العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

إشكاليات التدخل الخارجي في الصراعات

بقلم: د. أشرف محمد كشك {

الاثنين ٠٨ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

قضايا‭ ‬عديدة‭  ‬تثيرها‭ ‬الصراعات‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬ككيان‭ ‬موحد‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬الجدل‭ ‬حول‭ ‬التدخل‭ ‬الخارجي‭ ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وواقع‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬البساطة‭ ‬بمكان‭ ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬إصدار‭ ‬تصورات‭ ‬حدية‭ ‬بمعنى‭ ‬التدخل‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬التدخل‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬موضوعات‭ ‬السجال‭ ‬الفكري‭ ‬بين‭ ‬الباحثين‭ ‬خلال‭ ‬الأزمات‭ ‬ولكن‭ ‬يرتبط‭ ‬التدخل‭ ‬الخارجي‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬بمحددات‭ ‬كثيرة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التساؤل‭ ‬المهم‭ ‬كيف‭ ‬تبدو‭ ‬الصورة‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬أقصى‭ ‬التدخل‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬الانحسار‭ ‬الدولي‭ ‬عن‭ ‬الصراعات،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬قراءة‭ ‬الحالات‭ ‬السابقة‭ ‬لكلا‭ ‬الأمرين‭ ‬بما‭ ‬فيهما‭ ‬من‭ ‬إشكاليات‭ ‬وذلك‭ ‬هو‭ ‬جل‭ ‬المقال‭.‬

بداية‭ ‬ينبغي‭ ‬تأكيد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أمور‭ ‬مترابطة‭ ‬بشأن‭ ‬تلك‭ ‬الصراعات‭ ‬أولها‭: ‬إن‭ ‬عديدا‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬طابعاً‭ ‬مسلحاً‭ ‬ترتبط‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬وثيق‭ ‬بعدم‭ ‬الاتفاق‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬أهداف‭ ‬وآليات‭ ‬لطبيعة‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬نحو‭ ‬حقبة‭ ‬سياسية‭ ‬جديدة،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬إدارة‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬وتحديد‭ ‬مدى‭ ‬زمني‭ ‬لها،‭ ‬وثانيها‭: ‬إن‭ ‬الصراعات‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬تدخلات‭ ‬خارجية‭ ‬ازدادت‭ ‬تعقيداً‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬تعارض‭ ‬مصالح‭ ‬الأطراف‭ ‬الخارجية‭ ‬وتباين‭ ‬تصوراتها‭ ‬بشأن‭ ‬عملية‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة،‭ ‬وثالثها‭: ‬إنه‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬أطر‭ ‬سياسية‭ ‬يتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬والتي‭ ‬تتضمن‭ ‬ترسيخ‭ ‬آلية‭ ‬الحوار‭ ‬فإن‭ ‬الاحتكام‭ ‬للسلاح‭ ‬كان‭ ‬حاضراً‭ ‬وبقوة‭ ‬عند‭ ‬احتدام‭ ‬الخلاف‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬جماعات‭ ‬مسلحة‭ ‬ضد‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬فقط‭ ‬حق‭ ‬احتكار‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭ ‬ومواطنيها‭.‬

ولكي‭ ‬تكون‭ ‬الصورة‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحاً‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التفرقة‭ ‬بين‭ ‬حالات‭ ‬التدخل‭ ‬الخارجي‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬الداخلية‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬ففي‭ ‬الحالة‭ ‬الأولى‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬حالات‭ ‬ضرورة‭ ‬لذلك‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬الحالة‭ ‬الليبية‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬عندما‭ ‬بدأ‭ ‬النظام‭ ‬الليبي‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬بالطائرات‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬إجماع‭ ‬إقليمي‭ ‬وعالمي‭ ‬بضرورة‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬لهؤلاء‭  ‬فكان‭ ‬قرار‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بمطالبة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬الاضطلاع‭ ‬بمسؤولياته‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬حماية‭ ‬هؤلاء‭ ‬المدنيين‭ ‬وإقامة‭ ‬مناطق‭ ‬حظر‭ ‬جوي‭ ‬للطيران‭ ‬العسكري‭ ‬وإقامة‭ ‬مناطق‭ ‬آمنة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬للقصف‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬محل‭ ‬استجابة‭ ‬سريعة‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الذي‭ ‬أصدر‭ ‬قرارين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬وفقاً‭ ‬للفصل‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬الميثاق‭ ‬وكانت‭ ‬القرارات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬مرجعاً‭ ‬لتدخل‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬للإطاحة‭ ‬بالنظام‭ ‬الليبي‭ ‬آنذاك،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الغزو‭ ‬الأمريكي‭ ‬للعراق‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬وعلى‭ ‬صعيد‭  ‬الصراعات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭  ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬حالتان‭ ‬الأولى‭: ‬تأسيس‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬ريجان‭ ‬تحالف‭ ‬الراغبين‭ ‬لمواجهة‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬ناقلات‭ ‬النفط‭ ‬الخليجية‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية‭ ‬‭ ‬الإيرانية،‭ ‬والثانية‭: ‬قيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تحالفاً‭ ‬دولياً‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬مكونا‭ ‬من‭ ‬34‭ ‬دولة‭ ‬لتحرير‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي‭.‬

ومع‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬ثلاثة‭ ‬تساؤلات‭ ‬منطقية‭ ‬تطرح‭ ‬ذاتها،‭ ‬الأول‭: ‬ما‭ ‬أسس‭ ‬التدخل‭ ‬الخارجي؟‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬هل‭ ‬توجد‭ ‬معايير‭ ‬ثابتة‭ ‬ومحددة‭ ‬للتدخل‭ ‬الخارجي‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يرتبط‭ ‬بطبيعة‭ ‬الصراعات‭ ‬ومصالح‭ ‬الأطراف‭ ‬الخارجية؟‭ ‬والثاني‭: ‬هل‭ ‬أدت‭ ‬التدخلات‭ ‬الخارجية‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬الصراعات‭ ‬وتحقيق‭ ‬مفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬الموحدة‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي؟‭ ‬والثالث‭: ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬إصدار‭ ‬أحكام‭ ‬عامة‭ ‬بشأن‭ ‬التدخل‭ ‬أو‭ ‬عدمه‭ ‬حول‭ ‬الصراعات‭ ‬كافة؟

وواقع‭ ‬الأمر‭ ‬أنها‭ ‬تساؤلات‭ ‬شائكة‭ ‬ولكن‭ ‬بشكل‭ ‬موجز‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬أسس‭ ‬ثابتة‭ ‬للتدخلات‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الصراعات،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬ارتضى‭ ‬تأسيس‭ ‬منظمة‭ ‬أممية‭ ‬منوط‭ ‬بها‭ ‬إصدار‭ ‬القرارات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالتدخل‭ ‬العسكري‭ ‬وفقاً‭ ‬للفصل‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬الميثاق‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يرتبط‭ ‬ذلك‭ ‬بتطبيق‭ ‬آليات‭ ‬الأمن‭ ‬الجماعي‭ ‬التي‭ ‬تقضي‭ ‬بتشكيل‭ ‬قوة‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تكون‭ ‬تحت‭ ‬تصرفها‭ ‬للتدخل‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬تهديداً‭ ‬للأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬شهده‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬تحولات‭ ‬سواء‭ ‬خلال‭ ‬حقبة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬بعدها‭ ‬فإن‭ ‬التدخلات‭ ‬ارتكز‭ ‬بعضها‭ ‬على‭ ‬قرارات‭ ‬أممية‭ ‬مثل‭ ‬ليبيا‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬وبعضها‭ ‬أضفت‭ ‬القرارات‭ ‬الأممية‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬التدخل‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قرارات‭ ‬مثل‭ ‬الغزو‭ ‬الأمريكي‭ ‬للعراق‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬حدد‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬مرتكزات‭ ‬ثلاثة‭ ‬لتدخله‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬وهي‭ ‬وجود‭ ‬قرار‭ ‬أممي‭ ‬يتيح‭ ‬للجهات‭ ‬الدولية‭ ‬التدخل‭ ‬وحتمية‭ ‬إجماع‭ ‬كل‭ ‬دوله‭ ‬الأعضاء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬التدخل‭ ‬وأخيراً‭ ‬طلب‭ ‬الجهة‭ ‬المعنية‭ ‬التدخل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خطاب‭ ‬به‭ ‬التزامات‭ ‬محددة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬اللافت‭ ‬هو‭  ‬عدم‭ ‬تناسب‭ ‬حجم‭ ‬التدخل‭ ‬مع‭ ‬الظاهرة‭ ‬محل‭ ‬التهديد‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬التدخلات‭ ‬الدولية‭ ‬لمواجهة‭ ‬القرصنة‭ ‬قبالة‭ ‬سواحل‭ ‬الصومال‭ ‬والقرن‭ ‬الإفريقي‭ ‬عام‭ ‬2008‭ ‬حيث‭ ‬أرسل‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬سفنا‭ ‬بحرية‭ ‬كبيرة‭ ‬الحجم‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬ومطاردة‭ ‬الزوارق‭ ‬الصغيرة‭ ‬السريعة‭ ‬للقراصنة‭.‬

وللإجابة‭ ‬عن‭ ‬التساؤل‭ ‬الثاني‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬ربما‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬رأي‭ ‬بمقال‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الصورة‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬ذاتها‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬المشهدين‭ ‬السوري‭ ‬والليبي،‭ ‬ففي‭ ‬الحالة‭ ‬السورية‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬إنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬المرور‭ ‬عبر‭ ‬ثلاث‭ ‬دوائر‭ ‬متداخلة‭ ‬ومعقدة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬التدخلات‭ ‬الإقليمية‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬سيادة‭ ‬سوريا‭ ‬على‭ ‬أراضيها،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الوجود‭ ‬العسكري‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الليبي‭ ‬فإن‭ ‬الانقسام‭ ‬الحاد‭ ‬بين‭ ‬المكونات‭ ‬الوطنية‭ ‬جزء‭ ‬منه‭ ‬يرتبط‭ ‬بتدخلات‭ ‬خارجية‭ ‬سواء‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الطرف‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬العوارض‭ ‬فلا‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬نغفل‭ ‬الجذور‭ ‬وهي‭ ‬تأثير‭ ‬التدخلات‭ ‬الخارجية‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬ومضامين‭ ‬الصراعات‭ ‬الداخلية‭.‬

ووصولاً‭ ‬إلى‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬التساؤل‭ ‬الثالث‭  ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬التوصيف‭ ‬الصحيح‭ ‬للصراعات‭ ‬سواء‭ ‬الداخلية‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬يحدد‭ ‬جدوى‭ ‬التدخل‭ ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬والذي‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬ضروريا‭ ‬سواء‭ ‬لحماية‭ ‬المدنيين‭ ‬أو‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬انهيار‭ ‬دولة‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬مضطربة‭ ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬انهيار‭ ‬منظومة‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬برمتها‭ ‬وما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الأمن‭ ‬العالمي،‭ ‬وبشكل‭ ‬أكثر‭ ‬تحديداً‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬قناعة‭ ‬لدى‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬سواء‭ ‬كدول‭ ‬كبرى‭ ‬أو‭ ‬منظمات‭ ‬أممية‭ ‬بحماية‭ ‬مفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬الموحدة‭ ‬وإعادة‭ ‬التأكيد‭ ‬مجدداً‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬فقط‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬يحتكر‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬لحماية‭ ‬مواطنيها‭ ‬ومصالحها‭ ‬وبالتالي‭ ‬أي‭ ‬حمل‭ ‬للسلاح‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬أطراف‭ ‬أخرى‭ ‬داخل‭ ‬الدولة‭ ‬أمر‭ ‬يجب‭ ‬مواجهته‭ ‬وعدم‭ ‬مساواة‭ ‬تلك‭ ‬الأطراف‭ ‬بالدولة‭ ‬ذاتها‭ ‬لسبب‭ ‬بسيط‭ ‬مؤداه‭ ‬أن‭ ‬الصراعات‭ ‬المسلحة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬معادلة‭ ‬صفرية‭ ‬أي‭ ‬تصور‭ ‬طرف‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬المكاسب‭ ‬التي‭ ‬يحققها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬خسارة‭ ‬حتمية‭ ‬للطرف‭ ‬الآخر‭ ‬والنتيجة‭ ‬حتماً‭ ‬ستكون‭ ‬كارثية‭.‬

والخلاصة‭ ‬إنه‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬أسباب‭ ‬داخلية‭ ‬للصراعات‭ ‬فإن‭ ‬تأجيجها‭ ‬يرتبط‭ ‬بالتدخل‭ ‬الخارجي‭ ‬الانتقائي‭ ‬غير‭ ‬المحسوب‭.‬

{‭ ‬مدير‭ ‬برنامج‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬بمركز‭ ‬‮«‬دراسات‮»‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا