أدانت الدول العربية والإسلامية قيام زعيم إحدى الحركات المتطرفة في هولندا بتمزيق صفحات من المصحف أمام عدد من السفارات الإسلامية في مدينة لاهاي مؤخرا، داعية إلى «تعامل حاسم» مع هذه «الممارسات الاستفزازية». وسط تساؤلات في العالم الإسلامي عما وراء هذه الجرائم المتكررة التي تهدف إلى الإساءة إلى الدين الإسلامي والاستفزازات المتواصلة لتدنيس المصحف الشريف سواء عبر جرائم حرق القرآن الكريم أو تمزيقه. ولماذا تستمر ظاهرة الإسلاموفوبيا في بلاد الغرب. والسؤال الكبير الذي يطرحه عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لماذا لا تصعد الدول الإسلامية من مواقفها ضد الدول اتي تتكرر فيها جرائم الإساءة إلى دين الإسلام والقران الكريم.
إن التنديد بهذه الجرائم من جانب العالم الإسلامي أمر مطلوب من دون شك، لكن المؤكد أن الدول الغربية التي تحدث فيها هذه الموبقات لو وجدت ردود فعل أكثر حسما مثل المقاطعة الاقتصادية وقطع العلاقات الدبلوماسية بشكل جماعي من الدول الإسلامية فسنجدها تتراجع وتصدر التشريعات القانونية التي تمنع حدوث هذه الممارسات الاستفزازية وتضع حدا لظاهرة ازدراء الأديان تحت شعارات حرية التعبير المضللة.
فقد دانت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي بأشد العبارات العمل الاستفزازي المتمثل في تدنيس نسخة من القرآن الكريم، الذي ارتكب مؤخرًا، أمام سفارات بعض الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في لاهاي، بهولندا.
وأكدت الأمانة العامة موقف المنظمة كما ورد في القرار الذي اتخذه مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في دورته الاستثنائية الثامنة عشرة المنعقدة بتاريخ 31 يوليو الماضي، والمخصص لأحداث تدنيس نسخ المصحف الشريف المتكررة، وأدان المجلس كل المحاولات الرامية إلى النيل من حرمة المصحف الشريف وغيره من الكتب المقدسة وقيم ورموز الإسلام والأديان الأخرى بحجة حرية التعبير، الأمر الذي يتعارض مع روح المواد (19) و(20) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ودعت الأمانة العامة للمنظمة السلطات الهولندية إلى اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي لمثل هذه الأعمال الاستفزازية، التي تشكل أعمال كراهية دينية، في انتهاك للقانون الدولي، ومنع تكرارها.
من جانبه أصدر الأزهر الشريف بيانا أكد فيه أن «ارتكاب هذه الجرائم ومجيئها هذه الأيام بالتزامن مع مناسبة ذكرى مولد نبي الإسلام والسلام والرحمة والإنسانية (عليه الصلاة والسلام) لهو دليلٌ على تعمد زيادة وتيرة الإسلاموفوبيا ورفع العداء للإسلام والمسلمين».
وأضاف الأزهر أنّ «تكرار هذه الجرائم يبرهن على أن بعض حكومات الغرب غير عازمة وغير جادة في ترسيخ قيم السلام العالمي والتعايش السلمي... وتبيِّن أن تلك الحكومات تكتب بإحدى يديها دعوات الحوار والاندماج وتُشعل باليد الأخرى نيران الكراهية والبغضاء بين الشعوب».
كما أدانت رابطة العالم الإسلامي – بأشد العبارات – جرائم تمزيق نُسخٍ من المصحف الشريف، التي ارتكبها متطرِّفون أمام عددٍ من السفارات في لاهاي، في تكرار شائن واستفزازي لمشاعر المسلمين.
وفي بيان للأمانة العامة للرابطة، ندد أمينها العام، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، بهذه الممارسات الهمجية النكراء، التي تخالف كل الأعراف والمبادئ الدينية والإنسانية، وتنتهك قيم المجتمع الدولي، الذي حذر من مخاطر تلك الممارسات، وأعلن بكل وضوحٍ رفضها ورفض كل مظاهر «الإسلاموفوبيا».
وكان مدير فرع حركة «بيجيدا» اليمينية المتطرفة في هولندا، إدوين فاغنسفيلد، قد قام بتمزيق صفحات من المصحف أمام عدد من سفارات الدول الاسلامية في لاهاي.
وقد حدثت وقائع مماثلة في دول أوروبية، بينها السويد والدنمارك، تضمنت تمزيق وإضرام النار في نسخ من المصحف، مثيرة موجة انتقادات في العديد من الدول الإسلامية.
ويمكن القول إن السياسي السويدي – الدنماركي، المتطرف راسموس بالودان، قد أعاد قضية «الإسلاموفوبيا» في أوروبا، إلى الواجهة بشدة، وجدد مخاوف الجاليات المسلمة والعربية، المقيمة في السويد، وفي أوروبا بشكل عام، عبر إقدامه مجددا، على حرق نسخة من القرآن الكريم، يوم السبت 21 يناير2023، أمام السفارة التركية، بالعاصمة السويدية ستوكهولم.
وليست هذه هي المرة الأولى، التي يقدم فيها راسموس بالودان، زعيم حزب «سترام كوكس» أو «الخط المتشدد» اليميني المتطرف، بإحراق نسخة من القرآن الكريم، ففي أبريل من عام 2022، قام بالودان مع أنصار حزبه بإحراق نسخ من القرآن الكريم، مما أدى في ذلك الوقت، إلى اندلاع مواجهات واسعة، في أنحاء متفرقة من السويد، حيث خرج شبان مسلمون إلى الشوارع، ورشقوا أنصار حزب بالودان ورجال الشرطة، بالحجارة كما أحرقوا عدة سيارات بعضها يعود للشرطة.
ويثير إصرار راسموس بالودان، وحزبه اليميني المتطرف، على تكرار هذا التصرف، العديد من علامات الاستفهام حول ما الذي يهدف إليه؟ وما إذا كان عقديا أم سياسيا؟ كما يثير لدى الجاليات المسلمة في السويد وأوروبا، العديد من التساؤلات حول سياسات الحكومات الأوروبية، في الحد من تداعيات ظاهرة الإسلاموفوبيا، التي ما إن تهدأ في بلد أوروبي، حتى تتزايد في بلد آخر.
وقد بدا أن السلطات السويدية، على وعي بالانتقادات والاحتجاجات، التي توالت من قبل العديد من الدول العربية والإسلامية، على ما قام به راسموس بالودان وعلى رأسها تركيا، والتي تساءلت جميعها عن كيف تساهلت السلطات السويدية مع راسموس بالودان، كي يستمر في هذه التصرفات المحرجة لها.
وفي تغريدة له على حسابه على تويتر، الأحد 22 يناير، أدان رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، حرق بالودان القرآن في استوكهولم، وكتب قائلا «حرية التعبير جزء أساسي من الديمقراطية، ولكن ما هو قانوني ليس بالضرورة أن يكون ملائما». وأضاف «حرق كتب تمثل قدسية للكثيرين عمل شائن للغاية. وأريد أن أعرب عن تعاطفي مع جميع المسلمين الذين شعروا بالإساءة بسبب ما حدث في ستوكهولم».
وكانت التقارير قد أشارت إلى أن بالودان، قام بإحراق نسخة من القرآن الكريم، أمام مقر السفارة التركية في ستوكهولم، بعد حصوله على تصريح رسمي من السلطات، وهو ما استتبعته إدانة قوية، من قبل وزير الخارجية التركي آنذاك مولود تشاووش أوغلو، الذي وصف ما حدث بأنه «جريمة عنصرية وكراهية».
والمتابع لأنشطة اليمين المتطرف في أوروبا، يمكنه أن يدرك بسهولة، أن تلك الجدلية المستمرة، بين دعاوى حرية التعبير من جانب تلك الأحزاب اليمينية، والاتهامات بازدراء المقدسات الدينية من قبل الجاليات والدول المسلمة على الجانب الآخر، ما تلبث أن تهدأ في بقعة أوروبية حتى تندلع في بقعة أخرى بفعل تصرفات من هذا القبيل.
حدث ذلك عندما أعادت مجلة (شارلي إيبدو)، الفرنسية الساخرة، نشر رسومها الكاريكاتورية، المسيئة للنبي محمد في أيلول/سبتمبر من عام 2020، وقد أدى في ذلك الوقت إلى احتجاجات عنيفة من قبل متظاهرين مسلمين في أنحاء العالم.
وحدث أيضا في أبريل من عام ،2021 عندما نشر السياسي اليميني الهولندي المتطرف، «خيرت فيلدرز»، زعيم حزب الحريات اليميني، مقطع فيديو على حسابه على «تويتر» عنوان له بعبارة «لا للإسلام لا لرمضان.. حرية، لا للإسلام»، وهو الفيديو الذي أغضب الجالية المسلمة في أنحاء أوروبا، كما أغضب ملايين المسلمين في أنحاء العالم.
وترى كل المؤسسات الرسمية الإسلامية حول العالم، أن ازدراء الأديان يجب ألا يدخل ضمن ما يعرف بحرية التعبير، كما تطالب بقانون دولي يجرم معاداة الإسلام والتمييز ضد المسلمين، وتعتبر أن الإساءة لأي رمز ديني لا يعد سلوكا ينم عن حرية ولا حضارة.
على الجانب الآخر، فإن المعسكر الذي يرى أن انتقاد الأديان، يمثل نوعا من حرية التعبير، يتهم المؤسسات الدينية بالنفاق، ويعتبر أن حرية الأديان، تعني في نفس الوقت حرية انتقاد الأديان، ويعتبر كثير من المختصين بهذا الجانب، أن الجدل كله، ينبع من وجود مجتمعين على طرفي النقيض من الناحية الفكرية، فيما يتعلق بالنظرة إلى الأديان.
وبعيدا عن الطرفين يعتبر، مختصون بالحوار بين الأديان، أن هناك عدة عوامل تعمق من الخلاف، بشأن ما إذا كان تناول الأديان بالنقد، يمثل حرية تعبير أم نوعا من الازدراء، وهي عوامل تتعلق بالهيمنة الأوروبية، والإسلاموفوبيا، وتاريخ حقبة ما بعد الاستعمار. وهي تسهم في مفاقمة الشعور بالألم تجاه تلك الأحداث لدى المسلمين في أنحاء العالم.
بقعة أخرى بفعل تصرفات من هذا القبيل.
حدث ذلك عندما أعادت مجلة (شارلي إيبدو)، الفرنسية الساخرة، نشر رسومها الكاريكاتورية، المسيئة للنبي محمد في سبتمبر من عام 2020، وقد أدى في ذلك الوقت إلى احتجاجات عنيفة من قبل متظاهرين مسلمين في أنحاء العالم.
وترى كل المؤسسات الرسمية الإسلامية حول العالم، أن ازدراء الأديان يجب ألا يدخل ضمن ما يعرف بحرية التعبير، كما تطالب بقانون دولي يجرم معاداة الإسلام والتمييز ضد المسلمين، وتعتبر أن الإساءة لأي رمز ديني لا يعد سلوكا ينم عن حرية ولا حضارة.
على الجانب الآخر، فإن المعسكر الذي يرى أن انتقاد الأديان، يمثل نوعا من حرية التعبير، ينتقد المؤسسات الدينية، ويعتبر أن حرية الأديان، تعني في نفس الوقت حرية انتقاد الأديان، ويعتبر كثير من المختصين بهذا الجانب، أن الجدل كله، ينبع من وجود مجتمعين على طرفي النقيض من الناحية الفكرية، فيما يتعلق بالنظرة إلى الأديان.
وبعيدا عن الطرفين يعتبر، مختصون بالحوار بين الأديان، أن هناك عدة عوامل تعمق من الخلاف، بشأن ما إذا كان تناول الأديان بالنقد، يمثل حرية تعبير أم نوعا من الازدراء، وهي عوامل تتعلق بالهيمنة الأوروبية، والإسلاموفوبيا، وتاريخ حقبة ما بعد الاستعمار. وهي تسهم في مفاقمة الشعور بالألم تجاه تلك الأحداث لدى المسلمين في أنحاء العالم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك