الفحوصات القلبية للتشخيص الصحيح تتم بحسب كل حالة على حدة
في الآونة الاخيرة نجد الشباب أصبح أكثر عرضة للإصابة ببعض الأمراض الخطيرة ومنها أمراض القلب وهو من الأمراض الخطيرة، التي من الممكن أن تؤدي إلى الوفاة المفاجئة.
ما أسباب ذلك سنتعرف عليها في الحوار التالي مع الدكتور راشد عبدالله البناء استشاري أمراض القلب رئيس دائرة أمراض القلب بالمستشفيات الحكومية، زميل كلية أطباء القلب الأمريكية.
ما هي أهم أسباب أمراض القلب عند الشباب؟
شكرا جزيلا لهذا السؤال المهم، السبب الرئيسي هو تعدد عوامل الاختطار والأمراض المساعدة على تصلب الشرايين والإصابة بأمراض القلب عند سن مبكرة.
حيث لوحظ في الدراسات الاستقصائية العالمية زيادة مطردة في الاصابة بثلاثة عوامل رئيسية وهي السكر والسمنة وارتفاع ضغط الدم. هذه العوامل مجتمعة بما تمثله من عبء متراكم على القلب والشرايين تؤدي الى الاصابة بأمراض القلب في سن مبكرة. إذا أضيفت لها العادات السيئة كالتدخين والحياة الرتيبة وعدم التحكم في الضغوط النفسية فالخطورة سوف ترتفع ناهيك عن التاريخ العائلي بإصابة أحد أفراد العائلة فذلك يساعد على تصلب الشرايين المبكر.
في مملكة البحرين قمنا بدراسة عينة من المرضى ممن تم ادخالهم بارتفاع حاد في ضغط الدم لدائرة أمراض القلب بمجمع السلمانية الطبي وتبين أن الفئة العمرية من الذكور بين العمر الخمس واربعين والخامسة والستين كان سبب دخولهم وحدة القلب التاجية هو الإصابة بجلطات قلبية حادة. وتبين كذلك وجود امراض اخرى لدى هذه الفئة كالسكري والسمنة وارتفاع نسبة الكولسترول. هذا مؤشر خطير ويدعو للقلق حيث ان هذه الفئة العمرية مازالت في مقتبل الحياة ولازالت في قمة العطاء والنشاط ومتوقع منها انخراطها الفعال في الحياة ومختلف القطاعات الحيوية.
من أجل إحاطة القارئ الكريم ومقاربة الأسباب بشمولية فمن المفيد تصنيف الاسباب الى وراثية ومكتسبة. وقد تتعدد العوامل في نفس الشخص وتنطبق هذه العوامل والأسباب على أمراض القلب المختلفة ومنها:
أولا تصلب الشرايين التاجية (أمراض شرايين القلب).
ثانيا ضعف عضلة القلب.
ثالثا اعتلال الصمامات.
رابعا اضطرابات نظم القلب (كهربائية القلب).
ولكل مما ذكر اسباب وراثية واخرى مكتسبة فمثلا احتشاء القلب (انسداد شرايين القلب) قد يكون بسبب الارتفاع المفرط في شحومة الدم الوراثي أو فرط الكولسترول العائلي او قد يكون بسبب العيوب في الشرايين التاجية منها اختلاف منبت الشرايين التاجية مما يؤدي إلى انحشارها بين الشريان الرئوي والأبهر وهما شريانان كبيران يؤدي انحشار أحد الشرايين التاجية الى انقطاع الدم عن جزء من القلب. ضعف عضلة القلب، كذلك قد يكون منشؤه وراثيا كاعتلال عضلة القلب التوسعي الوراثي أو تضخم عضلة القلب الوراثي وقد تكون اصابة عضلة القلب منفردة او من ضمن متلازمات وراثية متعددة. اما بالنسبة للأسباب المكتسبة فإن العضلة قد تتعرض للضعف بعد الجلطات القلبية او مضاعفات بعض الالتهابات الفيروسية او بسبب الارتفاع المفرط في ضغط الدم. اعتلال الصمامات عادة ما يكون خلقيا عند الشباب، أبرزه الصمام الأبهري ثنائي الشرفات والذي قد يكون مصحوبا بضيق الشريان الأبهر. الصمام ثنائي الشرفات قد يؤدي الى تغيرات تنكسية وخلل في وظيفة الصمام كالارتجاع أو التضيق.
من الأسباب المكتسبة لصمامات القلب هو الحمى الرثوية او الروماتيزمية او التهابات الصمامات من ضمن التهاب الشغاف العدوائي (التهابات صمامات والأنسجة المبطنة للقلب) أو بعد التعرض لجلطات القلب. اضطرابات نظم القلب تكون وراثية أو خلقية كمتلازمة ما قبل الاثارة (Wolff-Parkinson-White Syndrome) أو استطالة موجة QT الخلقية والتي قد تؤدي إلى الرجفان البطيني وتوقف القلب. اضطرابات النظم قد تكون مكتسبة ومتعددة الأسباب كاختلال الغدد الصماء أو تعاطي بعض المنشطات أو اختلال الأملاح في الدم وغيرها.
- ماهي الأعراض المنذرة بأحد أمراض القلب المعروفة؟ الأعراض المنذرة تتمثل فيما يلي:
أولا: ألم الصدر عادة ما يكون في المنتصف، يصفه المريض بالثقل الشديد قد يمتد الى أحد الذراعين أو الفك أو الظهر مصحوبا بتعرق وغثيان تزداد حدته مع المجهود وتختفي عند الراحة.
ثانيا: صعوبة التنفس عند القيام بالمجهود وأحيانا عند الاستلقاء على الظهر قد يوقظ المريض من النوم بسبب عدم القدرة على التنفس.
ثالثا: خفقان القلب وهو الإحساس بنبض القلب.
رابعا: الدوار او الإغماء.
خامسا: انتفاخ أو تورم القدمين.
سادسا: ألم شديد في عضلات الساق عند المشي.
كيف يكون التشخيص؟
عملية التشخيص تبدأ بأخذ التاريخ المرضي المفصل للمريض من ضمن ذلك الشكوى الرئيسية والتي قد تتضمن إحدى الأعراض الستة المذكورة آنفا او قد تكون هناك بعض الأعراض الأخرى كالتعب أو الإرهاق مع الشعور بالوهن وقد يلاحظ المريض ميل أطرافه او لسانه مع شفتيه الى اللون الأزرق. من الضروري كذلك التطرق الى تاريخ العائلة وعلى رأسها الوفاة المفاجئة لدى الأقارب او التعرض للجلطات القلبية أو الدماغية في سن مبكرة أو خضوع أحدهم الى استزراع اجهزة في القلب كمانع الرجفان أو جهاز تنظيم دقات القلب. من المهم كذلك التطرق للتاريخ الدوائي للمريض سواء تم أخذها تحت الإشراف الطبي من عدمه كالمكملات الغذائية والهرمونات وغيرها. التطرق الى تاريخ المريض خصوصا الإصابة بالأمراض المزمنة كارتفاع ضغط الدم او السكري وغيرها.
يتبع ذلك الفحص السريري المفصل من ضمنه فحص أجهزة الجسم عامة والتركيز على الجهاز الدوري كفحص النبض في الأطراف والاستماع لصوت القلب بعناية الذي قد يوحي بوجود أصوات غير طبيعية قد تدلل على وجود امراض قلبية.
أما بالنسبة للفحوصات القلبية فهي تتدرج حسب الحالات المختلفة وعادة ما يتم تحديدها حسب كل حالة على حدة وعادة ما تكون ضمن الفحوصات التالية.
تخطيط القلب، تخطيط القلب بالمجهود، مراقبة نبضات القلب المحمول (24 ساعة فأكثر)، فحص القلب بالسونار (الاعتيادي او عن طريق المريْ) وجهد القلب بالسونار.
قد يقوم الطبيب بإجراء فحوصات اخرى حسب ما تقتضيه الحالة الطبية ومن ضمنها الأشعة المقطعية للقلب والشرايين، الرنين المغناطيسي للقلب أو بعض الفحوصات المخبرية كالجينات الوراثية المتعلقة بأمراض القلب المختلفة خصوصا ممن أصيبوا بضعف في عضلة القلب في سن مبكرة دون أسباب واضحة أو تاريخ الوفاة المفاجئة لدى أحد الأقارب.
في أحيان متعددة قد يلجأ الطبيب المعالج الى دعوة أفراد العائلة واخضاعهم لفحوصات محددة استباقية مما قد يساهم في تسهيل عملية التشخيص او الاكتشاف المبكر لتحديد مشكلة في القلب غير مصحوبة بأعراض وعلاجها مبكرا لتفادي أي مضاعفات متوقعة.
- هل كل أمراض القلب تؤدي إلى الوفاة المفاجئة عند الشباب؟
بالطبع لا ولكن توجد بعضها وهي التي تستدعي التشخيص المبكر والعلاج الوقائي. ومن ضمن الأمراض المرتبطة بالوفاة المفاجئة اعتلال عضلة القلب تضخم القلب أو توسع عضلة القلب، اضطرابات كهرباء القلب (اختلال في القنوات الكهربائية والمواصلات القلبية) وعيوب الشرايين التاجية. كما أسلفت سابقا قد تكون هناك بعض الأمراض الاخرى التي قد يستدعي تشخيصها إجراء بعض الفحوصات المخبرية أو التصويرية. من الضروري الإشارة إلى عدم إغفال الأعراض والأمراض الأخرى وإن كانت فيها نسبة الوفاة المفاجئة أقل وذلك بالالتزام بتعليمات الطبيب المعالج والمتابعة الدورية.
- ما هي طرق الوقاية من أمراض القلب عند الشباب؟
فيما يتعلق بالوقاية فيمكن تصنيفها الى وقاية أولية ووقاية ثانوية.
مفهوم الوقاية الأولية يركز على اتباع الخطوات الإجرائية المختلفة التي من شأنها تحقيق الوقاية من المرض وقد تتنوع من اتباع الأنماط الصحية المختلفة وتعزيز الصحة النفسية والبدنية إلى استخدام طرق علاجية وقائية أيضا من ضمنها إعطاء الأدوية الخافضة للكولسترول لدى مرضى السكر والضغط للوقاية من الجلطات القلبية أو السكتات القلبية. مثال آخر هو استزراع مانع الرجفان عند بعض مرضى تضخم عضلة القلب لحمايتهم من الوفاة المفاجئة حتى في غياب الأعراض لديهم، ولكن أثبتت الفحوصات ارتفاع نسبة تعرضهم لذلك أو وجود تاريخ وفاة مفاجئة لدى الأقارب. الوقاية الثانوية هي الإجراءات المختلفة للحد من مضاعفات المرض من خطوات سلوكية، أو تعديل أنماط الحياة، او استخدام الأدوية، أو الإجراءات التداخلية والجراحية. من الضروري التركيز على الالتزام بالأنماط السلوكية الصحية لما لها من آثار بالغة الإيجابية في تعزيز الصحة والوقاية من مختلف الأمراض والحد من مضاعفاتها.
ما هي طرق العلاج المتاحة؟
طرق العلاج يحددها التشخيص وبعضها لا يستدعي علاجات دوائية ولكن قد تتطلب الالتزام بعدم الانخراط في الأنشطة الرياضية عالية الشدة والرياضات التنافسية أو ذات الالتحام المباشر والمراجعة الدورية لطبيب القلب. بينما تتطلب بعضها الآخر العلاج بالعقاقير والقسم الآخر قد يتطلب إجراءات تداخلية ودراسة كهرباء القلب واستئصال (التخلص من الأنسجة المسببة للاضطراب) بواسطة الموجات أو بواسطة التجميد وغيرها من وسائل العلاج المتطورة. في أحيان أخرى قد يتطلب الأمر استزراع مانع للرجفان او منظم لضربات القلب. قد يحتاج المريض كذلك إلى إجراء عمليات جراحية لإصلاح الخلل حسب ما تقتضيه طبيعة المرض.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك