العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

مقالات

شغل الوظائف العامة والبطالة

بقلم: هنادي الجودر

الأحد ٢٣ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء‭ ‬

لقد‭ ‬نشط‭ ‬الحراك‭ ‬الأهلي‭ ‬والبرلماني‭ ‬في‭ ‬الأسبوعين‭ ‬الماضيين‭ ‬نحو‭ ‬السعي‭ ‬لتحريك‭ ‬مياه‭ ‬مشكلة‭ ‬البطالة‭ ‬الراكدة‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬مظاهر‭ ‬هذا‭ ‬الحراك‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬تنسيقية‭ ‬الجمعيات‭ ‬السياسية‭ ‬المعنون‭ (‬البطالة‭ ‬وتحديات‭ ‬البحرنة‭)‬،‭ ‬وأتبعه‭ ‬قيام‭ ‬جمعية‭ ‬تجمع‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬بإطلاق‭ ‬منصة‭ (‬اختارني‭) ‬المهتمة‭ ‬بمساعدة‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬وأخيراً‭ ‬الاقتراح‭ ‬النيابي‭ ‬بوضع‭ ‬قيود‭ ‬على‭ ‬شغل‭ ‬الأجانب‭ ‬للوظائف‭ ‬العامة‭.‬

ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحراك‭ ‬يُعد‭ ‬خطوة‭ ‬ايجابية‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬حل‭ ‬مشكلة‭ ‬البطالة‭ ‬الشائك‭ ‬والعسر،‭ ‬والتي‭ ‬تؤرق‭ ‬المواطن‭ ‬والسلطة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬جُهد‭ ‬يُبذل‭ ‬لإيجاد‭ ‬حل‭ ‬لها‭ ‬هو‭ ‬جهد‭ ‬مشكور‭ ‬ويستحق‭ ‬التقدير‭ ‬قطعاً،‭ ‬لذا‭ ‬سألقي‭ ‬بعض‭ ‬الضوء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭  ‬على‭ ‬آخر‭ ‬هذه‭ ‬الجهود،‭ ‬وهو‭ ‬الاقتراح‭ ‬الذي‭ ‬وافقت‭ ‬عليه‭ ‬اللجنة‭ ‬التشريعية‭ ‬والقانونية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬بتعديل‭ ‬قانون‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية‭ ‬بوضع‭ ‬قيود‭ ‬على‭ ‬توظيف‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬الوظيفة‭ ‬العامة،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬بأن‭ ‬أهداف‭ ‬هذا‭ ‬التعديل‭ ‬نبيلة‭ ‬وتصب‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬التزام‭ ‬السادة‭ ‬النواب‭ ‬الموقرين‭ ‬بتعهداتهم‭ ‬لناخبيهم‭ ‬وللمواطنين‭ ‬بحل‭ ‬مشكلة‭ ‬البطالة،‭ ‬وأن‭ ‬الخطوة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬موفقة‭ ‬ولكن‭ ‬المقترح‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬لن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬مشكلة‭ ‬إحلال‭ ‬البحريني‭ ‬محل‭ ‬الأجنبي‭ ‬في‭ ‬الوظائف‭ ‬الحكومية‭ ‬لأسباب‭ ‬كثيرة‭.‬

وأولها‭ ‬هو‭ ‬فهم‭ ‬دلالة‭ ‬صريح‭ ‬نص‭ ‬الفقرة‭ (‬أ‭) ‬المادة‭ (‬16‭) ‬من‭ ‬دستور‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬المعدل‭ ‬2002‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الوظائف‭ ‬العامة‭ ‬خدمة‭ ‬وطنية‭ ‬تناط‭ ‬بالقائمين‭ ‬بها،‭ ‬ويستهدف‭ ‬موظفو‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬وظائفهم‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭. ‬ولا‭ ‬يولى‭ ‬الأجانب‭ ‬الوظائف‭ ‬العامة‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الأحوال‭ ‬التي‭ ‬يبينها‭ ‬القانون‭.‬

والذي‭ ‬فصّله‭ ‬نص‭ ‬الفقرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬المادة‭ ‬11‭ ‬من‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ ‬69‭ ‬لسنة‭ ‬2014‭ ‬على‭ ‬أنه‭ (‬واستثناء‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬البند‭ (‬1‭) ‬الذي‭ ‬اشترط‭ ‬شرط‭ ‬الجنسية‭ ‬البحرينية‭ ‬للتوظيف‭ ‬في‭ ‬الوظائف‭ ‬الحكومية،‭ ‬يجوز‭ ‬شغل‭ ‬الوظيفة‭ ‬بغير‭ ‬البحرينيين‭ ‬بطريق‭ ‬التعاقد‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تعذر‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المرشحين‭ ‬البحرينيين‭ ‬الذين‭ ‬يستوفون‭ ‬شروط‭ ‬شغل‭ ‬الوظيفة‭ ‬المطلوبة‭...)‬

فالوظيفة‭ ‬العامة‭ ‬وفقا‭ ‬للنص‭ ‬الدستوري‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬المواطنة‭ ‬وهي‭ ‬خدمة‭ ‬وطنية‭ ‬وشرف‭ ‬لن‭ ‬يُخلص‭ ‬في‭ ‬حمله‭ ‬سوى‭ ‬المواطن‭ ‬أولاً،‭ ‬ثم‭ ‬من‭ ‬رحِم‭ ‬ربي‭ ‬من‭ ‬المخلصين‭ ‬سواهم،‭ ‬لأنها‭ ‬لو‭ ‬خُليت‭ ‬خربت،‭ ‬وإن‭ ‬النص‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬تولي‭ ‬الأجانب‭ ‬للوظائف‭ ‬العامة،‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬الاستثناء‭ ‬الناهي،‭ ‬فلا‭ ‬يُولى‭ ‬الأجانب‭ ‬الوظائف‭ ‬العامة‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬الاستثناء‭ ‬ولضرورة‭ ‬تقتضي‭ ‬ذلك،‭ ‬لذلك‭ ‬يتوجب‭ ‬على‭ ‬المشرّع‭ ‬عدم‭ ‬التوسع‭ ‬فيها،‭ ‬بل‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬التقييد‭ ‬لها‭ ‬بالتشددّ‭ ‬في‭ ‬الشروط‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬النص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬توظيف‭ ‬الأجنبي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تعذر‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المرشحين‭ ‬البحرينيين‭ ‬الذين‭ ‬يستوفون‭ ‬شروط‭ ‬شغل‭ ‬الوظيفة‭ ‬المطلوبة،‭ ‬يعتبر‭ ‬شرطا‭ ‬جوهريا‭ ‬ومحوريا‭ ‬لتوظيف‭ ‬الأجنبي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬يقول‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يتعذر‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مرشح‭ ‬بحريني‭ ‬يستوفي‭ ‬شروط‭ ‬شغل‭ ‬أي‭ ‬وظيفة‭ ‬حكومية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬الواقع‭ ‬العملي‭ ‬والتعليمي‭ ‬والخبراتي‭ ‬للمواطن‭ ‬البحريني‭ ‬يستبعد‭ ‬وجود‭ ‬ضرورة‭ ‬تستدعي‭ ‬تولية‭ ‬الأجنبي‭ ‬وظيفة‭ ‬عامة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر،‭ ‬باعتبار‭ ‬توفر‭ ‬الكفاءات‭ ‬البحرينية‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬تغطي‭ ‬وتستوعب‭ ‬جميع‭ ‬الخبرات‭ ‬العملية‭ ‬والتخصصات‭ ‬العلمية‭ ‬وبدرجات‭ ‬علمية‭ ‬عالية‭ ‬تُغني‭ ‬البلاد‭ ‬عن‭ ‬توظيف‭ ‬الأجنبي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الأدهى‭ ‬والأمرّ‭ ‬بأن‭ ‬بعض‭ ‬أصحاب‭ ‬المؤهلات‭ ‬العلمية‭ ‬العليا‭ ‬قد‭ ‬انضموا‭ ‬إلى‭ ‬صفوف‭ ‬البطالة‭ ‬فيما‭ ‬يشغل‭ ‬أجنبي‭ ‬وظيفة‭ ‬حكومية‭ ‬هو‭ ‬أولى‭ ‬بها‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬الشروط‭ ‬التي‭ ‬تضمنها‭ ‬مقترح‭ ‬تعديل‭ ‬القانون‭ ‬وتلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬منها‭ ‬باشتراط‭ ‬درجة‭ ‬الماجستير‭ ‬وخبرة‭ ‬عشر‭ ‬سنوات،‭ ‬فهي‭ ‬محل‭ ‬نظر‭ ‬لأنها‭ ‬شروط‭ ‬غير‭ ‬مُحصّنة،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬الأجنبي‭ ‬توفيرها،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظواهر‭ ‬الشهادات‭ ‬العلمية‭ ‬غير‭ ‬الموثوقة‭ ‬والتي‭ ‬يتم‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬شكلياً‭ ‬ودون‭ ‬جهد،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬شخصا‭ ‬لم‭ ‬يُعجزه‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الشهادة‭ ‬فلن‭ ‬يُعجزه‭ ‬التحصّل‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬خبرة‭ ‬تستوفي‭ ‬متطلبات‭ ‬التوظيف،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬مقارنة‭ ‬بمواطن‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬تلقى‭ ‬تعليمه‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬الحكومية،‭ ‬يتفوق‭ ‬على‭ ‬الأجنبي‭ ‬في‭ ‬شروط‭ ‬التوظيف‭ ‬بالجنسية‭ ‬وبالشهادة‭ ‬الموثوقة،‭ ‬أما‭ ‬موضوع‭ ‬الخبرة‭ ‬فلن‭ ‬تتراكم‭ ‬لديه‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬لعمله‭ ‬وتدريبه‭ ‬وتميزه‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت‭. ‬

وختاماً،‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬بأن‭ ‬مشكلة‭ ‬البطالة‭ ‬قد‭ ‬أصبحت‭ ‬هماّ‭ ‬للأسر‭ ‬البحرينية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬بيت‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬شخص‭ ‬عاطل‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تُثبت‭ ‬الاحصائيات‭ ‬شغل‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأجانب‭ ‬للوظائف‭ ‬الحكومية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬الوجهة‭ ‬الأولى‭ ‬للمواطن‭ ‬المضمونة‭ ‬عبر‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وأن‭ ‬الوظيفة‭ ‬الحكومية‭ ‬ترتبط‭ ‬بإدارة‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬وكفالة‭ ‬الحقوق‭ ‬وتعزيزها،‭ ‬والتي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يؤتمن‭ ‬عليها‭ ‬المواطن‭ ‬تعزيزاً‭ ‬لانتمائه‭ ‬وحبه‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬التفاصيل‭ ‬تلعب‭ ‬دوراً‭ ‬هاماً‭ ‬في‭ ‬ارتباط‭ ‬الشخص‭ ‬بوطنه‭ ‬وشعوره‭ ‬بأنه‭ ‬جزء‭ ‬منه‭.‬

وأقترح‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تعديل‭ ‬هذا‭ ‬المقترح‭ ‬بجعل‭ ‬المواطن‭ ‬هو‭ ‬الخيار‭ ‬الأول‭ ‬والأخير‭ ‬لشغل‭ ‬الوظيفة‭ ‬الحكومية‭ ‬وألا‭ ‬يتعدى‭ ‬نسبة‭ ‬الأجانب‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬نصف‭ ‬الواحد‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬العاملين‭ ‬فيها‭ ‬إن‭ ‬استدعت‭ ‬الضرورة‭ ‬ذلك‭. ‬

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا