كتبت: زينب إسماعيل
يرسخ معرض الفنان البحريني، أحمد عنان «قميص الغياب»، الذي افتتح بالتعاون مع هيئة البحرين للثقافة والآثار ويقام حاليا على أرض مركز الفنون، كل معاني الفقد وألم الغياب بكل مراحله القاسية في تمثيل مباشر يعتبر الأول من نوعه في البحرين.
يفسر المعرض الذي يضم 100 لوحة فنية ومنحوتة برونزية، المعاني المرتبطة بالغياب بدءا من مراحله الأولى وحتى الانتقال إلى العوالم الأخرى والاستقرار فيها. وهو ما ينطبق أيضا على المراحل التي يمر بها الإنسان بدءا من هول اللحظات الأولى وحتى ملازمة الحزن.
يروي عنان من خلال «قميص الغياب» تجربته الشخصية التي عاشها طوال عامين ونصف بعد فقده لابنه يوسف ذي الـ(18 عاما)، وتنقله ما بين 4 دول مختلفة ليس من بينها البحرين، في محاولة للهروب من واقع الغياب إلى واقع بعيد عن مكابدات الفقد، إلا أن الحزن ظل ملازما له في كل زمان ومكان.
ويقول عنان: «هو المعرض الفني الأول من نوعه في البحرين الذي يعرض تجربة الفقد بشكل مباشر ومعمق ومكثف، في ظل تخوف من الفنانين المحليين أنفسهم من التعبير المباشر عن الحزن، والاكتفاء بالانزواء نحو الإيجابية. تخوف من عرض التجارب الشخصية أو حتى بما يرتبط بالقضايا المجتمعية. تخوف مبرر بعدم التقبل وصعوبة اقتناء العمل الفني، لكن الحزن يحتل مساحة واسعة من حياتنا ونحاول أن نخفيه في دواخلنا. وإظهاره في التجارب الفنية أمر لا بد منه، إذ إنها يجب أن تكون صادقة في عرضها لتصل إلى القلب مباشرةً».
تحاول المنحوتات البرونزية تصوير أقسى مراحل الحزن الإنساني، بدءا من لحظات الصدمة الأولى - وهي الأقسى - والأحاسيس المرتبطة وحتى الشعور بمرحلة ما بعد الغياب. أما اللوحات فتصور مرحلة الحياة ما بعد الموت بدءا من أول لحظات الغياب وحتى الانتقال إلى المراحل الأخرى قبل الاستقرار في عالم البرزخ.
يبرر الفنان استخدام النحت في التعبير عن الحزن الإنساني إلى أنها «أعمال ثلاثية الأبعاد تنقل الصورة بشكل واضح ومباشر، أما اللوحات فهي تستغرق في تفصيل الحياة ما بعد الموت لتخلق توازنا ما بين الجمال واللاجمال، ما بين الحقيقة والإحساس. فالإحساس مختلفٌ بحسب الأزمنة والأمكنة، ينعكس على الداخل بشكل أعمق ويستغرق في التأثير فيه»، حيث «لا مهرب منك إلا إليك».
ينتقل الفنان عبر لوحاته ومنحوتاته للبحث عن معاني الغياب باستخدام ألوان غير متعارفة من حيث الرمزية، فالأسود ليس دائما ما يرتبط بالحزن، إذ أن الألوان لا تحمل رمزية واحدة بل هي متناقضة في الرمزيات. هي فقط أداة لنقل الفكرة ليس إلا، والفكرة ذاتها تحتاج إلى خامات وألوان ومواد مختلفة لبناء عمل متكامل ومعبر. يبين عنان: «هي موازنة صعبة اشتغل عليها عبر مزج خامات مختلفة بطرق وأساليب يتقبلها المجتمع».
عنان الذي عرف عنه اشتغاله في أعمال ملونة ورسوم تتسم بالجرأة في التعبير عن المشاعر والأفكار الاجتماعية والثقافية، كان «لقميص الغياب» تطورا مختلفا عنها، «فكل مشروع له طريقته في العرض وخاماته أيضا. يأتي ذلك من بعد بحث ودراسة»، بحسب عنان.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك