(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ) (سورة يوسف الآية 3).
ترشدنا المعجزة الإلهية المتمثلة في الكلام المبين، أثر القصص في تعلم الفرد، فالله جلَّ شأنه هو الذي خلق الإنسان، ويعلم كل مكنونات نفسه وطرق استجابته لكل أمر، فمن خلال أحسن القصص التي أوحاها لنبيه الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) يربينا ويوجهنا إلى الطريق القويم، ويمنح الإنسانية درساً بأن في أدب القصة أثر بالغ في نقل العبرة وتشكيل السلوكيات المنشودة، ذلك أن الأسلوب القصصي عادةً ما يمتاز بالتشويق والمتعة للمتلقي، وتستقطب الصغير والكبير.
تعريف القصة اصطلاحا: سرد واقعي أو خيالي لأفعال قد يكون نثرًا أو شعرًا يقصد به إثارة الاهتمام والإمتاع أو تثقيف السامعين أو القراء.
ويلاحظ من التعريف أن القصة في العصر الجاهلي عند العرب كانت لا تعدو كونها أخباراً أو أبياتًا شعرية قصصية يتداولها الناس من أجل المتعة، لانصرافهم التام في أفق المعلقات الشعرية، ولكن بعد انتشار الإسلام وإشراق أشرف القصص القرآنية والتي هدفت إلى الإرشاد والتوجيه، تغير مفهوم القصة عند العرب وأصبح من مجرد وسيلة للمتعة إلى نقل العبرة وقطف العظة، فبدأ عهد ترجمة القصص، كما يظهر في كتاب (كليلة ودمنة) لابن المقفع، والذي ترجمه من اللغة الفهلوية (الفارسية القديمة) إلى اللغة العربية، حيث اتفق معظم الباحثين على أن القصص التي ضمتها جوانب هذا الكتاب الشهير هندية الجذور.
في الوقت ذاته يلاحظ الباحثون أن الغرب في تلك الحقبة الزمنية كانوا أكثر اهتماماً بمجال القصة، ومع التقدم العلمي والتربوي نجد كيف أن اهتمامهم بالقصة وصل إلى حد أن يكون وسيلة علاجية سلوكية لذوي الاحتياجات الخاصة، لاسيما أن فئات عديدة من هؤلاء الأطفال يواجهون قصورًا في المهارات الاجتماعية، ويظهر ذلك جلياً عند المصابين بطيف التوحد، وقد نشأ في عام 1991 مصطلح القصة الاجتماعية بقوة على يد اختصاصية طيف التوحد والاستشارية الأسترالية (كارول جراي) بعد أن كتبت العديد من القصص الاجتماعية وعرضتها لطلابها من الأطفال واليافعين ذوي طيف التوحد، وأثبتت القصص فاعليتها في اكتسابهم للسلوك المرغوب، وساهم في سرعة استجابتهم والتفاعل للأحداث اليومية.
وتعرّف (كارول جراي) القصة الاجتماعية بأنها أداة تعليمية اجتماعية تدعم التبادل الآمن والهادف للمعلومات بين الآباء والمهنيين والأشخاص المصابين بالتوحد من جميع الأعمار.
فالقصة الاجتماعية هي قصة قصيرة تهدف إلى تمثيل نموذج سلوكي قد يكون (نفسيا، أو اجتماعيا أو حتى أكاديميا) يمكن أن يحتذي به الطفل المصاب بطيف التوحد وغيره من الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد تطورت القصص الاجتماعية في عصرنا الحاضر مع توفر العديد من المواقع والبرامج الرقمية، والتي يسهل من خلالها إعداد قصص ممتعة بصورٍ متحركة أو ثابتة وأصوات مختلفة، ما يسهم في شد انتباه الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وزيادة تركيزهم على السلوك المستعرض بالقصة، ومن أمثلة البرامج الرائجة وسهلة التصميم:
-Storyjumper – Powtoon- Animaker- Story kit-Pictello- Clicker Books.
ولإعداد المربين -من معلمين أو آباء- قصصاً اجتماعية فاعلة، لابد من تأكدهم من توافر القصة على شروط معينة تتمثل في:
لابد أن يتم تدوين ملخص عن حالة الطالب المستهدف قبل إعداد القصة، وتحديد السلوك المرغوب في اكتسابه أو تغييره بدقة تامة.
تحديد الهدف من إعداد القصة.
ربط السلوك المستهدف في الحبكة القصصية بصورة واضحة، واستمداد عناصر القصة من واقع الطفل، لتكون شبيهة لما يعيشه، فالطفل المصاب بطيف التوحد لن يتمكن من تحليل القصة إذا كانت تشتمل على الغموض، وأفكار لما وراء النص.
لابد من اشتمال القصة على صورٍ معبرة عن القصة، وأن تتلاءم مع قدرات الطالب وإمكانياته القرائية، فإذا كان الطالب لا يتمكن من القراءة، فلابد من مصاحبة القصة لصوتٍ يروي جميع أحداث القصة بنغمةٍ معبرة.
يجب أن تكون القصة إيجابية، وبلغةٍ سهلة واضحة.
أن تتضمن القصة مقدمة وعرضا وخاتمة.
{ معلمة صعوبات تعلم
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك