العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أضواء على مؤتمر «أيــوفـي» للـهـيئـات الـشرعـية(3)

بقلم: د. أسعد حمود السعدون

الخميس ١٨ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

ناقش‭ ‬مؤتمر‭ ‬هيئة‭ ‬المحاسبة‭ ‬والمراجعة‭ ‬للمؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬الإسلامية‭ (‬أيوفي‭)  ‬للهيئات‭ ‬الشرعية‭ ‬السنوي‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬المدة‭ ‬7‭-‬8‭/ ‬مايو‭/‬2023‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ست‭ ‬جلسات‭ ‬عمل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬والدراسات‭ ‬القيمة،‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬بحق‭ ‬انشغالات‭ ‬مهمة‭ ‬للصيرفة‭ ‬الإسلامية‭ ‬تتطلب‭ ‬الإجابة‭ ‬الواضحة‭ ‬ليس‭ ‬لعموم‭ ‬المسلمين‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬للمختصين‭ ‬والمهتمين‭ ‬بها‭.  ‬فقد‭ ‬تناولت‭ ‬الجلسة‭ ‬الرابعة‭ ‬للمؤتمر‭ ‬نقاشا‭ ‬موسعا‭ ‬لموضوعة‭ ‬الأصول‭ ‬الرقمية‭ ‬والعملات‭ ‬المشفرة‭ ‬وموقف‭ ‬المصرفية‭ ‬الإسلامية‭ ‬منها‭. ‬حيث‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬نقاشا‭ ‬متعدد‭ ‬الأوجه‭ ‬بين‭ ‬علماء‭ ‬الشريعة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مدى‭ ‬امتثالها‭ ‬لمتطلبات‭ ‬الشريعة،‭ ‬ومستوى‭ ‬المخاطر‭ ‬واللايقين‭ ‬الذي‭ ‬يحيط‭ ‬بالتعامل‭ ‬فيها،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬والمستثمرين‭ ‬المسلمين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬يعتقدون‭ ‬بجاذبيتها‭ ‬الاستثمارية‭ ‬وبضرورة‭ ‬مواءمتها‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬الشريعة‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر،‭ ‬مسايرة‭ ‬ومواكبة‭ ‬للتطورات‭ ‬المالية‭ ‬والنقدية‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭. ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬الصناعة‭ ‬المالية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬ظهور‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المنصات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬تسمية‭ ‬الإسلامية‭ ‬لتبادل‭ ‬الأصول‭ ‬الرقمية‭ ‬المشفرة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬الجلسة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الموضوع‭ ‬يتطلب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬والبحث‭ ‬والتحليل‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬تصور‭ ‬واضح‭ ‬ومحدد‭.‬

أما‭ ‬الجلسة‭ ‬الخامسة‭ ‬من‭ ‬المؤتمر‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬عنوان‭ ‬ضوابط‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬أرباح‭ ‬حسابات‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬البنوك‭ ‬الاسلامية،‭ ‬‮«‬وهو‭ ‬الموضوع‭ ‬الذي‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬أهميته‭ ‬سعادة‭ ‬الأستاذ‭ ‬رشيد‭ ‬المعراج‭  ‬محافظ‭ ‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬بافتتاح‭ ‬المؤتمر‭ ‬وأشرنا‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬الحلقة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬مقالنا‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬تضمنت‭ ‬مناقشة‭ ‬ورقتين‭ ‬الأولى‭ ‬لفضيلة‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬القري،‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬أن‭ ‬مبادئ‭ ‬توزيع‭ ‬الأرباح‭ ‬في‭ ‬البنوك‭ ‬الإسلامية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬المراجعة‭ ‬والتحسين‭ ‬والعناية‭ ‬بجانب‭ ‬العدالة‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬مضى‮»‬،‭ ‬وأفصح‭ ‬عن‭ ‬دراسة‭ ‬حديثة‭ ‬تضمنت‭ ‬استطلاعا‭ ‬لرأي‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬الإدارات‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المصارف‭ ‬الإسلامية‭ ‬وجدت‭ ‬‮«‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬استطلاع‭ ‬الرأي‭ ‬بشأن‭ ‬توزيع‭ ‬الأرباح‭ ‬لا‭ ‬يرون‭ ‬طريقة‭ ‬التوزيع‭ ‬تتسم‭ ‬بالشفافية‭ ‬ولا‭ ‬بالعدالة،‭ ‬وأن‭ ‬المصرف‭ ‬يرجح‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬التوزيع‭ ‬تحقيق‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الربح‭ ‬للمصرف‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬التوزيع‮»‬‭. ‬وهذه‭ ‬الاستنتاجات‭ ‬تذكرني‭ ‬بما‭ ‬توصلت‭ ‬إليه‭ ‬رسالة‭ ‬ماجستير‭ ‬في‭ ‬المصارف‭ ‬الإسلامية‭ ‬كنت‭ ‬رئيسا‭ ‬للجنة‭ ‬مناقشتها‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬جامعاتنا‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬توصلت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دراسة‭ ‬عينة‭ ‬من‭ ‬معاملات‭ ‬المصارف‭ ‬الإسلامية‭ ‬ومقارنتها‭ ‬مع‭ ‬معاملات‭ ‬مشابهة‭ ‬لبنوك‭ ‬تقليدية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ربحية‭ ‬المصرف‭ ‬الإسلامي‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬ربحية‭ ‬البنك‭ ‬التقليدي‭ ‬للمعاملة‭ ‬الواحدة،‭ ‬للعدد‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬العينة‭. ‬وجميع‭ ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬موضع‭ ‬تساؤل‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬انسجامها‭ ‬مع‭ ‬روح‭ ‬ومقاصد‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭. ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يفترض‭ ‬التوصل‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬استنتاجات‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬المصارف‭ ‬الإسلامية‭ ‬تحقق‭ ‬أرباحا‭ ‬إجمالية‭ ‬سنوية‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬البنوك‭ ‬التقليدية‭ ‬وهذا‭ ‬ناجم‭ ‬عن‭ ‬إقبال‭ ‬العملاء‭ ‬على‭ ‬منتجاتها‭ ‬ومعاملاتها‭ ‬التي‭ ‬تخضع‭ ‬للشريعة‭ ‬شكلا‭ ‬ومضمونا‭.‬

أما‭ ‬الورقة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬نوقشت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجلسة‭ ‬فكانت‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬توزيع‭ ‬أرباح‭ ‬حسابات‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬البنوك‭ ‬الإسلامية‭: ‬ضوابط‭ ‬مقترحة‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدالة‮»‬‭ ‬أعدها‭ ‬فضيلة‭ ‬الأستاذ‭ ‬الدكتور‭ ‬أشرف‭ ‬محمد‭ ‬هاشم،‭ ‬وفضيلة‭ ‬الدكتور‭ ‬فارس‭ ‬جعفري‭ ‬،‭ ‬وتضمنت‭ ‬مقدمة‭ ‬وخمسة‭ ‬مطالب،‭ ‬الأول‭ ‬بعنوان‭ : ‬مصادر‭ ‬الأموال‭ ‬في‭ ‬البنوك‭ ‬الإسلامية،‭ ‬والثاني‭ ‬بعنوان‭: ‬آلية‭ ‬حساب‭ ‬وتوزيع‭ ‬الأرباح‭ ‬في‭ ‬البنوك‭ ‬الإسلامية،‭ ‬والثالث‭ ‬بعنوان‭: ‬تكوين‭ ‬الاحتياطات‭ ‬والمخصصات‭ ‬في‭ ‬الوعاء‭ ‬الاستثماري،‭ ‬والمطلب‭ ‬الرابع‭ ‬بعنوان‭: ‬بدائل‭ ‬مقترحة‭ ‬لحسابات‭ ‬الاستثمار،‭ ‬والمطلب‭ ‬الخامس‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬مقترحات‭ ‬لضوابط‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬أرباح‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬البنوك‭ ‬الإسلامية‮»‬‭. ‬وأخيرا‭ ‬الخاتمة،‭ ‬التي‭ ‬أوضح‭ ‬فيها‭ ‬الباحثان‭ ‬ما‭ ‬توصل‭ ‬إليه‭ ‬البحث‭ ‬بالقول‮»‬‭ ‬إن‭ ‬الأصل‭ ‬في‭ ‬الأرباح‭ ‬أنها‭ ‬توزع‭ ‬بحسب‭ ‬الحصص‭ ‬أو‭ ‬بحسب‭ ‬الاتفاق،‭ ‬وجواز‭ ‬اعتماد‭ ‬احتياطي‭ ‬معدل‭ ‬الربح‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إدارة‭ ‬المخاطر‭ ‬التجارية‭ ‬المنقولة،‭ ‬وعليه‭ ‬فالأصل‭ ‬في‭ ‬اعتماد‭ ‬احتياطي‭ ‬معدل‭ ‬الربح‭ ‬أنه‭ ‬إجراء‭ ‬مرحلي‭ ‬لرفع‭ ‬الضيق‭ ‬والحرج‭ ‬على‭ ‬البنك‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتقديم‭ ‬عائد‭ ‬قابل‭ ‬للمنافسة‭ ‬مع‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬التقليدية،‭ ‬وعلى‭ ‬أساس‭ ‬الحاجة‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬تنزل‭ ‬منزلة‭ ‬الضرورة‭. ‬ومتى‭ ‬ما‭ ‬نضجت‭ ‬الصناعة‭ ‬المالية‭ ‬الإسلامية‭ ‬يمكن‭ ‬إلغاء‭ ‬اعتماد‭ ‬احتياطي‭ ‬معدل‭ ‬الربح‭ ‬واحتياطي‭ ‬مخاطر‭ ‬الاستثمار،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الامتثال‭ ‬الشرعي‭ ‬لمبادئ‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬القاعدة‭ ‬الفقهية‭ (‬الغرم‭ ‬بالغنم‭ ‬والخراج‭ ‬بالضمان‭). ‬وقدم‭ ‬الباحثان‭ ‬عدة‭ ‬بدائل‭ ‬لحساب‭ ‬الاستثمار‭ ‬كمنصة‭ ‬حساب‭ ‬الاستثمار‭ ‬الماليزية،‭ ‬وعرض‭ ‬ضوابط‭ ‬مقترحة‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتوزيع‭ ‬أرباح‭ ‬حسابات‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬البنوك‭ ‬الإسلامية‭. ‬ودعوا‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬والسلطات‭ ‬الإشرافية‭ ‬الأخرى‭ ‬إلى‭ ‬إصدار‭ ‬دليل‭ ‬إرشادي‭ ‬مختص‭ ‬يحدد‭ ‬طريقة‭ ‬تعامل‭ ‬المصرف‭ ‬بأمواله‭ ‬وأموال‭ ‬المودعين،‭ ‬وطريقة‭ ‬توزيع‭ ‬الأرباح‭ ‬محاسبيا،‭ ‬وبما‭ ‬يضمن‭ ‬حقوق‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬وفقا‭ ‬لمبادئ‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭.‬

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا