق متطلباتها، بالإضافة إلى استثمار توصيات التقرير الوطني للتوازن بين الجنسين ودعم مجالات تنفيذها.
شراكات وطنية وطموح عالمي
ويأتي الدليل في إطار مساعي المجلس الأعلى للمرأة بالشراكة مع كل القطاعات على المستوى الوطني لإدماج احتياجات المرأة البحرينية في التنمية الوطنية وضمان عدالة إتاحة الفرص بين الجنسين، وذلك استناداً إلى الالتزامات والضمانات الدستورية التي قررت وضمنت مبدأ المساواة بين حقوقهم وواجباتهم كمواطنين ومواطنات. بالإضافة إلى ما يهدف إليه المجلس، بأن يرتقي هذا الدليل من كونه ممارسة وطنية محدودة التطبيق إلى كونه تجربة بحرينية بأفق وصيت وإسهامات عالمية على صعيد متابعة التقدم المحرز للمرأة وأثر ذلك على أهداف التنمية المستدامة دولياً.
آليات تنفيذ محاور النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين ذات العلاقة بالسلطة التشريعية وتضمن الدليل شرحا لآليات تنفيذ محاور النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين ذات العلاقة بالسلطة التشريعية على مستوى السياسات من خلال اعتماد معايير إدماج احتياجات المرأة وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص لتحقيق التوازن بين الجنسين ضمن معايير العمل البرلماني عند مناقشة واعتماد برنامج عمل الحكومة، من خلال خطوات مقترحة منها عندما تشكل لجنة لدراسة برنامج عمل الحكومة التي تقوم بدراسة وتحليل برنامج عمل الحكومة لرصد مجالات إدماج احتياجات المرأة في المبادرات المدرجة، ومدى قدرتها على تحقيق التوازن بين الجنسين والاستعانة بالخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية واستراتيجيات تنفيذها كمرجعية لدى دراسة برنامج العمل الحكومي.
كما تشمل السياسات المراجعة الدورية للقوانين لإزالة الفجوات التشريعية في القضايا ذات الأولوية للمرأة، حيث إنه عند مراجعة القوانين أو الاقتراحات بقانون، يتطلب ذلك التحضير المسبق من خلال البحث في المجال من منظور أولويات وقضايا المرأة للتعرف على الفجوات الموجودة والتي بحاجة إلى تطوير لضمان تفعيل مبدأ التوازن بين الجنسين، واستشارة أعضاء اللجنة التنسيقية بين المجلس الأعلى للمرأة والسلطة التشريعية عند مراجعة القوانين ذات العلاقة بالمرأة أو إعداد المذكرة الإيضاحية تمهيدا لتقديم مقترح بقانون، بالإضافة إلى دعوة المجلس الأعلى للمرأة إلى حضور اللجان المختصة- الجلسات العامة بمناقشة التشريعات ذات العلاقة المباشرة أو غير المباشرة بالمرأة، مع الاستناد إلى التقرير الوطني للتوازن بين الجنسين كمرجع رئيسي لدى مراجعة التشريعات ذات العلاقة.
وحول الموازنات، تطرق الدليل إلى اعتماد معيار إدماج احتياجات المرأة في التنمية الوطنية لتحقيق التوازن بين الجنسين كأحد المعايير الأساسية لإقرار الموازنة العامة، من خلال خطوات مقترحة، منها عندما تشكل لجنة لدراسة الموازنة العامة للدولة، تقوم اللجنة برصد مدى استجابة البرامج والمشاريع المدرجة في الموازنة لاحتياجات المرأة، وتخصص اللجنة جزءا من ملاحظاتها ومرئياتها لبيان مدى تضمين احتياجات المرأة في الموازنة العامة للدولة وبيان اقتراح التعديلات والإجراءات المطلوبة لتتم مناقشتها كأسئلة تطرح خلال الاجتماعات المشتركة بين الوفد الحكومي واللجنة البرلمانية المشكلة لدراسة الموازنة العامة.
وفيما يتعلق بإدارة المعرفة شدد الدليل على أهمية توظيف الثقافة المؤسسة لتكافؤ الفرص والتوازن بين الجنسين في العمل البرلماني وتعزيز الخبرات ذات العلاقة بالمجال، من خلال التعاون ما بين لجنتي التوازن بين الجنسين في مجلسي الشورى والنواب لرفع معرفة ووعي أعضاء السلطة التشريعية ومنتسبي أمانتي الشورى والنواب حول مفاهيم إدماج احتياجات المرأة في التنمية الوطنية والحياة العامة، مع توظيف مضمون الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية والتقرير الوطني للتوازن بين الجنسين والمرصد لمؤشرات التوازن بين الجنسين لدى متابعة تنفيذ محاور النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين.
كما أكد الدليل أهمية توثيق وإبراز العمل البرلماني الداعم لإدماج احتياجات المرأة في التنمية لتحقيق التوازن بين الجنسين محليا، وعلى المستويين الإقليمي والدولي، عن طريق إعداد التقارير الدورية من قبل أمانتي مجلسي الشورى والنواب وبالتنسيق مع لجان التوازن بين الجنسين واللجان النوعية المختصة في شؤون المرأة والأسرة ليتم بيان الوضع لحقوق المرأة البحرينية، وإقامة فعاليات وأنشطة توعوية تدريبية لبيان تجربة مملكة البحرين في مجال تقديم المرأة والتوازن بين الجنسين عند مشاركة أعضاء مجلسي الشورى والنواب في مؤتمرات وفعاليات محلية، إقليمية ودولية.
وأشار الدليل إلى أهمية تطوير وبناء قواعد بيانات مصنفة بحسب الجنس فيما يخص أعضاء السلطة والتشريعات الداعمة لإدماج احتياجات المرأة في التنمية لتحقيق التوازن بين الجنسين، والاطلاع على الدراسات والأدلة الإرشادية وتوظيف نتائجها، إلى جانب توظيف المؤشرات الكمية والنوعية لرصد إدماج احتياجات المرأة في التنمية لتحقيق التوازن بين الجنسين وفق مجال الاختصاص.
وبشأن محور التدقيق والرقابة وقياس الأثر، أكد الدليل أهمية توظيف الأدوات البرلمانية لمراقبة أوجه تنفيذ برنامج عمل الحكومة والموازنة العامة للخطط والبرامج والموارد المخصصة لتلبية احتياجات المرأة، وذلك بالاستناد إلى التقارير الدورية كالحسابات الختامية وتقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية، ومراقبة التزام الجهات بالقرارات المتعلقة بتطبيق مبدأ التوازن بين الجنسين، ورصد وقياس أثر تفعيل صلاحيات وأدوات السلطة التشريعية لإدماج احتياجات المرأة في التنمية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك