العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

ألوان

عائشة حافظ: ثوب أمي إلهامي الأبيض.. ونسائي يشبهنني

كتبت: زينب إسماعيل

الأحد ١٠ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

تصوير‭: ‬محمد‭ ‬سرحان

تستغرق‭ ‬النحاتة‭ ‬البحرينية‭ ‬عائشة‭ ‬حافظ‭ ‬في‭ ‬البياض،‭ ‬لتنتقل‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬أكثر‭ ‬سلاما‭ ‬وارتباطا‭ ‬بالحب‭ ‬والتسامح،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يشوه‭ ‬البياض‭.‬

التصاق‭ ‬النحاتة‭ ‬بالمجال‭ ‬الفني‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عبثيا،‭ ‬فهي‭ ‬نشأت‭ ‬ضمن‭ ‬عائلة‭ ‬محبة‭ ‬للفن‭ ‬والثقافة،‭ ‬واكتسبت‭ ‬تلك‭ ‬الموهبة‭ ‬الفنية‭ ‬من‭ ‬أخيها،‭ ‬فظلت‭ ‬تمارسها‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬اليومية‭ ‬بالانغماس‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬مجسمات‭ ‬الرمل‭ ‬الطفولية،‭ ‬ومنها‭ ‬انطلقت‭ ‬لتشكل‭ ‬كائناتها‭ ‬البيضاء‭ ‬المسالمة‭. ‬تقول‭ ‬عائشة‭: ‬‮«‬بدأت‭ ‬بتشكيل‭ ‬مجسمات‭ ‬بدائية‭ ‬على‭ ‬رمال‭ ‬الشواطئ،‭ ‬لأنتقل‭ ‬إلى‭ ‬تشكيل‭ ‬منحوتات‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬بيئية‭ ‬مثل‭ ‬الأخشاب‮»‬‭. ‬

ومن‭ ‬الخشب‭ ‬إلى‭ ‬الحجر‭ ‬الجيري،‭ ‬مرحلة‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬اللون‭ ‬البيض،‭ ‬لتنحصر‭ ‬عائشة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬البياض‭ ‬ولم‭ ‬تخرج‭ ‬منه‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬تأثرا‭ ‬بوالدتها‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬تلبس‭ ‬إلا‭ ‬الأبيض،‭ ‬ثوب‭ ‬الململ‭ ‬التقليدي‭ ‬المحلي،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الخاصة‭. ‬وهو‭ ‬ذاته‭ ‬اللون‭ ‬الذي‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬ملابس‭ ‬عائشة‭ ‬أيضا‭ ‬ورسخ‭ ‬في‭ ‬ذاكرتها‭ ‬الفنية‭.‬

تتنوع‭ ‬كائنات‭ ‬عائشة‭ ‬البيضاء‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬البيضة‭ ‬والطيور‭ ‬الصغيرة‭ ‬إلى‭ ‬حمامة‭ ‬السلام‭ ‬والكرسي‭ ‬الحاضن‭ ‬وحتى‭ ‬القارب‭ ‬المنقذ‭. ‬فالبيضة‭ ‬هي‭ ‬رمز‭ ‬بداية‭ ‬الخلق‭ ‬والحياة‭ ‬الجديدة‭ ‬المسالمة‭ ‬الخارجة‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل‭. ‬والطيور‭ ‬الصغيرة‭ ‬ترمز‭ ‬إلى‭ ‬الطائر‭ ‬الفينيقي‭ ‬الأسطوري‭. ‬أما‭ ‬الكرسي‭ ‬فهو‭ ‬الوطن‭ ‬الحاضن‭ ‬لحمامات‭ ‬السلام‭. ‬أما‭ ‬القارب‭ ‬فيعود‭ ‬إلى‭ ‬سفينة‭ ‬نوح‭ ‬المنقذة‭ ‬للبشرية‭.‬

وسط‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الرمزيات،‭ ‬تخترق‭ ‬المرأة‭ ‬منحوتات‭ ‬عائشة‭ ‬أيضا‭ ‬لتبرز‭ ‬عبر‭ ‬وجوهها‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬رمزية‭ ‬الكونية‭ ‬واستمرارية‭ ‬الخلق‭. ‬المرأة‭ ‬ضمن‭ ‬كائنات‭ ‬عائشة‭ ‬تتناسل‭ ‬وتحلق‭ ‬في‭ ‬الخيال‭.‬

وتبين‭ ‬عائشة‭: ‬‮«‬تحمل‭ ‬النساء‭ ‬إحساس‭ ‬صاحباتها‭ ‬وحكاياتهن‭ ‬ومشاعرهن‭. ‬فكل‭ ‬وجه‭ ‬من‭ ‬الوجوه‭ ‬يحمل‭ ‬تعبيرات‭ ‬تدريجية‭ ‬لقيم‭ ‬الحق‭ ‬والجمال‭ ‬والخير‭ ‬في‭ ‬كفاح‭ ‬لنيل‭ ‬المرأة‭ ‬كامل‭ ‬إنسانيتها‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور‭ ‬الماضية‭ ‬والمستقبل‭ ‬والحاضر‮»‬‭.‬

وتضيف‭ ‬النحاتة‭: ‬‮«‬كل‭ ‬وجه‭ ‬نسائي‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور‭ ‬هو‭ ‬جنة‭ ‬في‭ ‬الجمال‭ ‬والخير‭ ‬والحق‭. ‬الوجوه‭ ‬الجدارية‭ ‬بأشكالها‭ ‬وملامحها‭ ‬التعبيرية‭ ‬الشفافة‭ ‬إنسانية‭ ‬ملهمة‭ ‬ومتمردة‭ ‬ومقدمة‭ ‬بإصرارها‭ ‬وتفاؤلها‭ ‬وحزنها‮»‬‭.‬

وتتابع‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬قصص‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأزمنة‭ ‬التاريخية‭ ‬هي‭ ‬مصدر‭ ‬إلهامي‭. ‬المرأة‭ ‬باختلاف‭ ‬أجناسها‭ ‬وأشكالها‭ ‬وألوانها‭ ‬ومعتقداتها‭ ‬وماضيها‭ ‬وحاضرها‭ ‬ومستقبلها‭. ‬كل‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأزمنة‭ ‬متشابهات‭ ‬في‭ ‬جمالهن‭ ‬وإنسانيتهن‭ ‬ومطالبهن‭ ‬لحقوقهن‮»‬‭.‬

تتنوع‭ ‬نساء‭ ‬عائشة،‭ ‬فقد‭ ‬تتحول‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬ملكات‭ ‬منتصبات‭ ‬على‭ ‬عروشهن،‭ ‬يتقمصن‭ ‬اللون‭ ‬الأسود‭. ‬فالأسود‭ ‬يحمل‭ ‬معاني‭ ‬الجمال‭ ‬أيضا‭ ‬لدى‭ ‬عائشة،‭ ‬فمن‭ ‬بينه‭ ‬تتسلل‭ ‬خيوط‭ ‬البياض‭ ‬في‭ ‬تلامس‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬اللونين‭ ‬المتضادين‭ ‬اللذين‭ ‬يحملان‭ ‬نفس‭ ‬المعنى‭ ‬أيضا،‭ ‬السلام‭.‬

لكنهن،‭ ‬تلك‭ ‬النساء،‭ ‬قد‭ ‬تشكلهن‭ ‬عائشة‭ ‬أحيانا‭ ‬بلا‭ ‬ملامح‭ ‬مكتملة،‭ ‬لتتحول‭ ‬إلى‭ ‬كائنات‭ ‬مبهمة‭ ‬متناقضة،‭ ‬فالنقص‭ ‬هو‭ ‬اكتمالٌ‭ ‬أيضا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليها‭. ‬

نساء‭ ‬عائشة‭ ‬أيضا‭ ‬قد‭ ‬يشبهن‭ ‬عائشة‭ ‬نفسها،‭ ‬يشبهن‭ ‬شعرها‭ ‬الكثيف‭ ‬السواد‭ ‬المتطاير‭ ‬وعينيها‭ ‬الواسعتين‭ ‬البارزتين‭ ‬وأنفها‭ ‬الطويل‭ ‬وروحها‭ ‬البسيطة‭ ‬بسلامها‭ ‬الداخلي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا