العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

عبث الاحتلال.. وعبثية الاغتيال!

بقلم: د. أسعد عبد الرحمن

الأحد ٢١ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

منذ‭ ‬نشأتها،‭ ‬تبنت‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬سياسة‭ ‬اغتيال‭ ‬وتصفية‭ ‬القيادات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعربية‭ ‬التي‭ ‬رأت‭ ‬فيها‭ ‬تهديدا‭ ‬لمشروعها‭ ‬التوسعي‭ ‬الاستعماري‭/ ‬‮«‬الاستيطاني‮»‬‭/ ‬الإحلالي‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭. ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬عفوية‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام،‭ ‬إذ‭ ‬حظيت‭ ‬بتأييد‭ ‬كل‭ ‬رؤساء‭ ‬الحكومات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬فكرهم‭ ‬الأيديولوجي،‭ ‬وجميعهم‭ ‬من‭ ‬‮«‬المؤمنين‮»‬‭ ‬بأنها‭ ‬تأتي‭ ‬ضمن‭ ‬‮«‬احتياجات‭ ‬إسرائيل‭ ‬الأمنية‭!‬‮»‬‭.‬

إن‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬حلول،‭ ‬سواء‭ ‬تقنية‭ ‬أو‭ ‬عسكرية‭ ‬أو‭ ‬أمنية،‭ ‬لإدامة‭ ‬الاحتلال‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬عبثي‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يؤكده‭ ‬تاريخ‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وغيرها،‭ ‬فالشعوب‭ ‬ولادة‭.‬

كذلك‭ ‬التنظيمات‭ ‬الحيوية،‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬اغتيال‭ ‬القادة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬هو‭ ‬عمل‭ ‬عبثي‭ ‬أيضا‭. ‬وفي‭ ‬الماضي،‭ ‬اغتالت‭ ‬إسرائيل‭ ‬غسان‭ ‬كنفاني‭ ‬ومن‭ ‬بعده‭ ‬أبو‭ ‬علي‭ ‬مصطفى‭ ‬فهل‭ ‬انتهت‭ ‬الجبهة‭ ‬الشعبية‭ ‬لتحرير‭ ‬فلسطين؟‭!. ‬والحال‭ ‬هو‭ ‬ذاته‭ ‬مع‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬حيث‭ ‬اغتيل‭ ‬منها‭ ‬قيادات‭ ‬عديدة‭. ‬ومن‭ ‬الأمثلة‭ (‬الأمثلة‭ ‬فقط‭) ‬اغتيال‭ ‬أبو‭ ‬علي‭ ‬حسن‭ ‬سلامة،‭ ‬ومن‭ ‬سبقه‭ ‬من‭ ‬شهداء‭ ‬الصف‭ ‬الثاني،‭ ‬ناهيكم‭ ‬عن‭ ‬اغتيال‭ ‬الشهداء‭ ‬ماجد‭ ‬أبو‭ ‬شرار،‭ ‬وأبو‭ ‬جهاد،‭ ‬وأبو‭ ‬إياد،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬أبو‭ ‬عمار‭.‬

أما‭ ‬‮«‬حركة‭ ‬الجهاد‭ ‬الإسلامي‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تتبنى‭ ‬خيار‭ ‬المقاومة‭ ‬وترفض‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬‮«‬العملية‭ ‬السياسية‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬اغتيل‭ ‬أمينها‭ ‬العام‭ ‬الأول‭ ‬فتحي‭ ‬الشقاقي‭ ‬عام‭ ‬1995،‭ ‬وتوالى‭ ‬استشهاد‭ ‬قادتها‭ ‬مرورا‭ ‬ببهاء‭ ‬أبو‭ ‬العطا‭ ‬2019،‭ ‬وحسام‭ ‬أبو‭ ‬هربيد‭ ‬2021،‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬القياديين‭ ‬البارزين‭ ‬تيسير‭ ‬الجعبري‭ ‬وخالد‭ ‬منصور،‭ ‬وليس‭ ‬انتهاء‭ ‬بالقادة‭ ‬الشهداء‭ ‬الجدد‭. ‬هذا،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬القيادي‭ ‬الأسير‭ ‬الشهيد‭ ‬خضر‭ ‬عدنان‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬ضمن‭ ‬مخطط‭ ‬سياسة‭ ‬الاغتيال‭.‬

‭ ‬طبعا،‭ ‬ليس‭ ‬ثمة‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬توضيح‭ ‬الواضح‭ ‬بذكر‭ ‬شهداء‭ ‬قادة‭ ‬بارزين‭ ‬عديدين‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬ياسين،‭ ‬والشهداء‭: ‬يحيى‭ ‬عياش،‭ ‬د‭. ‬عبدالعزيز‭ ‬الرنتيسي،‭ ‬جمال‭ ‬منصور،‭ ‬محمود‭ ‬أبو‭ ‬هنود،‭ ‬صلاح‭ ‬شحادة،‭ ‬إبراهيم‭ ‬المقادمة،‭ ‬وإسماعيل‭ ‬أبوشنب،‭ ‬والقائمة‭ ‬عندهم‭ ‬أيضا‭ ‬تطول‭.‬

‭ ‬فهل‭ ‬أنهت‭ ‬الاغتيالات‭ ‬هذه‭ ‬الفصائل‭ (‬أو‭ ‬غيرها‭) ‬أو‭ ‬أوقفت‭ ‬عملها؟‭ ‬أوليس‭ ‬كفاحها‭ ‬المسلح‭ (‬وغيره‭) ‬في‭ ‬تجدد؟

إن‭ ‬عبثية‭ ‬إدامة‭ ‬الاحتلال‭ ‬بالطرق‭ ‬الأمنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬يعلمها‭ ‬القاصي‭ ‬والداني،‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬عديد‭ ‬الإسرائيليين‭. ‬فتكرار‭ ‬‮«‬الحروب‮»‬‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ (‬أو‭ ‬الضفة‭) ‬لا‭ ‬يريح‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬من‭ ‬‮«‬متاعبها‮»‬‭.‬

ففي‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬مواجهة‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬النقطة‭ ‬ذاتها‭. ‬ومنذ‭ ‬توقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النيران،‭ ‬انهمرت‭ ‬الكتابات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيليين‭ ‬عسكريين‭ ‬وسياسيين‭ ‬بارزين‭ ‬تؤكد‭ ‬عبثية‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬وما‭ ‬سيلي،‭ ‬من‭ ‬‮«‬حروب‮»‬‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

قصيرو‭ ‬النظر‭ ‬وحدهم‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬اغتيال‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬قيادات‭ ‬الجهاد‭ ‬الإسلامي‭ (‬أو‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬القيادات‭) ‬معناه‭ ‬إنهاء‭ ‬للمعركة‭. ‬ورغم‭ ‬ارتقاء‭ ‬الشهداء،‭ ‬فإن‭ ‬الجهاد‭ ‬الإسلامي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تجديد‭ ‬قوتها‭ ‬وقد‭ ‬خبرنا‭ ‬ذلك‭ ‬مرارا‭. ‬

وقد‭ ‬أبدعت‭ ‬حين‭ ‬اتفقت‭ ‬في‭ ‬المعركة‭ ‬الأخيرة‭ ‬مع‭ ‬الفصائل‭ ‬بالغرفة‭ ‬المشتركة،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬رأس‭ ‬الحربة‭ ‬وتتلقى‭ ‬كل‭ ‬اللكمات‮…‬‭. ‬من‭ ‬دون‭ -‬طبعا‭- ‬أن‭ ‬نذكر‭ ‬اللكمات‭ ‬التي‭ ‬كيلت‭ ‬منها‭ ‬ومن‭ ‬فصائل‭ ‬أخرى‭ ‬لرؤوس‭ ‬عدة‭ ‬مكونات‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الاحتلالي‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

‭ ‬والخلاصة‭: ‬مثلما‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال،‭ ‬كل‭ ‬احتلال،‭ ‬عبثي‮…‬‭ ‬فإن‭ ‬اغتيال‭ ‬قادة‭ ‬المقاومة‭ ‬من‭ ‬الفتحاويين‭ ‬والحماسيين‭ ‬والجهاديين‭ ‬وشهداء‭ ‬الجبهتين‭ ‬الشعبية‭ ‬والديمقراطية‭ (‬وغيرهم‭) ‬هو‭ ‬أيضا‭ ‬عبثي‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬تأكد‭ ‬في‭ ‬نضالات‭ ‬الماضي‭ ‬البعيد،‭ ‬والماضي‭ ‬القريب،‭ ‬وما‭ ‬سيتأكد‭ ‬في‭ ‬نضالات‭ ‬المستقبل‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا