الكواليس
وفاء جناحي
waffajanahi@gmail.com
هل هذا الجيل أناني؟
جلس أمامي سرحانا، ثم تنهد تنهيدة طويلة وقال: اكتشفت انني كالثور في الساقية، لا يوجد شيء اسمه (أنا) سعادتي أو راحتي النفسية والبدنية.
نظر إلي وأضاف: أشعر أن أبنائي يستغلون عشقي وارتباطي مع احفادي لكي أكون السائق الخاص لأبنائهم والمخلص لأشغالهم ونسوا أنني وأمهم تعبنا وربينا وعملنا كل جهدنا حتى استقل الأبناء وبنوا لأنفسهم عائلة خاصة.
شعرت أن الرجل يتحدث بحرقة وألم ممزوج بحب، لذلك تركته يتحدث على راحته دون أن اقاطعه، قال: اعترف بأن حبي الشديد لأحفادي جعلني لا أرفض أي طلب لأبنائي الذين بالرغم من انهم ميسورو الحال ويستطيعون أن يوفروا سائقا لأبنائهم فإنهم استغلوا خوفي وحبي الشديد لأحفادي ليجعلوني السائق الخاص لأبنائهم، لم امانع في البداية لأنني كنت أستطيع وأرغب حيث إنني متقاعد بلا عمل ولكن أصبح الأمر مرهقا مع السنين، لذلك عندما لمحت لأبنائي الذين من المفروض أن (يشيلوني في كبري ويعتنون بي كما اعتنيت بهم وهم صغار) شعرت بأنهم زعلوا واستنكروا وقالوا الجملة التي كسرت ظهري (اشعندك انت متفرغ لا شغلة ولا مشغلة)!
نظر إلي الرجل بكل حرقة وقال: أليست لدي حياة يجب أن استمتع بها بعد هذا العمر الطويل في الكفاح والمجهود لتوفير كافة وسائل الراحة لهم؟ ألم يحن الوقت لكي ألتفت إلى نفسي وزوجتي الحبيبة (امهم) ونسافر لنستمتع بحياتنا قليلا؟ لقد تخطيت الخمسة والستين وأشعر أنني بحاجة الى الراحة والاسترخاء ولكنني مازلت اصحو باكرا كالموظف لألف على الأحفاد وأوصلهم إلى المدارس ثم ارجعهم الى البيت وأحيانا حتى العصر يطلبون مني أن اهتم بأبنائهم أو أوصلهم لشراء احتياجات المدرسة لكي يرتاح اباؤهم ويناموا بعد تعب الشغل!! وماذا عني؟ الا احتاج إلى الراحة بعد تعب الصباح؟
بالأمس جلست مع أبنائي وبطريقة المزاح قلت لهم تصرفوا الشهر الجاي مع ابنائكم لأنني سأسافر مع امكم أسبوعين نغير جوا، فنحن نشعر بالتعب والاكتئاب ونحتاج الى بعض الراحة، وكأنني فجرت قنبلة أو أخطأت في حقهم أو ضربتهم حيث استنكروا وصرخوا وقالوا لماذا وكيف تقررون السفر بدون أن تأخذوا رأينا، وكيف تطلب منا التصرف وأنت تعرف أننا نعتمد عليك؟ فقلت لهم لهذا أعطيتكم شهرا للتصرف!! فخرجوا من المنزل زعلانين وأنا في حالة من الذهول من هذه التصرفات الغريبة، نظرت إلي زوجتي وسكتت وكأنها تقول لي (قلت لك كلما تعطي أكثر يشعر الأبناء بأن هذا حق من حقوقهم وكأنه واجب وليس فضلا).
رفع رأسه وعيونه فيها بقايا دموع وقال: لقد أشعرني ابنائي الذين أفنيت عمري لأجلهم بأنني اناني ولا أفكر الا بنفسي لمجرد أنني فكرت أن اسافر وأغير جوا مع والدتهم.
لماذا ومتى وكيف أصبح هذا الجيل بهذه الأنانية، هل انا السبب وطريقة تربيتي كانت خاطئة حيث إنني حاولت قدر المستطاع أن اريحهم وأوفر لهم كافة احتياجاتهم منذ صغرهم وألغيت نفسي وسعادتي وراحتي بتاتا؟؟ هل من الغلط أن نضحي من اجل أبنائنا وعلينا أن نتحلى ببعض الأنانية لكي يشعر الأبناء بحق الآباء في احترام راحتهم وسعادتهم؟ من المخطئ أنا أو هم؟؟ هل نحن من خلق جيلا أنانيا؟
من لديه الجواب يرسله إلي بالإيميل...
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك