حافظت مملكة البحرين على مكانتها الدولية في التصدي لجريمة الاتجار بالأشخاص منفردة بتحقيق الفئة الأولى للعام السادس على التوالي في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية المعني بتصنيف الدول في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، والذي يعد أعلى تصنيف دولي سنوي في هذا المجال.
ويأتي هذا الإنجاز مترجمًا للرؤية الملكية الثاقبة بأنْ يكون نهج احترام حقوق الإنسان -الذي يعد جزءًا أساسيًا من ثقافة البحرين وهويتها العربية وعقيدتها الإسلامية، استراتيجية تتبعها مملكة البحرين في تعزيز دولة المؤسسات والقانون وفق ثوابت وطنية راسخة، وأنْ يكون العدل والإنصاف ركنين أساسيين للنظام الدستوري في المملكة.
وقد حرصت حكومة مملكة البحرين على ترجمة هذه الرؤية من خلال تأسيس البنية المؤسسية بين مختلف الجهات الحكومية عبر منظومة متكاملة لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وتهيئة الأرضية التشريعية والإجرائية الصلبة التي توفّر الوقاية، والحماية، والعدالة والإنصاف لجميع أطراف العمل دون تمييز، حيث تعمل المملكة بصورة مستمرة على تطوير إجراءاتها وأنظمتها بما يواكب مستجدات وتطورات سوق العمل، وجريمة الاتجار بالأشخاص، منطلقة من مبادئ حقوق الإنسان، والحريات الأساسية، وفقاً لأحكام الدستور ومبادئ ميثاق العمل الوطني والتشريعات الوطنية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وهو يكسب المملكة ثقة واحترام المجتمع الدولي.
وأشاد التقرير بالتوسع في اتخاذ الإجراءات التي تضمن العدالة والإنصاف للضحايا، ومحاسبة المتورطين في جرائم الاتجار بالأشخاص، مع إيلاء العمل الجبري اهتمامًا لارتباطه بسوق العمل، وإحالتهم إلى السلطة القضائية، وصولًا إلى الإدانة وتحقيق العدالة، إلى جانب تقديمها الدعم والمساعدة للضحايا لتجاوز التداعيات النفسية والاجتماعية.
وتطرّق التقرير إلى عددٍ من الخطوات التي اتخذتها المملكة لتعزيز العدالة، ومنها إنشاء أول نيابة للاتجار بالأشخاص، وتخصيص محكمة تتولى النظر والفصل في الجرائم المحالة إليها من النيابة، لتوفير السرعة في التحقيق والفصل في هذه الجرائم من قبل كادر قضائي متخصص، إلى جانب إنشاء صندوق لدعم ضحايا الاتجار بالأشخاص.
كما باشرت المملكة بإنشاء مكتب لحماية المجني عليهم والشهود في قضايا الاتجار بالأشخاص، والذي سيعمل كنقطة اتصال مع المكتب المعني بالنيابة العامة، وذلك من خلال دراسة ورفع طلبات اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المجني عليهم والشهود في قضايا الاتجار بالأشخاص في جميع مراحل الدعوى الجنائية، بهدف إزالة الأضرار النفسية والمادية التي قد تلحق بهم، واقتراح التدابير والإجراءات المطلوب اتخاذها لدرء الخطر وتوفير الحماية.
كما أشار التقرير إلى حرص المملكة على التصدي للممارسات غير القانونية في سوق العمل بأطر قانونية سليمة، وذلك من خلال تكيف الحملات التفتيشية الاستباقية واستحداث نظام تسجيل العمالة، ليعمل بالشراكة بين القطاعين العام والخاص في خطين متوازيين، لمعالجة العمالة غير النظامية، بإجراءات قانونية تحفظ حقوقها، وتحدد واجباتها، كما يعمل في الوقت ذاته على تلبية احتياجات سوق العمل من العمالة المهنية المؤهلة لتأدية بعض الأعمال.
ونوه بمبادرة تقديم المساعدة الإدارية في رفع الدعاوى المدنية للعمالة المسجلة لدى مراكز تسجيل العمالة المُعتمدة من قبل الهيئة، والذي يأتي استكمالاً لمبادرة تقديم المساعدة الإدارية للعمالة الوافدة في رفع الدعاوى العمالية، حيث يتم تقديم المساعدة الإدارية لهذه الفئة من العمالة في رفع ومتابعة سير الدعاوى المدنية المتعلقة بالأنشطة المهنية المصرح لهم بمزاولتها، من خلال النظام الإلكتروني المعد لهذا الغرض، وتزويد طالب المساعدة بكل المعلومات التي يحتاجها من واقع النظام، والاطلاع على مجرياتها، منذ رفع الدعوى وحتى صدور الحكم فيها.
ولفت التقرير إلى جهود البحرين في رفع نسبة الوعي بجريمة الاتجار بالأشخاص على المستويين المحلي والإقليمي، من خلال الدورات والبرامج التدريبية التي يقدمها المركز الإقليمي للتدريب وبناء القدرات لمكافحة الاتجار بالأشخاص، التي تستهدف التعريف بالجريمة وصورها وأشكالها، ورفع قدرات العاملين في الصفوف الأولى، لاسيما في مراكز الشرطة، والمستشفيات، والمراكز الصحية، والمطارات والمنافذ، والأجهزة القضائية، للتعرف على الضحايا أو الضحايا المحتملين، وتأهيل وتدريب المدربين والخبراء في هذا المجال.
كما تطرق تقرير الخارجية الأمريكية إلى تطوير المملكة حزمة من الإجراءات الوقائية التي تعزز حماية العمالة الوافدة، والتصدي إلى العمل الجبري، ومختلف صور الاتجار بالأشخاص، ومنها نظام حماية الأجور، الذي يلزم كل أصحاب العمل بسداد أجور العمالة من خلال نظام إلكتروني يُمكّن هيئة تنظيم سوق العمل من متابعة التزام الشركات بسداد الأجور في أوقاتها، بما يعزز من مستويات الشفافية، ويسهم في تقليل النزاعات العمالية المتعلقة بالأجور، وسرعة حسمها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك