الكواليس
وفاء جناحي
waffajanahi@gmail.com
ماذا عن عقوق الآباء؟
ماذا عن عقوق الآباء؟ سؤال حيرني وجعلني في حالة من التشتت والهذيان منذ البارحة، بصراحة (صادني أم الديفان)، من المرات القليلة التي ينربط فيها لساني ولا أستطيع أن أرد، بل وأنظر الى صاحبة السؤال كأنني (مسبهه) في حالة من الضياع!
ليش؟ واشلون؟ وكيف تسألينني هذا السؤال فلا يوجد أي شك في حب الأم لأبنائها؟ هذا كان أول رد لصديقتي على سؤالها الانفجاري الصادم، ولكنها قالت بكل هدوء:
أمي التي يقول الدين عنها أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك، تركتني وأختي الأصغر مني وأنا في سن السابعة مع والدي لتتزوج من آخر أحبته وهي متزوجة من أبي ولم تخجل أبدا أن تصارح والدي وتطلب منه الطلاق، وكان هذا أول (طراق) حقيقي أو صفعة أخذتها من ست الحبايب، أما ثاني صفعة فكانت حينما تخلت عنا (طفلتاها الصغار) نهائيا ورفضت أن تستقبلنا في بيتها لأنها تريد أن تتفرغ لزوجها وحياتها الجديدة، وكنا نراها في الأعياد والمناسبات في بيت جدي أو خالتي، بنتان صغيرتان مع أب مشغول في عمل يتطلب أن يتواجد فيه من الصباح حتى المساء، لذلك اضطر أن يضعني مع جدتي ويضع أختي الصغيرة في رعاية خالتي بمعنى أننا تشتتنا قليلا في البداية، وأمّنا حية تؤسس حياة جديدة لم تفكر ولو للحظة في مصير بناتها!
نظرت إليّ ورأتني في حالة من الاستغراب و(السبهللة) فابتسمت بحرقة وقالت: لحظة لا تستغربي فمازالت القصة في بدايتها، رب العالمين عوضنا عن قسوة أمنا بوالد فيه كل حنان وطيبة العالم، لكنه مع الأسف الشديد مشغول في عمله، حاول أن يعوضنا بكل استطاعته بتوفير كافة طلباتنا، لكننا لم نعرف أبدا أنا واختي معنى العائلة أو حب الأم التي بعد أن أسست عائلة ثانية وبعد وفاة زوجها تفرغت لأولادها واعتبرتنا بنات الجيران اللاتي تخلت عن مسؤوليتهما وهم صغار وكأنها قطعت صلة الأمومة بيننا وأصبحنا نزورها كواحدة من الخالات، لم تطلب منا أبدا أن نعيش معها ولو حتى بالمجاملة!!
وقالت صديقتي الجميلة الكثير من التفاصيل التي لا أستطيع أن أسردها في مقال وواحد ولكنني سأختصر لأبين كم هي قاسية عقوق الآباء.
تعرضت حياتي للكثير من المشاكل ولكنني أصبحت امرأة قوية وناجحة وعرفت كيف أحافظ على نفسي وعلى أختي الصغيرة، ولكن أصعب موقف تعرضت له ويجعلني أنام كل ليلة وأسأل نفس السؤال يا رب ماذا عن عقول الأم؟ وكيف أستطيع أن أسامحها؟
تعرضت لأزمة صحية شديدة جدا وكدت أن أفقد فيها حياتي فهل حنّ قلب أمي التي يقول الدين إن تحت قدميها الجنة؟ (لم أستطع أن أوقف دمعتي من النزول)، لأنني لم أكن أتصور أن تسمع أي أم عن مرض ابنتها حشاشة يوفها ولا تنهار، ولكن هذه الأم لم تحن ولم تقف مع ابنتها ولم تشعر بمعاناتها بل لم تكن تزورها لا في المستشفى ولا عندما انتقلت إلى بيت خالتها إلا كالأغراب بل اهتمامها كان اقل من الأغراب، ولولا حنان والدها الطيب وخالتها وصديقاتها لانهارت من الحزن والألم!
فهل تستحق هذه الأم أي نوع من العطف أو السماح؟
تقول صديقتي هي في النهاية أمي التي ربت إخواني أن يصبحوا قساة مثلها، أحاول أن أبرها وأتواصل معها ولكن قلبي لم ولن يصفى أبدا لأنني لم ولا أشعر إلى الآن بأي نوع من الحب والحنان من ناحيتها لي.
الدين والمجتمع والإنسانية كلها تستنكر عقوق الأبناء لآبائهم، ولكن فعلا ماذا عن عقوق الآباء؟ وكيف نطلب من إنسانة فقدت كل الحنان والحب أن تسامح إنسانة قاسية وشريرة لمجرد أنها أمها؟ فالأم نبع الحنان ليست من أنجبت فقط، بل من ربت وعلمت وسهرت الليالي!
ما رأيكم هل تستحق هذه الأم المسامحة؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك