لأن الدور الإنساني المتميز لدولة الكويت يشكل نهجا وسلوكا سياسيين، فقد واصلت الكويت المضي في ذات الطريق في عهد الشيخ نواف الأحمد، رحمه الله، لإكمال المسيرة، والمحافظة على المواقف الكويتية في دعم قضايا الإنسان والتنمية في العالم.
وقد جاءت التوجيهات السامية لأمير الكويت الراحل مقتفية الأثر الذي سارت عليه السياسة الخارجية الكويتية في جانبها الإنساني في عهد الأمير صباح الأحمد قائد العمل الإنساني، فواصل سمو الشيخ نواف الأحمد ممارسة الدور الإنساني بمواقف متميزة وعطاءات كريمة تجلت بوضوح في دعم الشعوب العربية التي تعاني ويلات الحروب والصراعات، في اليمن وفلسطين وسورية، فسارت حملات الإغاثة العاجلة لتلك الشعوب، وحافظت الكويت على حضورها الفاعل وإسهاماتها الإيجابية في دعم الدول الشقيقة والصديقة خلال جائحة فيروس كورونا المستجد، وقدمت الدعم السخي لمنظمة الصحة العالمية في مبادرة إنسانية لمساندة جهود المنظمة في مكافحة تلك الجائحة العالمية.
ولا شك أن اختيار العالم للكويت لتكون مركزا للعمل الإنساني يحمّل الدولة والحكومة والشعب مسؤوليات ثقيلة في الحفاظ على هذه الصورة وذاك الانطباع العالمي عن البلاد باعتبارها دولة حاضنة للإنسانية وراعية لكل عمل إنساني يخدم شعوب العالم في كل مكان، وهو ما يحتم ضرورة إظهار الشعب الكويتي لإنسانيته في التعامل مع شعوب العالم من مختلف الجنسيات سواء على أرض الكويت أو في الخارج، بما يسمو بأصالة ذلك الشعب المعطاء وبسمعة هذا الوطن، الذي سيبقى قلب العالم النابض بالخير والسلام ودعم الإنسان في العالم من دون تمييز.
وخلال فترة مرض الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، كُلف الشيخ نواف الأحمد من جانب الأمير بتولي بعض المسؤوليات التي تم تفويضها إليه حتى كانت ساعة الرحيل، فتولى الشيخ نواف مسند الإمارة.
وكان للشباب والمرأة النصيب الأوفر في توجيهات الأمير الراحل، فالشباب هم عماد المستقبل وبناة النهضة والحضارة، والمرأة نصف المجتمع، وتمكينها ضمانة لاستمرار دورها النهضوي والتنموي. واستمراراً لمسيرة العمل البرلماني، أُجريت انتخابات مجلس الأمة للفصل التشريعي السادس عشر في ديسمبر 2020 على الرغم من الظروف الصحية الحرجة في البلاد نتيجة انتشار جائحة كورونا. وأخذ التعامل مع تلك الجائحة، النصيب الأكبر من اهتمامات سموه، حيث وجه الوزراء والمسؤولين بتسخير جميع الإمكانات للتعامل مع الحالة المستجدة، فكانت الكويت من أوائل الدول المستوردة للقاحات المعتمدة لفيروس كورونا، وما ذاك إلا نتيجة الحرص على تطعيم الشعب وتحقيق المناعة المجتمعية.
ودولياً، التزمت الكويت النهج السياسي الذي اختطه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، لتحقيق المصالحة الخليجية، وهو ما تحقق في 2021 بجهود الشيخ نواف الأحمد.
وعلى صعيد العمل الإنساني، استمرت الكويت في هذا البعد، إذ تبرعت بأجهزة تنفس لمجموعة من الدول العربية، ومنها الجمهورية التونسية، كما أرسلت فرق إطفاء بمعداتها الكاملة للتعامل مع الحرائق في تركيا واليونان، الأمر الذي نال استحسان تلك الدول.
وفي مارس عام 2022، دشن الأمير الراحل خلال احتفالٍ رعاه لشركة البترول الوطنية في مصفاة ميناء عبدالله، التشغيل الكامل لمشروع الوقود البيئي الذي يمثل أحد أبرز المشاريع الكبرى في تاريخ القطاع النفطي بالكويت، وبارك سموه للمواطنين هذه الثروة التي منَّ الله تعالى عليهم بها، داعياً أن «تدوم للكويتيين إلى أبد الأبدين».
وفي صفحة ناصعة ضمن السجل الحافل للأمير الراحل بأخلاقيات العفو والتسامح والتسامي فوق أخطاء بعض أبنائه المواطنين، أصدر الشيخ نواف الأحمد توجيهاته إلى مجلس الوزراء بالعفو عن بعض من صدرت بحقهم أحكام. وبناء عليه وافق مجلس الوزراء، خلال اجتماعه الأخير بتاريخ 27 نوفمبر برئاسة سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد، على مشروع مرسوم بالعفو عن العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها على بعض الأشخاص، على النحو الذي تقدره الإرادة الأميرية السامية بما لها من رؤية أبوية حكيمة.
وقدم المجلس أسمى آيات الشكر والتقدير لمقام صاحب السمو، وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، مؤكداً أن هذه المكرمة الأميرية ترسيخ لما جُبل عليه حكام الكويت من قيم التسامح والتسامي. وكان، رحمه الله، قد كلّف في نهاية عام 2021 رؤساء السلطات الثلاث باقتراح ضوابط وشروط العفو عن بعض أبناء الكويت المحكومين بقضايا خلال فترات ماضية تمهيداً لاستصدار مرسومه، وعقدت لجنة وضع ضوابط العفو في قصر بيان عدة اجتماعات رفعت بعدها تقريرها لسموه تضمن اقتراح ضوابط وشروط العفو عن بعض أبناء الكويت المحكومين بقضايا خلال فترات ماضية، تمهيداً لاستصدار مرسوم العفو عنهم، وقد توجت هذه المساعي باعتماد مجلس الوزراء مراسيم العفو الأميري عن بعض أبناء الكويت في السابع من نوفمبر 2021.
ودائما ما أكد سموه في مناسبات عدة حرصه على الحفاظ على الوحدة الوطنية باعتبارها السياج الذي يحمي الكويت والكويتيين والحصن لمجابهة الشدائد ومواجهة التحديات، إلى جانب تشديده الدائم على ضرورة المضي في عملية الإصلاح ودفع عملية التنمية في البلاد.
وفي تكريم مستحق للشيخ نواف الأحمد، رحمه الله، منحه البرلمان العربي في الأول من مايو عام 2023 «وسام القائد» الذي يمثل أعلى وأرفع أوسمته التكريمية والتقديرية التي يقدمها لقادة الدول، تقديراً واعتزازاً بما يقدمه سموه من خدمات جليلة ومقدرة للكويت والأمة العربية على المستوى الوطني والعربي والدولي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك