العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الثقافي

مع الدكتور إبراهيم عبد الله غلوم تحلو الذكريات!

السبت ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

‭(‬رحل‭ ‬صديق‭ ‬العمر‭ ‬والحرف‭ ‬والسنوات‭ ‬الخصبة‭ ‬ليترك‭ ‬جدل‭ ‬محبيه‭ ‬في‭ ‬مدار‭ ‬إنجازاته‭ ‬الكثيرة،‭ ‬ويتركني‭ ‬لأن‭ ‬أتذكر‭).‬

أتذكر‭ ‬أن‭ ‬أهمَّ‭ ‬دراسة‭ ‬قرأتها‭ ‬له‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬البيان‭ ‬الكويتية‭ ‬عام‭ ‬1974م‭ ‬وكانت‭ ‬بعنوان‭ ‬الحياةُ‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬نشرتْ‭ ‬في‭ ‬خمس‭ ‬حلقات‭. ‬وهذه‭ ‬الدراسة،‭ ‬قبل‭  ‬نشرها‭ ‬كانت‭ ‬منسوخة‭ ‬في‭ ‬دفتر‭ ‬مدرسي‭ ‬بخط‭ ‬يده،‭ ‬أهداني‭ ‬إياه‭ ‬بعد‭ ‬عدّة‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬رفقتي‭ ‬معه،‭ ‬كي‭ ‬أحتفظ‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬أرشيف‭ ‬المكتبة،‭ ‬وكنت‭ ‬حين‭ ‬أصادفه،‭ ‬وأنا‭ ‬أتجول‭ ‬بين‭ ‬رفوف‭ ‬المكتبة،‭ ‬ألتقطه‭ ‬كتذكار‭ ‬ثمين،‭ ‬وأشرع‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬الدراسة،‭ ‬وكأني‭ ‬لم‭ ‬أرها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ . ‬ويتكرر‭ ‬الأمر‭ ‬مراتٍ‭ ‬ومرات،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أملّ‭ ‬منها‭. ‬فكنت‭ ‬كلما‭ ‬تراكمت‭ ‬عليها‭ ‬وحولها‭ ‬الكتب‭ ‬والأوراق،‭ ‬وصرت‭ ‬لا‭ ‬أهتدي‭ ‬إليها‭ ‬بسهولة،‭ ‬أنقلها‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭ ‬أوضحَ‭ ‬بروزا،‭ ‬وبقيتُ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬سنين‭ ‬عديدة‭.‬

ولكن‭ ‬الدراسة‭ ‬ظلت‭ ‬عالقة‭ ‬بذهني‭ ‬لم‭ ‬أنسَها،‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬الدكتور‭ ‬إبراهيم‭ ‬نشر‭ ‬قبل‭ ‬تلك‭ ‬الدراسة‭ ‬وبعدها‭ ‬مقالاتٍ‭ ‬كثيرة،‭ ‬غابت‭ ‬عن‭ ‬بالي،‭ ‬لعلها‭ ‬تحولت‭ ‬في‭ ‬لا‭ ‬وعيي‭ ‬إلى‭ ‬ذكرى‭ ‬تستعصي‭ ‬على‭ ‬النسيان‭. ‬أما‭ ‬الدراسة‭ ‬كمحتوى‭ ‬فقد‭ ‬لفتت‭ ‬نظري‭ ‬منذ‭ ‬قراءتي‭ ‬الأولى‭ ‬لها؛‭ ‬لما‭ ‬لمستُ‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬جهد‭ ‬بحثي‭ ‬جيد‭ ‬لتاريخ‭ ‬الحركة‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬المتأخرة‭. ‬وحقيقةً،‭ ‬إنني‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬مُلما‭ ‬بهذا‭ ‬الموضوع‭ ‬قبل‭ ‬ذاك‭. ‬وشكلتْ‭ ‬الدراسة‭ ‬تلك‭ ‬دافعا‭ ‬لمتابعة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يكتبه‭ ‬الدكتور‭ ‬إبراهيم‭ ‬غلوم‭. ‬وتلك‭ ‬الدراسة‭ ‬عرفتني‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬ناقد‭ ‬منفتح‭ ‬الذهن،‭ ‬منظّم‭ ‬الفكر،‭ ‬متزن‭ ‬في‭ ‬آرائه‭ ‬النقدية‭ ‬وأفكاره‭. ‬وكنا‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬حركتنا‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬نقاد‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬الدكتور‭ ‬إبراهيم‭ ‬غلوم،‭ ‬يتمتعون‭ ‬بالموهبة،‭ ‬ولديهم‭ ‬إمكانيات‭ ‬الكتابة‭ ‬النقدية‭ ‬الجيدة‭. ‬والتحق‭ ‬بأسرة‭ ‬الأدب‭ ‬بعد‭ ‬تخرجه،‭ ‬وصار‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬أعضائها‭ ‬البارزين،‭ ‬ومن‭ ‬النقاد‭ ‬النشطين‭ ‬في‭ ‬الحركة‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.  ‬ومن‭ ‬ذكرياتنا‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تغيب‭ ‬عن‭ ‬البال‭ ‬إننا‭ ‬كنّا‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬والدكتور‭ ‬علوي‭ ‬والدكتور‭ ‬إبراهيم‭ ‬‮«‬بعد‭ ‬حضورنا‭ ‬أي‭ ‬فعالية‭ ‬ثقافية،‭ ‬نعرّج‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬المقاهي‭ ‬أو‭ ‬المطاعم‭ ‬القريبة،‭ ‬لنشرب‭ ‬شيئاً‭ ‬نرطّب‭ ‬به‭ ‬حلوقنا،‭ ‬أو‭ ‬نتناول‭ ‬عشاءً‭ ‬خفيفاً،‭ ‬وأحياناً‭ ‬نذهب‭ ‬إلى‭ ‬إكمال‭ ‬السهرة‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬منزلي‭ ‬الجديد‭ ‬بشارع‭ ‬المعارض‭ ‬بالحورة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نزحتً‭ ‬من‭ ‬قلالي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1978م‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬اللقاءات‭ ‬الحميميّة،‭ ‬كان‭ ‬يحلو‭ ‬لنا‭ ‬الحديث‭ ‬الصريح‭ ‬والشفاف،‭ ‬لمناقشة‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الندوات‭. ‬كنا‭ ‬أيضا‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬والدكتور‭ ‬إبراهيم‭ ‬وقاسم‭ ‬حداد‮»‬‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬أوال،‭ ‬نوجد‭ ‬فيه‭ ‬أيام‭ ‬البروفات‭ ‬وأيام‭ ‬العروض‭ ‬كذلك،‭ ‬وتُعد‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬الأوقات‭ ‬وأمتعها‭ ‬عندنا‭ ‬ونشارك‭ ‬في‭ ‬اللجنة‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬مهمتها‭: ‬اختيار‭ ‬النصوص‭ ‬المسرحية،‭ ‬العربية‭ ‬والعالمية،‭ ‬ومراجعة‭ ‬النصوص‭ ‬المحلية‭ ‬واقتراحها‭ ‬للعرض،‭ ‬وتقييم‭ ‬العروض‭ ‬المسرحية،‭ ‬وكتابة‭ ‬التقارير‭ ‬عنها‭. ‬وكان‭ ‬الدكتور‭ ‬إبراهيم‭ ‬أكثرنا‭ ‬اهتماما‭ ‬ومتابعة‭ ‬لنشاطات‭ ‬المسرح،‭ ‬وكذلك‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬المسرحيات‭ ‬التي‭ ‬تُعرض‭.  ‬وله‭ ‬دورٌ‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬رعاية‭ ‬المسرح‭ ‬وإدارة‭ ‬لجانه‭ ‬وتنظيم‭ ‬مهرجاناته‭.‬

‭*‬‭ ‬أما‭ ‬عن‭ ‬وجوده‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الثقافية،‭ ‬فهو‭ ‬صاحب‭ ‬الصولات‭ ‬والجولات،‭ ‬وسيّد‭ ‬المحافل‭ ‬الأدبية‭ ‬والفكرية؛‭ ‬يشارك‭ ‬فيها‭ ‬بفعالية‭ ‬وبكثافة‭ ‬ملحوظة؛‭ ‬فهو‭ ‬عضو‭ ‬مؤسس‭ ‬وفاعل‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الثقافية‭ ‬الأهلية‭ ‬والرسمية،‭ ‬والمسارح‭ ‬والأندية‭ ‬والمجالس‭. ‬وترأس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارتها‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬ورئاسة‭ ‬تحرير‭ ‬مجلتها‭ (‬كلمات‭ ‬عام‭ ‬1983،‭ ‬وغيرها‭ ‬كثير‭. ‬

‭*‬‭ ‬وإذا‭ ‬أحصينا‭ ‬كتاباته‭ ‬النقدية‭ ‬والأدبية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصحافة،‭ ‬ومساهماته‭ ‬فيها‭ ‬نجدها‭ ‬كثيرة‭ ‬ومتعددة‭: ‬من‭ ‬أحاديث‭ ‬ومقابلات‭ ‬وتحقيقات‭ ‬صحفية،‭ ‬يدلي‭ ‬بها‭ ‬غالباً‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬أدبية‭ ‬وثقافية،‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭ ‬وخارجها‭.‬

‭*‬‭ ‬‮ ‬‭ ‬نشاطه‭ ‬النقدي‭ ‬‭ ‬الواسع‭ ‬والمتعدد‭ ‬‭ ‬على‭ ‬الساحتين‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والثقافية‭ ‬عامة،‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬الأثر‭ ‬العميق‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬وعي‭ ‬ثقافي‭ ‬لدى‭ ‬جيل‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬المشتغلين‭ ‬بالفن‭ ‬والأدب،‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وفي‭ ‬بلدان‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬

‭ ‬‭*‬‭ ‬وفي‭ ‬مجال‭ ‬المسرح،‭ ‬له‭ ‬الدورُ‭ ‬الأبرز‭ ‬والأوسع‭ ‬والأعمق؛‭ ‬فقد‭ ‬ساهمت‭ ‬جهوده‭ ‬النقدية،‭ ‬النظرية‭ ‬منها‭ ‬والتطبيقية‭ ‬في‭ ‬إثراء‭ ‬الحركة‭ ‬المسرحية،‭ ‬وساعدت‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬الوعي‭ ‬بماهية‭ ‬النقد‭ ‬الأدبي‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬العمل‭ ‬المسرحي‭ ‬ولم‭ ‬يتوان‭ ‬عن‭ ‬تشجيع‭ ‬الأعمال‭ ‬المسرحية‭ ‬الهادفة،‭ ‬والتصدي‭ ‬بالنقد‭ ‬التقويمي‭ ‬الحازم‭ ‬للأعمال‭ ‬السطحية‭ ‬والضعيفة‭.‬

‭*‬‭ ‬وفي‭ ‬مجال‭ ‬العمل‭ ‬الثقافي،‭ ‬يُعدُّ‭ ‬الدكتور‭ ‬إبراهيم‭ ‬غلوم‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬القادة‭ ‬فيه،‭ ‬وأكثرهم‭ ‬نشاطاً‭ ‬وعملاً‭ ‬ومبادرة؛‭ ‬فقد‭ ‬أخذ‭ ‬على‭ ‬عاتقه‭ ‬عبء‭ ‬مسؤوليات‭ ‬كثيرة،‭ ‬تنوعت‭ ‬بين‭ ‬تحرير‭ ‬المجلات‭ ‬وإدارة‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأدبية‭ ‬وترؤس‭ ‬اللجان‭ ‬المسرحية‭ ‬والثقافية؛‭ ‬فكان‭ ‬فيها‭ ‬المخطط‭ ‬والمشرّع‭ ‬لأنظمتها‭ ‬وقوانينها،‭ ‬والمُعدّ‭ ‬لتقاريرها‭ ‬وتوصياتها،‭ ‬وأوّل‭ ‬من‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تنفيذها‭ ‬ومتابعة‭ ‬مسيرتها،‭ ‬بجد‭ ‬واهتمام‭ ‬كبيرين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا