الأشخاص الذين تجاوزوا سن السبعين يكونون أكثر عرضة للكثير من الأمراض، بل أكثر احتياجا لعناية مخصوصة من المحيطين وقد يتطلب الأمر طلب المساعدة إذا لازم الأمر من المختصين. في الحوار التالي مع بروفيسور فيصل عبداللطيف الناصر أستاذ طب العائلة كلية امبريال، لندن رئيس مركز الرعاية الصحية المنزلية سنتعرف على أكثر الأمراض شيوعا عند كبار السن وأهم الطرق الممكنة لمساعدتهم لحياة آمنة.
ما هو الخرف؟
الخرف هو انحدار في وظائف الدماغ العامة، ناتج عن فقدان أبدي في الخلايا العصبية.
وعندما تموت الخلايا الدماغية فإنها لا تعوض كخلايا الأعضاء الأخرى. فالإنسان يولد ولديه ما يقارب من 5000 مليون خلية دماغية تتحكم في جميع انشطة الانسان الجسدية والذهنية، وخلال فترة حياته فإن ما يتراوح من 50% تموت طبيعيا إلا أنها لا تؤثر على النشاطات الذهنية الطبيعية.
هل هناك أنواع من الخرف؟
نعم، فهناك الخرف المرضي: وهو الذي يحدث بسبب إصابة المخ بأمراض مختلفة منها تصلب الشرايين الذي يؤدي إلى نقص تروية الدماغ متسببا في ضمور أجزاء منه، وتكثر هذه الحالة في الذكور عن الإناث وعادة ما تبدأ بعد سن السبعين وأحيانا قد تبدأ مبكرا جدا مع عمر الأربعين.
تبدأ الأعراض بالشكوى من فقدان الذاكرة وفقدان الاستيعاب الذهني والقدرات الذكائية، مع احتفاظ المريض بإدراكه مما يؤدي إلى احتمال إصابته بالاكتئاب لعدم قدرته على ممارسة أعماله اليومية الطبيعية، وفي بعض الأحيان يشكو المصاب من ألم في الرأس، دوخة، طنين الأذن، اضطراب في الأعصاب أو عدة شكاوى اخرى ليس لها مصدر مرضى.
أما النوع الثاني هو خرف الشيخوخة ويأتي مع كبر السن الا أن للوراثة دور أساسي في ظهوره وتزداد احتمالات حدوثه أربع مرات إذا ما كان أحد من أفراد العائلة مصابا بنفس المرض. يعاني المصابون هنا بضمور في المخ ونقص في حجم وعدد الخلايا العصبية حيث يحدث المرض بصورة تدريجية وعلى سنوات عديدة وتكون أول شكوى للمريض هي فقدان الذاكرة يعقبه نقص في القدرات الذهنية. ومن الممكن أن يصاب بالهلوسة ولكن في سن متقدم جدا عندئذ لا يعي المريض بمشكلته ولكن يكتشفها أهله أو جيرانه الذين يلاحظون فقدانه للذاكرة والتشويش في التركيز وعدم القدرة على الاعتناء بالنفس.
يختلف هذا النوع من الخرف المرضي الذي يحدث فجأة وفي وقت قصير متسببا بضرر نوعي أو دائم للمصاب، مع ادراك المصاب لحالته المرضية حيث يكون محتفظا بالشخصية. وعادة ما يصاحب هذا النوع أمراض اخرى مثل ارتفاع ضغط الدم، بينما خرف الشيخوخة يحدث بصورة بطيئة جدا وبالتدريج ولا تتأثر الحالة النفسية للمريض.
والنوع الثالث: هو الخرف ما قبل الشيخوخة والذي يسمى الزهايمر في هذه الحالة يتم فقدان الخلايا العصبية بسرعة كبيرة أكثر من المعدل الطبيعي وذلك لأسباب غير معروفة، فيقل حجم المخ بشكل ملحوظ.
والخرف هنا عام إلا أن المصاب على دراية بحالته، ويشتكي المريض من النسيان المتزايد ومع الأسف فهذا المرض يؤدي للوفاة في غضون عامين إلى عشرة أعوام.
عندما يصاب الإنسان بالخرف يتدهور اداءه الجسدي ونشاطه الذهني وتتغير شخصية المصاب من الإنسان الفعال المشارك إلى آخر يكون عبئا على أهله والمجتمع ولذلك لابد من الوقاية من احتمالات الإصابة بالخرف وذلك بالاعتناء بالصحة العامة وتناول الاغذية الصحية والابتعاد عن الممارسات والعادات الضارة كالتدخين وشرب الكحول والخمول وعدم المحافظة على الوزن المناسب.
إلا أن من أهم عوامل الوقاية من الخرف هو الاستمرار في ممارسة الأنشطة الذهنية التي تحافظ على حيوية الدماغ والابتعاد عن الضغوط والتوتر النفسي.
ما هي نصائحك للعناية بكبار السن؟
دائما أنصح بالمواظبة على ممارسة تمارين رياضية بسيطة بجانب رياضة المشي بشكل يومي، الاحتكاك بالمجتمع والمشاركات في النشاطات المتعددة والعلاقات الأسرية، كما يجب على المسن استخدام دماغه بشكل مستمر من خلال القراءة أو ممارسة الألعاب التي تعتمد على الذكاء كلعب الشطرنج وحل الكلمات المتقاطعة والسودوكو وغيرها مع المحافظة على الغذاء الصحي والتقنين في كمية الطعام والابتعاد عن المأكولات الدسمة التي تساعد على الخرف واخيرا الابتعاد عن التدخين.
ان عدد المسنين في ازدياد والشيخوخة أصبحت ظاهرة تتسبب في مشاكل في دول العالم الثالث حيث أنه من المتوقع أن تصل النسبة إلى ربع عدد السكان خلال الأعوام الخمسة والعشرين القادمة وذلك ناتج عن ارتفاع الوعي الصحي العام للناس وتطور سبل الوقاية والعلاج مما يؤدي الى ارتفاع مستوى العمر. ان نسبة المسنين في دول العالم الثالث في الوقت الحالي تصل إلى 5% من عدد السكان بينما في دول أوروبا واليابان لا تزداد عن 18% ولكن هذه النسبة في الدول المتقدمة مستقرة بينما هي في ازدياد مطرد في الدول النامية كما ذكرنا مسبقاً وتكمن المشكلة في الدول النامية الى عدم توفر الخدمات الصحية والاجتماعية والنفسية والمجتمعية الكافية لخدمة تلك الفئة من المجتمع وخصوصا عندما يضطر المسن ليعيش وحيدا مما يؤدي إلى تدهور حالته الصحية والنفسية مع نقص الخدمات المساندة له.
فالبيوت الحديثة اصبحت صغيرة وابتدأ مفهوم العائلة الكبيرة الممتدة التي ترعى افرادها بالاختفاء مما أثر كثيرا على صحة وحركة المسن فأصبح من الضروري مساعدته بالعوامل المانعة لسقوطه كالدعامات في الجدران والحمامات وتلك المساعدة على الحركة والتنقل كمثل المصعد الكهربائي والمصعد الكرسي الذي يمكن تركيبه بسهولة على السلم لضمان تنقل المسن بين طوابق المنزل بأمان.
ان الحركة مهمة جدا للمسن حيث انها تنشط البدن وتقوي العضلات فجلوس المسن لفترة طويلة يسبب ضمور العضلات وتآكل العظام مما يؤدي الى صعوبة الحركة.
وايضا فالفحوصات الدورية للمسن مهمة سواء كان الفحص السريري او الفحوصات المختبرية التي يطلبها الطبيب المعالج وذلك عن طريق خدمات الرعاية الصحية المنزلية والتي تشمل زيارة الطبيب في المنزل لتقديم العلاج المطلوب او توفير ممرض مدرب للرعاية اليومية لكبار السن سواء كانت الرعاية الصحية او الشخصية او النفسية لهم وكذلك مرافقتهم خارج المنزل.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك