عن ابن عمر (رضي الله عنهما) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وحج البيت، وصوم رمضان» متفق عليه.
فهل الإسلام كله فقط هذه الخمس، أم أن الخمس هي الأسس التي قام عليها الإسلام أما الإسلام فهو: العقيدة، والشريعة، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق، أي أن الإسلام هو جامع مانع يبدأ بالعقيدة الصافية النقية، وينتهي بالأخلاق الجامعة لكل الفضائل.
إذًا، فهذه الأسس الخمسة التي قام عليها الإسلام، وثبتت بها أركانه هي غير الإسلام، ولها صفة الدوام والاستمرار لكنها ليست أركان المسلم على الدوام إذ هي تتراوح في المسلم وجودًا وعدمًا، وتتغير تبعا لتغير أحوال المسلم، وهذه من أَجَلَّ النعم التي أنعم الله تعالى على عباده.
فالمسلم حين يكون في كمال صحته، وتمام قدرته واستقراره يؤدي هذه الأركان بكمالها وبدوامها لكن حين تتغير أحوال المسلم، فيضعف من بعد قدرة، ويمرض بعد صحة، فإن أداءه لهذه التكاليف وشروطها تتبدل وتتغير، وحين نستعرض هذه التكاليف نجد أنها في أغلبها إن لم يكن كلها مشروطة بشروط لابد من توافرها في المسلم حتى يكون ملزمًا بأدائها كاملة، وسوف نستعرض ذلك، ونرجئ حديثنا عن الصلاة، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، إلى حين.
التوحيد هو الركن الأولى والأساس من أركان الإسلام لا تصح العقيدة إلا به، ولا تقبل العبادات، وكل التكاليف إلا وفق تعاليمه وشروطه، والمسلم إما أن يولد مسلمًا، أو ينطق بالشهادة مرة في حياته للدخول في الإسلام قد يكررها في صلواته وفي كل العبادات لكنه بمجرد أن ينطق بها ينتقل من الكفر إلى الإيمان.
أما الركن الثالث، وهو الزكاة، فلها شروط لابد من توافرها في. المسلم حتى تصح عند أدائها، وأول هذه الشروط أن يبقى المال عند صاحبه سنة كاملة لا يحتاج إليه، ويبلغ النصاب، عند تحقق هذه الشروط يخرج المسلم 25% أي ربع العشر، هذا في الأموال السائلة أما في الأموال غير السائلة، فكل بحسبه مثل زكاة الزروع والأنعام التي يمتلكها المسلم للمتاجرة بها والمسلم يدفع زكاتها عند بيعها، وهذه الزكوات يدفعا المزكي إلى أصحاب الحقوق الذين ذكرتهم آية الصدقات الذين ورد ذكرهم على التخصيص في سورة التوبة في قوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) التوبة / 60.
وفي المال حق آخر غير الزكاة نجده في قوله تعالى: (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) الذاريات / 19. وهذا دليل من قال إن في المال حقا غير الزكاة يحق لولي الأمر أن يأخذه من الأغنياء.
أما الركن الرابع، فهو الصيام، وهذا الركن له شروطه التي لابد من توافرها، وهو فريضة على المسلم البالغ العاقل الخالي من الأعذار الشرعية المانعة للصيام، ومن هذه الأعذار: المرض والكبر والسفر، فإذا انتفت هذه الأعذار، فصار المسافر مقيمًا، والمريض صحيحًا، والعاجز قادرًا وجب الصوم على المسلم تحقيقًا لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (183) أيامًا معدودات فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرًا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون (184)) البقرة.
ونأتي الآن إلى الركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج، فالحج هو الركن الوحيد الذي اشترط فيه المشرع الحكيم الاستطاعة، قال تعالى: (.. ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) آل عمران / 97.
ولقد بَيَّنت السُنَّة المطهرة معنى الاستطاعة بأن لها شروطا ثلاثة وهي: صحة البدن، وأمن الطريق، والقدرة المالية لحجه ولمن يعول، فإذا غاب شرط من هذه الشروط فليس عليه الحج حتى تتيسر له أسبابه وشروطه، وهذه رحمة من الله تعالى لعباده المؤمنين، ولصعوبة توفر هذه الشروط مجتمعة في كل عام فرض الله تعالى الحج على العبد مرة واحدة في العمر حتى لا يُحمِلْ عباده ما لا يطيقونه.
والآن جاء دور الحديث عن الركن الثاني من أركان الإسلام وهو الصلاة التي أجلنا الحديث عنها مع أنها أولى بالتقديم من غيرها بعد الركن الأول، وهو التوحيد.
الصلاة هي عمود الإسلام من أقامها فقد أقام الإسلام، ومن هدمها فقد هدم الإسلام، وهي عبادة يستديم بها العبد صلته بالله تعالى، وهي معراج المسلم في اليوم سبع عشرة مرة، ونحقق من خلال الفاتحة التي هي عمود الصلاة، ولا تصح الصلاة إلا بها، نجدد بها الولاء والانتماء للإسلام ولأمة الإسلام، لهذا نجد البعد الاجتماعي في الصلاة واضحًا، فنحن حتى عندما نصلي فرادى في البيت أو المصنع أو المتجر لا نقول إياك أعبد وإياك أستعين، بل نحافظ على الحس والبعد الاجتماعي فنقول: (إياك نعبد وإياك نستعين) الفاتحة / 5. لعل في جموع المصلين من هو عند الله مقبول الرجاء، مستجاب الدعاء، فتعم البركة جميع المصلين في مشارق الأرض ومغاربها، وهذا من عظمة الإسلام، وعظمة من ينتمون إليه، ولأن وحدة الأمة الإسلامية نابعة من التوحيد، يقول تعالى: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) الأنبياء / 92.
إذًا، فالمسلم يعيش في صحوه ومنامه في حصن الله تعالى، وفِي صحبة قرآنه، فهو دائم التذكر لحقوق الله تعالى عليه، بل هو في عروج دائم وهو واقف بين يدي خالقه سبحانه وتعالى في الليل والنهار، يوحده ويستعين بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا.
ونجمل الآن حديثنا عن الأركان في أن كل عبادة لها غاية تنتهي، فغاية التوحيد الاقرار بربوبية الله تعالى وبألوهيته جل جلاله، والإقرار برسالة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وسلم)، وغاية الصلاة أنها تنهي عن الفحشاء والمنكر، وغاية الزكاة تطهير النفس والمال، وسل الحقد والحسد من الصدور، وغاية الصوم أن يحقق التقوى للصائمين، وغاية الحج أن يسلم المسلم من الرفث والفسوق والجدال في الحج.
هذه هي الأركان، وهذه هي غاياتها، وهذه هي السبل الموصلة إليها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك