لكل دولة من الدول الحق في أن تفخر بتراثها وتاريخها لذلك ليس بالغريب أن نجد مثلاً عملة الدراخاما اليونانية عليها صورة الأسكندر المقدوني , و عملات منغوليا على بعضها صورة الإمبراطور جنكيز خان وغيرها من أمثله كثير لما يمثله هؤلاء من تاريخ قديم لهذه الأمم والشعوب . نجد الدينار العراقي متمسك في تصاميمه بهذا التاريخ العريق والماضي القديم ويحق لحضارة مثل حضارة بلاد الرافدين أن تتمسك بذلك وتذكر الناس بأنها ضمن اولى الحضارات التي عرفتها البشرية جميعاً .
نجد هذا الدينار العراقي يعود لفترة عبد الكريم قاسم ويلاحظ به القيثارة البابلية ( ما يقابلها بقيثارة دلمون بنفس النمط والشكل تقريباً ) وهذه أول آله وترية صنعها البشر عبر التاريخ وهذا يعكس ما وصل له الإنسان من رقي وتقدم ونضج وثقافة حتى إستطاع إبتكار هذه الإبتكار المعقد في ذلك الزمن.
وحتى نفهم هذا الأمر نستطيع أن نربط إحتياجات الإنسان كما وردت في هرم موسلو سنجد إن الإبتكارات هذه تأت في المراتب العالية القريبة من تحقيق الذات مما يعني توفر الحاجات الأساسية التي كانت موجودة في مراحل أقل من الهرم وقس على ذلك في باقي الحضارات .
وقد يستغرب البعض لماذا قد يكتب شخص من البحرين مقالاً عن الدينار العراقي ؟ السبب إن الحضارات العراقية المتعاقبة منذ فجر التاريخ كان لها إرتباط بحضارات مملكة البحرين القديمة مثل حضارة دلمون العريقة . بل لا تستغرب إن عرفت إن أقدم رساله شكوى في التاريخ وعمرها يقارب 3800 عام كانت شكوى من تاجر في بلاد الرادفين على تاجر من حضارة دلمون وقد جاءت في لوح طيني بالكتابة الآكدية المسمارية وهي شكوى من الزبون ويدعى ناني على تاجر يدعى أيا ناصر الذي وبزعم ناني قد غشه في جودة قطع النحاس وتأخره في إرسال شحنة اخرى إليه وهذا اللوح ترجمة الباحث ليو أبوناهيم وهو موجود اليوم في المتحف البريطاني.
نعود إلى الدينار العراقي ولعلنا نذكر القارىء أن العراق تعاقبت عليها الحضارات والدول مروراً بالخلافة الأموية والعباسية فنجد في فئة الخمسة وعشرون ألف دينار اليوم قد جمع المصمم هذه العراقة والأصالة كلها في ورقة واحدة.
فئة الخمسة وعشرين ألف دينار عراقي تعادل اليوم سبعة دنانير بحرينية تقريباً وقد تشتري لك هذه الفئة وجبة لشخص من محل راقي اليوم بالعراق. لو نظرنا للجانب الأيمن من الورقة سنجد تصميم الدينار العربي الصرف ( دينار أموي سنة سبعة وسبعون للهجرة وهذا أول دينار عربي إسلامي عرفه التاريخ وكان ذلك في عهد عبد الملك بن مروان وجاء هذا الدينار بعد سنين طويلة من محاولات المسلمين في سك عملتهم الخاصة منذ الثلاثينات من الهجرة النبوية الشريفة. فوضع هذا التصميم للدينار الأموي على الدينار العراقي يبين رمزية القومية العربية والإسلامية لدى بلاد الرافدين, ولم ينسى المصمم الإشارة إلى المئذنة العباسية الملتوية بالمسجد الكبير الذي بناه الخليفة المتوكل بالله العباسي في مدينة سر من راى ( سامراء اليوم ) سنة 848 ميلادي تقريباً وهذه المدينة تعتبر مدينة أثرية وتاريخية وفقاً لليونيسكو عام 2007 وهذه المئذنة الملتوية تعد تحفة معمارية هندسية سابقة لعصرها و إلى اليوم ولا ننسى أن بلاد الرافدين هي حاضنة الخلافة العباسية .
وفي إشارة جميلة ايضاً نجد النخلة في هذا التصميم حيث أن النخل ترمز للعروبة والأصالة والوقف بكل شموخ في وجه التحدي, كما ترمز للكرم والجود فهي لها رمزية خاصة عند العرب والعراقيين ولا ننسى الأبوذيات العراقية المعروفه كغيرها عن النخل من بينها:
إبن آدم طبعة الغدر من ياكل الجمار ... ينكر إحسان النخل ويرمي السعف للنار....
ولم ينسى المصمم تزيين الدينار بالفلاحة لبيان الجهد والإجتهاد والعمل والمثابرة. ولعل هذا التصميم تذكير الإخوة العراقيين بالشموخ والعزة في وجة الظروف الصعبة التي مرت وتمر بها البلاد نسأل الله لهم التوفيق ولكل الأمة العربية والإسلامية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك