يتطرق كتاب «قصة اللؤلؤ.. علاقة عائلة بحرينية باللؤلؤ الطبيعي» الذي صدر في طبعتيه بـ3 لغات عالمية «العربية والإنجليزية والفرنسية» إلى كل ما يرتبط باللؤلؤ الطبيعي في البحرين، باعتبارها وجهة البيع الأولى في منطقة الخليج العربي، وكانت تستحوذ على نصف عائداته السنوية.
ويذكر الكتاب «استحوذ اللؤلؤ على عقول البشر فألهمهم أن يتاجروا به.. كانت تحقق من العوائد ما يساوي العوائد التجارية لدول الخليج العربي وإيران. ووفقا للدكتور عيسى أمين في كتاب صيد اللؤلؤ «يحسد الجميع البحرين على عائداتها من بيع اللؤلؤ والتي تبلغ سنويا تقريبا 30 مليون روبية إنجليزية»، بينما كانت صادرات دول الخليج العربي في ذلك الوقت تعادل 60-70 مليون روبية سنويا».
ويبين الكتاب «لم تؤثر تجارة اللؤلؤ على البحرين فحسب، بل على مختلف الدول المجاورة فقد جذبت مواسم الغوص الكثيرين ممن يسعون إلى طلب الرزق من الدول التي جاورت البحرين، فأصبحت هذه الدولة وجهة لمهنة الغوص والمهن المصاحبة وجذبت بهذا الحجر المشع مختلف التجار للمتاجرة به وبيع المحصول منه فكان يرد إلى البحرين لؤلؤ من البحر الأحمر (الصومال، الساحل السعودي، اليمن) فضلا عما يأتيها من دول الخليج العربي وسواحل إيران».
كما ارتبطت بعض مسميات الأحياء في البحرين بمهنة الغوص لصيد اللؤلؤ وتوابعها، إذ سمي حي كامل في عاصمة البحرين بالمخارقة، وذلك نسبة إلى العاملين في خرق اللؤلؤ أي ثقبه، كما تم تسمية العديد من العوائل والأسر بألقاب عاملي اللؤلؤ مثل الدلال والشكاك (ناظمو عقد اللؤلؤ).
ويشير الكتاب إلى أن «كل عقد لؤلؤ ينتج في البحرين يخضع لمجموعة من المعايير التي تحتم أن يكون اللؤلؤ ذا لمعان معين، ولون موحد. ويتصف بتدرج واضح ومتسلسل بخلاف ما يتم إنتاجه في أماكن اخرى. ولهذا، عرفت البحرين بلؤلؤها الخلاب الذي يزهو ويزدان بأجمل التشكيلات فارتبطت هذه الفخامة بأسماء وعوائل بحرينية أصيلة حافظت على هذا التراث وأتقنت تجارته».
مغاصات اللؤلؤ
يتناول الكتاب في أحد فصوله مغاصات اللؤلؤ في الخليج العربي الذي يعتبر أغنى مناطق العالم بمغاصات اللؤلؤ الطبيعي، فهي تمتد من الساحل العماني جنوبا إلى الساحل الكويتي شمالا، وتمتاز البحرين بأشهرها وأندرها. وكان يطلق على مغاصاتها اسم «الهيرات»، والهيرة، تعني الأرض المستوية في قاع البحر، وتوجد بكثرة حول جزر البحرين.
تمكن سكان الخليج العربي حتى وقت قريب من الوصول إلى الهيرات والارتزاق منها، ومن أكبر الهيرات في المنطقة هير اشتيه في الشمال الشرقي من البحرين، الذي يضم مجموعة من الهيرات الصغيرة المحيطة بالجزر، مثل هير شقته وبوحاقول والميانة وبولثامة ونيوة علي.
الاستعدادات
ينطلق الغواصة في مدة حددتها المراسيم الحكومية منذ العقد الثالث من القرن العشرين بأربعة أشهر وعشرة أيام، يطلق على بدايتها اسم الركبة وعلى نهايتها القفال. ويقتصر موسم الغوص على الأشهر الدافئة من السنة فقط. كان الترتيب لرحلة الصيد يستغرق شهرا كاملا مصحوبا باستعدادات ومراسم يتخذها البحارة والأهالي مما يجعل موسم الصيد مناسبة جدير بالاحتفال.
وفي استعدادات الركبة، يتزود الغواص بالمعدات اللازمة من أدوات جمع المحار والألبسة الواقية والأغذية، ومنها: الخبط، وهو قفاز لحماية الأصابع من الأحجار، واليدا، وهو الحبل الواصل بين الغواس والسيب لرفع الغواص إلى ظهر السفينة، والديين ويعني كيسا شبكيا يعلق برقبة الغواص لجمع المحار. وأيضا الزبيل، وهو حبل مربوط في طرفه ثقل لجر الغواص إلى القاع.
يضم طاقم السفينة 50-60 شخصا، من بينهم النوخذة، وهو المسؤول عن استعدادات الرحلة وبيع المحصول بعد انقضاء الموسم، والجعدي، نائب النوخذة، والمجدمي، مساعد النوخذة المسؤول عن حفظ وصيانة معدات السفينة، والغواص ومهمته جمع المحار وفلقه، والسيب الذي يقوم بالتجديف ورفع الشراع وجر الغاصة وتنظيف وصيانة السفينة، والنهام المغني، والجنان ومهمته طي الحبال الطويلة المرتبطة بالمرساة، والتباب وهو ابن النوخذة أو قريبه وسنه لا يتجاوز 12 سنة، ومهنته المناولة وتعلم مهنة الأجداد.
أما الطواش - الذي لا يستقر على متن سفينة الغوص - فهو من يخرج بسفينته إلى مواقع الغوص لشراء اللؤلؤ من النوخذة مقابل نقود أو زاد «تمر وأرز»، ويعود لبيع اللؤلؤ مع الطواويش الآخرين في الخليج العربي أو السفر به إلى الهند لبيعه هناك.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك