بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف نظمت جمعية تاريخ وآثار البحرين الأربعاء (18 مايو 2023) معرضا فنيا وورشة ومحاضرة النقوش الدلمونية للفنان والباحث البحريني المتخصص في مجال الأختام الدلمونية، محمود عبدالصاحب.
حضر الفعالية التي استمرت ليوم واحد فقط العديد من المختصين في الفن والأدب من البحرين والسعودية والكويت. وكانت الورشة تخصصية ناقشت التطورات التي صاحبت الخط المسماري بدءا من النقوش والرموز البدائية والصورية والرمزية حتى انتظمت في الخط المسماري بلغاته السومرية والآكدية وتواصلت المسيرة الإنسانية حتى كان خط المسند والنبطي إلى أن حطّ رحال الخط في الكتابة العربية.
ومارس المشاركون في الورشة التخصصية عملية الكتابة على الطين الطري في تسطير النقوش الدلمونية بواسطة القلم الخشبي الخاص لهذه النقوش البدائية .
وخلال محاضرة «فلسفة الوعي في رَمّزِيّةَ النقوشِ الدلمونية» تحدث الباحث عن النقوش الدلمونية التي لم ترتقي إلى كتابة منتظمة وإنما كانت رموزا عملية اتصالية محلية خاصة بثقافة دلمون وكانت بمثابة نقوش صورية ورمزية ساهمت في وضع الأسس العامة للخط المساري الذي مرّ بأدوار من الصورية والرمزية.
وقال عبدالصاحب إن النقوش الدلمونية كانت خاصة بمؤسسة المعبد ولبعض الشخوص المهمة. مشيرا إلى أن الختم الدلموني بمثابة التعريف لشخصية كل فرد يعلقه على صدره ويضعه في قبره عند مماته كرمز له وتحقيق لذاته.
وأوضح أن «المظاهر الفنية التي زخرت بها الأختام الدلمونية من تجريد وترميز ونقوشات تدل على الذوق الفني الرفيع في تنفيذ الأشكال على سطوح الأختام الصغيرة الحجم، فصانع الختم لم يعتمد كلياً على المدلولات الطبيعية بل جسّم ما رآه في الطبيعة».
وذكر الباحث أن النقوش الدلمونية رموز دلالية لنظام اتصال بدائي ترك مؤشرات على نظام من العلامات الرمزية التي تطورت في ثقافة دلمون في الألفية الثانية قبل الميلاد. حيث تظهر هذه النقوش كرموز اتصالية في الغالب على الفخار والأختام وبعض القطع البرونزية. وتطورت من الرموز الفردية على الفخار إلى تسلسلات أكثر تعقيداً على الأختام التي شكلت في النهاية كوسيلة نظام اتصال محلي في مجتمع دلمون.
وأضاف عبدالصاحب «كان لها - أيضا - دور طقسي تروي تاريخ ذاك الزمان الذي مضى بجانب التأثير الديني والإيعاز من مسئولية المعبد في أهمية إنتاج مثل هذه الأختام الهوية والتي بها مسوح دينية».
وأكد على أن تلك الأختام دلت على ترابط عقائدي داخلي في دلمون ورسمي للاستخدام ما بين السلطة والدولة والمعبد والمعتقد، في إشارة إلى مرتبة الألوهية التي كان يتمتع بها ملوك دلمون، مستدلا بالنص الوارد في حجر ديوراند المكتشف في المدافن الملكية بعالي في البحرين، والذي يعتبر الملك ريموم خادما للإله إنزاك ويحل محله ابنه إيغلي إيل.
وتابع الباحث «استوحت الأختام الدلمونية فكرتها من فلسفة الكون وبدء الخليقة لدى السومريين بحكم العلاقات القائمة المباشرة ومن خلال المدونات والنصوص الأدبية المسمارية السومرية والآكدية والشواهد الأثرية التاريخية للمدافن والتلال الدلمونية التي تعني إلى حضارة دلمون بجانب المعابد الفريدة الخاصة بهوية دلمون. وتتجلى بوضوح الركائز العقائدية لدى الدلمونيين في تقصى ومعرفة سر الوجود ككل وإبراز الحياة الكونية والإنسانية وهي بذاتها متمثلة في قوة عظمى وجدت هذا الكون الهائل واستخلفت الإنسان (إنكي) لإدارة وتعمير وحرث الأرض واستمرار الحياة والتواصل التاريخي وتهيئة الأرض وبخاصة أرض دلمون (الأقليم الخصب)».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك