أيدت محكمة الاستئناف العليا المدنية الثانية رفض دعوى معيدة بجامعة البحرين طالبت فيها بإلزام الجامعة قبول طلب اعتمادها مساعدا للبحث والتدريس واللجنة الاستشارية الطلابية، حيث لم تتلق ردا على طلبها، وهو ما اعتبرته قرار سلبيا يعني الرفض، إلا أن المحكمة أكدت أنها حتى تنظر في مشروعية القرار الإداري لا بد أن يكون ذلك القرار صريحاً وتفصح عنه الإدارة بقصد إحداث أثر قانوني، كما أن طلباتها لشغل الوظيفة لا تلزم الجهة الإدارية بإصدار قرار بتعيينها.
وذكرت شرحًا للدعوى أنها تقدمت بأوراقها للتقدم كمساعد للبحث والتدريس بأحد أقسام الجامعة، ولكن تم تجميدها من قبل رئيس القسم ولم يعرض طلبها على اللجان المختصة أو الأساتذة كما هو متعارف عليه في الجامعة، حيث أصدر قراره بشكل فردي ومركزي برفضها كمساعد للبحث والتدريس، مشيرة إلى أنها حاصلة على مرتبة الشرف الأولى ودرست عدة دورات في جامعات ومعاهد عالمية، وقدمت شكاوى بشكل رسمي ومتكرر لعميد الكلية إلا أنه لم يفتح تحقيقا في الموضوع ولم يتبع الإجراءات المنصوص عليها بالجامعة في مثل هذه الحالات.
وقد رفعت دعوى أمام محكمة أول درجة طلبت فيها إلغاء القرار الصادر من المدعى عليه الأول (رئيس القسم) والمتضمن رفضها كمساعد بحث وتدريس، وإحالة أوراقها إلى اللجان بالجامعة للبتّ في شأن قبولها أو رفضها كمساعد للبحث والتدريس، وتعويضها عن الأضرار التي لحقت بها، وإلغاء قرار استبعادها من اللجنة الاستشارية الطلابية، حيث رفضت محكمة أول درجة الدعوى لانتفاء القرار الإداري، بعد أن أكدت المحكمة أن الدعوى خلت من ثمة قرار إداري صادر برفض تعيينها أو استبعادها من اللجنة الاستشارية، على نحو ما تزعم، ولم تقدم المدعية هذا القرار حال كونها المكلفة بإثبات دعواها.
إلا أن المدعية استأنفت على الحكم وأشارت إلى أنها قدمت منذ مدة طلباً كمساعد بحث وتدريس في جامعة البحرين، وأن مماطلة الجامعة الطويلة تعني أن قراراً سلبياً بالرفض قد صدر، ونفس الأمر ينطبق على طلب انضمامها إلى اللجنة الاستشارية الطلابية، وقد رفعت كل هذه الطلبات إلى عميد الكلية لكنه لم ينظر في الموضوع.
وحيث إنه عن موضوع الاستئناف، فإن المستقر عليه أن دعوى الإلغاء إنما هي دعوى عينية توجه إلى قرار إداري، فإذا انتفى القرار الإداري تخلف مناط قبول الدعوى، والقرار الإداري كما قد يكون صريحاً بأن تفصح عنه الإدارة بإرادتها الملزمة بالشكل الذي يحدده القانون بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين، قد يكون سلبيا وذلك عندما تمتنع جهة الإدارة عن اتخاذ إجراء معين كان من الواجب عليها اتخاذه بحكم القانون، بمعنى أنه يتعين لقيام القرار السلبي أن يكون ثمة إلزام على الجهة الإدارية باتخاذ قرار معين فإذا لم يكن إصدار مثل هذا القرار واجبا عليها، أو لم يطلب منها صاحب الشأن اتخاذ هذا القرار فإن امتناع الجهة الإدارية عن إصداره لا يشكل قراراً سلبياً يقبل الطعن عليه بالإلغاء، فإذا تخلف هذا الشرط كانت الدعوى غير مقبولة إذ لم تنصب على قرار إداري قائم عند رفعها ولم تصادف محلاً.
وعن الواقعة أشارت إلى أن المستأنفة تطلب الحكم بإلغاء القرارين الصادرين من (رئيس القسم بجامعة البحرين بصفته)، الأول المتضمن رفضها كمساعد بحث وتدريس بالقسم، والثاني المتضمن استبعادها من اللجنة الاستشارية الطلابية والتعويض عن الأضرار التي لحقت بها جراء ذلك. متى كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت من ثمة دليل على صدور القرارين المشار إليهما؛ فضلاً عن أن تقديم المستأنفة لطلبات لشغل وظيفة مساعد بحث وتدريس أو للانضمام إلى اللجنة الاستشارية الطلابية لا يلزم الجهة الإدارية بإصدار قرار بتعيينها في وظيفة مساعد بحث وتدريس أو قرار بضمها إلى اللجنة الاستشارية الطلابية، الأمر الذي ينتفي معه مناط إقامة هذه الدعوى، وهو القرار المطعون فيه، وتكون الدعوى الماثلة غير موجهة إلى قرار إيجابي أو سلبي بامتناع جهة الإدارة عن اتخاذ إجراء أوجب عليها القانون اتخاذه مما يجوز الطعن عليه بدعوى الإلغاء، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري؛ وينتفي تبعاً لذلك مناط التعويض المطالب به. ولهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً، ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنفة المصروفات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك