كثر الحديث عن عديد من المرضى الذين يصابون بجلطة القلب والتي يليها توقف القلب عن العمل ومن ثم الوفاة في حالة عدم توفر الإسعافات المناسبة.
وللأسف لا أحد يستطيع تحديد نسبة مرضى الجلطة القلبية والتي تحدث خارج المستشفى، ولكن يعتقد بأنها تزيد على نسبة 90% من المجموع الكلي في المجتمع وهي كبيرة للأسف.
والسؤال هو ما الفرق بين الذبحة والجلطة القلبية وكيف يمكن أن تعد الذبحة بداية أو مقدمة لما بعدها وحدوث الجلطة.
وهنا تكمن أهمية معرفة الحالتين والتفريق بينهما من حيث الأعراض . بالنسبة إلى الذبحة الصدرية أعراضها وكيفية تجنبها يتحدث عنها في الحوار التالي بروفيسور تيسير جرادة استشاري أمراض القلب والشرايين بالمركز الطبي الجامعي.
*ما الذبحة الصدرية وما أسبابها؟
-الذبحة الصدرية عبارة عن ألم مؤقت في الصدر لا يزيد على عدة دقائق أو إحساس بالضغط على الصدر ويحدث ذلك عندما ينقص الأكسجين في الدم القلبي دون حاجة القلب وتحدث الذبحة بعد الجهد وقد يكون الجهد صعود السلم أو المشي بسرعة لمسافة طويلة أو حمل شيء ثقيل كأنبوبة الغاز أو تناول وجبة طعام دسمة وكبيرة أو القيام بممارسة الجنس.
وعادة ما يتم انتشار الألم إلى الكتف الأيسر أو اليد أو الرقبة في الفك السفلي ويستمر الألم بضع دقائق ويزول في حال توقف المريض عن الجهد.
وعادة ما يسبب الذبحة الصدرية تصلب الشرايين القلبية وانسدادها وقلة تدفق الدم إلى عضلة القلب وذلك نتيجة ترسبات الدهن والكولسترول في جدار الشريان من الداخل أو قد تحدث نتيجة التقلصات في الشرايين أو التعرض لأزمة عاطفية أو نفسية.
*هل هناك عوامل تزيد من خطر الإصابة بالذبحة؟
-هناك بعض العوامل التي تزيد من احتمال حدوث الذبحة الصدرية مثل حالة فقر الدم بالجسم ما يقلل الأكسجين المنقول إلى القلب ويزيد ارتفاع ضغط الدم من حدوث الحالة وكذلك تضيق الصمام الأبهري أو تضخم العضلة الخلقي أو النشاط الزائد في الغدة الدرقية وتسمى حالة الذبحة الصدرية مستقرة (Stable) إذا حدثت بعد الجهد فقط دون الحدوث في حالة الراحة والاسترخاء، وتعتبر الذبحة غير المستقرة (unstable) درجة أعلى حيث مع حدوث ألم في الصدر مع أقل مجهود أو أثناء الجلوس وكذلك يكون احتياج تناول حبة النيتجليسرين تحت الفم أكثر لكي يزول الألم مع ازدياد تكرر حالات الألم.
وينصح المريض أن يتجه فورا إلى مركز طبي للقلب ويقوم بعمل الفحوصات لتحديد ماهية المرض وتصلب الشرايين من عدمه.
وهناك بعض الأمراض المزمنة والتي تزيد من وجود الذبحة كمرض السكر وكذلك السمنة الزائدة والتدخين وخاصة مدخني الشيشة شيشة واحدة تساوي 40 سيجارة مالبورو أحمر ويعتبر التدخين الإلكتروني مماثلا للدخان العادي في زيادة تصلب الشرايين.
*كيف يكون التشخيص والعلاج؟
-التشخيص في حالة الذبحة الصدرية يتم عن طريق عدة أشياء مثل التخطيط الكهربائي (ECG) وغالبا ما يكون طبيعيا ويكون هناك تغيرات في حالة وجود جلطة سابقة أو تضخم في القلب وكذلك يساعد سونار القلب (Echo) على تحديد حركة الجدار القلبي ووجود اختناق الصمام من عدمه أو ضعف قدرة القلب (Ejection Fraction) بسبب نقص التروية الدموية.
ويمكن للطبيب أن يقوم بعمل تمرين رسم القلب مع المجهود (Treadmill) ما يساعد في إظهار الألم مع الجهد ووجود تغيرات في رسم القلب في حال نقص التروية الدموية ما يستدعي عمل قسطرة القلب التداخلي.
ويساعد عمل الصورة المقطعية للقلب (CT Angio) مع حقن المادة الملونة (الصبغة) Contrast في تحديد درجة التصلب في الشرايين وكذلك عدد الشرايين المصابة والصورة المقطعية لا تحتاج إلى دخول القسطرة في الشرايين مباشرة بل تتم عن طريق حقنه في الوريد فقط ما يقلل من تعرض المريض لأخطار القسطرة التداخلية عن طريق اليد أو الفخذ.
وقد اقترح المعهد القومي للصحة والرعاية المتميزة (National Institute for Health and Care Excellence) البريطاني سنة 2017 ضرورة القيام بعمل الأشعة المقطعية لكل مريض يعاني من ألم الذبحة الصدرية في بريطانيا بدلا من رسم القلب مع المجهود لما ظهر له من فوائد في القدرة على تحديد الشرايين المصابة ومن ثم تحديد العلاج بعد ذلك.
وفي حالة وجود تصلبات في الشرايين يكون الخيار بعمل القسطرة التداخلية ومن ثم توسيع الشرايين المصابة بالبالون وتثبيت المدعم المعدني في المكان للمحافظة على تدفق الدم بعد ذلك.
وقد يحتاج الطبيب إلى طلب جهاز ملاحظة دقات القلب إذا كان ألم الذبحة الصدرية مرتبطا بوجود تسارع أو تباطؤ في الدقات ما يساعد في علاج الحالة المسببة لذلك. وقد يحتاج المريض إلى عمل تحليل الأشعة الذرية (Nuclear) مع حقن مواد تساعد القلب على زيادة الحركة ومن ثم تحديد حيوية العضلة القلبية من عدمه في حالة وجود جلطة سابقة أو تحديد المنطقة التي تتعرض لنقص التروية المؤقت (Ischemia). وفي حالة عدم علاج مرضى الذبحة الصدرية فإن المريض قد يتعرض في أي وقت للانسداد الكامل للشرايين التاجية مما يؤدي إلى جلطة القلب وما يترتب عليها من مضاعفات غير حميدة. ويقوم الطبيب بطلب تحاليل كاملة لوظيفة الكلى والكبد وكذلك الغدة الدرقية وتحديد نسبة الكولسترول في الدم وكذلك نسبة السكر التراكمي والهيموجلوبين ويتم علاج أي من هذه الحالات كل على حده وحسب الحالة المرضية.
ويعتبر تناول الأدوية الخافضة للضغط والتي تقلل نسبة احتياج الأكسجين في القلب مهمة جدا ومنها حبوب البيتا بلوكر (Beta Blocker) وكذلك كالسيوم بلوکر (Calcium Blocker) و يتم إعطاء المريض حبوب تقلل من التصاق الصفائح الدموية مثل الأسبرين (Aspirin) وكذلك حبوب توسيع الشرايين مثل النايتروجلوسارين (Nitrate) وهناك حبوب تحت اللسان تساعد على علاج الألم أو على شكل بخاخ تحت اللسان ما يزيد من سرعة المفعول وزوال الألم. وفي حالة ارتفاع الكولسترول في الدم يتناول المريض حبوب (ٍstatin) والتي تقلل من بناء الكولسترول في الكبد مثل حبوب لبتور (Lipitor) أو كرستور(Crestor).
وفي حالة وجود التصلب الشرياني لابد من التوسع عن طريق البالون (angioplasty) مع تركيب مدعم معدني(Stent).
وهناك حالات لا تصلح لعمل البالون بسبب طول الانسداد أو صغر الشريان ومن ثم يقوم المريض بعمل جراحة القلب المفتوح مع تثبيت وصلات شريانية تكون من الشريان الأبهر إلى ما بعد الانسداد الشرياني في القلب(bypass Surgery).
وعلى المريض تناول ما يلزم من أدوية لتنظيم ارتفاع ضغط الدم وكذلك السكر وتخفيف الوزن والإقلاع عن التدخين وممارسة أنواع من الرياضة كالمشي أو السباحة وتجنب الأكلات الدسمة بالعموم وخاصة الغنية بالكولسترول الحيواني.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك