اعتمد الاتحاد الفلكي الدَّولي مساء مؤخرا تسمية أحد النُّجوم باسم دلمون والكوكب التابع له باسم تايلوس وذلك بناءً على مقترح تقدمت به ثلاث فرق بحرينيَّة تضمُّ أعضاءً من الجمعية الفلكيَّة البحرينيَّة ونادي بحرين ستارجيزرز الفلكي وطالبات مدرسة غازي القصيبي الثانوية للبنات.
واتفق أعضاء لجنة التدقيق على هذه الأسماء لأنها تعكس تاريخ البحرين القديم وتتوافق مع متطلبات الاتحاد الفلكي الدولي في شروط التسميات. كانت البحرين بين عشرين دولة تمَّ اختيار مقترحها.
ما الذي دفع الاتحاد الفلكي الدَّولي لاعتماد تسميات للنجوم والكواكب التَّابعة لها؟ مع تطور التقانة الحديثة في الرصد الفلكي استطاع الإنسان خلال السنوات العشر الماضية لاكتشاف الآلاف من الكواكب التابعة للنجوم الأخرى في مجرَّتنا درب التبَّانة، وقد بلغ عدد الكواكب المؤكد اكتشافها نحو 5338 كوكبًا. شجعت هذه الاكتشافات الاتحاد الفلكي الدولي للقيام بمشروع لتسمية النجوم والكواكب التابعة لها، إن وجدت. شمل هذا المشروع عدَّة مراحل. ففي المرحلة الأولي اعتمد الاتحاد الفلكي الدولي أسماءً معروفة ومتداولة للنَّجوم عند الحضارات المختلفة، وبالطبع كان للأسماء العربيَّة للنجوم حصَّة الأسد.
فقد اعتمد الاتحاد الفلكي الدَّولي أسلوب المسابقات لاختيار أسماء النَّجوم والكواكب التابعة لها. فلكل دولة الحق في التقدم بمقترح لتسمية أحد النَّجوم المعروفة في الفهارس الفلكية والكوكب المكتشف حول النَّجم. يتم تنسيق المسابقة بالتعاون مع مكتب الاتحاد الفلكي للتوعية ونشر علوم الفلك مع جمعيات ومراكز فلكية أو مؤسسات متخصِّصة أو طلبة مدارس، وتجرى عادة هذه المسابقة كل عامين أو ثلاثة أعوام، ويقوم الاتحاد الفلكي الدولي باختيار الأسماء التي تتوافق مع شروط التسمية، وهي أن تكون هذه الأسماء عادةً ذات أصول تاريخيَّة أو جغرافيَّة أو ثقافيَّة.
دلمون وتايلوس
دلمون حضارة قديمة قامت في جزيرة البحرين وشرق الجزيرة العربيَّة في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وعرفها السُّومريون بأرض الفردوس وأرض الخلود والحياة. وقد أدرجت مدافن دلمون على لائحة التُّراث العالمي عام 2019 بقرار من لجنة التراث العالمي، التي عقدت اجتماعاتها في باكو عاصمة أذربيجان عام 2019. كانت جزر البحرين وجزيرة تاروت في القطيف مركز دلمون قبل خمسة آلاف سنة تقريبًا، وكانت تسمَّى جنَّة دلمون، والسَّبب في هذه التَّسمية أنَّها كانت تحوي مدافن دلمون. كانت دلمون مركزًا استراتيجيًّا مهمًا؛ فقد كانت حلقة الوصل بين بلدان الشَّرق الأوسط والأدنى؛ حيث كانت تحدُّها في الشَّمال حضارة بلاد ما بين النَّهرين (العراق)، وفي الشرق حضارة ميلوخا في وادي السِّند (الهند)، وفي مصر حضارة الفراعنة. امتدت حضارة دلمون على طول السَّاحل الشَّرقي لشبه الجزيرة العربيَّة؛ وقد عُرفت دلمون بهذا الاسم عبر التاريخ لأنَّها محاطة بالماء (مياه البحر). من كل ناحية
من جهة أخرى، تايلوس هو الاسم الإغريقي لجزيرة البحرين الذي أطلقه المستكشفون الإغريقيون عند زيارة جزيرة البحرين، وهي إحدى أهم المحطات في تاريخ البحرين القديم، والتي بزغت في القرن الثالث قبل الميلاد مع الرِّحلات الاستكشافية التي قادها نيارخوس عام 325 ق.م، بطلب من الاسكندر الأكبر الذي كان يسعى لإحكام قبضته على بحر العرب والخليج العربي اللذان كان يطلق عليهما من قبل الإغريق أسم «البحر الإريثري» لما يمثِّلان من أهمية تجاريَّة واستراتيجيَّة، وذلك بعد الفتوحات الكبيرة التي حققها الاسكندر في قارة آسيا.
من هذا المنطلق، فقد كان اختيار الاسمين دلمون وتايلوس ملبيًا للدور الحضاري الذي لعبته البحرين خلال تاريخها العريق، وكذلك لمختلف الأوساط المهتمة بالإرث الحضاري لمملكة البحرين، ويلبي أيضًا الشروط التي وضعها الاتحاد الفلكي الدولي لتسمية النجوم والكواكب التابعة لها.
- عن الجمعية الفلكية البحرينية: أ. د. شوقي الدلال (نائب رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفلك والفضاء).
- عن مكتب الاتحاد الفلكي الدولي للتوعية الفلكية في البحرين: أ. مريم القصاب
(منسق مكتب التوعية ورئيس نادي ستارجيزرز الفلكي)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك