متابعة: «المحرر الثقافي»
ضمن فعليات أسرة الأدباء والكتاب قدمت الكاتبة والناقدة الدكتورة انتصار البناء مؤخراً ندوة بعنوان «العصر الرقمي، قراءة ثقافية». قدم للندوة وعقب عليها الكاتب الكبير عبيدلي العبيدلي. وفي مستهل المحاضرة بينت الدكتورة انتصار أن هدف المحاضرة تفكيك مفهوم العصر الرقمي، وفهم المنطق الذي يحكمه. وتفسير آلية اشتغال الأنظمة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية في إطار العصر الرقمي. ثم الكشف عن تأثير كل تلك المتغيرات على نمط حياتنا الجديد وسلوكنا الروتيني.
وفسرت البناء مفهوم العصر الرقمي، بأنه العصر الذي تتحول فيه جميع المعاملات والخدمات التي يجريها الفرد عبر الإنترنت. Online، مثل عمليات البيع والشراء والدفع وحجز المواعيد وتجديد الوثائق الرسمية والتسجيل لمختلف الخدمات. وهذا يعني إدخال كم كبير من البيانات ومعالجتها في البرامج لتلبية تلك الخدمات. وبذلك تكون أكثر المصطلحات الضابطة لمفهوم العصر الرقمي هي (البرمجة، المعلوماتية، البيانات).
وأشارت إلى أن العصر الرقمي يعتبر تحولا اجتماعيا وثقافيا هائلا يماثل عصر اكتشاف النفط في البحرين الذي أدى إلى حدوث تغييرات جذرية في بنية المجتمع وهيكلياته. وقد منح العصر الرقمي البشرية منافع لا يمكن التراجع عنها، من سرعة إنجاز المعاملات في أي وقت خارج الدوام الرسمي. ومن تحسن جودة الخدمات. والأمن الذي توفره. وتقليل التكلفة. وتوفير طابع حياة مريح.
ثم عرضت الدكتورة انتصار سمات العصر الرقمي وتأثيراته المختلفة على الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية.
حيث بينت أنه عصر تسيطر عليه السمة الرمزية والاختصار في التوجه نحو التطبيقات التي تعالج ملايين البيانات، والتي لا يعرف على وجه الدقة كيف تعمل تلك البرمجيات وكيف تحصل على بينات لم يتم إدخالها، وكيف تتعامل مع تلك البيانات بما يحفظ خصوصية ومصلحة العملاء.
يتميز هذا العصر بانتشار الكاميرات والتصوير في كل مكان، بما يخلق إحساسا زائفا بالأمن. حيث لا تمنع الكاميرات حدوث أي جريمة أو مخالفة. وقد يصل الموضوع إلى تهديد الخصوصية نتيجة قدرة الأجهزة والتطبيقات على تتبع الأفراد.
وقد يؤدي التوجه الهائل نحو التحول الرقمي إلى اتساع الفوارق بين الدول الغنية والفقيرة وبين الأفراد كذلك. فليس جميع الأفراد أو الدول بنفس القدرة على توفير موصلات الإنترنت وسحائب التخزين والأجهزة وغيرها. إذ إنها عالية التكاليف. كما أن كبرى شركات التكنولوجيا تواجه انتقادات كبيرة للظروف القاسية التي يعمل فيها موظفوها. وعدم منح بعض الشركات الموظفين رواتب مجزية أو تأمينات صحية أو رواتب تقاعد. مما يجعل تلك الشركات تفضل تطوير الروبوتات على البشر نتيجة قلة الكلفة وعدم القدرة على الاحتجاج.
من جهة أخرى أشارت الدكتورة انتصار إلى أن الأطفال يواجهون مخاطر كبيرة في حال عدم مراقبتهم وتوعيتهم في الاستخدام غير الآمن للإنترنت.
ويؤدي الإفراط في الانغماس في العالم الرقمي إلى العزلة وتراجع الحميمية بين الجماعات. كذلك يؤدي إلى الانجراف الكبير خلف الاستهلاك نتيجة التدفق الهائل للمواد الترويجية والإعلانية، وسهولة الشراء والدفع عبر الانترنت، ما أدى إلى تراجع دور الثقافة والنخب الثقافية إلى حدودها الدنيا بعد صعود أدوات الترفيه الرقمية مثل منصات الأفلام والمسلسلات، والألعاب الإلكترونية، وحسابات ما يسمى بالمشاهير والمؤثرين.
كما أن سيطرة الدولة محدودة على أغلب التطبيقات والمواقع الإلكترونية. وهذه التطبيقات تمارس مهامها وتقدم خدمات بمعزل عن رقابة الدولة وموافقاتها. كما أن الكثير من المؤسسين والمديرين التنفيذيين للكثير من شركات التكنولوجيا العملاقة أصبحت ذات نفوذ عالمي لافت وأن صلاحياتها تتجاوز قوانين وحدود دولها.
وختمت الدكتورة انتصار البناء بأن كل هذه السمات والسلبيات لا تنتقص من الفوائد الجمة التي قدمتها التكنولوجيا للإنسان.
من جهته، أشار عبيدلي العبيدلي إلى أن الإنسان هو المتحكم بالتقنية، وهو المسؤول عن برمجتها واستخدامها، وأن كل الظواهر الإيجابية والسلبية كانت موجودة سابقا، والأمر يعتمد على كيفية الاستخدام، مشيرا إلى أن المحتوى العربي يعد ضعيفا وضحلا في عالم الانترنت لأن التقنيين والمختصين العرب لم يبذلوا المجهود الكافي لتطويره.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك