من القضايا والانشغالات المالية الإسلامية المهمة التي أثارها للنقاش سعادة الأستاذ رشيد المعراج محافظ مصرف البحرين المركزي والتي تتطلب وقفة تحليلية معمقة، وذلك في كلمته بافتتاح مؤتمر هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي) للهيئات الشرعية السنوي الحادي والعشرين الذي عقد في مملكة البحرين في المدة7-8/ مايو/2023، موضوع التوسع بالاستخدام «غير الضروري وغير المبرر لمبدأ الضرورة في السماح لهياكل المنتجات المشكوك فيها عبر صناعة التمويل الإسلامي». ومن منصة المؤتمر دعا أصحاب الفضيلة من العلماء والأكاديميين والمتخصصين في قضايا التمويل الإسلامي والمشاركين في المؤتمر إلى تقديم مرئياتهم عبر إيضاحات أكثر تفصيلا حول الموضوع، وبيان «ما يجب وما لا يجب في مبدأ الضرورة، بما في ذلك وضع إطار زمني يجب بعده انتهاء صلاحية الموافقات الصادرة لبعض المنتجات أو إعادة النظر فيها».
هذه الملاحظة المهمة لسعادة المحافظ جاءت لتعزز من موثوقية امتثال جميع المنتجات المالية المعتمدة في المصارف الإسلامية لمبادئ الشريعة، لاسيما المنتجات الجديدة التي واكبت وأعقبت التطورات المالية والتقنية الناجمة عن الثورة الصناعية الرابعة، وانتشار الأصول الرقمية والافتراضية.
وقد ناقش المؤتمر على مدى ست جلسات عمل مجموعة من الأوراق والدراسات القيمة، ساهم في مناقشتها نحو (35) متحدثا. فقد تضمنت جلسة الحوار الأولى مناقشة مستفيضة للتطور التشريعي في الصناعة المالية الإسلامية شارك فيها كل من فضيلة الشيخ ياسر بن عبدالعزيز المرشدي، وفضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف بن محمود آل محمود، وفضيلة الشيخ الدكتور محمد أديب الكيلاني، وفضيلة الدكتور رامي سليمان إبراهيم. وقد أوضح المتحدثون كيف أسهمت تلكم التشريعات في بلورة وإنضاج القواعد الفكرية والتطبيقية للصناعة المالية الإسلامية وأبرزت خصوصيتها النابعة من الشريعة الإسلامية.
وقدمت في الجلسة الثانية ورقتين حملتا عنوان: «أحكام وأثار شرط الالتزام بالتصدق عند المماطلة في سداد الدين، الأولى لفضيلة الدكتور سالم آل علي، والتي أوضحت أن أهمية موضوع الورقة تنبع من ارتباط شرط الالتزام بالتصدق بموضوع الربا، مما يتطلب الدقة في معالجته. كما يرتبط أيضا بنزاهة المؤسسات، خاصة وأن أموال التصدق ليست أموالا للمؤسسة. وبالتالي فإن التعمق في دراسة هذا الموضوع تسهم في سد الفجوة بين الممارسات المتعلقة بشرط الالتزام بالتصدق والتأصيل الشرعي لها وبما يبعث المزيد من الاطمئنان لتحقيق الامتثال الشرعي وقد قسمت الورقة البحثية على مقدمة وثلاثة مباحث، وخاتمة، تطرق المبحث الأول إلى الجانب النظري لشرط الالتزام بالتصدق، وتناول المبحث الثاني الجوانب التطبيقية لشرط الالتزام بالتصدق، وأوضح المبحث الثالث الأحكام الفقهية لشرط الالتزام بالتصدق.
فيما تناولت ورقة فضيلة الدكتور عبدالعزيز بن صالح الدميجي مجموعة من المحاور منها حقيقة شرط الالتزام بالتصدق، والمماطلة، والدين. والتسلسل التاريخي لشرط الالتزام بالتصدق. وحكم شرط الالتزام بالتصدق. وضوابط شرط الالتزام بالتصدق. والصياغة المعبرة عنه، والصياغة التي تعتد بها المحاكم. والإعفاء من شرط الالتزام بالتصدق، وغيرها من المحاور ذات الأهمية الكبيرة في موضوع شرط الالتزام بالتصدق.
أما الجلسة الثالثة فقد تضمنت مناقشة ورقتين واحدة بعنوان: «أحكام وضوابط استحواذ بنك تقليدي على بنك إسلامي»، قدمها الأستاذ الدكتور عصام خلف العنزي، مستعرضا في مدخل ورقته مراحل العمل المصرفي بدءا من إنشاء بنوك تقليدية فقط، ثم إنشاء البنوك الاسلامية ثم فتح البنوك التقليدية لنوافذ إسلامية، ثم تحول البنوك التقليدية إلى بنوك إسلامية ثم استحواذ البنوك التقليدية على بنو ك إسلامية، ثم اندماج البنك الإسلامي مع البنك التقليدي وتحويل أعماله وفق أحكام الشريعة الإسلامية، ومن هذا المنطلق جاءت ورقة الدكتور العنزي لدراسة أحكام وضوابط استحواذ بنك تقليدي على بنك إسلامي. وتضمنت الورقة عدة محاور منها: أسباب استحواذ البنك التقليدي على بنك إسلامي، الفارق بين استحواذ البنك التقليدي على بنك إسلامي وإنشاء نافذة إسلامية أو شركة تمويل، حكم استحواذ البنك التقليدي على بنك إسلامي، الأعمال المشتركة للبنكين بعد الاستحواذ، دمج الأقسام المشتركة بعد الاستحواذ، المعالجة المحاسبية لاستحواذ البنك التقليدي على البنك الإسلامي. والورقة الثانية بعنوان «مسيرة تحولية لبنك فيصل باكستان إلى الصيرفة الإسلامية قدمها الدكتور خليل الأعظمي. وقد استعرض فيها تجربة المصرف للتحول من بنك ربوي إلى بنك إسلامي. وللموضوع بقية في مقال آخر إن شاء الله».
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك