العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

المرأة العاملة وصحتها النفسية أولوية

بقلم: جليلة إسماعيل الخباز

الثلاثاء ٠٢ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

تحتفل‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬بيوم‭ ‬العمّال‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬مايو‭ ‬،‭ ‬فهو‭ ‬يعد‭ ‬عطلة‭ ‬رسمية‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬دولة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬تأكيداً‭ ‬لحقوق‭ ‬العمال‭ ‬وتكريماً‭ ‬لجهودهم‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬البناء‭ ‬والتنمية‭. ‬وتخصص‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭  ‬للتوعية‭ ‬بحقوق‭ ‬العاملين‭ ‬والعاملات‭ ‬وتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أهم‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تشغلهم‭.‬

ويشغل‭ ‬موضوع‭ ‬المرأة‭ ‬العاملة‭ ‬والقضايا‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭ ‬وتحديداً‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالإجهاد‭ ‬المهني،‭ ‬بال‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المختصين‭ ‬في‭ ‬فروع‭ ‬علمية‭ ‬مختلفة،‭ ‬وذلك‭ ‬لما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬والمؤسسات‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬

وقد‭ ‬شكل‭ ‬النهوض‭ ‬بواقع‭ ‬المرأة‭ ‬وتعزيز‭ ‬قدراتها‭ ‬وتمكينها‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬والعمل‭ ‬والمشاركة‭ ‬اتجاها‭ ‬جاداً‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬بوجه‭ ‬عام،‭ ‬وفي‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬صارت‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬عنصراً‭ ‬رئيسياً‭ ‬ومكوناً‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التنمية‭ ‬منذ‭ ‬مطلع‭ ‬الثلاثينيات،‭ ‬وامتدت‭ ‬مساهماتها‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬نواحي‭ ‬الحياة‭ ‬العامة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬السياسية،‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والأعمال‭ ‬وغيرها‭. ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬كبيرة،‭ ‬إذ‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬المشاركة‭ ‬وصنع‭ ‬الحياة،‭ ‬فإن‭ ‬اشتغالها‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬ارتقاء‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وأصبح‭ ‬للمرأة‭ ‬كيان‭ ‬مستقل‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬العمل‭ ‬يحقق‭ ‬للمرأة‭ ‬إشباعا‭ ‬نفسياً‭ ‬واجتماعياً،‭ ‬وشعوراً‭ ‬بالقيمة‭ ‬والمكانة،‭ ‬والأمن‭ ‬الاقتصادي‭.‬

إذاً‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬المجتمع‭ ‬الآن؛‭ ‬المرأة‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬تأدية‭ ‬عملها‭ ‬وتحمل‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬الأسرية‭ ‬والمهنية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬هذه‭ ‬التغييرات‭ ‬الجديدة‭ ‬فرضت‭ ‬على‭ ‬المرأة‭ ‬أدواراً‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أدوارها‭ ‬التقليدية‭. ‬ومـع‭ ‬الضـغوط‭ ‬البيولوجية‭ ‬الثابتة‭ ‬لديها،‭ ‬تفاعلت‭ ‬معها‭ ‬ضغوط‭ ‬زواجية‭ ‬وأسرية‭ ‬واجتماعيـة‭ ‬ووظيفيـة‭. ‬وأصبحت‭ ‬عرضة‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭ ‬للمواقف‭ ‬الضاغطة،‭ ‬وبالتـالي‭ ‬صارت‭ ‬فرصة‭ ‬التعرض‭ ‬للإجهاد‭ ‬وللإنهاك‭ ‬العاطفي‭ ‬والاستنزاف‭ ‬الجسدي‭ ‬والنفسي،‭ ‬كبيرة‭. ‬

‭ ‬إن‭ ‬الضغوط‭ ‬تعد‭ ‬أمراً‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬الحيـاة‭ ‬اليوميـة‭. ‬وكل‭ ‬فرد‭ ‬منا‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬ضغوط‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭. ‬وتشعر‭ ‬المرأة‭ ‬العاملة‭ ‬والمرأة‭ ‬الأم،‭ ‬بالضغط‭ ‬لكونها‭ ‬مثقلة‭ ‬بالأعباء،‭ ‬وما‭ ‬يتطلـبه‭ ‬القيـام‭ ‬بالواجبـات‭ ‬اليوميـة‭ ‬من‭ ‬جهـد‭ ‬عـال،‭ ‬وفي‭ ‬الغالب‭ ‬يكـون‭ ‬مصـدر‭ ‬هـذه‭ ‬الضـغوط‭ ‬متطلبـات‭ ‬أو‭ ‬ضـغط‭ ‬العمـل‭ ‬أو‭ ‬العلاقـة‭ ‬مـع‭ ‬الأهـل‭ ‬أو‭ ‬شـريك‭ ‬الحيـاة،‭ ‬أو‭ ‬بـذل‭ ‬مجهـود‭ ‬مـع‭ ‬الأبناء‭.‬

فالقليل‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬ليس‭ ‬بمشكلة‭ ‬ولكن‭ ‬الضغط‭ ‬الشديد‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬الجسد،‭ ‬ويظهر‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬مشاعر‭ ‬غير‭ ‬مريحة‭ ‬‮«‬ثقل‭ ‬في‭ ‬الصدر‭ ‬تيبس‭ ‬العضلات‭ ‬اضطراب‭ ‬المعدة‮»‬‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬يصابون‭ ‬بأعراض‭ ‬جسدية‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬التهابات‭ ‬أو‭ ‬مشاكل‭ ‬في‭ ‬الأمعاء‮»‬‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬الآثار‭ ‬إلى‭ ‬قلة‭ ‬التركيز‭ ‬ونوبات‭ ‬غضب‭ ‬سريعة‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مشاعر‭ ‬الحزن‭ ‬والغضب‭ ‬والقلق،‭ ‬وذلك‭ ‬كله‭ ‬يجر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬السالبة‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬أو‭ ‬مواقف‭ ‬وقعت،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬يخشون‭ ‬حدوثها‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬وهو‭ ‬حتماً‭ ‬من‭ ‬أعراض‭ ‬الاحتراق‭ ‬أو‭ ‬الإجهاد‭ ‬النفسي‭.‬

وفي‭ ‬السياق‭ ‬نفسه‭ ‬بينت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬المهتمة‭ ‬بعمل‭ ‬المرأة،‭ ‬بأن‭ ‬الضغط‭ ‬النفسي‭ ‬الناتج‭ ‬من‭ ‬الإجهاد‭ ‬المهني‭ ‬لدى‭ ‬النساء‭ ‬العاملات‭ ‬يأتي‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬مستويات‭ ‬شخصية‭ ‬ومهنية،‭ ‬أما‭ ‬المستوى‭ ‬الشخصي‭ ‬فهو‭ ‬شعورها‭ ‬بالإعياء‭ ‬وقلة‭ ‬النوم،‭ ‬والإنهاك‭...‬إلخ‭. ‬أما‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المهني،‭ ‬فتنعكس‭ ‬زيادة‭ ‬شعورها‭ ‬بالإجهاد‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭ ‬المشكلات‭ ‬التنظيمية‭ ‬مثل‭: ‬كثرة‭ ‬الشكاوى،‭ ‬أخطاء‭ ‬العمل‭ ‬المتكررة،‭ ‬ضعف‭ ‬الأداء،‭ ‬تنامي‭ ‬معدل‭ ‬التقاعد‭ ‬المبكر‭.‬

بطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬تعددت‭ ‬مسؤوليات‭ ‬المرأة‭ ‬بعد‭ ‬خروجها‭ ‬للعمل،‭ ‬وترتب‭ ‬عليه‭ ‬لاحقاً‭ ‬ضرورة‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬دورها‭ ‬كامرأة‭ ‬عاملة‭ ‬خارج‭ ‬المنزل‭ ‬وواجباتها‭ ‬الأسرية،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأدوار‭ ‬مجتمعة‭ ‬تتصارع‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭.  ‬وصراع‭ ‬الدور‭ ‬يحدث‭ ‬عندما‭ ‬يواجه‭ ‬الفرد‭ ‬التزامات‭ ‬عدة‭ ‬ومطلوب‭ ‬منه‭ ‬إنجازها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭. ‬وتعدد‭ ‬الأدوار‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أثره‭ ‬شديد‭ ‬الحدة‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الأنسان‭ ‬وحياته‭ ‬المهنية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬

‭ ‬وعليه‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالصحة‭ ‬النفسية‭ ‬للمرأة‭ ‬العاملة‭ ‬بالتركيز‭ ‬على‭ ‬برامج‭ ‬التدريب‭ ‬والتوعية‭ ‬النفسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية،‭ ‬فعندما‭ ‬تكون‭ ‬المرأة‭ ‬واعية‭ ‬بأدوارها‭ ‬المختلفة‭ ‬ومتسلحة‭ ‬بالقدر‭ ‬الملائم‭ ‬من‭ ‬المعرفة‭ ‬والثقافة‭ ‬والخبرات‭ ‬والمهارات‭ ‬الذي‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬تحسين‭ ‬نوعية‭ ‬حياتها‭ ‬اليومية‭ ‬وحياة‭ ‬أسرتها،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬فرصة‭ ‬تعرضها‭ ‬للإجهاد‭ ‬المهني‭. ‬

إن‭ ‬أحد‭ ‬ممرات‭ ‬العبور‭ ‬للصحة‭ ‬النفسية،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تتعلمه‭ ‬من‭ ‬مهارات‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الضغوط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المراكز‭ ‬الإرشادية‭ ‬المتخصصة،‭ ‬والذي‭ ‬يمكّنها‭ ‬من‭ ‬التكيف‭ ‬بطريقة‭ ‬سليمة،‭ ‬والتدريب‭ ‬على‭ ‬أساليب‭ ‬الرصد‭ ‬وتحديد‭ ‬مصادر‭ ‬الضغوط‭ ‬الحياتية،‭ ‬ويساعد‭ ‬في‭ ‬اكتساب‭ ‬مهارات‭ ‬أخرى‭ ‬منها‭ ‬مهارة‭ ‬تنظيم‭ ‬الوقت‭ ‬وتحديد‭ ‬الأولويات‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مهارة‭ ‬التخطيط‭ ‬والتنظيم‭ ‬عند‭ ‬أداء‭ ‬المهام‭ ‬المناطة‭ ‬بها‭.‬

كذلك‭ ‬فإن‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحمّل‭ ‬المسؤولية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬اجتناب‭ ‬التوقعات‭ ‬العالية‭ ‬غير‭ ‬الواقعية‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬والأسرة‭. ‬والذي‭ ‬يؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الضغوط‭ ‬وبالتالي‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجاتها‭ ‬وتربية‭ ‬أبنائها‭ ‬وتحسين‭ ‬دخل‭ ‬أسرتها‭. ‬

ولذلك‭ ‬نؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬العمل‭ ‬وجدواه‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المرأة،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬نحثها‭ ‬على‭ ‬التمسك‭ ‬بنشاطها‭ ‬وجديتها‭ ‬فلا‭ ‬تتراجع‭ ‬بسهولة‭ ‬أمام‭ ‬الضغوط‭ ‬والعقبات‭ ‬والإحباطات،‭ ‬فالتوتر‭ ‬والقلق‭ ‬حول‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬وفي‭ ‬الأدوار‭ ‬الأخرى،‭ ‬يعني‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التأهيل‭ ‬والتدريب‭ ‬على‭ ‬مهارة‭ ‬إدارة‭ ‬الوقت‭ ‬وإدارة‭ ‬الضغوط،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المهارات‭ ‬النفسية‭. ‬

ولأن‭ ‬دور‭ ‬المرأة‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬المقاييس‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬نموه‭ ‬وتطوره‭ ‬فإننا‭ ‬نؤكد‭ ‬ضرورة‭ ‬توجيه‭ ‬الاهتمام‭ ‬لأوضاعها‭ ‬ومشكلاتها‭ ‬وكيفية‭ ‬مواجهة‭ ‬تلك‭ ‬المشكلات‭ ‬وتحسين‭ ‬حياتها‭ ‬كهدف‭ ‬رئيسي‭ ‬لتحقيق‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تفعيل‭ ‬البرامج‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬

 

{ مركز‭ ‬عائشة‭ ‬يتيم‭ ‬للإرشاد‭ ‬الأسري‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا