العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

المجتمع

الطابع الاستثنائي لعملية «طوفان الأقصى»

بقلم: د. عمرو الشوبكي

السبت ٢١ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

العملية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬يوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬وحملت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬هي‭ ‬عملية‭ ‬استثنائية‭ ‬وغير‭ ‬مسبوقة؛‭ ‬فقد‭ ‬دخلت‭ ‬عناصر‭ ‬كتائب‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬القسام‭ (‬الجناح‭ ‬العسكري‭ ‬لحركة‭ ‬حماس‭) ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬إلى‭ ‬مدن‭ ‬ومستوطنات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬بأعداد‭ ‬فاقت‭ ‬1000‭ ‬عنصر‭ ‬وعربات‭ ‬وطائرات‭ ‬شراعية،‭ ‬كما‭ ‬اقتحموا‭ ‬معبر‭ ‬إيريز‭ ‬وكرم‭ ‬أبوسالم‭ ‬وحطموا‭ ‬بجرافات‭ ‬فلسطينية‭ ‬السياج‭ ‬الحدودي‭ ‬الذى‭ ‬يفصل‭ ‬بين‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وإسرائيل‭.‬

كما‭ ‬أُطلق‭ ‬حوالي‭ ‬7‭ ‬آلاف‭ ‬صاروخ‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬نحو‭ ‬إسرائيل‭ ‬وجرت‭ ‬مواجهات‭ ‬عنيفة‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬إسرائيلية‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬مستوطنات‭ ‬في‭ ‬غلاف‭ ‬غزة‭ ‬مثل‭ ‬مدينة‭ ‬عسقلان‭ ‬وسيدروت،‭ ‬كما‭ ‬سيطروا‭ ‬وضربوا‭ ‬35‭ ‬موقعًا‭ ‬وقتلوا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1200‭ ‬إسرائيليّ‭ ‬وأسروا‭ ‬آخرين‭ ‬وأصابوا‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬2500‭.‬

واللافت‭ ‬أن‭ ‬مواجهات‭ ‬2019‭ ‬و2022‭ ‬اقتصرت‭ ‬المواجهة‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬الجهاد‭ ‬فقط‭ ‬دون‭ ‬باقي‭ ‬الفصائل‭ ‬ومنها‭ ‬حماس‭ ‬ولم‭ ‬يسقط‭ ‬فيها‭ ‬أي‭ ‬ضحية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬رغم‭ ‬إطلاق‭ ‬سرايا‭ ‬القدس‭ (‬الجناح‭ ‬العسكري‭ ‬لحركة‭ ‬الجهاد‭) ‬مئات‭ ‬الصواريخ‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

لقد‭ ‬استهدفت‭ ‬إسرائيل‭ ‬قادة‭ ‬الجهاد‭ ‬ولم‭ ‬تستهدف‭ ‬قادة‭ ‬حماس،‭ ‬وكان‭ ‬هناك‭ ‬احترام‭ ‬لقواعد‭ ‬الاشتباك‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬ما‭ ‬زالت،‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬مع‭ ‬حركة‭ ‬الجهاد،‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬جزءًا‭ ‬أصيلًا‭ ‬من‭ ‬الحسابات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الإيرانية‭ ‬وأنها‭ ‬رغم‭ ‬علاقتها‭ ‬الجيدة‭ ‬معها‭ ‬حافظت‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الاستقلالية‭ ‬وأعلت‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬حساباتها‭ ‬الفلسطينية‭.‬

عملية‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬هي‭ ‬بحق‭ ‬عملية‭ ‬استثنائية‭ ‬لأن‭ ‬فيها‭ ‬ابتكارًا‭ ‬ودقة‭ ‬واحترافية‭ ‬كبيرة،‭ ‬ورسائلها‭ ‬عديدة،‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬جاءت‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬ابتعاد‭ ‬لحركة‭ ‬حماس‭ ‬عن‭ ‬المواجهات‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬شملت‭ ‬الجهاد‭ ‬والجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬حتى‭ ‬خرجت‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الكتابات‭ ‬الغربية‭ ‬تعتبر‭ ‬فيها‭ ‬حماس‭ ‬أنها‭ ‬أصبحت‭ ‬قوة‭ ‬‮«‬عازلة‮»‬‭ ‬بين‭ ‬باقي‭ ‬فصائل‭ ‬المقاومة‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬وجاء‭ ‬هجوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬ليكسر‭ ‬هذه‭ ‬النظرية‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬يحتاج‭ ‬فترات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الإعداد‭ ‬والتدريب‭ ‬والخداع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬حتى‭ ‬يمكن‭ ‬تنفيذها‭.‬

كما‭ ‬حملت‭ ‬رسائل‭ ‬إخفاق‭ ‬إسرائيلي‭ ‬داخلي‭ ‬وفشل‭ ‬سياسي‭ ‬وأمني‭ ‬واستخباراتي‭ ‬كبير،‭ ‬كما‭ ‬عكست‭ ‬فشلًا‭ ‬كاملًا‭ ‬لسياسات‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬التي‭ ‬انشغلت‭ ‬بالسيطرة‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية‭ ‬وقهر‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬واعتباره‭ ‬غير‭ ‬موجود،‭ ‬وتبنت‭ ‬سياسة‭ ‬فرض‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‭ ‬بالقوة‭ ‬والفصل‭ ‬العنصري‭ ‬واستمرت‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المستوطنات‭ ‬بالضفة‭ ‬الغربية‭ ‬بصورة‭ ‬جعلت‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬عمليًّا‭ ‬شبه‭ ‬مستحيل‭. ‬يقينًا‭ ‬لقد‭ ‬فشلت‭ ‬سياسات‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬حقوق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتبرير‭ ‬الاحتلال‭ ‬وأصبح‭ ‬استمرارها‭ ‬على‭ ‬المحك‭.‬

يقينًا‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬المسلحة‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬تثيره‭ ‬من‭ ‬حماس‭ ‬وتعاطف‭ ‬عربي‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬ذاتها‭ ‬حلًّا‭ ‬للصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬رسالة‭ ‬رفض‭ ‬واحتجاج‭ ‬مفهومة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الاحتلال‭ ‬المطلوب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬رسالتها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إجبار‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬وإعادة‭ ‬الحقوق‭ ‬إلى‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬دولته‭ ‬المستقلة‭.‬

سترد‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعنف‭ ‬وقسوة‭ ‬كما‭ ‬شاهدنا‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والقصف‭ ‬الشامل‭ ‬على‭ ‬مناطق‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬لكن‭ ‬الأمر‭ ‬المؤكد‭ ‬أنه‭ ‬طالما‭ ‬بقي‭ ‬الاحتلال‭ ‬ستستمر‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬حلقة‭ ‬مفرغة‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬والعنف‭ ‬المضاد‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا