صدرت حديثا عن محترف أوكسجين للنشر في أونتاريو، رواية جديدة للروائي العُماني محمود الرحبي، بعنوان «طبول الوادي».
«طبول الوادي» روايةٌ توثيقية وخيالية في آن معاً، ترسم لوحةً بانورامية عن عُمان الثمانينيات، تصدر عن محترف أوكسجين للنشر، لتروي لنا في 176 صفحة، وبلغةٍ منحوتة من حجر البيوت والطرقات والجبال، التحوّلات العميقة التي جعلت من المكانِ حاملاً سردياً لتلك الفترة، ينعكسُ على شخصياتٍ تتمثّل بدورها أمكنتَها، وتختلف أحلامُها، بقدرة كل شخصيةٍ على مطاردتها حتى التحقّق.
يضعنا فيها الروائي محمود الرحبي منذ البداية في قلبِ أحداثٍ تبدو للوهلة الأولى بسيطة، غير مؤثرة، لكنها مليئة بالتفاصيل التي تحيلنا إلى تراكم مشاعر قوية، تزيح كل الصور النمطية للذات البشرية وهي تنشدُ التغيير. هناك شيءٌ ما سيتحطم ويقلب موازين ما كان مسطوراً سلفاً ومكتوباً لأن يُثبّت بحكم الزمن والعادات وطبيعة الحياة في سيرورتها الرتيبة. فتلك السيارة التي انطلقت بسرعة مجنونة نحو المجهول كانت تمنح بطل الرواية سالم، وهو يبتعد لأول مرّة عن قريته كل تلك المسافة؛ هواءً آخرَ مغايراً. حتى أن الشرود سيُمسي مهرباً، ومدعاةً لطرح أسئلةٍ عادية على سبيل: «أين سأهبط؟ أين سأنام؟ وكيف سأتدبّر أموري في الأيام المقبلة؟».
يُعيدنا الرحبي، إلى زمن الطفولة والمغامرات التي تكسر القوانين الأبوية الصارمة، من تدخين، واستماع إلى الأغاني، وبحث دائم عن مخابئ سرية لنسجِ الأحلام، وكل ممنوع وسطَ حشدِ فتيانٍ حالمين يصبح رغبةً متجدّدة. كما نقرأ أو نرى بأمِّ أعيننا مشاهدَ قاسية من منظومة الأب وحِدَّته في التصرف مع أبنائه وضيوفه وأهل القرية، والتوجس الذي لا يفارق سالم وهو ينظرُ إلى نفسه، وكيف سيتحوّل إلى نسخة مطابقة لأبيه إن هو رضي بمصيره ولم يمدّ يده ويمزّق جبّة القدَر.
ومن الجدير ذكره أن محمود الرحبي قاص وروائي وصحفي عُماني. من رواياته: «خريطة الحالم» (2010)، و«فراشات الروحاني» (2013)، و«أوراق الغريب» (2017)، و«المموّه» (2023). ومن مجموعاته القصصية: «ساعة زوال» الفائزة بجائزة السلطان قابوس في دورتها الأولى (2012)، و«أرجوحة فوق زمنين» الحائزة على المركز الأول في جائزة دبي الثقافية (2009). كما وصلت مجموعتاه القصصيتان «لم يكن ضحكا فحسب»، و«صرخة مونش» إلى القائمة القصيرة لجائزة الملتقى للقصة العربية. تُرجمت قصصه إلى اللغات الإنجليزية والإسبانية والروسية والتركية.
Y4HY4ALSTRAWI@GMAIL.COM
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك