لعدم الاطمئنان لتقرير الخبير المحاسبي..
ألغت المحكمة الاستئنافية الكبرى الجنائية الثانية عقوبة الحبس عامين لموظف بشركة مستلزمات طبية وأدوية وإلزامه برد 34 ألف دينار، وقضت المحكمة ببراءته من تهمة اختلاس وسرقة أدوية مستوردة من صيدلية الفرع الذي يديره بعد أن أكدت المحكمة عدم اطمئنانها لتقرير الخبير المحاسبي التابع لجهة عمله، كونه تطرق جزئيا إلى أمور محاسبية بينما أسهب في التأكيد على توجيه الاتهامات، كما أشارت الى أن الموظف وإن كان أقر باستلام العهدة إلا ان ذلك الإقرار لا يعني اقراره بالاختلاس.
وقال المحامي يوسف غنيم وكيل المتهم ان النيابة أسندت لموكله تهمة اختلاس المبالغ النقدية للمركز الطبي الذي يعمل به والتي وجدت في حيازته بسبب عمله، بناء على بلاغ من أحد العاملين يفيد أن موكله يقوم باستلام الأدوية المستوردة للصيدلية التي يعمل بها ومن ثم يقوم باختلاس جزء منها قبل تدوينها في كرت صنف الدواء المخصص لتسجيل جميع الادوية المستوردة للصيدلية، والتي قدرها خبير الصيدلية المحاسبي أنها بقيمة 34 ألف دينار، حيث عاقبته المحكمة بالحبس عامين ورد المبلغ. وطعن غنيم على الحكم على سند أن تقرير الخبير الذي اصطنعه شخص المبلغ لا يصلح دليلاً في الاثبات كونه تقريرا مدفوع الاجر مسبقاً لخبير لم تندبه النيابة العامة، كما أن المادة (128) من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه إذا اقتضى التحقيق الاستعانة بطبيب او غيره من الخبراء لإثبات حالة من الحالات، وجب أن يصدر امر بندب خبير يحدد فيه المهمة التي يكلف بها، كما نصت المادة (129) من ذات القانون على انه «يجب على الخبير إذا لم يكن من الخبراء الحكوميين او مقيداً بجدول الخبراء ان يحلف يميناً امام عضو النيابة العامة بأن يؤدي عمله بالصدق والأمانة».
كما طعن على صحة تقرير الخبير كون الأخير تقاضى قبل عمله مبلغا ماليا من الجهة المبلغة، ولم يمكن المتهم من سماع أقواله حول الواقعة بالإضافة إلى أنه أستند في اعداد التقرير لما قدم له من قبل الشخص المبلغ فقط وكلها مستندات من صنع هذا الأخير، كما لم يطلع الخبير على أي مستندات تفيد قيام المستأنف باستلام الادوية التي قرر ان بها عجز او حتى بوالص شحن تلك الادوية ومواصفاتها وتاريخ دخولها حتى يتبين له صحة استيراد تلك الادوية المدعى بأنها تخص المركز حتى يتوصل الى نتيجة حقيقية من واقع عمل محاسبي صحيح.
من جانبها أكدت المحكمة الاستئنافية أنها تطرح تقرير الخبير كونه تطرق إلى المسائل الفنية والمالية والمحاسبية بشكل مقتضب بينما استغرق في مناقشة وتحليل أدلة الاثبات وأقوال الشهود وانزل نفسه منزلة المحكمة، كما أشارت المحكمة الى أن اختلاف عدد الأدوية المسجلة في قائمة الاستلام والعدد المتواجد في الصيدليات ليس دليلا على أن المستأنف اختلس تلك الأدوية من الصيدلية، كما أن التقرير لم يثبت من الأساس وجود عجز حقيقي وليس ورقيا، ولم يثبت أن العجز في الفرع الذي يديره المستأنف. وأضافت بشأن إقرار المستأنف على استلام العهدة أنه إقرار عادة يوقع عليه الموظف في بداية استلام مهام عمله لإثبات مسؤوليته عن العهدة إلا أنه وفي حالة وجود أي عجر فإن مجرد هذه الإقرار ليس دليلا على أن الموظف الموقع هو المسؤول عن العجز، مؤكدة أنها تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم وأن الشك يفسر دائما لصالح المتهم وأنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الإفتئات على حقوق الأفراد وحرياتهم، ولهذه الأسباب قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا ببراءة المستأنف مما نسب إليه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك