تناولت دول مجلس التعاون الخليجي مسألة هدر الطعام وفقدانه بجدية خلال السنوات السابقة، حيث إنها تعتبرها من أهم المسائل المرتبطة بالأمن الغذائي ومرتبطة بالهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة. فوفقًا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، تخرج دول مجلس التعاون الخليجي حوالي 11 مليون طن من نفايات الطعام سنويا.
ويعد ذلك مصدر قلق كبير لأصحاب المصلحة، حيث يؤدي إهدار الطعام إلى استنفاد الموارد وتدهور البيئة وانعدام الأمن الغذائي، خصوصاً أن دول الخليج العربي تعتمد على الواردات الغذائية بشكل كبير.
تركز عديد من التقارير الدولية على مسائل الأمن الغذائي والحلول لمعالجة هدر وفقدان الغذاء، وأهمها الصادر عن القمة العالمية للحكومات بعنوان «فقدان الأغذية وهدرها: حلول دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة التحدي العالمي» إلى أهمية التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص في الحد من هدر الغذاء ونفايات الطعام، وتسريع التقدم نحو تحقيق الهدف 12 من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
ويركز التقرير على دول مجلس التعاون الخليجي لأنها أكثر عرضة لمشاكل هدر الطعام وفقدانه، بسبب مناخها الحار والجاف واعتمادها الكبير على الواردات الغذائية، من بين عوامل أخرى. ويؤكد التقرير على الحاجة إلى وضع إستراتيجيات واضحة ومنهجيات قياس مناسبة بين الحكومة وأصحاب المصلحة وفقًا للبروتوكول العالمي لفقدان الأغذية وهدرها لتحديد حجم المشكلة بشكل أفضل. كما يوصى باتباع نهج متعدد الأوجه للحد من فقد الأغذية وهدرها، مثل إدخال لوائح وقوانين جديدة، ومضاعفة الجهود لزيادة الوعي، والاستفادة من التقنيات والحلول المبتكرة.
وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من الحرمان الغذائي المزمن 828 مليونًا في عام 2021، ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءًا في المستقبل. فبحلول عام 2050، من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 9.77 مليارات نسمة، ما يشكل ضغطًا إضافيا على سلاسل القيمة الغذائية العالمية. لذلك، فإن الحفاظ على الأغذية من الفقدان والهدر يعد مكونًا رئيسيا للأمن الغذائي.
قدرت منظمة الأغذية والزراعة أن ثلث الإنتاج الغذائي الحالي في العالم يُهدر أو يُفقد سنويا. ويعتقد الخبراء أنه سيكون من الممكن القضاء على الجوع في العالم من خلال تحقيق صفر من الفاقد والمهدر من الأغذية ما سيحول دون مشاكل انعدام وسوء التغذية في العالم.
كما سلط التقرير الضوء على دور الحكومة في معالجة القضايا المتعلقة بالغذاء والنفايات، ودور القطاع الخاص الذي ينمو ولكنه لا يزال محدودًا فيما يتعلق بالحكومات.
من الممكن تسهيل التعاون بين أصحاب المصلحة في القطاعين العام والخاص من خلال إطلاق المبادرات وتسريعها من خلال التشريعات، وقد لا يكون لدى القطاع الخاص والأفراد الحوافز للحد من العوامل الخارجية السلبية التي يسببها هدر وفقدان الغذاء، وخصوصاً فيما يتعلق بالبيئة والموارد الطبيعية.
ولكن، تمتلك الحكومات الوسائل للتأثير في سلوك القطاع الخاص والأفراد من خلال الحوافز أو العقوبات، حيث إن هناك عديدا من السياسات التي تم تطبيقها ونجحت سواء في إحدى دول مجلس التعاون أو في دول العالم، ونتج عن هذه السياسات الحد من هدر الطعام وفقدانه من خلال تعاون جميع أصحاب المصلحة في ذلك.
كما يمثل اكتشاف الحلول المبتكرة والمستدامة وتعزيز التعاون العالمي بين الحكومات والقطاع الخاص خطوة جديدة نحو اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة، لذلك فإن تعامل الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي مع هذه القضية على وجه السرعة سيعود بالفائدة على الجميع، كما أن العمل بشكل تعاوني بين جميع أفراد المجتمع من أكاديميين ومبتكرين ورواد أعمال وغيرهم لإيجاد الحلول وتنفيذها اليوم أمر بالغ الأهمية لرفع معدل الأمن الغذائي والحد من انعدامه في دول المنطقة.
{ مركز البحرين للدراسات
الاستراتيجية والدولية والطاقة
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك