مطالبات بعودة دور قاضي التنفيذ.. وجعل المنفذ الخاص اختياريا
جعفر الدرازي يشيد بدور «أخبار الخليج» في نشر الوعي الثقافي والاجتماعي
ندوة مركز عبدالرحمن كانو الثقافي عشية يوم أمس الخميس كانت فرصة لطرح أحد الموضوعات المهمة التي تشغل الشارع البحريني في الفترة الأخيرة، وهي قانون التنفيذ الجديد، حيث كان اللقاء الذي أداره الأستاذ جعفر الدرازي فرصة مهمة لعدد من المحامين والقانونيين لطرح ملاحظاتهم حول القانون الذي مضى حوالي عام على تطبيقه، ولكن مازال يواجه العديد من الصعوبات في التطبيق.
في بداية اللقاء حرص جعفر الدرازي على الإشادة بحرص «أخبار الخليج» على تغطية هذه الفعالية، منوها بدور الأستاذ أنور عبدالرحمن رئيس تحرير الجريدة على ما يقدمه من دعم للنشاط الثقافي والاجتماعي، باعتباره من الشخصيات الثرية التي تدعم الحراك الثقافي في مملكة البحرين، مشيدا بالدور التوعوي والتنويري الذي تلعبه الجريدة في هذا الشأن من خلال افساح المجال لتغطية الندوات واللقاءات الثقافية المختلفة.
وأكد الدرازي أهمية شرح قانون التنفيذ الجديد ليس من ناحية الإجراءات فحسب، لأن هذا القانون له تأثيرات اقتصادية واجتماعية عديدة، حيث أن تنفيذ الأحكام يعزز من السمعة الاقتصادية للمملكة، كما أنه يؤثر اجتماعيا من ناحية المتعثرين، لافتا إلى أن الندوة تستهدف نشر التوعية بين المواطنين والمقيمين حول إجراءات التنفيذ.
«خضة» قانون التنفيذ
بدوره قال المحامي عبدالشملاوي إننا في الماضي كنا نقول على التنفيذ أنه «مقبرة الأحكام»، لافتا إلى ان قانون التنفيذ الجديد صدر قبل عام تقريبا، موضحا أن قاضي التنفيذ هو الذي ينفذ السند التنفيذي للأحكام القضائية.
وأضاف أن قانون التنفيذ الساري حاليا أدى إلى حدوث ما وصفه بـ«الخضة» في النطاق الاجتماعي والاقتصادي والقانوني لتطبيقه، حيث لم يكن هناك تقديم له، وزعم أنه لم يتم استشارة الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية سواء غرفة التجارة أو جمعية المحامين بشأنه، حتى أنه صدر كمرسوم بقانون ولم يكن موضع نقاش داخل السلطة التشريعية.
وأشار الشملاوي إلى أنه لا يوجد بارقة أمل أن يتقدم النواب بمقترح بقانون لمعالجة الملاحظات التي أثيرت على هذا القانون، موضحا أن القانون يؤخذ عليه عدد من النواقص التي يجب اكمالها.
وقال إن التواصل الالكتروني في العمل القضائي بدأ قبل 4 سنوات تقريبا، وجاءت جائحة كورونا وأدت إلى حجب القضاة عن المتقاضين والمحامين نهائيا، ولم يعد هناك أي تواصل بين قاضي التنفيذ والمتقاضين نهائيا، وهذا ليس في مصلحة العملية القضائية.
وأضاف الشملاوي أن القانون الجديد وما تبعه من قرارات وزارية جاء بأنظمة جديدة، ومنها أن يخطر الدائن المدين بعد أن يقيم الدعوى بأنه بصدد التنفيذ عليه، وأن يكون الاخطار بالبريد المسجل بعلم الوصول، ولكن جاء قرار وزاري خالف النص، بأن يتم اخطار المدين بإحدى الوسائل الالكترونية، لكنه منع المنفذ له أن يخطر المحكمة الكترونيا بأنه أبلغ المدين بضرورة التنفيذ، حيث بات المنفذ له ملزما بملء استمارة الكترونية ويسدد رسم دينارين بذلك، وهو أمر يخالف القانون.
وأشار الى أن قانون التنفيذ الجديد خلا من منح السلطة التنفيذية حق فرض الرسوم الإدارية في هذه الجزئية، ولذلك هناك عدم مشروعية لهذه الرسوم، وكذلك تلزم القرارات بفتح ملف التنفيذ مقابل 4 دنانير، وإذا أغلق ملف التنفيذ لأي سبب لا يتم استرداد هذا الرسم.
وتطرق الشملاوي إلى أن حجب القاضي عن المتقاضين أدى إلى وجود فجوة وبالتالي لن يكون هناك مجال للطعن على القرارات التي يتخذها الكادر الوظيفي، ومنها الغاء الحجوزات، كما تناول الشملاوي إجراءات الإفصاح التي تلزم المنفذ ضده بأن يفصح عن حقوقه الموجودة والمتوقعة وديونه الموجودة ويصبح تحت طائلة العقاب الذي يصل إلى الحبس عامين والغرامة التي تصل إلى 100 ألف دينار.
وأشار إلى إلغاء القبض والحبس في قضايا الديون، وذلك نتيجة انضمام البحرين للعهد الدولي الثاني للحقوق المدنية والاقتصادية الذي يمنع حبس المدين.
وشدد الشملاوي على ضرورة توفير العدالة المجانية، لكن من باب المتطلبات العملية باتت الرسوم تفرض لضمان جدية المدعي ولمنع الكيدية، ولكن الرسوم في البحرين عالية، سواء الرسوم القضائية أو رسوم الخبراء، وبعد سداد هذه الرسوم يفاجأ المحكوم لصالحه بأن الدولة تخلت عن تنفيذ الأحكام القضائية وتسندها للمنفذ الخاص.
وأشار إلى أهمية أن تكون مسألة المنفذ الخاص اختيارية، وكان ينبغي أن تعطى لوزير العدل سلطة تأجيل الرسوم أو الاعفاء منها، وكذلك دفع تكاليف التنفيذ مسبقا يعد أمرا باهظا على المنفذ له.
واستعرض الشملاوي الغرامة التهديدية التي استحدثها القانون في حالة التنفيذ بتسليم عين، حيث إذا امتنع المنفذ ضده بتسليم شيء أو عين يجوز لطالب التنفيذ أن يطلب من قاضي التنفيذ فرض غرامة تهديدية متصاعدة طالما تعنت المنفذ ضده في التنفيذ، متسائلا عن مصير الغرامة التهديدية هل تصير الغرامة إلى الخزانة العامة أو أن تصير إلى المنفذ له نظير تعنت المدين، أم أنها تبقى في مصلحة التنفيذ؟، واصفا الغرامة التهديدية بأنه ليس لها أب.
وتطرق إلى أن القانون استحدث التأشير على السجلات الائتمانية كنوع من المحاصرة للمدين.
وأشار الشملاوي إلى أن جمعية المحامين لم تتوقف مساعيها لتوضيح الغامض من نصوص قانون التنفيذ، وعدم التوسع في اصدار القرارات التنفيذية إلا إذا أعطى القانون للجهة الإدارية التفويض التشريعي اللازم لذلك، موضحا أن هناك قرارات خالفت هذا التفويض.
وحول المنفذ الخاص، أوضح المحامي عبدالله الشملاوي أن هناك توجها عالميا للخصخصة، ولكننا نؤكد على ضرورة أن تكون المسألة اختيارية، وأن يعطى وزير العدل حق ارجاء سداد رسوم التنفيذ لحين تحصيل المبالغ المنفذة، لأن الدفع المقدم سوف يدفع الناس إلى عدم اللجوء إلى القضاء.
المنفذ الخاص وسلطان الدولة القضائي
من جانبه قال د. محمد سعيد الرحو أستاذ قانون التنفيذ السابق بجامعة البحرين، إن قانون التنفيذ الجديد جاء بنصوص وقواعد غريبة بعضها غير قابل للتطبيق، مشيرا إلى أن المنفذين الخاصين لا يستطيعون أن يمثلوا سلطان الدولة القضائي لإلزام المدين بأداء الدين، مؤكدا أن قاضي التنفيذ لا يجوز أن يحل محل الدائن في اتخاذ قرارات الحجز من دون طلب الدائن.
بدورها تحدثت المحامية زهراء الوطني قائلة إن قانون التنفيذ الجديد به كثير من العيوب وبات من الصعب تنفيذ الكثير من الأحكام، خاصة مع إلغاء مسألة القبض التي كانت الوسيلة الضاغطة الوحيدة لتحصيل أموال المنفذ له.
وأضافت أن المنع من السفر أصبح مجزءا لمدة سنة كحد أقصى، والذي يمكن من خلالها المدين الأجنبي للفرار خارج البلاد، متسائلة عن تحديد مبلغ 400 دينار كحد أدنى لا يجوز الحجز عليها، معتبرة أنها معضلة كبيرة.
رفع الوعي القانوني
وأكد المحامي علي البحار أهمية رفع الوعي القانوني في المجتمع حتى لا يكون تكاسل بين الأفراد في تنفيذ الأحكام، مضيفا أن حق التقاضي يجب أن يكون مكفولا للجميع، ويجب ألا تكون الرسوم مرهقة بما يمنع الفرد من استخدام هذا الحق.
التنافسية
وأشار إلى أنه عندما تكون رسوم المنفذ الخاص مرهقة يصبح هناك اعتداء على حق التقاضي، لافتا إلى أن ارتفاع اتعاب المنفذ الخاص تعود إلى جشع الزملاء الذين يمارسون هذه المهنة، ويجب أن يكون هناك تنظيم قانوني لتحديد مقدار اتعاب المنفذ الخاص، أو افساح مجال أوسع لممارسة هذه المهنة حتى تكون هناك تنافسية عادلة.
وأضاف البحار أنه عند خصخصة خدمة معينة من خدمات وزارة العدل يجب أن تكون هناك تنافسية حتى لا يصير هناك احتكار.
وشدد على أن التنفيذ موضوع شائك لا يمكن النظر إليه من منظور الدائن فقط، لأن ليس كل مدين مجرم، مشيرا إلى أنه بات من الصعب الوصول إلى تسوية بين الدائن والمدين في ظل القانون الحالي، لأن أغلب الدائنين يتعسفون في استخدام حقوقهم، وهناك مدين متعثر وآخر مماطل، ويجب أن يكون هناك دور مجتمعي في نشر الوعي والثقافة بالحلول والتسويات والوساطات بين الأفراد حتى لا يكون هناك طرف متعسف وآخر متعنت، حتى لا نصل إلى زيادة في عدد المتعثرين والمفلسين، ويجب إعادة دور القاضي في مجال التنفيذ.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك