فن الكاريكاتير هو احد فنون الرسم الذي اعتاد القراء على قراءته عبر الصحف أو المجلات الأسبوعية أو الدورية، وكان لهذا الفن رسائل عدة ساخرة وناقدة، ولو أنه في بداية ظهور هذا الفن ارتبط ارتباطا قوياً بأنه فن ساخر «يعتمد على رسم الشخص لصورة مع المبالغة في تغيير وتحوير ملامحها وتحويلها الى رسمة ساخرة يكون هدفها الاول السخرية وأحيانا يكون بهدف النقد الاجتماعي أو السياسي أو الفني».
هذا الفن اعتدنا كقراء على مشاهدته في أكثر الصحف اليومية خليجيا وعربيا بل وعالمياً، ومع مرور الوقت قلت مشاهدته في الصحف، وبعض الصحف اصبح فيها معدوماً وهذا لم يكن في الصحافة اليومية ولكن تعداها لنرى غيابه عن المجلات والدوريات، ما شكل تساؤلا لماذا يغيب هذا الفن الراقي عن الدور الإعلامي المنوط به؟
والجدير بالذكر ان فن الكاريكاتير يتسم بقدرته الفائقة على النقد أكثر من استخدام الكلمات في النقد او كتابة مقالات او تقارير بأكملها.
غياب فن الكاريكاتير حالة مؤلمة، ومحزنة للكثيرين من عشاقه، فهذا الفن بتعاطيه الفني ناقداً وساخراً وشاهداً على حالات عدة ذات مثالب يعريها فن الكاريكاتير، بل ويذهب إلى اكبر من ذلك، لأنه يضع مبضعه على الجرح، ويقطع مسببات الداء في الجسد الحي، مشيراً إلى حالات كثيرة واقعة في مجتمعاتنا مسببة انتشار الفيروس.
والغريب أن بعض الصحف والمجلات تستعين بالصورة عوضاً عن فن الكاريكاتير، وهذا تهميش وتغييب قسري لهذا الفن العريق الذي اعتدنا على قراءته أكثر من المقال، لأنه وحده يشكل مقالا مكتمل الأركان.
ولو رجعنا إلى تاريخ فن الكاريكاتير في العصر الحديث لوقفنا على أول محطاته في ايطاليا، كونها الدولة الأولى في العصر الحديث التي استخدم فيها هذا الفن، أي في عام 1646م، عبر بروز أهم الفنانين، ألا وهو الفنان جيان لورينزوبرنيني الذي نقله إلى فرنسا في القرن السابع عشر.
ثم عرف هذا الفن في بريطانيا على يد الفنان جورج تاوتسهند الذي يعد أول من استخدم فن الكاريكاتير في نقل افكاره السياسية.
اما في عالمنا العربي فقد برز هذا الفن على يد الرسام المبدع يعقوب صنوع الذي كان ينشر في مجلة ابو نضارة، ينتقد فيها بعض السياسيين.
وتعد فترة الستينيات من القرن الماضي فترة خصبة وذهبية في العالم العربي لرسامي فن الكاريكاتير.
ولهذا الفن رسائله التي تنحو في بعضها نحو الواقعية في تركيز الفنان على الصورة من خلال الكاريكاتير الذي للنص فيه دور كبير في إيصال الفكرة.
وظل الكاريكاتير يتطور بتطور فنانيه الذين ظلوا مخلصين له، وكانت رسائلهم تصل إلى شريحة كبرى في المجتمع، ومثال ذلك ما شكله الشهيد ناجي العلي الذي كانت اعماله سببا في اغتياله، ولا ننسى الفنانين الآخرين كالفنان مصطفى حسين والفنان جورج كروكشانك والفنان جواد حجازي.. والكثير من الفنانين المبدعين في هذا المجال، وفي محيطنا المحلي اذكر دور الفنان البحريني الذي كانت اعماله على مدى سنوات قريبة تزين واجهة صحفنا ومجلاتنا امثال: المهندس المعماري الفنان خليل الهاشمي والفنان المخضرم عبدالله المحرقي والفنان علي الصميخ والفنان حسن قمبر والفنان نادر القصير.. إلخ.
بقي ان اؤكد أن غياب هذا الفن يعد غيابا لرسائل عدة بينها المفرح وبينها المحزن!
وحاجتنا إلى فن الكاريكاتير حاجة تقود اكثرنا إلى جمال العالم الذي يغذي الروح من الداخل ويترك شهد النحل في مفاصل الجسد المتعب، بعيداً عن ضياع قلم الرصاص في مصاف ظهور اقلام ملونة زاهية من الخارج ضعيفة من الداخل.
a.astrawi@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك