كثرت في السنوات الأخير الأحاديث التي تتكلم عن مؤشرات على قرب زوال إسرائيل، وتحدث في هذا الشأن عدد من العلماء والمفكرين المسلمين استنادا الى ما جاء في سورة الاسراء بالقرآن الكريم، والتي سبق لمؤسس وزعيم حركة حماس الشيخ أحمد ياسين ان استند اليه ليؤكد فكرة «الوعد الإلهي» بحتمية زوال إسرائيل، بل ذهب الشيخ احمد ياسين الى توقع ان تكون نهاية إسرائيل بحلول عام 2027، ومع الانتصارات التي حققتها المقاومة الفلسطينية وحركة حماس مؤخرا عبر اقتحام مستوطنات غلاف غزة، تجدد الحديث حول نبوءات زوال إسرائيل.
والحديث عن لعنة العقد الثامن من عمر الدولة الصهيونية ليست فقط في إطار النظريات ونبوءات الحاخامات وأسفار التلمود والتوراة أو في سياق تحذيرات العديد من ساسة «إسرائيل» أمثال إيهود باراك الذي كتب العام الماضي في الذكرى الـ74 لصحيفة «يديعوت أحرنوت» تحذيراته حول لعنة العقد الثامن قائلا: «في فترتين قامت لبني إسرائيل سيادة كاملة في أرضه، وبشّر العقد الثامن في الحالتين بتفكك السيادة، وككيان سيادي وصلنا اليوم إلى العقد الثامن، ونحن، كمن استحوذ عليهم الهوس، بتجاهل لتحذيرات التلمود، «نعجّل النهاية» والفترتان اللتان يقصدهما باراك هما دولة داؤود التي استمرت 76 عاما ودولة الحشمونائيم التي قامت عام 140 قبل الميلاد وزالت من الوجود عام 63 قبل الميلاد، وكلا الدولتين زالتا في العقد الثامن لم تتجاوزاه.
هناك من يتحدث أن هذا السياق الصهيوني يدغدغ مشاعر رعاة الحركة الصهيونية وقوى الاستعمار التي تكفلت بالحفاظ على أمن «إسرائيل» لكن هذه الرعاية والحماية التي استمر 75 عاما حتى الآن إلى متى سيستمر؟ طالما أن مؤرخي الكيان أنفسهم وصانعي القرار في كيان الاحتلال بارك وجانتس وبينيت وحتى رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو عبروا عن تلك المخاوف بطريقة أو بأخرى وكلهم يحذرون من مسألة الانقسام الداخلي وهو ما لمسناه خلال نصف عام بتغيير 5 حكومات دلالة قطعية على وجود خلل بنيوي في الكيان الصهيوني وهذا ملحوظ بشكل كبير مما يؤكد تلك المهددات بزوال الكيان الصهيوني.
استشراف الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس والشيخ بسام جرار وبعض العلماء المسلمين الذين تحدثوا عن زوال دولة إسرائيل الثالثة مثل الشيخ الشعراوي الذي لم يحدد توقيتا محددا لكنه استند إلى تفسير سورة الإسراء وفسر آياتها 4 إلى 8 التي دلت دلالة قاطعة على الزوال في قوله تعالى: «وَقَضَيْنَا إِلَى بَني إِسْرَائيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً فَإِذَا جاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جاء وَعْدُ الآخرةِ لِيَسُوؤواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً». صدق الله العظيم.
وفي أواخر سورة الإسراء يقول الله تعالى: «وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى? عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108)» صدق الله العظيم. لا شك أن هذه الدلائل أكدت حقيقة الزوال ولم تحدد التوقيت لكن المؤشرات والدلائل التي يتخوف منها الصهاينة واضحة للعيان سواء ما يتعلق بالانقسام الداخلي أو الديموغرافيا أو المشهد الفلسطيني الداخلي المقاوم، مع العلم أن مؤرخي إسرائيل كلهم مصابون بهذه الفوبيا ولعنة العقد الثامن، لا سيما أن تاريخ كيانات بني إسرائيل كلها لم تتجاوز هذا العقد الذي يعيش فيه الاحتلال الصهيوني الآن وكل ما هو قائم على باطل فهو باطل.
فالاحتلال الإسرائيلي قام على اغتصاب حقوق الغير وشكل كيانه نتيجة التهجير القسري وعمليات الترهيب والمجازر التي ارتكبت منذ بداية تأسيس كيانهم اللقيط وارتكبوا مجازر جماعية، كما حدث في دير ياسين وغيرها من المجازر واستمر الصهاينة يحتفلون بتلك المجازر يدفعهم بروتوكولات زعماء الحركة الصهيونية وحكماء صهيون وحاخامات يدعون إلى قتل العرب.
هذه المرحلة الصهيونية استمرت 40 عاما منذ 1947 وحتى انطلاق انتفاضة الحجارة عام 1987م، ومن هناك بدأ حراك شعبي فلسطيني بالحجارة في بداية الجيل الثاني الـ40 سنة الحالية التي شهدت انتقال زمام المبادرة إلى يد المقاومة الفلسطينية مرورا بانتفاضة الأقصى ثم الانسحاب من غزة والاجتياحات الإسرائيلية التي حدثت في السنوات الماضية التي جوبهت بمقاومة فلسطينية عنيفة كان منها «سيف القدس» و«طوفان الأقصى» اللتان أكدتا معادلة التحرير وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة وأكدتا أن أي انتهاك صهيوني بالقدس الشريف وأي استفزاز في الضفة الغربية في أي مدينة فلسطينية فالرد سيأتي من فصائل المقاومة التي سترد الصاع صاعين.
وهكذا تم تكريس سياسة العين بالعين والسن بالسن فكل ممارسة همجية من الاحتلال يأتي الرد بين عشية وضحاها من أبناء فلسطين في بقية المدن الفلسطينية التي طوقت الاحتلال بالفدائيين والمقاومين الأبطال، وقد تزايدت وتيرتها خلال السنوات والشهور الماضية، وشاهد العالم أن القدس تنتفض لنابلس وجنين وأن كوادر المقاومة باتت داخل عمق الكيان في أراضي ما يسمى الـ48 وهذه الكوادر المقاومة هي جذوة التحرير، وأن كل قطرة دماء وكل شهيد يعمد عليه مشروع التحرير العظيم في انتظار «الوعد الإلهي».
إذن نحن أمام مشهد من القوة والمقاومة وصواريخ الشرف والكرامة ومسيرات الوعد الصادق التي زعزعت كيان العدو وأبناء فلسطين لا يضرهم من خذلهم فهم على يقين بأن دماء الشهداء والاعتماد على المقاومة هي الطريق الأوحد للتحرير، ولن يفيد الكيان المحتل الجدار العنصري ولا المستعمرات والتوسع الاستيطاني ولا القبب الحديدية ولا حتى شجر الغرقد عندما تحين لحظة الكرامة والمقاومة وعندما تنطلق صواريخ العزة عندها سيؤخذ بثأر المقدسين وبثأر أي استهداف صهيوني (فَتًى يَخُوضُ غِمَارَ الحرْبِ مُبْتَسِماً. وَيَنْثَنِي وَسِنَانُ الرُّمْحِ مُخْتَضِبُ) من أمثال النابلسي وعلقم، فهناك الآلاف من هؤلاء الشبان الذين نذروا أرواحهم فداء «لفلسطين واقسموا بالله والوطن أن تحرر بلادهم من النهر إلى البحر وما ذلك على الله بعزيز ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، فطوبى لكم أيها الأبطال لقد اصطفاكم الله لهذا الابتلاء العظيم، شعب» نصفه شهداء ونصفه الآخر مقاومون، أنتم اليوم تقدموا ملاحم الفداء والتحرير إن نصر الله قريب، الله أكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك