العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

أخبار البحرين

1600 طـن مـن المخـلـفـات المـنـزلـيـة فـي البـحـريـن يـومـيـا.. من الـمـسـؤول ؟

تحقيق: محمد الساعي

الأحد ١٦ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

ثقافة إعادة التدوير يمكن أن توفر أكثر من ملياري دولار سنويا

ما يحدث استنزاف لموارد رئيسية وتهديد للبيئة

المعيار ليس فـي الكميات بقدر أساليب إدارة المخلفات


أشار‭ ‬التقرير‭ ‬الأخير‭ ‬لوزارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات‭ ‬والزراعة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حجم‭ ‬المخلفات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬شركات‭ ‬النظافة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بإزالتها‭ ‬يوميا‭ ‬يصل‭ ‬الى‭ ‬2‭.‬200‭ ‬طن‭. ‬والملفت‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬المخلفات‭ ‬المنزلية‭ ‬تمثل‭ ‬74‭% ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬اليومية‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬حوالي‭ ‬1600‭ ‬طن‭ ‬في‭ ‬اليوم‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬ينتج‭ ‬الفرد‭ ‬ما‭ ‬مقداره‭ ‬1‭.‬1‭ ‬كيلوجرام‭ ‬من‭ ‬النفايات‭ ‬يوميا،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬33‭ ‬كيلوجراما‭ ‬في‭ ‬الشهر‭. ‬

ويقوم‭ ‬بمهمة‭ ‬إزالة‭ ‬المخلفات‭ ‬وفرزها‭ ‬وكبسها‭ ‬ثم‭ ‬نقلها‭ ‬إلى‭ ‬مدفن‭ ‬عسكر،‭ ‬فيلق‭ ‬متكامل‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬شخص‭ ‬بين‭ ‬عامل‭ ‬نظافة‭ ‬وسائق‭ ‬ومفتش‭ ‬ومسؤول،‭ ‬مع‭ ‬أسطول‭ ‬من‭ ‬الآليات‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬260‭ ‬آلية‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تعكس‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬حجم‭ ‬الجهود‭ ‬الجبارة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬وزارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات‭ ‬والزراعة‭ ‬مشكورة‭ ‬في‭ ‬إزالة‭ ‬هذه‭ ‬الاطنان‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬المناطق‭ ‬والمحافظات‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬بأبهى‭ ‬صورها‭ ‬وأجملها،‭ ‬فإن‭ ‬التساؤل‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه‭: ‬هل‭ ‬تعتبر‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬اعتيادية؟‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تمثل‭ ‬مؤشرات‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬الخطورة‭ ‬على‭ ‬مسألة‭ ‬مهمة‭ ‬تتعلق‭ ‬بطبيعة‭ ‬السلوك‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬للأفراد‭ ‬والأسر‭ ‬في‭ ‬البحرين؟

البعض‭ ‬قد‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأرقام‭ ‬يعكس‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬الاستهلاك‭ ‬نتيجة‭ ‬الرفاهية‭ ‬وتحسن‭ ‬المستوى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للأسر‭ ‬بدليل‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬المنزلية‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬الكماليات‭. ‬ولكن‭ ‬أرقاما‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬إشكالية‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬السلوك‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬للأفراد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتذمر‭ ‬فيه‭ ‬الكثيرون‭ ‬من‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭.‬

فوفقا‭ ‬لجمعية‭ ‬حفظ‭ ‬النعمة،‭ ‬يبلغ‭ ‬معدل‭ ‬هدر‭ ‬الطعام‭ ‬يوميا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬400‭.‬000‭ ‬كيلوجرام‭. ‬

ويرتفع‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬والمناسبات‭ ‬الى‭ ‬600‭.‬000‭ ‬كيلوجرام‭. ‬وفي‭ ‬السنة‭ ‬تتجاوز‭ ‬قيمة‭ ‬الطعام‭ ‬المهدور‭ ‬95‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬بحريني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هدر‭ ‬146‭ ‬طنا‭ ‬من‭ ‬الطعام‭. ‬

هذا‭ ‬ما‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬سؤال‭ ‬آخر،‭ ‬ما‭ ‬الانعكاسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والبيئية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬لارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬أو‭ ‬مدينة؟

 

الثقافة‭ ‬الاستهلاكية

الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لجمعية‭ ‬حفظ‭ ‬النعمة‭ ‬أحمد‭ ‬الكويتي‭ ‬يشير‭ ‬هنا‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬الجمعية‭ ‬قامت‭ ‬حتى‭ ‬الان‭ ‬بحفظ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬وجبة‭ ‬من‭ ‬الهدر‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬تم‭ ‬حفظ‭ ‬208‭.‬057‭.‬970‭ ‬كيلوجراما‭ ‬من‭ ‬الأطعمة،‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬حفظ‭ ‬وتوزيع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬234‭ ‬ألف‭ ‬وجبة‭ ‬ومنتج‭ ‬غذائي‭. ‬

ويضيف‭ ‬الكويتي‭: ‬من‭ ‬واقع‭ ‬خبرتنا،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬الهدر‭ ‬الموجود‭ ‬يتركز‭ ‬في‭ ‬جانبين،‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬الهدر‭ ‬الناتج‭ ‬من‭ ‬الفنادق‭ ‬والهايبرماركت‭ ‬والحفلات‭ ‬الكبيرة‭. ‬فمثلا‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬التخلص‭ ‬منها‭ ‬بسبب‭ ‬انتهاء‭ ‬صلاحياتها‭. ‬وقد‭ ‬ناقشت‭ ‬الامر‭ ‬مع‭ ‬مسؤول‭ ‬بهايبر‭ ‬ماركت‭ ‬واقترحت‭ ‬عليه‭ ‬فرز‭ ‬المواد‭ ‬الصالحة‭ ‬التي‭ ‬بقي‭ ‬على‭ ‬صلاحياتها‭ ‬أسبوعين‭ ‬أو‭ ‬شهر‭ ‬والتبرع‭ ‬بها‭ ‬للأسر‭ ‬المحتاجة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اتفاقية‭ ‬مع‭ ‬جمعية‭ ‬حفظ‭ ‬النعمة،‭ ‬ولكن‭ ‬اعتذر‭ ‬المسؤول‭ ‬بحجة‭ ‬انهم‭ ‬يضعون‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬على‭ ‬أرفف‭ ‬العروض‭ ‬الخاصة‭ ‬كمحاولة‭ ‬أخيرة‭ ‬لبيعها،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬انتهت‭ ‬صلاحيتها‭ ‬يضطرون‭ ‬إلى‭ ‬رميها‭.‬

وهذا‭ ‬هو‭ ‬الهدر‭ ‬الحقيقي،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬بالإمكان‭ ‬استثمارها‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬المساهمة‭ ‬المجتمعية‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬بعض‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭.‬

لذلك‭ ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬لفتة‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬مثل‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬كإعفاء‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬التبرع‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬الضرائب‭ ‬مثلا‭. ‬فهذا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يشجع‭ ‬التاجر‭ ‬على‭ ‬المساهمة‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬الهدر‭ ‬بنفس‭ ‬الوقت‭. ‬

والجانب‭ ‬الآخر‭ - ‬يضيف‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لجمعية‭ ‬حفظ‭ ‬النعمة‭- ‬وهو‭ ‬الهدر‭ ‬الموجود‭ ‬في‭ ‬المنازل‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬المخلفات‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬تكون‭ ‬مختلطة‭ ‬وغير‭ ‬مفروزة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تعكس‭ ‬في‭ ‬الأخير‭ ‬إشكالية‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬والوعي‭ ‬المجتمعي‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬اننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نركز‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نستطع‭ ‬دعمها‭ ‬الآن،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التربية‭ ‬والمناهج‭ ‬التي‭ ‬ترسخ‭ ‬ثقافة‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الصحيح‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬النشء‭. ‬صحيح‭ ‬ان‭ ‬لدينا‭ ‬مبادرات‭ ‬مثل‭ ‬حملة‭ ‬استدامة،‭ ‬ولكنها‭ ‬تبقى‭ ‬محدودة‭ ‬وتحتاج‭ ‬الى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬والتعميم‭. ‬كما‭ ‬اننا‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬نمتلك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخطط‭ ‬والبرامج،‭ ‬ولكن‭ ‬كما‭ ‬يقال‭ ‬يد‭ ‬واحدة‭ ‬لا‭ ‬تصفق‭. ‬وبالتالي‭ ‬نحتاج‭ ‬الى‭ ‬جهود‭ ‬متكاملة‭ ‬لتغيير‭ ‬ثقافة‭ ‬الهدر،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يشمل‭ ‬ترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير‭ ‬وفرز‭ ‬المخلفات‭. ‬وكذلك‭ ‬إنشاء‭ ‬مصانع‭ ‬لإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬المخلفات‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعها‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬استثمارا‭ ‬تجاريا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬وفتح‭ ‬شواغر‭ ‬للبحرينيين‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬والحفاظ على بيئتنا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭.‬

القمامة‭.. ‬والتنمية‭ ‬المستدامة

‮«‬تقرير‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يمر‭ ‬علينا‭ ‬مرور‭ ‬الكرام،‭ ‬هذه‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬لا‭ ‬تتحملها‭ ‬مساحة‭ ‬البحرين‭ ‬الصغيرة،‭ ‬مما‭ ‬يحتم‭ ‬علينا‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬حلول‭ ‬مستدامة‭ ‬وعاجلة‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬المتزايدة‮»‬‭.‬

كانت‭ ‬هذه‭ ‬تغريدة‭ ‬للخبير‭ ‬البيئي‭ ‬البروفيسور‭ ‬إسماعيل‭ ‬المدني،‭ ‬غرد‭ ‬بها‭ ‬يوم‭ ‬نشر‭ ‬الوزارة‭ ‬تقريرها‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬دفعنا‭ ‬الى‭ ‬مناقشة‭ ‬الموضوع‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬البيئية،‭ ‬فهل‭ ‬تمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬ناقوس‭ ‬خطر‭ ‬بالفعل؟

يجيبنا‭ ‬المدني‭: ‬قضية‭ ‬المخلفات‭ ‬ليست‭ ‬قضية‭ ‬هامشية‭ ‬كما‭ ‬ينظر‭ ‬اليها‭ ‬البعض،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬مسألة‭ ‬معقدة‭ ‬جدا‭ ‬وهي‭ ‬قضية‭ ‬علمية‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تدرس‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬علم‭ ‬القمامة (garbology) وهو‭ ‬دراسة‭ ‬المجتمع‭ ‬وثقافته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحليل‭ ‬النفايات‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الجهة‭ ‬المسند‭ ‬إليها‭ ‬إدارة‭ ‬المخلفات‭ ‬جهة‭ ‬مختصة‭ ‬تمتلك‭ ‬علما‭ ‬كافيا‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬المشكلة‭. ‬

الأمر‭ ‬الآخر،‭ ‬إننا‭ ‬نتحدث‭ ‬دائما‭ ‬عن‭ (‬التنمية‭ ‬المستدامة‭) ‬في‭ ‬جميع‭ ‬البرامج‭. ‬وهنا‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬17‭ ‬هدفا‭ ‬دوليا‭ ‬وضعتها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭. ‬ومن‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬السعي‭ ‬لخفض‭ ‬كمية‭ ‬المخلفات‭ ‬التي‭ ‬تنتجها‭ ‬الدولة‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬منزلية‭ ‬او‭ ‬تجارية‭ ‬او‭ ‬صناعية‭. ‬وبالتالي‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬ننجح‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬كمية‭ ‬المخلفات،‭ ‬لا‭ ‬نكون‭ ‬قد‭ ‬نجحنا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭. ‬

الأمر‭ ‬الثالث‭ -‬يتواصل‭ ‬الحديث‭ ‬للدكتور‭ ‬إسماعيل‭ ‬المدني‭- ‬بأن‭ ‬قضية‭ ‬المخلفات‭ ‬ليست‭ ‬قضية‭ ‬بيئية‭ ‬بحتة،‭ ‬بل‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬إدارتها‭ ‬بطريقة‭ ‬مستدامة‭ ‬سليمة،‭ ‬فإنها‭ ‬قابلة‭ ‬لأن‭ ‬تتحول‭ ‬الى‭ ‬قضية‭ ‬اجتماعية‭ ‬مستعصية‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬ولبنان‭ ‬وغيرها‭. ‬لذلك‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬معقدة‭ ‬وكبيرة‭ ‬ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬جمع‭ ‬القمامة‭ ‬ودفتها‭. ‬وقد‭ ‬نشرت‭ ‬سابقا‭ ‬كتابا‭ ‬حول‭ ‬القمامة‭ ‬المنزلية‭ ‬وطرق‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭. ‬حيث‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬مراحل‭ ‬كثيرة‭ ‬بين‭ ‬مراحل‭ ‬الجمع‭ ‬والدفن‭.‬

*‭ ‬لماذا‭ ‬نلقي‭ ‬المسؤولية‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬المعنية؟‭ ‬ألا‭ ‬تعكس‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬والأرقام‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬المنازل‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الهدر‭ ‬الكبير؟

**‭ ‬بالطبع،‭ ‬فقضية‭ ‬المخلفات‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬قضية‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭. ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬المسؤولية‭ ‬مشتركة‭. ‬تتحمل‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬الحكومة‭ ‬والمواطن‭ ‬والمقيم‭ ‬والمنظمات‭. ‬فلكل‭ ‬منا‭ ‬دور‭ ‬مهم‭. ‬وهنا‭ ‬فإن‭ ‬دور‭ ‬المواطن‭ ‬والمقيم‭ ‬أن‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬كمية‭ ‬المخلفات‭ ‬التي‭ ‬ينتجها‭ ‬في‭ ‬المنزل‭. ‬و‭ ‬المسؤولية‭ ‬نفس‭ ‬تنسحب‭ ‬على‭ ‬التاجر‭ ‬وصاحب‭ ‬المصنع‭ ‬وغيرهم‭. ‬وبالمقابل،‭ ‬فإن‭ ‬مهمة‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬هي‭ ‬وضع‭ ‬سياسة‭ ‬واضحة‭ ‬وفاعلة‭ ‬لخفض‭ ‬هذه‭ ‬النسب‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬خلال‭ ‬مدة‭ ‬محددة‭. ‬وتضع‭ ‬الخطوات‭ ‬التنفيذية‭ ‬الواضحة‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬وتنفيذها‭ ‬على‭ ‬الجميع‭. ‬وبالتالي‭ ‬تكون‭ ‬المسؤولية‭ ‬مشتركة‭ ‬ويكون‭ ‬الكل‭ ‬محاسب‭ ‬عليها‭.‬

*‭ ‬إجمالا‭.. ‬ما‭ ‬تأثير‭ ‬ارتفاع‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬على‭ ‬البيئة؟

المسألة‭ ‬هنا‭ ‬ليست‭ ‬كمية‭ ‬وانما‭ ‬قضية‭ ‬إدارة‭ ‬للمخلفات‭. ‬فأيا‭ ‬كانت‭ ‬الأرقام‭ ‬المتعلقة‭ ‬بحجم‭ ‬النفايات،‭ ‬إذا‭ ‬تعاملنا‭ ‬معها‭ ‬بآليات‭ ‬مستدامة‭ ‬وبأساليب‭ ‬علمية‭ ‬وفق‭ ‬سياسة‭ ‬شاملة‭ ‬وواضحة،‭ ‬فلن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬مردودات‭ ‬امنية‭ ‬أو‭ ‬صحية‭ ‬أو‭ ‬بيئية،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬حجم‭ ‬المخلفات‭ ‬مشكلة‭ ‬حقيقية‭. ‬وبالمقابل‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تدر‭ ‬بطريقة‭ ‬علمية‭ ‬صحيحة،‭ ‬فإن‭ ‬الاضرار‭ ‬تكون‭ ‬كبيرة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬الكميات‭ ‬غير‭ ‬كبيرة‭.‬

*‭ ‬الا‭ ‬تعتقد‭ ‬ان‭ ‬أحد‭ ‬أسباب‭ ‬المشكلة‭ ‬هو‭ ‬غياب‭ ‬الوعي‭ ‬الكافي‭ ‬بثقافة‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير‭ ‬وتصنيف‭ ‬المخلفات‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬المنزل‭ ‬نفسه؟‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬المتبع‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭.‬

**‭ ‬ليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬تتناسب‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تتبع‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أجنبية‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬البحرين،‭ ‬لذلك‭ ‬علينا‭ ‬أولا‭ ‬أان‭ ‬نجري‭ ‬دراسة‭ ‬شاملة‭ ‬لأفضل‭ ‬الطرق‭ ‬لإدارة‭ ‬المخلفات‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬البحرين‭ ‬اجتماعيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬وثقافيا‭ ‬وبيئيا‭ ‬وجغرافيا‭ ‬ومناخيا‭.‬

وفي‭ ‬رأيي‭ ‬اننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬الى‭ ‬مساحة‭ ‬البحرين‭ ‬الصغيرة،‭ ‬وبالمقابل‭ ‬حجم‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬تزايد‭. ‬هنا‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬نعتمد‭ ‬على‭ ‬دفن‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬الأراضي،‭ ‬وخاصة‭ ‬أننا‭ ‬نعتمد‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأراضي‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬تنموية‭ ‬مستقبلية‭. ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬الضرورة‭ ‬أن‭ ‬نلجأ‭ ‬إلى‭ ‬سبل‭ ‬بديلة‭ ‬مثل‭ ‬إنشاء‭ ‬محرقة‭ ‬بيئية‭ ‬ذات‭ ‬معايير‭ ‬عالية‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬القابلة‭ ‬للحرق‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬يمكن‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بتوليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬من‭ ‬الحرارة‭ ‬الناتجة‭. ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬إنشاء‭ ‬مصانع‭ ‬صغيرة‭ ‬لتدوير‭ ‬بعض‭ ‬أنواع‭ ‬المخلفات‭. ‬الخلاصة‭ ‬أننا‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬لأننا‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬مكانا‭ ‬للتخلص‭ ‬منها،‭ ‬وقد‭ ‬نضطر‭ ‬إلى‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬البحر،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتعارض‭ ‬تماما‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬ومع‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬البحري‭.‬

استنزاف‭ ‬للموارد

إذن،‭ ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬بالسهولة‭ ‬التي‭ ‬يتخيلها‭ ‬البعض‭. ‬ويتطلب‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬البروفيسور‭ ‬إسماعيل‭ ‬المدني‭ ‬برامج‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬المخلفات‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تتحول‭ ‬الى‭ ‬مشكلة‭ ‬بيئية‭ ‬واجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وغيرها‭.‬

وهنا‭ ‬نتوقف‭ ‬قليلا‭ ‬لنسأل‭: ‬ما‭ ‬الآثار‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع؟

هذا‭ ‬ما‭ ‬ناقشناه‭ ‬مع‭ ‬الباحث‭ ‬والمحاضر‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬والمتخصص‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والسلوك‭ ‬الاستهلاكي،‭ ‬عارف‭ ‬خليفة‭. ‬وانطلاقة‭ ‬حديثنا‭ ‬معه‭: ‬هل‭ ‬يعتبر‭ ‬الرقم‭ ‬الذي‭ ‬ذكرته‭ ‬وزارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات‭ ‬كبيرا‭ ‬ومقلقا‭ ‬أم‭ ‬اعتياديا‭ ‬مقارنة‭ ‬بالمساحة‭ ‬وعدد‭ ‬السكان؟

يجيبنا‭ ‬عارف‭ ‬خليفة‭: ‬عادة‭ ‬يقاس‭ ‬معدل‭ ‬الهدر‭ ‬وفقا‭ ‬لعوامل‭ ‬أهمها‭ ‬تصنيف‭ ‬الدولة‭ ‬بين‭ ‬النامية‭ ‬والعالم‭ ‬الثالث‭ ‬والمتقدمة‭. ‬ولكل‭ ‬صنف‭ ‬رقم‭ ‬معين‭. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬كدول‭ ‬المنطقة،‭ ‬فإن‭ ‬المعدل‭ ‬التقريبي‭ ‬لمخلفات‭ ‬الفرد‭ ‬حوالي‭ ‬0‭.‬8‭ ‬كليوجرام‭ ‬يوميا‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬معدل‭ ‬الهدر‭ ‬العالمي‭ ‬بنسبة‭ ‬35%‭ ‬تقريبا،‭ ‬كون‭ ‬الفرد‭ ‬ينتج‭ ‬حوالي‭ ‬1‭.‬1‭ ‬كيلوجرام‭ ‬وفقا‭ ‬لتقرير‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات‭. ‬وهذا‭ ‬يعتبر‭ ‬مؤشرا‭ ‬خطيرا‭ ‬وليس‭ ‬جيدا،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭ ‬تمثل‭ ‬هدرا‭ ‬واستنزافا‭ ‬للموارد،‭ ‬مع‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير‭.‬

*74%‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬منزلية،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تقرأه‭ ‬بين‭ ‬سطور‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬وخاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للسلوك‭ ‬الاستهلاكي؟‭ ‬

**‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭. ‬وما‭ ‬ألمسه‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬أن‭ ‬السلوك‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬للموطنين‭ ‬شهد‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التغير‭ ‬الإيجابي‭. ‬والاحصائيات‭ ‬الميدانية‭ ‬تشير‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬النسبة‭ ‬العليا‭ ‬من‭ ‬الهدر‭ ‬تتركز‭ ‬في‭ ‬الفنادق‭ ‬والمناسبات‭ ‬الكبيرة‭. ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ننكر‭ ‬أننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬وعي‭ ‬اجتماعي‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭. ‬حيث‭ ‬يبقى‭ ‬المبدأ‭ ‬الأساسي‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬هدر‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬صغيرا‭. ‬فمثلا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬حجم‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬ترمى‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يمكن‭ ‬إعادة‭ ‬تدويرها؟‭ ‬ومع‭ ‬الجهود‭ ‬الخجولة‭ ‬الموجودة،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬يهتمون‭ ‬بهذا‭ ‬الجانب‭ ‬ويصنفون‭ ‬المخلفات‭ ‬وفقا‭ ‬لذلك‭. ‬وربما‭ ‬أن‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الإشكالية‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬الفرد‭ ‬لا‭ ‬يلمس‭ ‬نتيجة‭ ‬لفرزه‭ ‬هذا،‭ ‬حيث‭ ‬يجد‭ ‬أن‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬يكون‭ ‬مصيرها‭ ‬واحدا‭. ‬

وبالتالي‭ ‬يمكن‭ ‬خفض‭ ‬معدلات‭ ‬الهدر‭ ‬بالوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬والاستهلاكي‭. ‬ويبقى‭ ‬تحفيز‭ ‬الدولة‭ ‬لذلك‭ ‬أمر‭ ‬أساسي‭. ‬وللأسف‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬تحفيزا‭ ‬حقيقيا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬لتقليل‭ ‬الهدر‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المشاريع‭ ‬او‭ ‬المبادرات‭ ‬الفعالة‭. ‬نعم‭ ‬نجد‭ ‬بعض‭ ‬المبادرات‭ ‬الخجولة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬إعلانا‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ (‬بروشورا‭) ‬هناك‭. ‬

*‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬تبعات‭ ‬اقتصادية‭ ‬لارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬أو‭ ‬مدينة؟

**‭ ‬بالتأكيد‭. ‬هذا‭ ‬الهدر‭ ‬يمثل‭ ‬استنزافا‭ ‬لموارد‭ ‬رئيسية‭. ‬وارتفاع‭ ‬هذه‭ ‬النسب‭ ‬يعتبر‭ ‬مؤشرا‭ ‬سلبيا‭ ‬لاقتصاد‭ ‬الفرد‭ ‬بالمقام‭ ‬الأول‭. ‬وببساطة،‭ ‬عندما‭ ‬تشتري‭ ‬وجبة‭ ‬كاملة‭ ‬وتأكل‭ ‬منها‭ ‬ثم‭ ‬ترمي‭ ‬الباقي،‭ ‬يعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬هدرا‭ ‬اقتصاديا،‭ ‬لأنه‭ ‬يعني‭ ‬أنك‭ ‬رميت‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬المبلغ‭ ‬الذي‭ ‬دفعته‭ ‬في‭ ‬القمامة‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬استنزافا‭ ‬لميزانية‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬أولا،‭ ‬واستنزافا‭ ‬لإمكانيات‭ ‬وجهود‭ ‬الدولة،‭ ‬فكلما‭ ‬زادت‭ ‬المخلفات‭ ‬زادت‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬النظافة‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬المخلفات‭ ‬وتخفيض‭ ‬الكربون‭ ‬ومكافحة‭ ‬التلوث‭ ‬وغيرها،‭ ‬ولاسيما‭ ‬مع‭ ‬غياب‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬الدائري‭ ‬وإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬المخلفات‭ ‬إلى‭ ‬منتجات‭ ‬جديدة‭. ‬

نعم‭ ‬لدينا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بعض‭ ‬الجهود‭ ‬لجمع‭ ‬المخلفات‭ ‬من‭ ‬المناسبات‭ ‬والمطاعم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬الأهلية‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬سماد‭ ‬او‭ ‬منتجات‭ ‬أخرى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬توزيعها،‭ ‬ولكن‭ ‬إجمالا‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬إعادة‭ ‬تدويره‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬5‭% -‬7%‭ ‬والباقي‭ ‬يذهب‭ ‬هباء‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬طبقنا‭ ‬استراتيجية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري‭ ‬يمكننا‭ ‬استثمار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ملياري‭ ‬دولار‭ ‬سنويا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير‭. ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬يشمل‭ ‬حتى‭ ‬المواد‭ ‬البلاستيكية‭ ‬والملابس‭ ‬وغيرها‭. ‬لذلك‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري‭ ‬عالميا‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬موارد‭ ‬وفرص‭ ‬تتجاوز‭ ‬قيمتها‭ ‬500‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬

وبالمقابل‭ ‬تخسر‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬حوالي‭ ‬120‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويا‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬تدوير‭ ‬النفايات‭. ‬وفي‭ ‬تصوري،‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬نخسر‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬200‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬سنويا‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬النفايات‭ ‬وعدم‭ ‬تدويرها،‭ ‬لذلك‭ ‬نحن‭ ‬مازلنا‭ ‬للأسف‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬سياسات‭ ‬واضحة‭ ‬وتشريعات‭ ‬داعمة‭ ‬ومنظومات‭ ‬متكاملة‭ ‬وخطة‭ ‬وطنية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الدائري،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭ ‬هو‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬لأهمية‭ ‬هذا‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬مع‭ ‬تحفيز‭ ‬المستهلكين‭ ‬واقتناعهم‭ ‬بالمردود‭ ‬الذي‭ ‬يحصلون‭ ‬عليه‭ ‬بفضل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الهدر‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الأكل‭ ‬ومخلفات‭ ‬المنازل،‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬مخلفات‭ ‬انشائية‭ ‬وتجارية‭ ‬وصناعية‭ ‬وزراعية،‭ ‬وكلها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تستثمر‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري‭. ‬ففي‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬ملايين‭ ‬الأطنان‭ ‬سنويا‭ ‬ترمى‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المخلفات‭. ‬

والمشكلة‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬ارتفع‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬والدخل،‭ ‬تزداد‭ ‬كمية‭ ‬النفايات‭. ‬وهذا‭ ‬مفهوم‭ ‬خاطئ‭ ‬يجب‭ ‬التخلص‭ ‬منه‭.‬

الثقافة‭ ‬هي‭ ‬المعيار

محطة‭ ‬أخرى‭ ‬نتوقف‭ ‬عندها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬وهو‭ ‬الجانب‭ ‬البلدي‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يحدثنا‭ ‬عنه‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬البلدي‭ ‬للمنطقة‭ ‬الجنوبية‭ ‬عبدالله‭ ‬ابراهيم‭ ‬عبداللطيف،‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬ازدياد‭ ‬معدل‭ ‬ونسب‭ ‬المخلفات‭ ‬أمر‭ ‬متوقع‭ ‬نتيجة‭ ‬ارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬والمشاريع‭ ‬والاستثمارات‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬ولكن‭ ‬بنفس‭ ‬الوقت‭ ‬هناك‭ ‬مشكلة‭ ‬تتلخص‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬الثقافة‭ ‬الكافية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بخفض‭ ‬نسب‭ ‬المخلفات‭. ‬وهي‭ ‬مشكلة‭ ‬متزايدة‭. ‬

ويوضح‭ ‬ذلك‭ ‬بقوله‭: ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬آباؤنا‭ ‬أكثر‭ ‬احتراما‭ ‬وتقديرا‭ ‬للنعمة‭. ‬ونجد‭ ‬أن‭ ‬الوجبة‭ ‬الواحدة‭ ‬يأكلونها‭ ‬في‭ ‬النهار‭ ‬والليل‭ ‬أيضا‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يبقى‭ ‬من‭ ‬وجبة‭ ‬الغداء‭ ‬حاليا‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يرمى‭ ‬في‭ ‬القمامة‭ ‬او‭ ‬للطيور،‭ ‬ويتجه‭ ‬الأغلب‭ ‬الى‭ ‬طلب‭ ‬وجبة‭ ‬العشاء‭ ‬من‭ ‬الخارج‭. ‬وازدادت‭ ‬مظاهر‭ ‬البذخ‭ ‬والتبذير‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭. ‬انظر‭ ‬إلى‭ ‬أيام‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬لتعرف‭ ‬حجم‭ ‬التبذير،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬صرف‭ ‬الرواتب‭ ‬لتقتنع‭ ‬بحجم‭ ‬الهدر‭ ‬الذي‭ ‬نقوم‭ ‬به‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬أحكام‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬ومع‭ ‬القيم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والبيئية‭. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬أنا‭ ‬أؤمن‭ ‬بأن‭ ‬نسبة‭ ‬المخلفات‭ ‬المنزلية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬مرتفعة‭ ‬جدا،‭ ‬والعامل‭ ‬الأساسي‭ ‬هو‭ ‬الهدر‭ ‬وثقافة‭ ‬الفرد‭. ‬ومثال‭ ‬ذلك،‭ ‬تصلنا‭ ‬في‭ ‬المجالس‭ ‬البلدية‭ ‬بشكل‭ ‬متواصل‭ ‬طلبات‭ ‬لزيادة‭ ‬حاويات‭ ‬القمامة‭. ‬ونجد‭ ‬بنفس‭ ‬الوقت‭ ‬طلبات‭ ‬متزايدة‭ ‬على‭ ‬الأكياس‭ ‬لأن‭ ‬الكيس‭ ‬الواحد‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬شهرا‭ ‬واحدا‭. ‬وهذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬التزايد‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬المخلفات‭.‬

*‭ ‬من‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة؟

**‭ ‬هنا‭ ‬تبرز‭ ‬أهمية‭ ‬الشراكة‭. ‬فمن‭ ‬جانب‭ ‬نحتاج‭ ‬الى‭ ‬جهود‭ ‬تثقيفية‭ ‬كبيرة‭. ‬وبالمقابل‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬تغيير‭ ‬هذه‭ ‬الأنماط‭ ‬السلوكية‭. ‬فإذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الفرد‭ ‬واعيا‭ ‬ومثقفا‭ ‬فلن‭ ‬تجدي‭ ‬معه‭ ‬أي‭ ‬جهود‭ ‬لتعديل‭ ‬السلوك‭. ‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬عملنا‭ ‬في‭ ‬المجالس‭ ‬البلدية،‭ ‬يمكنني‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬بلدية‭ ‬المنطقة‭ ‬الجنوبية‭ ‬مثلا‭ ‬تقوم‭ ‬بواجبها‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه،‭ ‬ولكن‭ ‬تقع‭ ‬المسؤولية‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الشخص‭ ‬نفسه‭ ‬وعلى‭ ‬وعيه‭ ‬وثقافته‭. ‬بدليل‭ ‬انه‭ ‬ومع‭ ‬وجود‭ ‬الحاويات،‭ ‬نجد‭ ‬البعض‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬رمي‭ ‬أكياس‭ ‬القمامة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭! ‬ثم‭ ‬يشتكي‭ ‬من‭ ‬القطط‭ ‬والكلاب‭ ‬ووجود‭ ‬البعوض‭. ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬ثقافة‭ ‬مقبولة؟

فما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعيه‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬إزالة‭ ‬المخلفات‭ ‬ليست‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭. ‬بل‭ ‬هي‭ ‬مشكلة‭ ‬بيئية‭ ‬واقتصادية‭ ‬واجتماعية‭. ‬والآثار‭ ‬السلبية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬حصرها‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬عامل‭ ‬النظافة،‭ ‬مرورا‭ ‬بتكلفة‭ ‬إزالة‭ ‬هذه‭ ‬المخالفات‭ ‬والتعامل‭ ‬معها،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الأضرار‭ ‬البيئية‭ ‬والروائح‭ ‬والبعوض‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬مشكلات‭ ‬صحية‭ ‬وبيئية‭. ‬

 

«شؤون البلديات»: خفض نسبة المخلفات يبدأ بثقافة المجتمع والسلوك الاستهلاكي

مـبـادرات طمــوحــة لــتـقـلـيــص نــسـبــة الــمـخـلـفــات الـتـــي تــذهـــب إلـــى الــمــدفـــن

تدوير 600 ألف طن سنويا من مخلفات البناء.. ومشروع لتدوير 120 ألف طن من المخلفات الزراعية


موضوع‭ ‬المخلفات‭ ‬طرحناه‭ ‬على‭ ‬وزارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات‭ ‬والزراعة،‭ ‬وتحديدا‭ ‬مع‭ ‬مدير‭ ‬إدارة‭ ‬المخلفات‭ ‬المنزلية‭ ‬في‭ ‬الوزارة،‭ ‬المهندس‭ ‬عمار‭ ‬ياسر‭ ‬عبدالكريم،‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلديات‭ ‬والزراعة‭ ‬تولي‭ ‬ملف‭ ‬المخلفات‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة،‭ ‬كما‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬نسبة‭ ‬المخلفات‭. ‬

وأضاف‭: ‬تعمل‭ ‬الوزارة‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تدوير‭ ‬النفايات،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬نفايات‭ ‬الحدائق‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬أسمدة‭ ‬يمكن‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التشجير،‭ ‬وكذلك‭ ‬إعادة‭ ‬تدوير‭ ‬مواد‭ ‬البناء‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬تهيئة‭ ‬وترصيف‭ ‬الشوارع‭.‬

كما‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬النفايات،‭ ‬لذا‭ ‬قامت‭ ‬بتوقيع‭ ‬مناقصة‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬ناس‭ ‬أيضًا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتدوير‭ ‬مخلفات‭ ‬البناء‭ ‬التي‭ ‬بموجبها‭ ‬تقوم‭ ‬الشركة‭ ‬بعملية‭ ‬تدوير‭ ‬600‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬سنويا‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬البناء‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬هي‭ ‬النسبة‭ ‬الأعلى‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬بقية‭ ‬المخلفات‭ ‬المنتجة‭ ‬سنويا‭. ‬

وتابع‭ ‬بقوله‭: ‬تولي‭ ‬وزارة‭ ‬شئون‭ ‬البلديات‭ ‬والزراعة‭ ‬موضوع‭ ‬النظافة‭ ‬وجمع‭ ‬المخلفات‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬باتخاذ‭ ‬كل‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة،‭ ‬وذلك‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬نظافة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭. ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إزالة‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬2200‭ ‬طن‭ ‬يوميا‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬المملكة‭.‬

وأغلب‭ ‬المخلفات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬جمعها‭ ‬يوميا‭ ‬هي‭ ‬المخلفات‭ ‬المنزلية‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬74‭%  ‬من‭ ‬مجمل‭ ‬المخلفات‭ ‬المزالة‭ ‬بصورة‭ ‬يومية،‭ ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬تعمل‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬تقليلها،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالجانب‭ ‬التوعوي‭ ‬والمبادرات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تطرحها‭.  ‬

وتبدأ‭ ‬عملية‭ ‬تقليل‭ ‬المخلفات‭ ‬المنزلية‭ ‬من‭ ‬تغيير‭ ‬ثقافة‭ ‬المجتمع‭ ‬وأنماط‭ ‬السلوك‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬لديه،‭ ‬وهي‭ ‬مهمة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تضافر‭ ‬الجهود‭ ‬المجتمعية‭ ‬والرسمية‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬باعتباره‭ ‬واجبا‭ ‬ومسؤولية‭ ‬وطنية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬ومقيم‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬وذلك‭ ‬لضمان‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمور‭ ‬النظافة‭ ‬وخلق‭ ‬مدن‭ ‬صحية‭.‬

وتابع‭: ‬‮«‬طرحت‭ ‬الوزارة‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬الى‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير‭ ‬وتقليل‭ ‬المخلفات‭ ‬منها‭ ‬إدارة‭ ‬وتشغيل‭ ‬مدفن‭ ‬المخلفات‭ ‬بتقنية‭ ‬الدفان‭ ‬الهندسي‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬العمل‭ ‬عليه‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬المختصة‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬بالطرق‭ ‬الصحيحة‭ ‬والمعتمدة‭ ‬دوليا‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬المخلفات‭ ‬المنزلية‭ ‬هي‭ ‬مخلفات‭ ‬يتم‭ ‬جمعها‭ ‬عبر‭ ‬شركات‭ ‬النظافة،‭ ‬وذلك‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مخلفات‭ ‬عامة‭ ‬يتم‭ ‬جمعها‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬السكنية‭ ‬والأحياء‭ ‬والشوارع‭ ‬والطرق‭ ‬العامة‭. ‬وتتكون‭ ‬المخلفات‭ ‬القابلة‭ ‬للتدوير‭ ‬وهي‭ ‬مخلفات‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬مواد‭ ‬قابلة‭ ‬للتدوير‭ ‬كالورق،‭ ‬الكرتون،‭ ‬البلاستيك،‭ ‬المعادن،‭ ‬والزجاج،‭ ‬وهي‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬المبادرات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬الوزارة‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تقليل‭ ‬نسبة‭ ‬المخلفات‭ ‬التي‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬المدفن‭ ‬عبر‭ ‬تشجيع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير،‭ ‬وتشجيع‭ ‬القطاع‭ ‬الأهلي‭ ‬لبث‭ ‬ثقافة‭ ‬التدوير‭ ‬وتقيل‭ ‬الاستهلاك‮»‬‭.‬

وفيما‭ ‬يخص‭ ‬مخلفات‭ ‬الطعام،‭ ‬فإن‭ ‬الوزارة‭ ‬تقوم‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الحملات‭ ‬التوعوية‭ ‬للمواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬بضرورة‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الهدر‭ ‬وتشجيع‭ ‬المبادرات‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬وبصورة‭ ‬مستمرة‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬والفعاليات‭ ‬المجتمعية‭ ‬مثل‭ ‬الجمعيات‭ ‬الأهلية‭ ‬والقائمين‭ ‬على‭ ‬الفعاليات‭ ‬الموسمية‭ ‬أو‭ ‬مختلف‭ ‬المناسبات‭.‬

وتقوم‭ ‬الوزارة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬تدوير‭ ‬المخلفات‭ ‬الخضراء‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬الأشجار‭ ‬والمزروعات‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬أسمدة‭ ‬عبر‭ ‬مشروع‭ ‬تجريبي،‭ ‬وذلك‭ ‬لتوفير‭ ‬السماد‭ ‬كتخلص‭ ‬آمن‭ ‬وصحي‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المخلفات،‭ ‬حيث‭ ‬ستبلغ‭ ‬نسبة‭ ‬التدوير‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬التشغيل‭ ‬الفعلي‭ ‬للمنشأة‭ ‬تدوير‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬120‭.‬000‭ ‬طن‭ ‬سنويا‭.‬

كما‭ ‬تعمل‭ ‬الوزارة‭ ‬حاليا‭ ‬على‭ ‬مبادرة‭ ‬تدوير‭ ‬الإطارات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬جمعها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أعمال‭ ‬التنظيف‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬البلديات‭ ‬والأمانة‭. ‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمخلفات‭ ‬الهدم‭ ‬والبناء،‭ ‬يتم‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬جمع‭ ‬مخلفات‭ ‬الهدم‭ ‬والبناء‭ ‬وجمعها‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬البناء‭ ‬وتدويرها‭ ‬بالتعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬لإعادة‭ ‬استخدمها‭ ‬بعد‭ ‬معالجتها‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬صيانة‭ ‬بعض‭ ‬مشاريع‭ ‬الطرق‭ ‬واستخدامها‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مشاريع‭ ‬الوزارة‭ ‬لإنشاء‭ ‬الحدائق‭ ‬والمماشي‭ ‬في‭ ‬المملكة‭.‬

وشدد‭ ‬المهندس‭ ‬عمار‭ ‬ياسر‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬دعم‭ ‬ثقافة‭ ‬التدوير‭ ‬مجتمعيا،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬تتبنى‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬وحملات‭ ‬التوعية،‭ ‬وذلك‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬فرز‭ ‬المخلفات‭ ‬وتقليلها‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تدويرها،‭ ‬بحسب‭ ‬الإمكانيات‭ ‬الحالية‭. ‬

وقال‭: ‬أطلقت‭ ‬الوزارة‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬حملات‭ ‬التوعوية‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬الالتزام‭ ‬بتقليل‭ ‬المخلفات‭ ‬وهدر‭ ‬الطعام،‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬الوزارة‭ ‬تستغل‭ ‬كل‭ ‬المناسبات‭ ‬والفعاليات‭ ‬لتوعية‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬بأهمية‭ ‬النظافة‭ ‬وآلية‭ ‬التخلص‭ ‬منها‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬الاستهلاك‭.‬

كما‭ ‬تعمل‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬تلك‭ ‬الثقافة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عقد‭ ‬النظافة‭ ‬الجديد‭ ‬للشركات،‭ ‬حيث‭ ‬سيتم‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬300‭ ‬موقع‭ ‬لجمع‭ ‬مواد‭ ‬التدوير‭ ‬وتوفير‭ ‬الحاويات‭ ‬اللازمة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬كما‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬تطبيق‭ ‬إلكتروني‭ ‬لتمكين‭ ‬الأفراد‭ ‬من‭ ‬الاشتراك‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير‭ ‬يمكن‭ ‬للجمهور‭ ‬التسجيل‭ ‬فيه‭ ‬لتوفير‭ ‬الحاويات‭ ‬اللازمة‭ ‬وجمعها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المحدد‭ ‬إذ‭ ‬سيبدأ‭ ‬كبرنامج‭ ‬تجريبي،‭ ‬ونعمل‭ ‬على‭ ‬تطويره‭ ‬مع‭ ‬اشتراك‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأشخاص،‭ ‬ونستهدف‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬تدوير‭  ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا