رواية «دي بارم» جديد البحريني رسول درويش
صدرتْ عن دار سكرايب المصرية رواية (دي بارم) للكاتب الروائي البحريني رسول درويش، وهي الرواية الثامنة في سلسلة أعماله الروائية، بالإضافة إلى ثلاثة أعمال في الترجمة، واثنين في النقد، وأربعة إصدارات توثيقية، ونصٍّ مسرحي واحد.
وتُعد رواية (دي بارم) هي العمل الروائي الثالث الذي يمثل مشروع الكاتب الخاص في تناوله تاريخ البحرين، وتمثيله في قالبٍ روائي. ففي رواية الحجر الأسود، تناول الكاتبُ التاريخَ بصورة فنية أدبية إبَّان وجود جزيرة البحرين (أوال) ضمن إقليم البحرين الكبير، والذي حكمه القرامطة لما يقرب من القرن، ونتج عن حكمهم، سرقتُهم للحجر الأسود من مكة المكرمة في محاولة منهم لتحويل الحج إلى (هجر) في الأحساء، وتغيير مفاهيم الدين المحمدي.
وفي رواية دلمونيا، بنى الكاتبُ مُتخيَّله الفني في الحقبة المضطربة أي منذ عام 1760 حتى 1765، حيث تناوبت القوى الإقليمية على فرض سيطرتها على جزيرة البحرين.
وفي روايته الأخيرة (دي بارم) الصادرة عام 2023، أضاف الكاتبُ حقبة الوجود البرتغالي في المنطقة إلى إنتاجه الأدبي، تلك الحقبة التي امتدَّت منذ 1507 إلى 1622 حينما سقطت هرمز على يد التحالف الإنجليزي الفارسي الهولندي. وحاول الكاتب في (دي بارم) استنطاق الوجود البرتغالي في المنطقة روائيًّا، وتُعتبر هذه الرواية عملًا موازيًا ومقابلًا لملحمة الشاهنامة الفارسية، ولكنها جاءت في قالبٍ روائي خالص.
والجدير بالذكر، فإن ملحمة الشاهنامة تُعد مصدرًا لحفظ تاريخ فارس وحتى أساطيرها منذ ما قبل الإسلام، وهي مرتبة في أحداثها ترتيبًا تاريخيًّا تصاعديًّا. تذكر الأسرة فتبدأ بأول ملوكها، وتُسلِّط الضوء على الأحداث التي في عصره قبل الانتقال إلى الملك الثاني وهكذا. وقد أوعز السلطان محمود الغزنوي إلى الشاعر الملحمي أبي القاسم الفردوسي بكتابة (رسالة الملك)، فجاءت الملحمة التاريخية الخالدة (الشاهنامة)، تلك التي أفنى فيها الفردوسيُّ عمرَه، ونظمها في خمس وثلاثين سنة.
وأما (دي بارم) فهي شاهنامة عربية، ملحمة روائية وليست شعرية. تحاول سرد العلاقة القائمة بين سكان ضفتي الخليج العربي إبَّان الوجود البرتغالي في المنطقة من وجهة نظر عربية. وتحاول في طرحها السردي أن تُظهر كيف تمكَّن البرتغاليون من فرض سيطرتهم على أغلب مناطق الخليج، وكيف كان دور مملكة هرمز مؤثرًا لإخضاع جزيرة البحرين للسيادة البرتغالية التي استمرت ما يقرب من المائة عام، أي منذ 1507 إلى 1622م.
إن الشاهنامة العربية أي (دي بارم) روايةٌ تاريخية مُتخيَّلة، تعيد سرد الأحداث في قالب أدبي، تعين القارئ على رؤية الحقيقة من زاوية أخرى، ذلك لأن التاريخ لا يغيظه استنساخ نفسه، ولا يجد صانعوه متسعًا من الوقت لإعادة وإنتاج كتابته. ولذلك، يمكننا التنبؤ بالمستقبل إذا قرأنا تاريخنا ومحصنا حاضرنا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك