مرض السكري هو حالة معقدة ومزمنة يمكن أن تؤثر في الجسم بأكمله. حتى الآن لا يوجد علاج شاف، يذهب المرض تماما ولكن يمكن السيطرة عليه حيث يستطيع المريض أن يعيش حياة طبيعية وصحية من خلال التعرف على المرض ومعالجته بشكل فعال. سنتعرف في الحوار التالي مع الدكتور ماهر الشاهين أخصائي الغدد الصماء والسكري بمستشفى البحرين التخصصي على أحدث علاج مرض السكري وأهم النصائح للمرضى.
*كيف يؤثر السكري في جسم الإنسان؟
- يعد السكر عاملا مهما لاستمرار الحياة والعمليات الحيوية، فهو المصدر الرئيسي للطاقة في الجسم. حيث يعمل الجسم على تحويل الكربوهيدرات والنشاء الموجود في الأطعمة إلى سكر الغلوكوز، وإذا لم يوجد وارد غذائي كاف من الكربوهيدرات، يصنع الجسم الغلوكوز من البروتين والدهون ويقوم الدم بنقل الجلوكوز إلى جميع أعضاء الجسم، يقوم هرمون الأنسولين (يفرز من خلايا خاصة بالبنكرياس) بنقل الجلوكوز إلى داخل الخلايا لإنتاج وتوليد الطاقة، ويخزن قسم منه لاستخدامه في حال انخفاض سكر الدم، هناك توازن في الجسم بين الأنسولين وباقي الهرمونات للمحافظة على مستوى طبيعي للسكر في الدم (أقل من 100 مغ/دل في حال الصيام وأقل من 140 مغ/دل بعد تناول الطعام بساعتين)، لكن عند وجود خلل في هذا التوازن كخلل في عمل أو إنتاج الأنسولين يتراكم الغلوكوز في الدم مسبباً الداء السكري والمضاعفات الناتجة عنه ويؤدي إلى خلل في استقلاب البروتين والدهون أيضا.
إهمال داء السكري وعدم علاجه أو علاجه بشكل غير صحيح أو ناقص يسبب عددا من المشاكل الصحية على المدى الطويل مثل إصابة شبكية العين وحدوث العمى، الساد العيني، الفشل الكلوي، احتشاء عضلة القلب وقصور القلب، الجلطات والنزوف الدماغية والتهاب الأعصاب، انسداد الأوعية الدموية وبتر الأطراف السفلية، القدم السكرية، والتي تؤثر بمجملها في حياة المريض وتنقص من متوسط العمر، كمـا أنهـا تقلـل مـن فاعلية وإنتاجية المريض، تزيـد مـن التكلفة المادية لعلاجـه.
*ما أنماط داء السكري؟
- إن الخلل الأساسي في داء السكري يكمن في إنتاج الأنسولين أو فعاليته وعليه يمكن تصنيف السكري إلى عدة أنماط:
النمط الأول من الداء السكري: يصيب بشكل أساسي الأطفال والشباب الصغار و لكن يمكن أن يحدث في أي عمر، ويشكل 5-10 % من إصابات السكري، وتكون الأعراض واضحة وتزداد شدتها مع الوقت ويمكن أن يكون مهددا للحياة في حال عدم تشخيصه ومعالجته مبكرا، ينتج عن نقص كامل في إنتاج هرمون الأنسولين من البنكرياس بسبب خلل في عمل الجهاز المناعي يؤدي إلى ظهور أجسام مضادة تهاجم الخلايا المفرزة للأنسولين في البنكرياس وتخربها بشكل دائم، أو عن إصابة ببعض الالتهابات الفيروسية التي تسبب تلفا في خلايا البنكرياس. لسوء الحظ لا توجد وسيلة حتى الآن تمنع بشكل جدي تطور النمط الأول من السكري.
النمط الثاني من الداء السكري: يصيب بشكل أساسي البالغين ولكن أصبح منتشرا حاليا بين الأطفال نتيجة لزيادة معدلات البدانة بين الأطفال والعادات الغذائية السيئة ونقص الأنشطة الحركية، يشكل 85-90% من إصابات السكري، في البداية تكون أعراض ارتفاع السكر غائبة أو طفيفة وقد تستغرق عدة سنوات حتى تظهر، وفي هذه المرحلة يصاب قسم من المرضى بمضاعفات السكري قبل كشفه. لذلك ننصح بالبحث عن داء السكري النمط الثاني حتى في حال عدم وجود الأعراض، ينتج عن عوز جزئي في إفراز الأنسولين و/أو ضعف فعالية الأنسولين في التأثير في خلايا وأنسجة الجسم، هناك يرتبط تطور المرض بالوراثة وزيادة الوزن ونمط الحياة المريح والتقدم بالعمر. يمكن الوقاية وتأخير تطور المرض عن طريق تعديل نمط الحياة.
الداء السكري الحملي: وهو مرتبط بالحمل بشكل عام يشاهد بعد الأسبوع 24 من الحمل عند حوامل لا يعانون من السكري قبل الحمل، يختفي السكري عند القسم الأكبر من المرضى بعد الولادة، هناك معايير خاصة للتشخيص، تكمن أهميته من خلال بقاء المصابات على خطورة عالية للإصابة بالنمط الثاني للسكري مع الوقت حتى في حال شفاء المريضة بعد الولادة.
*ما أعراض داء السكري:
هناك طيف واسع من الأعراض ومن شدة الأعراض، حيث يمكن أن يعاني المريض من:
الشعور بالعطش أكثر من المعتاد، تكرار التبول، الشعور الدائم بالتعب والخمول، نقص الوزن غير المفسر رغم الشهية الجيدة، تشوش الرؤية والصداع، تقلب المزاج، الالتهابات البولية الجرثومية والفطرية المتكررة، الشعور بالدوار، تشنجات الساق، العنانة ونقص الرغبة الجنسية.
قد يكشف الداء السكري بعد حدوث المضاعفات الخطيرة الجلطات القلبية والدماغية أو الفشل الكلوي.
*كيف يتم تشخيص داء السكري:
- يمكن تعريف الإصابة بالسكري من خلال تحليل سكر الدم في حال كان:
السكر الدم الصيامي أكثر من 125 مغ/دل
أو العشوائي أكثر من 199 مغ/دل
أو ارتفاع الخضاب السكري (HBA1c) أكثر من 6.4 %
ينبغي إعادة التحليل مرة ثانية بعد أسبوعين للتأكد خصوصا عند الأشخاص الذين لا يعانون من أعراض.
*من هم الأشخاص الأكثر عرضة للسكري؟
-نبحث عن السكري النمط الثاني بشكل دوري حتى في حال عدم وجود أعراض أو علامات السكري في حال:
ارتفاع شحوم الدم، ارتفاع ضغط الدم، الأمراض القلبية والوعائية، الوزن الزائد، وجود أقرباء مصابين بالسكري، وجود إصابة سابقة بالسكري الحملي، ولادة سابقة لجنين ذي وزن زائد، الإصابة بالمبيض المتعدد الكيسات، استعمال بعض الأدوية كالكورتيزون، وعند بلوغ عمر 45 سنة.
*إلى ماذا يشير مصطلح ما قبل السكري؟
- يعني أن سكر الدم مرتفع ولكن ليس للدرجة الكافية لتشخيص داء السكري، يشمل مستويات السكر الصيامي بين 100 – 125 أو العشوائي بين 140 –199، حيث يعتبر الأشخاص في هذه المرحلة على خطورة عالية للإصابة بالسكري. إن هذه المرحلة مهمة جدا، حيث أظهرت الأبحاث فائدة كبيرة لتخفيف الوزن عن طريق الرياضة والحمية الغذائية أو المعالجة الدوائية أو جراحة البدانة في الوقاية من تطور داء السكري أو تأخيره، حيث خسارة 5-7% من الوزن مع ممارسة الرياضة 150 دقيقة أسبوعيا تخفف خطر الإصابة بالسكري بنسبة 58%.
*ماذا يتضمن علاج الداء السكري؟
- الحمية الغذائية والرياضة هي الأساس ولكن لا تكفي كعلاج وحيد، لابد من وجود معالجة دوائية للسيطرة على السكر والوقاية من مضاعفات السكري بالمستقبل، يعالج النمط الأول عادة بالأنسولين (حقن تحت الجلد، عدد مرات يوميا أو مضخة أنسولين) وبشكل عام لا يوجد دور للأدوية الفموية في النمط الأول.
نعالج النمط الثاني بخافضات السكر الفموية ونحتاج الأنسولين في بعض الحالات وقد تكون جراحة البدانة علاجا شافيا للنمط الثاني في بعض الحالات. يتوفر حاليا مجموعة من العلاجات الحديثة مثل GLP1RA ومثبطات SGLT2 والتي أثبتت قدرتها على الضبط الجيد لسكر الدم وتخفيف الوزن والوقاية على المدى البعيد من أمراض القلب والأوعية الدموية.
*ماذا تنصح مرضى السكري؟
- ينصح مرضى السكري بالالتزام بالأدوية الموصوفة من قبل الطبيب والابتعاد عن مصادر المعلومات الطبية غير الموثوقة والالتزام بالحمية الغذائية بشكل دائم مع ممارسة الرياضة والمحافظة على الوزن المثالي وعدد ساعات نوم كافية، فحص سكر الدم بالمنزل 3 -4 مرات يوميا، المراقبة الدورية للخضاب السكري (التراكمي) والحفاظ عليه ضمن المستوى المحدد من قبل الطبيب المعالج، فحص القدمين المتكرر لكشف الجروح باكرا والوقاية من القدم السكرية، المراجعة الدورية للطبيب وإخبار الطبيب بجميع المشاكل الصحية والاستفسارات التي يواجهها المريض.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك