العدد : ١٧٠٥٢ - الجمعة ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٢ - الجمعة ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

أخبار البحرين

سرقات في وضح النهار
صحفيون يجتهدون.. صحف تتكبد تكاليف المنافسة الشريفة.. وأصحاب حسابات يسرقون المحتوى

تحقيق: محمد الساعي

الأحد ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

لماذا قالت إدارة الجرائم الإلكترونية للصحافة: عذرا لا يمكننا حمايتكم؟


بعض الحسابات أشبه بدكاكين تبيع الأخبار المسروقة


 

يعرّف‭ ‬معجم‭ ‬المعاني‭ (‬السرقة‭ ‬الأدبية‭) ‬بأنها‭ ‬‮«‬أنْ‭ ‬يَأْخُذَ‭ ‬شَاعِرٌ‭ ‬أوْ‭ ‬كَاتِبٌ‭ ‬شِعْرًا‭ ‬أو‭ ‬نَصًّا‭ ‬لِغَيْرِهِ‭ ‬وَيَنْسُبَهُ‭ ‬لِنَفْسِهِ‮»‬‭. ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬استخدام‭ ‬أو‭ ‬إعادة‭ ‬نشر‭ ‬مطبوعات‭ ‬محفوظة‭ ‬الحقوق‭ ‬أو‭ ‬الموادّ‭ ‬المسجّلة‭ ‬البراءة‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬غير‭ ‬مصرّح‭ ‬به‭.‬

اصطلاحا‭.. ‬تعرّف‭ ‬السرقة‭ ‬الأدبية‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬نسخ‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬عملا‭ ‬آخر‭ ‬دون‭ ‬تقديم‭ ‬اقتباس‭ ‬مناسب‭ ‬أو‭ ‬ائتمان،‭ ‬ويحاول‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تمرير‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬عمل‭ ‬خاص‭ ‬به‮»‬‭.‬

وتعرف‭ ‬موسوعة‭ ‬‮«‬ويكيبيديا‮»‬‭ ‬السرقة‭ ‬الأدبية‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬ادعاء‭ ‬شخص‭ ‬صراحة‭ ‬أو‭ ‬ضمنيا‭ ‬كتابة‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬آخر‭ ‬أو‭ ‬النقل‭ ‬مما‭ ‬كتبه‭ ‬آخرون‭ ‬كلياً‭ ‬أو‭ ‬جزئياً‭ ‬بدون‭ ‬عذر‭ ‬أو‭ ‬اعتراف‭ ‬مناسب،‭ ‬بمعنى‭ ‬إعطاء‭ ‬الانطباع‭ ‬بأنك‭ ‬كتبت‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬غيرك،‭ ‬ويعد‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬النصب‭ ‬والاحتيال‮»‬‭.‬

وتعرفها‭ ‬جامعة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬انها‭ ‬‮«‬جريمة‭ ‬يتعمّد‭ ‬فيها‭ ‬الشخص‭ ‬تقديم‭ ‬عمل‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬له،‭ ‬دون‭ ‬الاعتراف‭ ‬بذلك‮»‬‭.‬

وهناك‭ ‬من‭ ‬يعرّفها‭ ‬بأنها‭ ‬تملك‭ ‬غير‭ ‬شرعي‭ ‬وسرقة‭ ‬ونشر‭ ‬للغة‭ ‬أو‭ ‬أفكار‭ ‬أو‭ ‬عبارات‭ ‬مؤلف‭ ‬آخر،‭ ‬وادعاء‭ ‬أنها‭ ‬هي‭ ‬عمله‭ ‬الأصلي‭.‬

وربما‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬حديثة،‭ ‬وأن‭ ‬هؤلاء‭ ‬السُّراق‭ ‬انتشروا‭ ‬بانتشار‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬لكن‭ ‬يؤكد‭ ‬التاريخ‭ ‬ان‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬موجودة‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭. ‬فمثلا‭ ‬كانت‭ ‬السرقة‭ ‬الأدبيّة‭ ‬إحدى‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬عانى‭ ‬منها‭ ‬الشِّعر‭ ‬العربيّ‭ ‬والشعراء‭ ‬الفطاحل‭. ‬

دكاكين

نسوق‭ ‬هذه‭ ‬المقدمة‭ ‬لنطرح‭ ‬مشكلة‭ ‬باتت‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬الصحافة‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬وهي‭ ‬قيام‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ (‬السراق‭) ‬بسرقة‭ ‬النتاج‭ ‬الأدبي‭ ‬والفكري‭ ‬والصحفي‭ ‬لمواد‭ ‬تُنشر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الصحف،‭ ‬ثم‭ ‬يعيدون‭ ‬نشرها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬المصدر،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬احترام‭ ‬للأخلاقيات‭ ‬المهنية‭ ‬أو‭ ‬مواثيق‭ ‬الشرف‭ ‬الصحفية،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬هم‭ ‬صحفيون‭ ‬أساسا‭ ‬طالما‭ ‬طالبوا‭ ‬بحماية‭ ‬الحقوق‭!‬

وللأسف‭ ‬باتت‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬أشبه‭ ‬بدكاكين‭ ‬تباع‭ ‬فيها‭ ‬البضاعة‭ ‬المسروقة‭.‬

والأغرب‭ ‬هنا‭ ‬أنهم‭ ‬يتكسبون‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬النشر‭ ‬هذه،‭ ‬إذ‭ ‬يعمد‭ ‬البعض‭ ‬الى‭ ‬إعادة‭ ‬نشر‭ ‬تحقيق‭ ‬أو‭ ‬تقرير‭ ‬أو‭ ‬خبر‭ (‬أو‭ ‬أجزاء‭ ‬منها‭) ‬برعاية‭ ‬جهة‭ ‬معنية،‭ ‬ويحصل‭ ‬على‭ ‬مكاسب‭ ‬مالية‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك؛‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬حقوق‭ ‬الصحفي‭ ‬الذي‭ ‬اجتهد‭ ‬وتعب‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومة‭ ‬تذهب‭ ‬أدراج‭ ‬الرياح‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬الودودة‭ ‬التي‭ ‬حاولتها‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬وجمعية‭ ‬الصحفيين،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مخاطبات‭ ‬الصحفيين‭ ‬أنفسهم‭ ‬لأصحاب‭ ‬تلك‭ ‬الحسابات‭ ‬وتنبيههم‭ ‬بضرورة‭ ‬الالتزام‭ ‬بالحقوق‭ ‬الأدبية،‭ ‬فإن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأخيرين‭ ‬تجاهلوا‭ ‬ذلك‭ ‬تماما‭ ‬وأخذتهم‭ ‬العزة‭ ‬بالإثم،‭ ‬غير‭ ‬عابئين‭ ‬بأخلاقيات‭ ‬صحفية‭ ‬ولا‭ ‬زمالة‭ ‬مهنية‭ ‬ولا‭ ‬قوانين‭ ‬حامية،‭ ‬بل‭ ‬قاطعوا‭ ‬حتى‭ ‬بعض‭ ‬الاجتماعات‭ ‬التي‭ ‬سعت‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬توافقات‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭.. ‬وتهكموا‭ ‬عليها‭!‬

والسؤال‭ ‬هنا‭.. ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يحمي‭ ‬الصحافة‭ ‬المحلية‭ ‬والصحفيين؟

 

القانون

في‭ ‬إحدى‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬تعرضنا‭ ‬فيها‭ ‬لسرقة‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬الحسابات‭ ‬المعروفة‭ ‬بهذا‭ ‬السلوك‭ ‬تواصلنا‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الإعلام‭ ‬لتقديم‭ ‬شكوى‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن،‭ ‬فأبلغونا‭ ‬أن‭ ‬الجهة‭ ‬المعنية‭ ‬بالأمر‭ ‬هي‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬مكافحة‭ ‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية‮»‬‭ ‬باعتبارها‭ ‬الإدارة‭ ‬المختصة‭ ‬بمكافحة‭ ‬جميع‭ ‬جرائم‭ ‬الإنترنت‭.‬

وبالفعل‭ ‬تواصلنا‭ ‬مع‭ ‬المعنيين‭ ‬بالإدارة،‭ ‬ومع‭ ‬المتابعة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬يومين‭ ‬تم‭ ‬ابلاغنا‭ ‬أنه‭ ‬للأسف‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لهم‭ ‬ان‭ ‬يفعلوا‭ ‬شيئا،‭ ‬وأن‭ ‬قانون‭ ‬المطبوعات‭ ‬والنشر‭ ‬نفسه‭ ‬لا‭ ‬يحمي‭ ‬الصحفيين،‭ ‬فكيف‭ ‬يمكن‭ ‬لهم‭ ‬ان‭ ‬يحمونا؟‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬اغلب‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬مسجلة‭ ‬بأسماء‭ ‬شخصية‭ ‬وليس‭ ‬كحسابات‭ ‬إخبارية‭.‬

كان‭ ‬الرد‭ ‬محبطا‭ ‬ومقلقا،‭ ‬ومثيرا‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭. ‬فهل‭ ‬يعقل‭ ‬ألا‭ ‬يوجد‭ ‬غطاء‭ ‬قانوني‭ ‬يحمي‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬والأدبية‭ ‬للصحفيين‭ ‬وللصحف‭ ‬المحلية‭ ‬التي‭ ‬تتكبد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العناء‭ ‬والتكاليف‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المواد‭ ‬الإخبارية‭ ‬والصحفية‭ ‬وتقديمها‭ ‬للقارئ،‭ ‬ثم‭ ‬يأتي‭ ‬هؤلاء‭ (‬السراق‭) ‬ويحصلون‭ ‬عليها‭ ‬لقمة‭ ‬سائغة‭ ‬ويعيدون‭ ‬نشرها‭ ‬والتكسب‭ ‬منها؟‭!‬

كيف‭ ‬تعجز‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬الصحفيين،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ينص‭ ‬فيه‭ ‬قانون‭ ‬حق‭ ‬المؤلف‭ ‬والحقوق‭ ‬المجاورة‭ ‬رقم‭ (‬22‭) ‬لسنة‭ ‬2006‭ ‬صراحة‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬تتمتع‭ ‬بالحماية‭ ‬المصنفات‭ ‬الأدبية‭ ‬والفنية‭ ‬والعلمية‭ ‬بمجرد‭ ‬ابتكارها‭ ‬دون‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬شكلي‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬قيمة‭ ‬هذه‭ ‬المصنفات‭ ‬أو‭ ‬نوعها‭ ‬أو‭ ‬غرضها‭ ‬أو‭ ‬طريقة‭ ‬أو‭ ‬شكل‭ ‬التعبير‭ ‬عنها،‭ ‬وتشمل‭ ‬الحماية‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬المقالات‭ ‬والنشرات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المصنفات‭ ‬المكتوبة‭ ‬والمصنفات‭ ‬السمعية‭ ‬البصرية‮»‬‭.‬

عند‭ ‬إعداد‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬حاولنا‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬رأي‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬مكافحة‭ ‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية‮»‬،‭ ‬وقدمنا‭ ‬تساؤلات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إدارة‭ ‬الاعلام‭ ‬الأمني،‭ ‬ولكننا‭ ‬للأسف‭ ‬لم‭ ‬نحصل‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬رد‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬محاولاتنا‭ ‬واتصالاتنا‭ ‬بهم‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع،‭ ‬وقد‭ ‬أبلغنا‭ ‬أحد‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬أنه‭ ‬يرحب‭ ‬بنشر‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رد‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭!‬

جمعية‭ ‬الصحفيين

ما‭ ‬هي‭ ‬أبعاد‭ ‬المشكلة؟‭ ‬وإلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬تتضرر‭ ‬منها‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية؟

سؤال‭ ‬طرحناه‭ ‬على‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬جمعية‭ ‬الصحفيين‭ ‬البحرينية‭ ‬الأستاذ‭ ‬عيسى‭ ‬الشايجي‭. ‬

يجيبنا‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬قائلا‭: ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬باتت‭ ‬الصحف‭ ‬تعاني‭ ‬معاناة‭ ‬شديدة‭ ‬جراء‭ ‬السرقات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬بعض‭ ‬المواقع‭ ‬والأفراد‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للمحتوى‭ ‬الذي‭ ‬تنشره‭ ‬الصحف‭. ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬بشيء‭ ‬جديد‭ ‬لكنه‭ ‬استفحل‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الاخيرة‭ ‬بصورة‭ ‬فاحشة‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬اي‭ ‬حياء‭ ‬أو‭ ‬وضع‭ ‬اي‭ ‬اعتبار‭ ‬لحقوق‭ ‬الصحف‭ ‬والصحفيين،‭ ‬وبشكل‭ ‬يتنافى‭ ‬تماما‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬مع‭ ‬الاخلاق‭ ‬الصحفية‭ ‬وإنما‭ ‬مع‭ ‬الاخلاق‭ ‬عامة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يتحلى‭ ‬بها‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬الصدق‭ ‬والأمانة،‭ ‬وهي‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬لها‭ ‬لدى‭ ‬هؤلاء،‭ ‬وإلا‭ ‬لما‭ ‬أقدموا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬الشنيع‭. ‬والمؤسف‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬أصبح‭ ‬يُمارس‭ ‬بشكل‭ ‬يومي،‭ ‬بل‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬استشرى‭ ‬فيه‭ ‬اليوم‭ ‬بصورة‭ ‬سيئة‭ ‬جدا،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬الاجراءات‭ ‬اللازمة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لذلك‭ ‬بما‭ ‬يحفظ‭ ‬حقوق‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصحفية‭ ‬والصحفيين‭.‬

وبسؤاله‭ ‬عن‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬تلحق‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬الصحفية‭ ‬جرّاء‭ ‬استشراء‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬أجاب‭ ‬الشايجي‭: ‬هذه‭ ‬الأفعال‭ ‬تعتبر‭ ‬سرقة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬الكلمة‭ ‬من‭ ‬معنى،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبارها‭ ‬اقتباسا‭ ‬مثلا‭. ‬وهنا‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬ان‭ ‬تنتج‭ ‬عن‭ ‬السرقة‭ ‬اضرار‭ ‬مؤلمة‭ ‬تلحق‭ ‬بصاحب‭ ‬الحق‭ ‬الأصلي‭ ‬وهو‭ ‬الصحيفة‭ ‬او‭ ‬المؤسسة‭ ‬الصحفية‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬للسطو‭ ‬على‭ ‬حقوقها‭ ‬وملكيتها،‭ ‬وخاصة‭ ‬ان‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬الصحفية‭ ‬تتحلى‭ ‬بالأخلاق‭ ‬المهنية‭ ‬والمصداقية‭ ‬والثقة‭. ‬

أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الصحفي‭ ‬يبذل‭ ‬جهودا‭ ‬كبيرة‭ ‬ومضنية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬صناعة‭ ‬المحتوى‭ ‬المتميز،‭ ‬ثم‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬جهوده‭ ‬هذه‭ ‬ذهبت‭ ‬أدراج‭ ‬الرياح‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شخص‭ ‬لم‭ ‬يعمل‭ ‬شيئا‭ ‬سوى‭ ‬تحريك‭ ‬لوحة‭ ‬المفاتيح‭ ‬في‭ ‬هاتفه‭ ‬أو‭ ‬كمبيوتره‭ ‬ليصادر‭ ‬حقوق‭ ‬الصحفي‭ ‬دون‭ ‬وازع‭ ‬من‭ ‬ضمير‭! ‬هنا‭ ‬يكون‭ ‬الصحفي‭ ‬هو‭ ‬المتضرر‭ ‬الأول‭ ‬كونه‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬حقق‭ ‬هذا‭ ‬السبق‭ ‬الصحفي‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬فقد‭ ‬حقا‭ ‬من‭ ‬حقوقه‭. ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصحفية‭ ‬تسعى‭ ‬جاهدة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التميز‭ ‬وسط‭ ‬منافسة‭ ‬شريفة‭ ‬بين‭ ‬الصحف،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬ذلك‭ ‬توفر‭ ‬إمكانات‭ ‬مادية‭ ‬ومهنية‭ ‬وبيئة‭ ‬عمل‭ ‬مناسبة‭ ‬للصحفيين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإبداع‭ ‬والتميز‭ ‬لتعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬المؤسسة‭ ‬ومكانة‭ ‬الصحفي‭. ‬وعندما‭ ‬يأتي‭ ‬شخص‭ ‬ويصادر‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬بضغطة‭ ‬زر‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يتسبب‭ ‬لها‭ ‬بالضرر‭ ‬المادي‭ ‬والمعنوي‭.‬

ونحن‭ ‬في‭ ‬جمعية‭ ‬الصحفيين‭ ‬تؤرقنا‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬هذه‭ ‬السرقات‭ ‬المتكررة‭. ‬وسبق‭ ‬أن‭ ‬بحثنا‭ ‬في‭ ‬مرات‭ ‬عديدة‭ ‬سبل‭ ‬التصدي‭ ‬لها‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬لهذه‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تعصف‭ ‬بجهود‭ ‬الصحف‭ ‬والصحفيين‭. ‬ومن‭ ‬أول‭ ‬واجباتنا‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الصحفيين‭ ‬ونشر‭ ‬الوعي‭ ‬بأخلاقيات‭ ‬المهنة‭ ‬وضرورة‭ ‬التحلي‭ ‬بالمصداقية‭ ‬والأمانة‭. ‬ونقدر‭ ‬كثيرا‭ ‬جهود‭ ‬الصحف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التميز‭ ‬وما‭ ‬تتحلى‭ ‬به‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصحفية‭ ‬من‭ ‬روح‭ ‬شريفة‭ ‬في‭ ‬المنافسة‭ ‬وفي‭ ‬الابتكار‭ ‬والإبداع‭ ‬وما‭ ‬تبذله‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬الصحيحة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نشر‭ ‬الوعي‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬وخلق‭ ‬رأي‭ ‬عام‭ ‬إيجابي‭ ‬وبناء‭ ‬إزاء‭ ‬ما‭ ‬تشهده‭ ‬بلادنا‭ ‬العزيزة‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬وتقدم‭ ‬مذهل‭ ‬على‭ ‬شتى‭ ‬الاصعدة‭. ‬فنحن‭ ‬شركاء‭ ‬جميعا‭ ‬كجهات‭ ‬رسمية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬صحفية‭ ‬ومهنية‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬لهذه‭ ‬المسألة‭ ‬التي‭ ‬تنتهك‭ ‬بصورة‭ ‬علانية‭ ‬حقوقنا،‭ ‬ونحن‭ ‬نشكر‭ ‬لسعادة‭ ‬الدكتور‭ ‬رمزان‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬النعيمي‭ ‬وزير‭ ‬الإعلام‭ ‬اهتمامه‭ ‬بهذه‭ ‬المسألة،‭ ‬ونقدر‭ ‬جدا‭ ‬جهوده‭ ‬في‭ ‬احتواء‭ ‬هذا‭ ‬الامر‭ ‬وخاصة‭ ‬انه‭ ‬رجل‭ ‬يمتلك‭ ‬خلفية‭ ‬قانونية‭ ‬كبيرة،‭ ‬ونرجو‭ ‬أن‭ ‬تتكلل‭ ‬جهوده‭ ‬بالنجاح‭.‬

ولا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نشير‭ ‬هنا‭ ‬الى‭ ‬اننا‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬سبق‭ ‬ان‭ ‬تلقينا‭ ‬بعض‭ ‬الملاحظات‭ ‬الشفوية‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬سرقات‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك،‭ ‬وقد‭ ‬قامت‭ ‬الجمعية‭ ‬بالتحرك‭ ‬بالتنسيق‭ ‬والتشاور‭ ‬مع‭ ‬المؤسسة‭ ‬الصحفية‭ ‬صاحبة‭ ‬الحق‭ ‬وفق‭ ‬الصيغة‭ ‬التي‭ ‬تناسبها‭.‬

*‭ ‬ألا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للجمعية‭ ‬دور‭ ‬قانوني‭ ‬إزاء‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة؟

**‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬القانونية‭ ‬لسنا‭ ‬في‭ ‬جمعية‭ ‬الصحفيين‭ ‬أصحاب‭ ‬الحق،‭ ‬بل‭ ‬تعتبر‭ ‬المؤسسة‭ ‬الصحفية‭ ‬هي‭ ‬صاحبة‭ ‬الحق‭. ‬لذلك‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬نتحرك‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬خطاب‭ ‬رسمي‭ ‬مكتوب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المؤسسة‭ ‬الصحفية‭ ‬المعنية‭ ‬ونحاول‭ ‬رد‭ ‬الاعتبار‭ ‬للمؤسسة‭ ‬وحفظ‭ ‬حقوقها‭ ‬وديا‭. ‬أما‭ ‬اتخاذ‭ ‬اجراءات‭ ‬التقاضي‭ ‬فهو‭ ‬خيار‭ ‬متروك‭ ‬للمؤسسة‭ ‬ذاتها،‭ ‬ودورنا‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬يكون‭ ‬داعما‭ ‬ومساندا‭.‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الاشارة‭ ‬الى‭ ‬حقيقة‭ ‬مهمة‭ ‬هي‭ ‬ان‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬الصحفية‭ ‬تمتلك‭ ‬اريحية‭ ‬كبيرة‭ ‬وصدرا‭ ‬واسعا‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭. ‬لكنها‭ ‬ان‭ ‬كانت‭ ‬تتعامل‭ ‬وفق‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬مع‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها،‭ ‬الا‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬انها‭ ‬ستتغاضى‭ ‬عن‭ ‬حقوقها‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬استفحل‭ ‬الامر‭ ‬وكثرت‭ ‬الاعتداءات‭ ‬السافرة‭ ‬على‭ ‬حقوقها‭ ‬وحقوق‭ ‬صحفييها‭.‬

ظاهرة‭ ‬مستشرية

من‭ ‬جانبه‭ ‬يحدثنا‭ ‬سكرتير‭ ‬التحرير‭ ‬رئيس‭ ‬قسم‭ ‬الشؤون‭ ‬المحلية‭ ‬والمحتوى‭ ‬الالكتروني‭ ‬بصحيفة‭ ‬البلاد‭ ‬الصحفي‭ ‬راشد‭ ‬الغائب‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬سرقة‭ ‬المحتوى‭ ‬الخاص‭ ‬للصحف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬المنصات‭ ‬الإخبارية‭ ‬الربحية‭ ‬بات‭ ‬ظاهرة‭ ‬مستشرية‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬ربح‭ ‬مادي‭ ‬سريع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاقتباس‭ ‬دون‭ ‬أخذ‭ ‬إذن‭ ‬مصدر‭ ‬المعلومات‭ ‬أو‭ ‬موافقة‭ ‬الصحيفة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إليهما‭. ‬وأصحاب‭ ‬بعض‭ ‬الحسابات‭ ‬يبررون‭ ‬فعلتهم‭ ‬عندما‭ ‬يواجههم‭ ‬الصحفيون‭ ‬باقتباسهم‭ ‬محتوى‭ ‬خاصا‭ ‬كتبه‭ ‬المحرر‭ ‬بأنهم‭ ‬يساعدون‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬مادته‭ ‬عندما‭ ‬يبثون‭ ‬المحتوى‭ ‬المسروق‭ ‬في‭ ‬حساباتهم،‭ ‬ويزعمون‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يقرأ‭ ‬محتوى‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬وأن‭ ‬المستقبل‭ ‬لوسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ولكنهم‭ ‬أول‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬قراءة‭ ‬مواقع‭ ‬الصحف‭ ‬ومنصاتها‭ ‬الرقمية‭ ‬وتفعيل‭ ‬اشعارات‭ ‬تسلم‭ ‬أحدث‭ ‬ما‭ ‬تنشره‭ ‬لسرقته‭ ‬فورا‭.‬

ويضيف‭ ‬الغائب‭: ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الرهان‭ ‬اليوم‭ ‬لدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصحفية‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬المحتوى‭ ‬الرصين‭ ‬والمميز‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬وسيلة‭ ‬البث؛‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬بالصحيفة‭ ‬الورقية‭ ‬أو‭ ‬بالموقع‭ ‬الالكتروني‭ ‬أو‭ ‬بإحدى‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أو‭ ‬باليوتيوب،‭ ‬ومن‭ ‬حق‭ ‬المؤسسة‭ ‬أن‭ ‬تُسوِّق‭ ‬لمحتواها‭ ‬الخاص‭ ‬بما‭ ‬تراه‭ ‬مناسبا‭ ‬دون‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تطفل‭ ‬المنصة‭ ‬الإخبارية‭ ‬الربحية‭ ‬أو‭ (‬مِنتها‭) ‬على‭ ‬المؤسسة‭ ‬باقتباسها‭ ‬غير‭ ‬الأخلاقي‭ ‬وغير‭ ‬القانوني‭ ‬للمحتوى‭. ‬ويتعين‭ ‬التفريق‭ ‬بين‭ ‬أمرين‭ ‬عند‭ ‬تناول‭ ‬موضوع‭ ‬سرقة‭ ‬المحتوى؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتعمد‭ ‬بعض‭ ‬أصحاب‭ ‬المنصات‭ ‬الإخبارية‭ ‬الربحية‭ ‬التضليل‭ ‬بشأنه،‭ ‬فانتقاد‭ ‬الصحفيين‭ ‬لهم‭ ‬على‭ ‬سرقة‭ ‬المحتوى‭ ‬الخاص‭ ‬مثل‭ ‬المقابلة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالصحيفة‭ ‬أو‭ ‬الخبر‭ ‬الخاص‭ ‬بها‭ ‬أو‭ ‬الصورة‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭ ‬أو‭ ‬الكاريكاتير‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬محتوى‭ ‬تنفرد‭ ‬به‭ ‬الصحيفة‭ ‬دون‭ ‬غيرها،‭ ‬وليس‭ ‬المقصود‭ ‬بالمحتوى‭ ‬الموضوعات‭ ‬الرسمية‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الرسمية‭ ‬أو‭ ‬أخبار‭ ‬الوزارات‭ ‬والجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬والخاصة‭ ‬والأهلية‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الموضوعات‭ ‬الجارية‭ ‬التي‭ ‬يجري‭ ‬نشرها‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬وتنشر‭ ‬لدى‭ ‬الجميع‭. ‬

*‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يضير‭ ‬الصحيفة‭ ‬أو‭ ‬الصحفي‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أعيد‭ ‬نشر‭ ‬موضوعه؟

**‭ ‬حتى‭ ‬نعرف‭ ‬كلفة‭ ‬سرقة‭ ‬المحتوى‭ ‬الخاص‭ ‬للصحف‭ ‬وضررها‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نقارن‭ ‬بين‭ ‬مؤسسة‭ ‬صحفية‭ ‬بحرينية‭ ‬لديها‭ ‬كادر‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬دوائر‭ ‬الإنتاج‭ (‬صحفيون،‭ ‬ومدققون،‭ ‬ومصورون،‭ ‬وفنيون،‭ ‬ومبرمجون،‭ ‬وموارد‭ ‬بشرية،‭ ‬وحسابات،‭ ‬وسكرتارية،‭ ‬ومسوقون‭ ‬وغيرهم‭)‬،‭ ‬ورزق‭ ‬هؤلاء‭ ‬جميعا‭ ‬من‭ ‬مزاولة‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬وتلتزم‭ ‬ادارتهم‭ ‬بسداد‭ ‬مصروفات‭ ‬عديدة‭ ‬ومكلفة‭ ‬أبرزها‭ ‬الرواتب‭ ‬والفواتير‭ ‬والايجارات‭ ‬ونفقات‭ ‬إدارية‭ ‬أخرى،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬فإن‭ ‬صاحب‭ ‬المنصة‭ ‬الإخبارية‭ ‬الربحية‭ ‬يجلس‭ ‬على‭ ‬كرسي‭ ‬مكتبه‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬الصباحي‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬أريكة‭ ‬منزله‭ ‬ويشرع‭ ‬في‭ ‬القص‭ ‬واللصق‭ (‬الكوبي‭ ‬بيست‭) ‬من‭ ‬مواقع‭ ‬الصحف‭ ‬الإلكترونية‭ ‬والرقمية‭ ‬ويبثها‭ ‬في‭ ‬منصته‭ ‬الربحية‭ ‬ثم‭ ‬يتقاضى‭ ‬رسوما‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الإعلانات‭ ‬المرافقة‭ ‬للمحتوى‭ ‬المسروق‭ ‬أو‭ ‬يُسوِّق‭ ‬منصته‭ ‬خبريا‭ ‬لاستقبال‭ ‬الطلبات‭ ‬الاعلانية‭. ‬هذه‭ ‬المقارنة‭ ‬تلخص‭ ‬حجم‭ ‬الضرر‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يستوعبه‭ ‬أصحاب‭ ‬بعض‭ ‬المنصات‭ ‬الإخبارية‭ ‬الربحية‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يدعمهم‭ ‬ويناصرهم‭ ‬فيما‭ ‬يقترفونه‭ ‬من‭ ‬ذنب‭.‬

*‭ ‬وكيف‭ ‬تتعاملون‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الحالات؟

**‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬قمنا‭ ‬بنشر‭ ‬حالات‭ ‬الاقتباس‭ ‬بالمنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬للصحيفة‭ ‬وتواصل‭ ‬بعض‭ ‬أصحاب‭ ‬الحسابات‭ ‬معتذرين‭ ‬وأزالوا‭ ‬المحتوى‭ ‬المسروق‭ ‬من‭ ‬حسابهم‭.‬

بشكل‭ ‬عام‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬اننا‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬البلاد‭ ‬نتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬بشكل‭ ‬مؤسسي‭ ‬ووفق‭ ‬ما‭ ‬يرسمه‭ ‬القانون،‭ ‬فلجأ‭ ‬الصحفيون‭ ‬إلى‭ ‬جمعية‭ ‬الصحفيين،‭ ‬التي‭ ‬تفاعلت‭ ‬معهم‭ ‬وأصدرت‭ ‬بيانا‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬سبتمبر‭ ‬2019‭ ‬بشأن‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭. ‬كما‭ ‬نظمت‭ ‬الجمعية‭ ‬لقاء‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2019‭. ‬وحرصت‭ ‬‮«‬البلاد‮»‬‭ ‬على‭ ‬حضوره‭ ‬وتأكيد‭ ‬أن‭ ‬نقل‭ ‬أو‭ ‬اقتباس‭ ‬محتوى‭ ‬الصحف‭ ‬سواء‭ ‬بالعدد‭ ‬المطبوع‭ ‬أو‭ ‬الموقع‭ ‬الالكتروني‭ ‬أو‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬يعتبر‭ ‬تعديا‭ ‬غير‭ ‬مقبول،‭ ‬والمحتوى‭ ‬مشمول‭ ‬بحق‭ ‬حماية‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية،‭ ‬ووضعت‭ ‬الصحيفة‭ ‬خطة‭ ‬مرحلية‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التواصل‭ ‬المباشر‭ ‬بين‭ ‬المحرر‭ ‬وصاحب‭ ‬الحساب‭ ‬ثم‭ ‬نشر‭ ‬تنبيه‭ ‬بحساب‭ ‬واتساب‭ ‬الصحيفة‭ ‬عن‭ ‬الحسابات‭ ‬التي‭ ‬تقتبس‭ ‬مواد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬نشر‭ ‬اسم‭ ‬الصحيفة‭ ‬كمصدر‭ ‬للمعلومة‭ ‬مع‭ ‬نشر‭ ‬صورة‭ ‬من‭ ‬الخبر‭ ‬المنقول،‭ ‬ووضع‭ ‬علامة‭ ‬مائية‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الصور‭ ‬الخاصة‭ ‬بالصحيفة،‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬الإدارة‭ ‬المعنية‭ ‬بوزارة‭ ‬الاعلام‭ ‬والجهاز‭ ‬القانوني‭ ‬بالصحيفة‭ ‬لبلورة‭ ‬الموقف،‭ ‬ووضع‭ ‬فقرة‭ ‬تنبيهية‭ ‬بالموقع‭ ‬الالكتروني‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬المنصات‭ ‬الإخبارية‭ ‬الربحية‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬قانونية‭ ‬الاقتباس‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬ذكر‭ ‬المصدر،‭ ‬وتقديم‭ ‬شكوى‭ ‬لجمعية‭ ‬الصحفيين‭ ‬لاتخاذ‭ ‬اللازم‭. ‬وقد‭ ‬لاحظ‭ ‬فريق‭ ‬المحتوى‭ ‬الالكتروني‭ ‬ارتفاع‭ ‬مؤشرات‭ ‬قراءة‭ ‬الموضوعات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالصحيفة‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المنصات‭ ‬تتعمد‭ ‬اسقاط‭ ‬نشر‭ ‬اسم‭ ‬الصحيفة‭ ‬كمصدر‭ ‬للمعلومة‭ ‬أو‭ ‬تقوم‭ ‬بتورية‭ ‬الاسم‭.‬

بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم

وحول‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬يقول‭ ‬نائب‭ ‬مدير‭ ‬تحرير‭ ‬صحيفة‭ ‬الأيام‭ ‬الصحفي‭ ‬على‭ ‬مجيد‭: ‬للأسف‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحسابات‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تنشر‭ ‬أخبارا‭ ‬وتقارير‭ ‬نشرت‭ ‬أساسا‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ذكر‭ ‬المصدر،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬عيبا‭ ‬أخلاقيا؛‭ ‬لأن‭ ‬فيه‭ ‬تعديا‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الصحفيين‭ ‬الزملاء،‭ ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬وجود‭ ‬ثقافة‭ ‬ووعي‭ ‬عند‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬بضرورة‭ ‬الالتزام‭ ‬بأخلاقيات‭ ‬المهنة‭ ‬وعدم‭ ‬التعدي‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الزملاء‭ ‬الصحفيين‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬الذين‭ ‬بذلوا‭ ‬جهدا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومة‭ ‬ومتابعة‭ ‬الخبر‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬الموثوقة،‭ ‬حتى‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬القارئ‭. ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬اللائق‭ ‬ان‭ ‬يعاد‭ ‬نشر‭ ‬الخبر‭ ‬أو‭ ‬المعلومة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ذكر‭ ‬المصدر‭ ‬أو‭ ‬ذكر‭ ‬اسم‭ ‬الصحفي‭ ‬الذي‭ ‬تعب‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬هذه‭ ‬المعلومة‭. ‬

وللأسف‭ ‬ان‭ ‬بعض‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬صحفيون،‭ ‬وهنا‭ ‬يكون‭ ‬العتب‭ ‬أكبر‭ ‬عليهم‭ ‬لأنهم‭ ‬أولى‭ ‬من‭ ‬غيرهم‭ ‬في‭ ‬الالتزام‭ ‬بمواثيق‭ ‬الشرف‭ ‬الصحفية‭ ‬والأخلاقيات‭ ‬المهنية‭.‬

*‭ ‬وهل‭ ‬هناك‭ ‬أضرار‭ ‬مادية‭ ‬أو‭ ‬فكرية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬معنوية‭ ‬تتكبدها‭ ‬الصحف‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬نشر‭ ‬موادها؟‭ ‬

**‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬النشر‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ولكن‭ ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬حقوق‭ ‬المصدر‭. ‬وهنا‭ ‬يجب‭ ‬التنويه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ذكر‭ ‬المصدر‭ ‬يعطي‭ ‬أولا‭ ‬ثقة‭ ‬ومصداقية‭ ‬أكبر‭ ‬لصحة‭ ‬الخبر؛‭ ‬فوسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تعج‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الاخبار‭ ‬غير‭ ‬الصحيحة‭. ‬وذكر‭ ‬المصدر‭ ‬كونه‭ ‬من‭ ‬صحفي‭ ‬أو‭ ‬صحف‭ ‬محلية‭ ‬يعطيه‭ ‬قوة‭ ‬وثقة‭ ‬لدى‭ ‬المتلقي‭.‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬ذكر‭ ‬المصدر‭ ‬يحفظ‭ ‬حق‭ ‬من‭ ‬تعب‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الخبر‭. ‬وهنا‭ ‬المشكلة‭ ‬هي‭ ‬التعدي‭ ‬الأدبي‭ ‬والأخلاقي‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الصحفيين‭ ‬وحقوق‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬رواتب‭ ‬وتتحمل‭ ‬كلفة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نشر‭ ‬الاخبار‭ ‬الدقيقة‭ ‬والموثوقة‭ ‬التي‭ ‬تتحلى‭ ‬بقدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المصداقية‭. ‬وليس‭ ‬من‭ ‬الانصاف‭ ‬أو‭ ‬اللياقة‭ ‬الأدبية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬استغلال‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اعتبار‭ ‬لحقوق‭ ‬المصدر‭.‬

نحن‭ ‬لا‭ ‬ندعو‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬عراقيل‭ ‬على‭ ‬إيصال‭ ‬المعلومة‭ ‬ولكن‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬وتقنين‭ ‬يضمن‭ ‬حقوق‭ ‬زملاء‭ ‬المهنة‭ ‬ويعرف‭ ‬الاخرين‭ ‬بواجباتهم‭ ‬وحقوقهم‭ ‬عند‭ ‬نشر‭ ‬الخبر‭.‬

وما‭ ‬نحتاج‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬هو‭ ‬التشريع‭ ‬ووجود‭ ‬قانون‭ ‬عصري‭ ‬متطور‭ ‬يتطلع‭ ‬إليه‭ ‬الجسم‭ ‬الصحفي‭ ‬ويغطي‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الجوانب‭. ‬ويكون‭ ‬القانون‭ ‬متفقا‭ ‬عليه‭ ‬وينظم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الجوانب‭ ‬ويضمن‭ ‬الحقوق،‭ ‬وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬يمثل‭ ‬رادعا‭ ‬للتصرفات‭ ‬التي‭ ‬تتضمن‭ ‬تجاوزا‭ ‬للأخلاقيات‭ ‬المهنية‭. ‬لذلك‭ ‬نأمل‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬ان‭ ‬تسارع‭ ‬في‭ ‬إقرار‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وقت‭.‬

*‭ ‬هل‭ ‬أفهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الصحفي‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬غطاء‭ ‬قانونيا‭ ‬يحميه‭ ‬ويردع‭ ‬المخالفين؟

**‭ ‬المشكلة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬التي‭ ‬تنشر‭ ‬الاخبار‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل،‭ ‬هي‭ ‬حسابات‭ ‬بأسماء‭ ‬اشخاص‭ ‬وليست‭ ‬حسابات‭ ‬إخبارية‭ ‬موثقة‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يعني‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬إلزامهم‭ ‬قانونيا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬قانون‭ ‬يقاضيهم‭.‬

ولكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬حالات‭ ‬تم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬المتابعة‭ ‬بشكل‭ ‬قانوني‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬الزملاء‭ ‬الصحفيين‭ ‬المتضررين‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬أصحاب‭ ‬الحسابات‭. ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬نحتاج‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تنظيم‭ ‬وتعاون‭ ‬وتنسيق‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭. ‬

منافسة‭ ‬غير‭ ‬عادلة

من‭ ‬واقع‭ ‬خبرته‭ ‬وتجاربه‭ ‬الشخصية‭ ‬يحدثنا‭ ‬القائم‭ ‬بأعمال‭ ‬رئيس‭ ‬قسم‭ ‬المحليات‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الوطن‭ ‬الصحفي‭ ‬حسن‭ ‬الستري،‭ ‬مؤكدا‭ ‬ان‭ ‬نقل‭ ‬المحتوى‭ ‬الإخباري‭ ‬للصحف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحسابات‭ ‬الخاصة‭ ‬أصبح‭ ‬للأسف‭ ‬ظاهرة‭ ‬منشرة،‭ ‬والقليل‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬المصدر،‭ ‬وبالطبع‭ ‬هذا‭ ‬يتنافى‭ ‬مع‭ ‬الأخلاقيات‭ ‬العامة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أخلاقيات‭ ‬مهنة‭ ‬الصحافة‭.‬

ويتابع‭ ‬الستري‭: ‬للأسف‭ ‬رصدنا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاخبار‭ ‬الخاصة‭ ‬لي‭ ‬ولزملائي‭ ‬بالصحيفة‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الاشارة‭ ‬إلى‭ ‬المصدر،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬وضع‭ ‬صورة‭ ‬المحرر‭ ‬وهو‭ ‬يقابل‭ ‬الضيف‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬ان‭ ‬تزايد‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬تسبب‭ ‬بالضرر‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المؤسسة‭ ‬الصحفية‭ ‬أو‭ ‬الصحفي‭ ‬نفسه؛‭ ‬فالأخبار‭ ‬والمقابلات‭ ‬والتقارير‭ ‬الخاصة‭ ‬تكلف‭ ‬الصحف‭ ‬مبالغ‭ ‬طائلة،‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬رواتب‭ ‬تدفعها‭ ‬لجميع‭ ‬العاملين‭ ‬بها،‭ ‬اضافة‭ ‬إلى‭ ‬الخدمات‭ ‬الاخرى‭ ‬من‭ ‬مكاتب‭ ‬وأجهزة‭ ‬وفواتير‭ ‬كهرباء‭ ‬وتكاليف‭ ‬الطباعة‭ ‬وغيرها،‭ ‬اضافة‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخبر‭ ‬الصحفي‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬إعداده‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الموظفين،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الصحفي‭ ‬الذي‭ ‬أعد‭ ‬الخبر،‭ ‬والمصور‭ ‬الذي‭ ‬رافق‭ ‬الصحفي‭ ‬خلال‭ ‬التغطية،‭ ‬ومحرر‭ ‬‮«‬الديسك‮»‬،‭ ‬ورئيس‭ ‬القسم‭ ‬والمدقق‭ ‬اللغوي‭ ‬وإدارة‭ ‬التحرير،‭ ‬والمنفذ‭ ‬الذي‭ ‬ينفذ‭ ‬الصفحات‭ ‬والمحرر‭ ‬بقسم‭ (‬الأونلاين‭) ‬الذي‭ ‬بث‭ ‬المادة‭ ‬على‭ ‬المنصات‭ ‬الاخبارية،‭ ‬ثم‭ ‬يأتي‭ ‬حساب‭ ‬على‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬ويأخذ‭ ‬الخبر‭ ‬مجانا‭ ‬ويضعه‭ ‬على‭ ‬حسابه‭! ‬ولأنه‭ ‬ليس‭ ‬عليه‭ ‬التكاليف‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬الصحف،‭ ‬فإنه‭ ‬يسوقه‭ ‬ويحصل‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬بأسعار‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬اسعار‭ ‬الصحف،‭ ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬ألحق‭ ‬الضرر‭ ‬بالصحف‭ ‬عبر‭ ‬هذه‭ ‬المنافسة‭ ‬غير‭ ‬العادلة‭.‬

*‭ ‬هل‭ ‬تعتقد‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬القنوات‭ ‬القانونية‭ ‬لمقاضاة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات؟

**‭ ‬شخصيا‭ ‬لست‭ ‬ملما‭ ‬بهذه‭ ‬النقطة،‭ ‬ولكنني‭ ‬لم‭ ‬أسمع‭ ‬عن‭ ‬صحيفة‭ ‬اتخذت‭ ‬إجراء‭ ‬قانونيا‭ ‬مع‭ ‬صاحب‭ ‬حساب‭ ‬بالسوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الصحف‭ ‬متضررة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭.‬

قانون‭ ‬الصحافة

مما‭ ‬سبق،‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬الامر‭ ‬يتعلق‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬بثلاثة‭ ‬جوانب‭ ‬أساسية،‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬الاخلاقيات‭ ‬المهنية‭ ‬والعامة،‭ ‬والثاني‭ ‬هو‭ ‬الجانب‭ ‬القانوني،‭ ‬والثالث‭ ‬هو‭ ‬حقوق‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬دفعنا‭ ‬إلى‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬الجمعية‭ ‬البحرينية‭ ‬للملكية‭ ‬الفكرية،‭ ‬لنسأل‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬ادارتها‭ ‬المحامية‭ ‬ريان‭ ‬الصافي‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬إعادة‭ ‬نشر‭ ‬المحتوى‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الاستئذان‭ ‬ولا‭ ‬ذكر‭ ‬المصدر‭ ‬تعتبر‭ ‬انتهاكا‭ ‬للحقوق‭ ‬الفكرية؟‭ ‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬اجابت‭ ‬عنه‭ ‬بقولها‭: ‬نعم‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬انتهاكا‭ ‬لحقوق‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬وغير‭ ‬قانوني‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬استخدامه‭ ‬تجاريًا،‭ ‬حيث‭ ‬تكون‭ ‬مملوكة‭ ‬للشخص‭ ‬الذي‭ ‬كتبها‭ ‬كالمؤلف‭ ‬أو‭ ‬الرسام‭ ‬أو‭ ‬المصور‭. ‬فالمصنفات‭ ‬الأدبية‭ ‬والفنية‭ ‬والعلمية‭ ‬تتمتع‭ ‬بالحماية‭ ‬المقررة‭ ‬بموجب‭ ‬أحكام‭ ‬قانون‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬المؤلف‭ ‬والحقوق‭ ‬المجاورة‭ ‬وذلك‭ ‬بمجرد‭ ‬ابتكارها‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬شكلي‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬قيمة‭ ‬هذه‭ ‬المصنفات‭ ‬أو‭ ‬نوعها‭ ‬أو‭ ‬غرضها‭ ‬أو‭ ‬طريقة‭ ‬أو‭ ‬شكل‭ ‬التعبير‭ ‬عنها‭. ‬وتشمل‭ ‬الحماية‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬الكتب‭ ‬والكتيبات‭ ‬والمقالات‭ ‬والنشرات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المصنفات‭ ‬المكتوبة‭ ‬التي‭ ‬تلقى‭ ‬شفاهه‭. ‬علما‭ ‬ان‭ ‬الأفكار‭ ‬وأخبار‭ ‬الاحداث‭ ‬تتمتع‭ ‬بالحماية‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬مبتكرة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬اختيار‭ ‬أو‭ ‬ترتيب‭ ‬محتوياتها‭. ‬

نعم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬قد‭ ‬يجوز‭ ‬إعادة‭ ‬النشر‭ ‬دون‭ ‬اذن‭ ‬المؤلف‭ ‬ودون‭ ‬أداء‭ ‬تعويض‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬حق‭ ‬التصريح‭ ‬بالاستنساخ‭ ‬أو‭ ‬النقل‭ ‬للجمهور‭ ‬بالوسائل‭ ‬السلكية‭ ‬محفوظًا‭ ‬بشكل‭ ‬صريح‭ ‬لصاحب‭ ‬الحق،‭ ‬ولكن‭ ‬بشرط‭ ‬ذكر‭ ‬المصدر‭ ‬واسم‭ ‬المؤلف‭. ‬فالحق‭ ‬الادبي‭ ‬أو‭ ‬المعنوي‭ ‬هو‭ ‬حق‭ ‬لصيق‭ ‬بشخصية‭ ‬المؤلف‭ ‬حيث‭ ‬يتمتع‭ ‬بحقوق‭ ‬أدبية‭ ‬أبدية‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للتقادم‭ ‬أو‭ ‬التصرف‭ ‬كالحق‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬أي‭ ‬تحريف،‭ ‬أو‭ ‬تشويه،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬تعديل‭ ‬لمصنفه،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬مساس‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬الإضرار‭ ‬بشرف‭ ‬المؤلف‭ ‬أو‭ ‬بسمعته،‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬المصنف‭ ‬إليه،‭ ‬وبوجه‭ ‬خاص‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬اسمه‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬نسخ‭ ‬المصنف‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬ممكنا‭ ‬بالطريقة‭ ‬المألوفة‭.‬

*‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬متابعتكم‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭.. ‬ما‭ ‬هو‭ ‬الضرر‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬وعلى‭ ‬الصحف‭ ‬عندما‭ ‬تكثر‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رادع؟‭ ‬

**‭ ‬بالتأكيد‭ ‬عندما‭ ‬تكثر‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رادع‭ ‬سيحدث‭ ‬الضرر‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬الاخبار‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬مصدرها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يولد‭ ‬لدى‭ ‬المتلقي‭ ‬عدم‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬اخبار‭ ‬الصحافة‭ ‬لكثرة‭ ‬تداولها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ذكر‭ ‬مصدر‭ ‬الخبر‭. ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬استقاء‭ ‬الخبر‭ ‬والمعلومة‭ ‬من‭ ‬مصدرها‭ ‬الرسمي‭ ‬وذلك‭ ‬لتعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬المعلوماتي‭ ‬ونشر‭ ‬التوعية‭ ‬المجتمعية‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬يعيد‭ ‬المتلقي‭ ‬وأصحاب‭ ‬الحسابات‭ ‬الإخبارية‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬نشر‭ ‬الاخبار‭ ‬الا‭ ‬بعد‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬الصحفي،‭ ‬وذكر‭ ‬مصدر‭ ‬الخبر‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬نشر‭ ‬اخبار‭ ‬مجهولة‭ ‬المصدر‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ان‭ ‬تولد‭ ‬الهلع‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬فيجب‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬من‭ ‬يستعمل‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ان‭ ‬يتعامل‭ ‬بجدية‭ ‬عند‭ ‬إعادة‭ ‬نشر‭ ‬أي‭ ‬محتوى؛‭ ‬فالمسؤولية‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الصحف‭ ‬والصحفيين‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬المتلقين‭ ‬أيضا،‭ ‬فيجب‭ ‬ان‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬إعادة‭ ‬نشر‭ ‬أي‭ ‬محتوى‭ ‬دون‭ ‬ذكر‭ ‬المصدر‭ ‬وعلى‭ ‬الجميع‭ ‬احترام‭ ‬حقوق‭ ‬المؤلفين‭.‬

*‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يؤكد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬غطاء‭ ‬قانوني‭.. ‬عندما‭ ‬حاول‭ ‬بعض‭ ‬الصحفيين‭ ‬المتضررين‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬تقديم‭ ‬شكاوى‭ ‬ضد‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭ ‬كانت‭ ‬المفاجئة‭ ‬بالرد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬نصوص‭ ‬قانونية‭ ‬تجرم‭ ‬هذه‭ ‬الحسابات‭. ‬أين‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬رأيكم؟‭ ‬

**‭ ‬كفل‭ ‬الدستور‭ ‬البحريني‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬وحرية‭ ‬الصحافة‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬نص‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬24‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬47‭) ‬لسنة‭ ‬2002‭ ‬بشأن‭ ‬تنظيم‭ ‬الصحافة‭ ‬والطباعة‭ ‬والنشر،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬حق‭ ‬كفله‭ ‬الدستور‭ ‬والقانون‭ ‬والمواثيق‭ ‬والعهود‭ ‬الدولية‭.‬

ولكن‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬قانون‭ ‬الصحافة‭ ‬البحريني‭ ‬لم‭ ‬يواكب‭ ‬تطور‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬وتراجع‭ ‬تداول‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭. ‬فالحاجة‭ ‬إلى‭ ‬قانون‭ ‬صحافة‭ ‬عصري‭ ‬يواكب‭ ‬تنظيم‭ ‬الصحافة‭ ‬والطباعة‭ ‬والنشر‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الالكتروني‭ ‬وتشريع‭ ‬خاص‭ ‬ينظم‭ ‬الإعلام‭ ‬الالكتروني‭ ‬حاجة‭ ‬ضرورية؛‭ ‬فالانتهاكات‭ ‬الصحفية‭ ‬التي‭ ‬ترتكب‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعادة‭ ‬النشر‭ ‬باتت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬نص‭ ‬عليها‭ ‬قانون‭ ‬الصحافة،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الضوابط‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والمهنية‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬المصلحة‭ ‬للجميع‭. ‬فقد‭ ‬أصبحت‭ ‬مهنة‭ ‬الصحافة‭ ‬مهنة‭ ‬متاحة‭ ‬للجميع‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬ضوابط‭ ‬وأطر‭ ‬قانونية‭ ‬لتنظيم‭ ‬عمل‭ ‬الصحف‭ ‬والصحفيين‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مكانة‭ ‬المهنة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭.‬

*‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬للجمعية‭ ‬البحرينية‭ ‬للملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب؟‭ ‬

**‭ ‬تسعى‭ ‬الجمعية‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬الى‭ ‬نشر‭ ‬الوعي‭ ‬بأهمية‭ ‬حقوق‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬قانونيًا‭ ‬ودستوريًا‭ ‬وحمايتها‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها‭ ‬والنهوض‭ ‬بها‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنمية‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬والفردي‭ ‬بحقوق‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬الجمعية‭ ‬بتقديم‭ ‬الاستشارات‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬فروع‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬وذلك‭ ‬لخلق‭ ‬جيل‭ ‬واعد‭ ‬وواع‭ ‬ومبدع‭.‬

القانون

يتبقى‭ ‬امامنا‭ ‬الشق‭ ‬والمبحث‭ ‬القانوني‭ ‬في‭ ‬القضية،‭ ‬ومعرفة‭ ‬كيف‭ ‬تناولت‭ ‬المواد‭ ‬القانونية‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحدثنا‭ ‬المحامي‭ ‬محمود‭ ‬ربيع‭ ‬بشأنه،‭ ‬موضحا‭ ‬ان‭ ‬حقوق‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬تشمل‭ ‬نوعين؛‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬الملكية‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬تغطي‭ ‬العلامات‭ ‬التجارية‭ ‬وبراءات‭ ‬الاختراع‭ ‬والمؤشرات‭ ‬الجغرافية‭ ‬والأصناف‭ ‬النباتية‭ ‬والأسرار‭ ‬التجارية‭ ‬وتصاميم‭ ‬الدوائر‭ ‬المتكاملة‭. ‬النوع‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬حقوق‭ ‬المؤلف‭ ‬وهي‭ ‬الابداع‭ ‬الفكري‭ ‬للشخص‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬مثل‭ ‬الروايات‭ ‬والقصص‭ ‬والشعر‭.‬

ويضيف‭ ‬المحامي‭ ‬محمود‭ ‬ربيع‭: ‬هنا‭ ‬نجد‭ ‬ان‭ ‬للمؤلف‭ ‬حقين،‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬الحق‭ ‬المالي‭ ‬الذي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬العوائد‭ ‬المالية‭ ‬للمصنف،‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬غيره‭ ‬الاستفادة‭ ‬منه‭. ‬والثاني‭ ‬هو‭ ‬الحق‭ ‬الأدبي،‭ ‬وهو‭ ‬حق‭ ‬مرتبط‭ ‬بشخصية‭ ‬المؤلف‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬للغير‭ ‬ممارسته‭ ‬دون‭ ‬أذن‭. ‬بل‭ ‬هو‭ ‬حق‭ ‬دائم‭ ‬لا‭ ‬يتقادم‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬التصرف‭ ‬فيه‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬له‭ ‬مظاهر‭ ‬كنسبة‭ ‬المصنف‭ ‬إلى‭ ‬المؤلف‭ ‬ونشره‭ ‬وتعديله‭ ‬وتحويره‭ ‬وسحبه‭ ‬من‭ ‬التداول‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يشاء‭.‬

وقد‭ ‬اهتمت‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬والقوانيين‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حق‭ ‬المؤلف‭ ‬بالعمل‭ ‬الصحفي‭ ‬وقررت‭ ‬الحماية‭ ‬للأعمال‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬إذا‭ ‬توافرت‭ ‬فيها‭ ‬شروط‭ ‬الحماية‭ ‬وأهمها‭ ‬شرط‭ ‬الابتكار؛‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬صياغة‭ ‬فكرة‭ ‬الخبر‭ ‬ووضعه‭ ‬في‭ ‬قالب‭ ‬معين‭ ‬والمهارة‭ ‬في‭ ‬ترتيب‭ ‬تسلسل‭ ‬الفكرة‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يستحق‭ ‬الحماية‭ ‬القانونية‭.‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬تتضمن‭ ‬مقالات‭ ‬وتحقيقات‭ ‬ورسومات‭ ‬كاريكاتورية‭ ‬تتميز‭ ‬بجهد‭ ‬ذهني‭ ‬وشكلاً‭ ‬محدداً‭ ‬وأسلوباً‭ ‬خاصاً،‭ ‬لذلك‭ ‬تحظى‭ ‬بالحماية‭ ‬من‭ ‬السطو‭ ‬عليها‭ ‬مادامت‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬الإبداع‭. ‬ولا‭ ‬يشذ‭ ‬الخبر‭ ‬الصحفي‭ ‬الذي‭ ‬تنتجه‭ ‬الصحف‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ؛‭ ‬لأن‭ ‬أساس‭ ‬الحماية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الابتكار‭ ‬وصياغة‭ ‬الاخبار‭ ‬الذي‭ ‬تتم‭ ‬بطريقة‭ ‬صحفية‭ ‬تظهر‭ ‬فيها‭ ‬شخصية‭ ‬الصحفي‭ ‬وأسلوبه‭ ‬الخاص‭ ‬ومجهوده‭ ‬الذهني‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬جديرا‭ ‬بالحماية‭ ‬القانونية‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬مبتكرة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬اختيار‭ ‬أو‭ ‬ترتيب‭ ‬محتوياتها،‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬أن‭ ‬تُترك‭ ‬للسلب‭ ‬والسرقة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬الاخباري‭ ‬التجاري‭ ‬التي‭ ‬تجني‭ ‬أرباحا‭ ‬من‭ ‬نقل‭ ‬تلك‭ ‬الاخبار‭ ‬والتحقيقات‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تُكلف‭ ‬نفسها‭ ‬حتى‭ ‬ذكر‭ ‬المصدر‭ ‬واسم‭ ‬المؤلف‭.‬

هذه‭ ‬الحماية‭ ‬عبر‭ ‬عنها‭ ‬المشرع‭ ‬البحريني‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬حق‭ ‬المؤلف‭ ‬والحقوق‭ ‬المجاورة‭ ‬رقم‭ (‬22‭) ‬لسنة‭ ‬2006‭ ‬حين‭ ‬نص‭ ‬في‭ ‬مادته‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬تتمتع‭ ‬بالحماية‭ ‬المصنفات‭ ‬الأدبية‭ ‬والفنية‭ ‬والعلمية‭ ‬بمجرد‭ ‬ابتكارها‭ ‬دون‭ ‬حاجة‭ ‬الى‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬شكلي‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬قيمة‭ ‬هذه‭ ‬المصنفات‭ ‬أو‭ ‬نوعها‭ ‬أو‭ ‬غرضها‭ ‬أو‭ ‬طريقة‭ ‬أو‭ ‬شكل‭ ‬التعبير‭ ‬عنها،‭ ‬وتشمل‭ ‬الحماية‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬المقالات‭ ‬والنشرات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المصنفات‭ ‬المكتوبة‭ ‬والمصنفات‭ ‬السمعية‭ ‬البصرية‭.‬

كما‭ ‬منح‭ ‬قانون‭ ‬حق‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬مادته‭ (‬63‭) ‬لصاحب‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬تحفظية‭ ‬لمواجهة‭ ‬التعدي‭ ‬أو‭ ‬لتوقي‭ ‬تعدّ‭ ‬وشيك‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬المقررة‭ ‬له‭.‬

كان‭ ‬قانون‭ ‬حق‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬مادته‭ (‬64‭) ‬قد‭ ‬أجاز‭ ‬لصاحب‭ ‬الحق‭ ‬كتدبير‭ ‬مدني‭ ‬الحكم‭ ‬له‭ ‬بالتعويض‭ ‬عن‭ ‬الأضرار‭ ‬المادية‭ ‬والأدبية‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬لحقه‭ ‬ضرر‭ ‬مباشر‭ ‬ناشئ‭ ‬عن‭ ‬التعدي‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬المقررة‭.‬

وحرص‭ ‬المشرع‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬الجنائية‭ ‬لحق‭ ‬المؤلف‭ ‬رغبةً‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬أقصى‭ ‬حماية‭ ‬ممكنة‭ ‬لذلك‭ ‬أورد‭ ‬قانون‭ ‬حق‭ ‬المؤلف‭ ‬عقاباً‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يتعدى‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬مقرراً‭ ‬عقوبة‭ ‬الحبس‭ ‬مدة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬ولا‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬سنة‭ ‬واحدة‭ ‬وبغرامة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬خمسمائة‭ ‬دينار‭ ‬ولا‭ ‬تجاوز‭ ‬أربعة‭ ‬آلاف‭ ‬دينار‭ ‬أو‭ ‬بإحدى‭ ‬هاتين‭ ‬العقوبتين‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تعدي‭ ‬عمداً‭ ‬وبقدر‭ ‬ملموس‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬المؤلف،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يستهدف‭ ‬بصورة‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬تحقيق‭ ‬كسب‭ ‬مادي‭ ‬أو‭ ‬تعدى‭ ‬عمداً‭ ‬بغرض‭ ‬تحقيق‭ ‬منفعة‭ ‬تجارية‭ ‬أو‭ ‬كسب‭ ‬مادي‭ ‬خاص‭.‬

إلا‭ ‬انه‭ ‬قبل‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬المحاكم‭ ‬والقضاء‭ ‬لتحقيق‭ ‬الردع‭ ‬الخاص‭ ‬والعام‭ ‬ثمة‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬التوعية‭ ‬القانونية‭ ‬بالمواضيع‭ ‬المتعلقة‭ ‬بحقوق‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‭ ‬وإشاعة‭ ‬ثقافة‭ ‬احترام‭ ‬حق‭ ‬المؤلف‭ ‬وإدراك‭ ‬قيمة‭ ‬هذه‭ ‬الحقوق‭ ‬الذهنية،‭ ‬والمسؤولية‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬هذه‭ ‬الحقوق‭ ‬والمحافظة‭ ‬عليها‭ ‬حتى‭ ‬تستقيم‭ ‬الحياة‭ ‬وتسودها‭ ‬روح‭ ‬الإنصاف‭ ‬والعدالة‭.‬

***

ويبقى‭ ‬السؤال‭ ‬مطروحا‭.. ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬القوانين‭ ‬ومواثيق‭ ‬الشرف‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬مخالفة‭ ‬هذه‭ ‬السلوكيات،‭ ‬فلماذا‭ ‬تبقى‭ ‬الصحافة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حماية؟‭ ‬ومن‭ ‬هي‭ ‬الجهة‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬الصحافة‭ ‬المحلية‭.. ‬والصحفيين؟

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا