الكواليس
وفاء جناحي
waffajanahi@gmail.com
أنا امرأة كاملة لست ناقصة
جلستْ أمامي فتاةٌ وقبل أن أتكلمَ أو أسألها من تكون قالت: أنا امرأةٌ في بداية الثلاثين من عمري، جميلة، طموحة، ناجحة في عملي الذي اجتهدت فيه كثيرا حتى وصلت إلى مرتبة جيدة فيه ومازال أمامي الكثير لأحققه في مجال عملي، أخذت الماجستير وفي طريقي إلى دراسة الدكتوراه، سعيدة في حياتي، أعشق عائلتي الصغيرة، والدي وإخواني سبب نجاحي حيث إنهم يشجعونني كثيرا لكي أصل إلى أعلى المراتب، أسافر مع صديقاتي وأعيش أحلى الأوقات معهن، باختصار شديد لا أشعر بأنه ينقصني أي شيء.
نظرتُ إليها وقلت لها: (اشفيج؟ خير؟ عسى ماشر)؟ ماذا تريدين؟
رفعت رأسَها إلى الأعلى ونظرت إليَّ بعينين مليئة بالدموع وقالت: أتمنى أن تكتبي عن مشكلتي ومشكلة كثير من البنات الذين هن في نفس ظروفي!!
سكتُ وأعطيتها المجالَ لتكمل وتعبر عن مشاعرها فأضافت: أكره نظرات الشفقة التي أراها في عيون الناس عندما يسألونني أبشع وأسخف سؤال: هل أنت متزوجة؟ وما إن أرد بالنفي حتى تنقلب النظرات المعجبة بشكلي والفخورة بإنجازاتي إلى نظرات شفقة وحزن تحسسني بأنني مسكينة وناقصة وكأن الزواج هو مفتاح السعادة الوحيد ولا عزاء لكل إنجاز حقيقي يسعد أي فتاة!!
ارتفعت نبراتُ صوتها وقالت بحسرةٍ وغضب: ما هذه الثقافة التي مازالت محفورة في عقول مجتمعنا الذي ينظر إلى كمال المرأة في زواجها فقط؟! أما دراستها وإنجازاتها العملية والعائلية فهي في المرتبة الثانية دائما!
لماذا يحاول الجميع أن يزوجني بأي طريقةٍ وبأي شخص مهما كانت مؤهلاته لمجرد أنني تخطيت الثلاثين؟ من قال لهم إنني تعيسة وأبكي الليل والنهار بانتظار فارس الأحلام؟! من قال إن عليّ أن أتخلى عن راحتي وسعادتي بين عائلتي الجميلة والذين يعاملونني كملكة رائعة لأتزوج أي شخص أقل مني في المؤهلات والشخصية لمجرد الزواج فقط؟ من قال إن السعادة في زواج المرأة فقط؟! من قال إن المرأة أو الرجل أيضا لا يستطيع أن يسعد نفسه بنفسه دون شريك حياة؟!
مسحت الفتاةُ دموعها ونظرت إليَّ نظرة قوية وقالت: الحياة أجمل وأروع من أن أرميَ نفسي في كنف إنسان لا يناسبني، كم أتمنى أن يحترم المجتمع قرار النساء الطموحات في اختيار الشريك المناسب أو رفض الزواج، حيث إنني أرفض أن أكون ضحية وتحت رحمة إنسان مختل يشعر بالنقص فيذلني أو يهينني باسم الزواج.
مفهومي للزواج هو الحب، التفاهم، الرحمة، التعاون في بناء أسرة سعيدة لذلك إما أن أعثر على من يستحق ويكون نصفي الثاني وحبيبي وصديقي وأبي وابني وإلا فبيت والدي هو سعادتي.
أنا شخصيا أوافقها الرأي جملة وتفصيلا ولا أنصح أي فتاة مهما كبرت في العمر أن تتزوج أي واحدٍ إلا من يكون في نفس مستوى التفكير والبيئة والشهادات وألا تضع في عقلها أن الزواج هو طريق السعادة الوحيد فالإنسان يستطيع أن يسعد نفسه دائما وأبدا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك