تقترب القيمة السوقية لأسهم الهند -خامس أكبر سوق حول العالم- من 4 تريليونات دولار لأول مرة، وذلك بفضل زيادة استثمارات المستثمرين الأفراد والتدفقات الأجنبية المتجددة. تضاعفت قيمة الأسهم المدرجة في بورصات الدولة 3 مرات منذ بلوغها أدنى مستوى لها مع ظهور وباء كورونا في مارس 2020 لتصل إلى أقل من 4 تريليونات دولار أمس، بحسب بيانات جمعتها بلومبرغ.
قفز مؤشر «إن إس إي نيفتي 50» الهندي 2.1% أمس، ليقود المكاسب في آسيا، بعد فوز الحزب الحاكم بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي بـ3 انتخابات حاسمة على مستوى الولايات. أزالت الانتصارات عنصراً من المخاطر السياسية للمستثمرين عن طريق تعزيز موقف مودي قبل عملية الاقتراع المرتقبة على مستوى البلاد السنة المقبلة، ما زاد من الرهانات على استمرارية السياسات الاقتصادية للحكومة.
الهند بديلاً للصين
يأتي إنجاز سوق الأسهم الهندية بوقت يقدم فيه الاقتصاد الكبير الأسرع نمواً على مستوى العالم نفسه بوصفه بديلاً للصين للمستثمرين والشركات العالمية على حد سواء. وضخت الصناديق الخارجية 15 مليار دولار في الأسهم المحلية السنة الجارية، مع حصول السوق أيضاً على دفعة ثابتة من طفرة الاستثمار من المستثمرين الأفراد التي انطلقت خلال الوباء. إضافة إلى الصعود الذي حققته بنسبة 14% منذ بداية 2023، ويتجه مقياس «نيفتي» صوب تحقيق مكاسب لم يسبق لها مثيل للسنة الثامنة على التوالي.
يأتي تميز اقتصاد الهند وسط تباطؤ النمو العالمي، حيث قفز الناتج المحلي الإجمالي 7.6% خلال الربع الثالث مقارنة بنفس المدة العام الماضي، مع جاذبيته التي تصاعدت مستفيدة من ضعف التعافي في الصين بعد الوباء وتوترات البلاد مع الغرب.ينطبق الأمر نفسه على الأسهم الهندية، حيث بات مقياس «إم إس سي آي» للأسهم المحلية على المسار الصحيح نحو التفوق على مقياس الأسواق الناشئة العالمي بما يتجاوز 10 نقاط مئوية للسنة الثالثة على التوالي. وبات الأداء المتفوق مقابل نظرائه الصينيين أشد وضوحاً، إذ يستعد المؤشر الهندي لتخطي مؤشر «إم إس سي آي» الصيني بما يفوق 20 نقطة مئوية للسنة الثالثة.
أوضحت تانفي كانشان، رئيسة وحدة الأعمال الإماراتية في أناند راثي شيرز أند ستوك بروكرز (Anand Rathi Shares and (Stock Brokers): «شهدت السوق الهندية على مدى الـ10 أعوام الماضية نمواً غير مسبوق، سواء كان ذلك بقطاع الشركات أو المؤشرات الأوسع نطاقاً، وشهدنا أداء متفوقاً للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، التي تسهم في تعافي النفقات الرأسمالية في الاقتصاد الأوسع».
تساعد الطبيعة الشابة لسكان الهند وجهود مودي للاستحواذ على حصة أكبر من سلاسل التوريد العالمية في جذب شركات على غرار «أبل» إلى أسواقها المحلية. في الوقت نفسه، تتدفق صناديق المعاشات التقاعدية والسيادية العالمية على الهند بينما يترددون بصورة متنامية إزاء الصين، بحسب دراسة جديدة لـ«منتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمي» وهو مركز بحثي يقع مقره في لندن.
أثار ازدهار سوق الأسهم أيضاً هوساً بصفقات الطروح العامة الأولية، إذ حققت بعض عمليات الإدراج الجديدة مكاسبَ رائعة خلال الأيام الأخيرة.وكتب المحللون الاستراتيجيون في «جيه بي مورغان تشيس أند كو» بقيادة راجيف باترا بمذكرة للعملاء بتاريخ 30 نوفمبر الماضي: «علاوة على التبشير بحدوث تحسن هيكلي، فإن العوامل المؤثرة في الأجل القريب التي نعتقد أنها ستدفع الأسواق للصعود تتمثل في بيانات نشاط قوية، وأرباح شركات هائلة، وتخفيف أسعار النفط، والتدفقات المالية المحلية القوية».
من الممكن أن تشكل التقييمات العالية خطراً على الهند. أعرب العديد من المستثمرين عن مخاوفهم من أن تقييمات السوق مبالغ فيها وأن التداول الهندي آخذ في الازدحام بطريقة كبيرة، ما يعزز فرص الهبوط. في غضون ذلك، باتت المشاركة المتنامية للمستثمرين الأفراد، الذين يعتمد الكثير منهم على نصائح المستشارين الماليين غير المصرح لهم و«خبراء» على وسائل التواصل الاجتماعي، مصدر قلق للجهات التنظيمية للسوق.
في الوقت الحاضر، يجري النظر لانتصارات مودي في انتخابات الولاية باعتبارها دعماً لمشاعر الثقة وتزيد جاذبية الهند للمستثمرين الأجانب، الذين تحولوا إلى مراكز شرائية بالأسهم المحلية خلال نوفمبر الماضي للمرة الأولى منذ 3 أشهر. أشار ماثيو هوبت مدير محفظة الأصول في شركة «ويلسون أسيت مانجمنت» (Wilson Asset Management) بمدينة سيدني أمس: «يمنح ذلك المستثمرين ثقة متزايدة ويطيل مدة التداول في الهند، ويرجح أن نشهد استمرار تدفقات رأس المال إلى البلاد».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك